إسرائيل تريد نزع سلاح الجيش المصري
ترغب اسرائيل في نزع سلاح الجيش المصري أو على الاقل تخفيض قواته العسكرية ، وظهر هذا بشكل واضح في تصريحات و تسريبات اعلامية معضلة قطاع غزة تعمق الفجوة بين القاهرة وتل أبيب.
تمر العلاقة بين مصر وإسرائيل بمرحلة حساسة، من الصعب التكهن بمآلاتها، ويرى مراقبون أن التصريحات الصادرة عن مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون تعكس أزمة ثقة مستفحلة بين الجانبين.
القدس – أعربت إسرائيل عن مخاوف لديها بشأن دوافع الجيش المصري لاستثمار ملايين الدولارات في شراء معدات عسكرية حديثة رغم عدم مواجهة البلاد لأي تهديدات، مشيرة إلى أنها ستطرح المسألة مع حليفتها الولايات المتحدة.
وهذه هي المرة الأولى التي تتحدث فيها إسرائيل بشكل علني عن هواجس لديها من حرص الجيش المصري على تحديث ترسانته العسكرية وتطويرها. ومنذ وصول عبدالفتاح السيسي، وزير الدفاع الأسبق، إلى السلطة في العام 2014، أبرمت مصر العديد من صفقات الأسلحة ومن مصادر مختلفة.
وكانت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أعلنت في ديسمبر الماضي أن وزارة الخارجية وافقت على بيع محتمل لأسلحة إلى مصر بقيمة تتجاوز خمسة مليارات دولار، تشمل تجديد دبابات أبرامز وشراء صواريخ هيلفاير.
وقد أثارت الصفقة التي وصفت حينها بـ”الأضخم من نوعها” انتقادات في وسائل إعلام إسرائيلية، حيث قالت “القناة العاشرة” بالتلفزيون الإسرائيلي، إن صفقة الدبابات والصواريخ للقاهرة تعزز من قدرات الجيش المصري
ولفتت القناة العبرية إلى أنه على الرغم من اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل، ولكن تحت السطح هناك دائما خوف من أن يتم توجيه الحشد العسكري غير المسبوق للدولة العربية المجاورة لإسرائيل في يوم من الأيام نحو أراضيها.
ولم تبق الهواجس الإسرائيلية حبيسة وسائل الإعلام العبرية، حيث أبدى مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون، مساء الأحد، خشية من دوافع القاهرة لتعزيز قدرات جيشها.
وقال دانون لإذاعة “كول بارما” الدينية الإسرائيلية، “إنهم (السلطات المصرية) يستثمرون مئات الملايين من الدولارات في المعدات الحديثة كل عام، وليس لديهم أي تهديدات على حدودهم.”
وتساءل “لماذا يحتاجون إلى كل هذه الغواصات والدبابات؟ بعد 7 أكتوبر 2023 (هجوم حماس على المستوطنات المحاذية لقطاع غزة)، يجب أن يكون هذا مدعاة للقلق. لقد تعلمنا درسنا، علينا أن ننظر إلى ما يحدث هناