إشكالية امتلاك القرار ووهم حرية الرأي والتعبير
د. عبد السلام محمد خلف الله البعباع
يتمحور موضوع هذه الدراسة حول إشكالية امتلاك القرار ووهم حرية الرأي والتعبير ، الذي تم تقسيمه إلى مبحثين اثنين ، تناول الأول مسألة حرية الرأي والتعبير كتأصيل لحقوق الإنسان من خلال تقسيمه إلى مطلبين اثنين، تم الحديث في المطلب الأول عن أهم محددات حرية الرأي والتعبير ، وانعكاسها على حقوق الإنسان تمثلت تلك المحددات في هاجس الأمن القومي وضعف الثقافة وانعدام الوعي ،فضلاً عن وجود هيمنة القوة القاهرة التي اندرجت تحتها –الهيمنة السياسية والهيمنة الاجتماعية .
وتناول المطلب الثاني فأنه تناول ثقافة الصمت كإحدى العوائق إمام حرية الرأي والتعبير، التي شكلت بها الثقافة السائدة اكبر قدر من التبعية وترسيخ ثقافة الصمت.
إما المبحث الثاني من هذه الدراسة حرية الرأي بين عولمة حقوق الإنسان والثقافات المحلية ، فاختص المطلب الأول منه بدراسة عولمة حقوق الإنسان التي تجسدت منذ الخليقة ونزول الأديان السماوية ، فضلاً عن الأفكار الإنسانية التي طرحت منذ عهد التنوير على أيدي عدد من الفلاسفة والمفكرين، أما المطلب الثاني فقد تناول الثقافات المحلية وحرية الرأي والتعبير ، إذ تعرض للثقافة المحلية والقيم الاجتماعية ودورها الهام في تطوير وتوعية المجتمع على المستويين الرسمي والشعبي .
تتمحور هذه الدراسة حول موضوع إشكالية امتلاك القرار ووهم حرية الرأي والتعبير ، حيث إن كثيراً ما تنحوا أغلب الدول إلى تضليل الرأي العام المحلي لدى مجتمعات بعينها، إذ تنحو بعض دساتيرها تجاه وضع نهجاً قد يتبادر للمواطن انه مميزاً يلتصق بجداره وهم حرية الرأي والتعبير دون أن تتحقق له مسالة مهمة للغاية في حياته إلا وهي حرية أتخاد القرار وليس التعبير، ففي الواقع إن مسالة الإشكالية المقيتة في امتلاك القرار هي معضلة أخذة في التزايد، الأمر الذي يفرض جملة من التساؤلات والتحديات التي تبحث عن إجابة شافية ووافية ، لاسيما إذا وضعنا في نهاية المطاف أن حرية الرأي والتعبير هي عملاً حاسم لتأصيل حقوق الإنسان بشكل مرضي ونزيه!.
إن حرية الرأي تعد حق من حقوق الإنسان الطبيعية للتعبير عما يدور في داخله من توجهات وأهداف لاسيما إذا ما تعلق الأمر بشؤونه الحياتية العامة والخاص منها ، وقد أقر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العصر الحديث الجيل الأول منها في العاشر من ديسمبر لعام 1948م .والجيل الثاني في العام1966م ، وهذه إشارة واضحة لتأكيد وتأصيل حقوق الأفراد وحمايتها خاصة تلك الحقوق المتعلقة بالحقوق الفردية كحرية التعبير وحرية الرأي وحرية العقيدة وحرية الإعلام والاتصال وما إلى ذلك من حريات.
المبحث الأول : حرية الرأي والتعبير كتأصيل لحقوق الإنسان.
وفي الواقع أن جوهر حقوق الإنسان كان له أصل تاريخي منذ العهد الأول لوجود الجماعات البشرية ونزول الأديان والرسالات السماوية، وأن نظرية القانون الطبيعي التي لازمت البشرية منذ عهود سالفة هي لصيقة بطبيعة الإنسان لا يمكن اختزالها ،باعتبار أن حقوق الإنسان وحرياته هي جزء لا يتجزأ من أدميته وجانب مضيء من حياته على مر العصور حتى بزوغ عصر التنوير .
المطلب الأول: محددات حرية الرأي والتعبير:
تعد حرية الرأي والتعبير مسألة تتعلق بكيان الإنسان ذاته وبوجوده منذ الخليقة على وجه الأرض ، وكان لتسأل الخليفة “عمر ابن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه ” عم إذا كان الإنسان حراً أم لا، حينها أجاب وأكد بقوله “متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً !؟”، إن الإنسانية لازالت تشهد انتهاكاً صارخاً للحقوق ،وامتهان للحريات بشكل مرعب ومتكرر يطال خلجات النفس البشرية وأحاسيسها ومشاعرها، من خلال وضع عدد من المحددات والقيود على تصرفاته وحقه في التعبير عن أرائه،على الرغم من وجود النصوص والقواعد القانونية في المواثيق الدولية التي تؤكد على حماية وصون حرية الرأي والتعبير، وبشكل يلزم عدد من الدساتير المحلية لدى الدول باتخاذ كافة التدابير والإجراءات التي من شأنها سن التشريعات المحلية وإصدار المواثيق الشرفية لحماية حرية التعبير والرأي لدى أفراد المجتمع داخل المؤسسات الإعلامية بشكل يخدم تلك التوجهات لنقل أراء وتوجهات الجماهير التي تحاول من خلالها أن تترجم واقعها بشكل أفضل، إلا أن هناك عدد من المحددات التي لازالت تقف بالمرصاد إمام تلك الحريات المنصوص عليها في المواثيق الدولية والتشريعات المحلية لبعض الدول ومن تلك المحددات ما يلي :
• هاجس الأمن القومي :
يعد هذا العامل من المحددات الهامة جدا على الإطلاق نظرا لاقترانه ب (فيتو ) مدعوم بفعل القوة ، فهذه الحالة من المحددات التي تفرض نفسها على الواقع المعاش وتقف أمام طموح الفرد للتعبير عن إرادته وحريته والتعبير عم يدور داخله.
فمسألة الأمن القومي هي مسألة ذات مفهوم واسع ومتعدد بتعدد النظريات التي درست هذا المفهوم ، فعلى سبيل المثال لا للحصر مثلا نجد أن النظرية الواقعية تؤسس على أن الفاعل الرئيس في العالم الخارجي هي الدولة بل هي الأصل في ذلك والوحيد، لأنها تتصرف كفاعل واحد يعبر عن إرادة من في داخل هذه الدولة من مواطنين بمختلف ثقافاتهم وتنوعهم ألاثني وتوجهاتهم السياسية والثقافية والاجتماعية، ويعد الأمن القومي الفاعل الرئيس في سياسة الدولة على اعتبار أنها الشخص المعنوي الذي يمتلك من الرشد والوعي والإدراك لردع المخاطر سواء أكانت في الداخل أم من الخارج، لأنه وفق هذه النظرية أن المواطن في الداخل ما هو إلا شخصاً طبيعياً اندرج في منظومة رسمية تحكمها مؤسسة الحكومة والتي تعبر عن الشكل والوضع القائم في هذه الدولة، وكذلك تنظر هذه الدولة أيضا للعالم الخارجي على أنه عالم مليء بالفوضى السياسية والصراع ولا تحكمه آلية أو سلطة مركزية تديره بشكل منتظم ومتوافق .
وكثيراً ما تمعن السلطات المحلية في وضع ضوابط وحوافز ومحددات لمسألة التعبير بحرية عن الآراء حتى وإن سمحت بذلك الدساتير أو التشريعات المحلية، وذلك بحجة الحفاظ على الأمن القومي في الدولة الأمر الذي يختزل حرية التعبير لدى المواطنين خاصة المثقفين، بشكل ينعكس على المؤسسات ذات العلاقة بحرية الرأي والتعبير والمتمثلة في الصحف والإذاعات والمجلات وغيرها من المؤسسات الإعلامية،التي يفترض أن يكون لها حرية التعبير والمصداقية الإعلامية ولا تنحاز لأي جهة بعينها ،إلا أن وفقا للنظرية الواقعية وهو ما تأخذ به العديد من الدول العربية أن أمن الدولة من أمن المواطن وينصرف بالتالي إلى جميع مفاصل الدولة ويؤثر بدوره على المناحي الاجتماعية ومدى ترابطها وتماسكها فيما يتعلق بالاستقرار السياسي والأمني
غير أن هذا المنظور الطبيعي قد يختلف عليه الأمر فيما يتعلق بالنظرية اللبرالية التي تؤكد على أن الدولة ليست الفاعل الوحيد في مسألة الأمن القومي بل هناك العديد من المؤسسات ذات العلاقة غير أنه في الواقع له أثره وإن كان محتشما حتى في الدولة اللبرالية ،لأنه ظهر جليا وواضحاً ذلك المحدد في تصريحات رئيس الوزراء البريطاني الذي طلب استخدام العنف والقوة ضد المتظاهرين في لندن ومانشستر عام 2011م احتجاجا على سياسية التقشف التي حاولت الحكومة فرضها في المملكة المتحدة ، متحججا بذريعة حماية الأمن القومي .
• ضعف الثقافة وانعدام الوعي:
تعد حالة ضعف الثقافة و انعدام الوعي من المحددات التي قد تحول دون فهم الواقع وأدراك الإنسان لما حوله من تداعيات وبالتالي يبدو له من الصعوبة بمكان التعبير بشفافية عن إرادته وحرياته، كما قد تكون تلك الثقافة والوعي ناتجة عن النظم المعرفية وليدة الثقافة التابعة والموجهة خاصة الثقافة العربية التي تشردمت بين عدة مدارس تعد تاريخية بالنسبة لها أثناء مرحلة الاستعمار الإنجليزي أو الفرنسي أو الإيطالي في ذلك الوقت، تلك المرحلة التي شكلت حقبة كانت بها السلطة الاستعمارية هي الطاغية آن ذاك، وحتى بعد تلك المرحلة لازالت معتقداتها متحجرة في عقول الأفراد تتمثل في الخوف والتردد وعدم الرغبة في التعبير عن الواقع بشكل حر ونزيه، لأن مسألة بناء الذات المفكرة والواعية لازالت تحتاج للعطاء المتواصل والإبداع والابتكار في ظروف تتميز بالشفافية وحرية الرأي والتعبير من خلال الإبداعات المتنوعة في شتى المواضيع .
• هيمنة القوة القاهرة :
عند النظر إلى التاريخ الإنساني بشكل عام سواء السياسي أو الاقتصادي وكذلك الاجتماعي نجده تاريخ صراع بين الضعيف والقوى يتمثل في الهيمنة والسيطرة من قبل القوي الذي يحاول فرض السيطرة والعبودية بجميع صورها، في حين نجدا الأول يسعى إلى نيل حقوقه الإنسانية الطبيعية عبر المراحل التاريخية للإنسانية ، هذا إذا ما نظرنا في الأساس إلى مصادر الهيمنة التي تتمثل في هيمنة القبيلة أو الطائفة أو الطبقة الحاكمة، فضلا عن وجود مصدر آخر من مصادر الهيمنة الذي يشكل أساس السوق والتنوع التنموي في العديد من المجتمعات، فعلى الرغم من بساطة تلك الهيمنة وليونتها ونعومتها التي تختلف عن هيمنة الهيئة القاهرة ذات الشكل الخشن والمباشر، إلا أنها تعمل على كبح حريات التعبير والإرادة وتجعل من التبعية الاقتصادية أمراً قاهر كثيرا ما تنعدم فيه حريات الرأي والاختيار من بين البدائل لأجل التطور والتحرر الاقتصادي، والهيمنة سمه تتسم بها القواعد الظالمة التي غالبا ما تكون من الطرف الأقوى والأكثر عددا كتلك التي تحدث في المجتمعات القبلية أو الطائفية ذات البنى العميقة والأساسية او من قبل من يمتلكون وسائل الانتاج وعوامل السوق ، وتتمثل في عدد من الجوانب الآتية.
• الهيمنة السياسية : هي تتمثل في استحواذ الأقوى على السلطة وحرمان الطرف الآخر الضعيف من مجرد التعبير عنها أو التحدث بحرية تجاهها.
• الهيمنة الاقتصادية: هي السيطرة وبأستخدام القوة على مقدرات الدولة وثرواتها وحرمان الضعفاء منها ومن استخدامها والتي تمثل البعد الرئيس لحياة البشرية ، بل كثيرا ما تستخدم تلك المقدرات لزيادة السيطرة والتحكم من قبل القوي المسيطر.
ج _ الهيمنة الاجتماعية:
وهي تظهر نتاج وجود خلل في المنظومة الاجتماعية وزيادة الفروق الاجتماعية والتفاوت الطبقي داخل المجتمع بين أفراده وتتسع الهوة بينهم..
والهيمنة بشكل عام تتصف بأنها السلطة الكاملة لدى صناع القرار التي تنعكس بدورها على حرية الأفراد العاديين وتضييق مجال التعبير المتاح لهم، فهي غالبا ما تكون من طرف السلطات والمؤسسات الحكومية ضد المواطنين تستند في ذلك على مواد دستورية غير متطورة قد تحرم المواطن من حقوقه المدنية وحرياته الشخصية ، والتطلع إلى حريته والمستقبل الذي يراه يحقق له ضمان حياته بشكل أفضل ، فالحرية تماماً مثل الهوية الثقافية إذ هي انعكاس لتكوين الأنا التي تشكل ولادة مستمرة ومعنى حقيقي لاستمرارية الحياة والنمو والتطور بشكل يوافق جميع مناحي الحياة داخل الحاضر لا خارجة دون نقص أو تعال، وكثيرا ما يطرح تسأل عم إذا كان هناك بداية للحريات المتعلقة بالتعبير وأين تنتهي.!؟ وهنا يبدو بالصعوبة بمكان الإجابة عن هذا التساؤل، لأنه لا يمكن وضع حدود ثابتة تقولب مبدأ الحرية والتعبير عن الآراء بكل صراحة ووضوح ، غير انه يمكن الوقوف على عدد من المؤشرات التي ربما تظهر للملا وتفصح عن ظهور وبداية لتلك الحريات دون التكهن باسبابها ودوافعها ونهاياتها ، فما ظهر من أحداث في خريف 2010 م ، بتونس وتسارعها في سنة 2011 م، امرأ كان قد شكل انتفاضات شعبية عارمة اجتاحت عدد من الدول العربية (الراديكالية) وأسقطت عدد من الأنظمة الشمولية الحاكمة، كما أجبرت عدد من الحكومات الأخرى بما فيها الأنظمة الملكية على أجراء تعديلات على نصوص دساتيرها بما يتمشى مع مطالب الجماهير وإعطاء مساحات من حرية الرأي والتعبير عن الآراء، على الرغم من وجود عدد من المحددات لدى السياسية العامة لتلك الدول، التي لربما كانت سبب لظهور تلك الانتفاضات الشعبية العارمة التي أطاحت بالأنظمة الشمولية ونيل مكاسب لم تكن معهودة في عدد من الممالك الوراثية كالعربية السعودية والمملكة المغربية ومملكة الأردن الهاشمية، فضلا عن وجود حرية للرأي للخروج في مسيرات للتعبير عن الآراء بكل صراحة ووضوحوالمطالبة بمزيد من حرية الرأي والتعبير.
المطلب الثاني : ثقافة الصمت كأ حدي العوائق أمام حرية الرأي والتعبير.
قد يبدو لهذه الثقافة جذوراً تاريخية هي أيضاً منذ أمد يعانق مراحل استعمارية متلاحقة لاسيما بعد انهيار الدولة الإسلامية في الأندلس وانكماشها وانحصارها بين المحيط والخليج وتحديداً بين المغرب والمشرق العربي، مع تراجع المد العربي الإسلامي ، وهذا التراجع جعل من القوى الأخرى التمدد وظهور إطماعها في احتلال العالم العربي والسيطرة عليه.
وقد أمكن لهم ذلك من خلال غزوات تعرض لها الوطن العربي من الشرق على يد التتار ومن الشمال الغزو الصليبي الاستعماري، مرورا بالاحتلال العثماني طيلة قرون وانتهت بالاحتلال الغربي الأوروبي ، وقد أمعن الأخير في تغيير ثقافة المجتمعات العربية بشكل جعل له ولاء تمثل في العقول والمجتمعات العربية وأمتلك زمام السيطرة والتحكم بهم ، مع محاولة مد جذور ثقافات تلك الشعوب الغازية للعالم العربي والتي لازالت أثارها شاهدة إلى الآن تتمثل في الثقافة( الفرانكفونية ) والثقافة (السكسونية) ، التي لم تستطع أغلب الدول العربية التحرر منها إلى اللحظة لا لشيء إلا لأنها أتت من خلال الإمعان في السيطرة على الفرد وفرض الأمر الواقع ، وتشكل بداخله ثقافة الصمت وانعدام الثقة بالنفس وعدم الجرأة على التعبير عم يدور بداخله بكل حرية ، وبما أن كل شيء يرث خصائص ما سبقه، فإن أغلب الأنظمة العربية ورثت مسألة التداول على السلطة وأبقت تلك الأنظمة تلك الحالة النفسية للمجتمعات العربية بل وساهمت في استمرار تلك الثقافة من خلال الترهيب والتخويف قد يصل الأمر إلى درجة التخوين ، وهذا يوضح شكل من أشكال العلاقات الاجتماعية الظالمة التي سادت بين الحاكم والمحكوم، والتي أنتجت إشكالا متعددة من أنماط التفكير وإشكال التعبير، فكلما نقص هامش الحرية وضعف مستوى التعبير عن الرأي داخل المجتمع نمت وترعرعت ثقافة الصمت، وكلما كان هامش الحرية المعطى للشعب واسعا نمت ثقافة الصوت المرتفع والتعبير الحر عن الآراء والأفكار .
فتلك الثقافة شبه الموروثة لا تنم عن وجود بوادر تحقق للإنسان حريته بشكل كامل وأن وجدت هذه الحرية في التعبير والرأي فأنها لا ترتقي إلى أن يمتلك الإنسان من خلالها قراره الرائد والمعبر عن حقيقة عما يدور بداخل نفسه، وقد أسهمت في ذلك أيضا الأساليب المتبعة في النظام التربوي والتعليمي التقليدي القديم الذي ظل سائدا لفترات وعقود طويلة من الزمن ، وحتى وإن حدث تطورا كان تطورا طفيفا يتمثل في تحويرات بسيطة ظاهرية قد لا تمس الجوهر في الأساس ، الأمر الذي جعل المنهج التربوي التعليمي بعيدا عن التجديد والتطور، وبالتالي انعكس ذلك على الحياة الواقعية والاجتماعية ودرجة المشاركة السياسية في حياة الكثير من أفراد المجتمع ، بل انعكس عليهم بنوع من الخوف والضغوط النفسية والاجتماعية والاقتصادية شكلت لهم حالة من الخضوع والخنوع للأوامر والنواهي التسلطية التعسفية بشكل أحكم بداخلهم ثقافة الصمت وانعدام حرية الرأي والتعبير .
إن تجدر ثقافة الصمت ساهمت إلى حد كبير في أقصا الإنسان عن المطالبة بحقه كإنسان له حرية اتخاد القرار، خصوصاً في المسائل التي تتعلق بوجوده وكيانه ومن ثم اختزال كل المعايير والرؤى في وهم يسمى بالتعبير عن الرأي ، فهناك بون شاسع بين حرية اتخاذ القرار وتقرير المصير وتحديده وبين وهم حرية الرأي والتعبير ، فلعل حديقة “الهايد بارك “أكثر مضرب للمثل في تحقيق حرية التعبير عن الرأي دون اتخاذ القرار لدى الكثير من المحرومين والمظلومين والبائيسين في باحة تلك الحديقة!، فالأمر هنا ليس بالهين لأنه امتلاك القرار ومن يمتلك قراره فإنه يملك سلطته كشخص طبيعي، وهذا أمراً يخلق الصراع بين الحاكم والمحكوم، ولحسم الصراع بين الحاكم والمحكوم أنتجت الأفكار الإنسانية فكرة قيمة شكلت صورة رائعة من صور اتخاذ القرار، إلا وهي تجربة الشعب الليبي في الفترة الممتدة منذ 1977م إلى نهاية 2010م، من خلال نموذج لممارسة السلطة السياسية تمثل في وجود تجمع للإفراد سمي بالمؤتمر الشعبي الأساسي لكل حي أو مدينة يتم من خلاله ممارسة السلطة واتخاذ القرارات والتعبير الفعلي عن الآراء والتطلعات وليس وهم وتمنى، إلا أنه ما يعاب على هذا الأنموذج هو تدخل السلطة العليا في الدولة المتمثلة في قيادة الدولة في العديد من القرارات والتوجهات بشكل توجيهي ورقابي يقع تحت طائلة احد محددات الرأي والتعبير وهو الأمن القومي للدولة .
المبحث الثاني:حرية الرأي بين عولمة حقوق الإنسان والثقافات المحلية.
المطلب الأول : عولمة حقوق الإنسان.
إن مفهوم الإنسانية وحقها في الحياة الكريمة كان قد تناولته تعاليم الرسالات السماوية السمحة الخالدة وهي بمثابة الإعلان الرباني لحريات وحقوق الإنسان ،أي أ ن الله سبحانه وتعالى كرم الإنسان وذكره في العديد من المناسبات التي أنزلت بها الآيات الكريمة التي تؤكد ذلك وتدعو إلى احترام الإنسان وترفض امتهان حرياته ونزع حقوقه.
إن الإنسان يعد من أهم المخلوقات ، إذ فضله الله سبحانه وتعالى وميزه عن سائر خلقه ، وذلك بأن أمده بنعمة المدارك والأحاسيس والتي من أولوياتها العقل ، ومن شؤون الله سبحانه وتعالى في خلقة انه جعله خليفة له في الأرض إذ قال في محكم آياته ” وإذ قال ربك للملائكة إني جاعلٌ في الأرض خليفة” ، كما وأن الإنسان أول من علمه الله سبحانه وتعالى من مخلوقاته ، إذا قال في محكم آياته ” وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة …” وكرم الله سبحانه وتعالى الإنسان أيضا، إذ أمر الملائكة بأن يسجدوا لآدم ، في قوله تعالى ” وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبىَ وأستكبرَ وكان من الكافرين”، وقد أخص الله جل شأنه وعظمت قدرته هذا المخلوق المميز بالعلم ، إذ قال تعالى ” علم الإنسان ما لم يعلم ..” ومن هذه الحكمة في الخلق والرفعة من مكانة الإنسان وقيمته دون غيره من المخلوقات ، هي دليل رباني على أهمية احترام أدمية الإنسان أينما كان وحيثما وجد ، دون تمييز بين الأجناس أو السلالات والأصول البشرية أو اللون، ولم يشير إلى التفرقة هنا إلا بشئ يميز البشر عن غيره من أعمال والتي بينها لنا ديننا بأنه لا فرق بين عربيا وعجميا إلا بالتقوى والعمل الصالح ، فالتقوى هنا معيار للتمايز بين أبناء البشر من حيث تقوى الله في إعمالهم وفي معاملاتهم وهى تعد امتثال لأوامر الله والالتزام بقواعد الدين الحنيف و أوامره ونواهيه واقترانها بالعمل الصالح ، وهو ذلك العمل الذي يقربنا من الله تعالى والذي لا يتأتى إلا من خلال عمل الخير للعباد وسائر البشرية وعامة المخلوقات، وتقوى الله في كل عمل يؤديه الإنسان ويرضى به الله تعالى ويصلح أمور الإنسانية كافة، وعلية فإن تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف تحترم الإنسان وتقدره ، لذا بات لزاما علينا أن نقدس هذا التكريم لآدمية الإنسان ، ونحافظ عليها وعلى إنسانيته التي تتطلب العمل على تحقيق أكبر قدر لصون كرامته وحريته كإنسان والتي لا تخرج عن كونها حقوق مقدسة لا يمكن انتهاكها تحت أي طارئ أو مسمى،
وقد تناول العديد من الفلاسفة لاسيما مع انبلاج عصر فكر التنوير في أوروبا مثل ( جان جاك روسو) الذي استلهم أفكاره رواد الثورة الفرنسية، وكذلك ( فولتير) و (مونتسكيو) جميعهم أمعنوا في الاهتمام بمفهوم الإنسانية وجعلوا منه محورا رئيس للتعامل مع أدميه الإنسان، رغم كل أدوات التعسف والتسلط التي كانت متفشية آن ذاك في المجتمعات الأوروبية ، وتناول (لوك ) في مؤلفه المعنون ” المطول الثاني عن الحكومة المدنية” الذي وضعة عام 1690م والنظرية القائلة ، بأن الإنسان بوصفه مالكا لذاتيته هو مالك كذلك لعمله واختياره ، وينشأ من ذلك حق طبيعي في أن يكون مالكا ،ويرى (لوك ) أن هذا الحق أساس الحرية وسائر الحقوق الأخرى للإنسان.
إن عولمة حقوق الإنسان قد تختلف في المضمون عن عالمية حقوق الإنسان ،فالحقوق العالمية هي تلك الحقوق التي شرعها الله تعالى في خلقه وأمرنا من خلال تعاليم دينه الإسلامي الحنيف أن نحترمها وتقدسها لاسيما تلك التي تلتصق بشخصيته وأدميته.
أما عولمة حقوق الإنسان فهي ارتكزت في الأساس على ما ورد في تعاليم الأديان السماوية من تكريم الخالق رب العالمين للإنسان هذا من جانب واستمدت كذلك أفكارها من أفكار وأراء الفلاسفة والمفكرين من جانب آخر ، ومن ثم اصطبغت بمنهجية ذات صفة وتوجهات إيديولوجية تحمل مضامين وثقافات تحاكي العالم بضرورة احترام حقوق الإنسان وحمايتها والدفاع عنها إن تطلب الأمر ذلك، ومن هذه التوجهات أخذت مسألة عولمة حقوق الإنسان منحى يجمع بين العديد من التوجهات ،لاحترام أدمية الإنسان في كثير من المواثيق العالمية والاتفاقات الدولية خاصة تلك المبادئ التي أقرت في اتفاقية جنيف للإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948م وكذلك مبادئ القانون الدولي الإنساني سنة 1949م, الذي كثيرا ما استخدمته بعض الدول ذات النفوذ السياسي والاقتصادي والعسكري وأمعنت في توسيع مهامه وعولمته ليصبح مكون فاعل وأساس من مكونات المنظومة الدولية ، ووصل الحال إلى التدخل في الدول الأخرى بحجة حماية القانون الدولي الإنساني. واخذ منحى آخر ليصبح صورة من صور التدخل في الشؤون الداخلية للدول وبالتالي باتت حرية وحقوق الشعوب الضعيفة في خطر جراء استخدام تلك الذريعة فيما يتعلق بحماية حقوق الإنسان ، وهنا ينطبق القول المأثور ” كلمة حق أريد بها باطل “.
فهذا ما آثار الانتباه إلى مسالة عولمة حقوق الإنسان لأنها تحتاج إلى النظر والتمعن في مفهوم تلك العولمة والتي من خصائصها نفي الهوية والاختلافات الفكرية والمنهجية ودمج الخصوصيات ، وهذا الطرح كثيرا ما يتنا في وقيم عدد من المجتمعات لاسيما العربية ذات الخصوصية الاجتماعية والثقافية المميزة عن غيرها من المجتمعات .
المطلب الثاني : الثقافات المحلية وحرية الرأي والتعبير
لعل ابرز عامل من عوامل التحول الاجتماعي تلك الثقافات المحلية القابلة للتطور والتغير مع المحافظة على الثوابت الراسخة المميزة لذالك المجتمع عن غيرة من المجتمعات ، وكثيراً ما يرتبط ذلك التطور بحركة التحضر والتصنيع التي شهدها العالم العربي خلال العقود الأربعة الأخيرة من القرن العشرين ، والذي ساهم في تغير البنى لدى العديد من المجتمعات العربية ذات القاعدة الرئيسة لبناء أفراد المجتمع بشكل يتماشى ومتطلبات العصر ، وظهرت اتجاهات جديدة لدى الشباب إزاء بعض العادات والتقاليد البالية الموروثة، من بينها ظهور ثقافة مشاركة المرأة وتحررها من بعض القيود من خلال دخولها في معترك المشاركة السياسية والأنشطة الثقافية والرياضية أيضا ، كما ساهمت الثقافة الفكرية إلى حد كبير في دعم وتعزيز الحريات ووضع الحلول المناسبة لأداة الحكم ” السلطة” من خلال تعميم ثقافة المشاركة السياسية الشعبية في صنع القرار والمشاركة في رسم السياسات العامة للدولة ودفع عجلة الإنتاج وتحسين الخدمات .
جل الثقافات المحلية المتطورة المتصلة بالقيم الاجتماعية لدى المجتمع تقود للنجاح وتدفع إلى فهم مفاصل الحياة الاجتماعية والسياسية ، وتعمل على زرع الثقة لدى المواطن ليساهم في صنع القرار والتعبير بشكل شفاف وواضح عن تطلعاته
فهي كثيراً ما ينظر إليها بأنها ذلك الموروث الفكري والمعرفي لدى المجتمع ، والذي دائما يحتاج للإطلاع على ما هو جديد لأجل ترسيخه في ذاكرة الجماعات البشرية داخل المجتمع وتجديد مضمون المعرفة الفكرية والثقافية والتي تجعل لدى المواطن العديد من الثقافات من خلال اقتباس عدد من التجارب السائدة لدى المجتمع أو المجتمعات الأخرى المشابهة له في العادات والتقاليد والقيم. للمساهمة في رفع مستوى المعيشة لدى العديد من المجتمعات البشرية ، فالثقافة توجه التطور الفكري وتختار بين البدائل التي تتمشى ومعتقدات وقيم المجتمع ، كما أنها تعمل على تنمية الفكر الإنساني خاصة بعد انبلاج عصر ثورة الاتصالات وتوفر الكم الهائل من المعلومات والبيانات والأفكار وتنوع العروض من القيم الجديدة ، الأمر الذي أسهم في بلورة مفاهيم ومضامين اجتماعية ثقافية اقتصادية ، تخدم حركة التطور والتحديث داخل المجتمع ، كما إن وفرة من المعلومات كانت قد ساهمت في تطور الوعي وزيادة مساحة حرية الرأي والتعبير في عدد من المستويات داخل المجتمع نحاول استعراضها فيما يأتي:
• المستوى الرسمي : كانت قد ساهمت تلك الثقافة في زيادة الضغط على المؤسسات الرسمية في الدولة لا تاحة الفرص أمام المواطنين والمؤسسات الإعلامية للتعبير عن الرأي، من خلال تعدد القنوات وزيادة عدد الصحف والمجلات وتنوعها وذلك بزيادة سن التشريعات المحلية وتضمينها عدد من بنود ونصوص المواثيق الدولية ،التي تعمل على صيانة وحماية حريات التعبير وحماية تلك المؤسسات التي يتسم من خلالها التعبير عن الرأي، بكل حرية دون المساس بشخص أو كيان بعينه من تلك المؤسسات الإعلامية أو من يعمل بداخلها، فمن المهم جداً أن يكون الوعي سائداً لدى العاملين داخل إطار المؤسسات الإعلامية على المستوى الرسمي، لان تلك الثقافة هي الرافد الحقيقي والمساند لإظهار أكبر قدر لحرية الرأي والتعبير عن الإرادة من خلال المؤسسات . الأمر الذي جعل من المؤسسات الرسمية في الدول تجعل من هذه الوسائل السلطة الرابعة في المجتمع إذ ساهمت الدولة الليبية في دعم حرية الفكر من خلال ما جاء في المادة 22 والمادة 23 من الدستور الليبي الصادر في 1951م بأن حرية التعبير مكفولة ، ولكل شخص الأعراب عن رائه وإيصاله إلى أي مكان ويختار الطرق المناسبة لذلك . حيث إن العديد من وسائل الإعلام الرسمية باتت تتربع على قمة وسائل التعبير عن حرية الرأي
• المستوى الشعبي : يعد الوعي على المستوى الشعبي هو الأساس في بناء أواصر الثقافة ، ويعمل على تحديد أي مواقف وتوجهات تتعلق بالمجتمع على المستوى الأفقي يدعم سياسات الدولة على المستوى الرأسي فإذا كان الشعب واعياً ومثقفاً تزدهر الدولة وتنعم من خلال ما يقدمه أبناء هذا المجتمع من تطور فكري تأكيد على قول الشاعر ” أمل البلاد على رقي شبابها ..أن كان حياً لا تخاف زوالا “، فرقي الشباب يعني تطور الفكر والرغبة في التحديث وبناء الدولة كما أن الشعب الواعي يتفهم العديد من السلوك والمناهج الحياتية لاسيما التي توجه من قبل وسائل متعددة ،فمثلا نجد القول المأ ثور ” اعطني شعباً واعياً أعطك مسرحاً ” فالعمل المسرحي غالباً ما يتضمن ويحاكي حالة المجتمع خاصة تلك التي تلتصق بحياة الناس ، كما أنه يتضمن رسالة إعلامية فنية تجسد سلوك الأفراد داخل المجتمع ، فإذا كان الشعب واعياً ومثقفاً أيضا فإنه حتماً سيتناغم مع تلك الأحداث المسرحية ويحاول فهم أهدافها أما إذا كان المجتمع عكس ذلك ، فإنه لا يمكن له أن يتفاعل مع ذلك الحدث الذي تحاكي فصوله الفن المسرحي ،الذي يعد من أهم وسائل تحقيق حرية الرأي والتعبير على المستوى المحلي ، ويعبر عم يدور داخل المجتمع من ثقافة وتوجهات .
ومع ذلك أن لم تتوافر لدي الأفراد داخل المجتمع القدرة على اكتساب الثقافة التي تدعم مطالبهم وتسهم في امتلاك حرية قرارهم الذي يحدد مصيرهم ، فإن أي محاولة اخرى تعد وهم ودرب من دروب الخيال لنيل الحريات الواقعية بل أنما هي حريات مزعومة ذات حلول تلفيقية، أما إذا ما اقترنت تلك الثقافات بزيادة الوعي وحرية الرأي بشكل انعكس على حرية المواطن وتمثل في امتلاك زمام أمره ليكن سيدا لنفسه ويملك قراره، فحينها يمكن القول أن الأفراد قد اتخذوا المسلك الصحيح للوصول إلى الحرية المنشودة أم غير ذلك فهي بمثابة حرية عقيمة استفتائية لا تجدي نفعاً.
خلص الباحث إلى الآتي :
• توجد هناك عدد من المحددات التي تحول دون تحقيق حرية الراي والتعبير بشكل نزيه ، يكون للدولة وإجهزتها الدور الهام فيها ، فضلا عن وجود التدني في الثقافة والوعي لدى العديد من الشعوب العربية في تحقيق اكبر متسع من الحريات,
• أن هناك العديد من العوامل التاريخية التي تجسدت وتكلست لدى بعض من المجتمعات العربية كانت قد ساهمت الى حداً كبير في تولد ظاهرة أجيز تعريفها بثقافة الصمت والخنوع ، تلك الظاهرة التي اكتسبت على مر المراحل الاستعمارية التي صاحبت التاريخ الخاص بتلك الشعوب.
• إن الثقافة المحلية لها الدور الأساس في بناء جذور الثقة بين أبناء المجتمع ، وبالتالي يستطيع المجتمع أن يحدد التوجهات ويرسم الأهداف المطلوبة بدقة ، ذلك لتولد الوعي المحلي والثقافة المحلية لدية .
• هناك جملة من العوامل التاريخية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية أيضا كانت قد ساهمت إلى حد كبير في تحديد معالم و رؤى وأهداف المجتمعات العربية ، وبالتالي كانت سبب في امتهان الحريات الفردية وحقوق الإنسان بشكل عام .
• كانت قد ساهمت عدد من النصوص الدستورية وجملة من المواثيق الدولية في دعم حرية التعبير والرأي، وذلك من خلال سن التشريعات المحلية والدولية.
• قد توجد هناك ممارسات تمتهن حريات الافراد من قبل السلطة الحاكمة من خلال استنادها على بعض النصوص الدستورية غير المتطورة ويكبلها هاجس الأمن القومي.
التوصيات
يوصي الباحث بالاتي:
• إن حرية الرأي بقدر ما هي ملحة لنيل درجة رفيعة من حقوق الإنسان ، إلا انه لابد من وجود سقف أفضل لتلك الحريات وهي حرية اتخاذ القرار والمساهمة الفاعلة في رسم السياسات وبناء المؤسسات.
• هناك الكثير من الدساتير ذات الصبغة التقليدية وتحتاج إلى نوع من التحديث والتطوير بشكل يضمن حق المشاركة السياسية واتخاذ القرارات التي تعبر عن حرية الشخص وحقوقه وليس مجرد تعبير عن حرية الرأي فقط.
• ضرورة الاهتمام بالوعي الفكري على المستويين الرسمي والشعبي ، للحصول على اكبر قدر من حرية الرأي والتعبير داخل المجتمع.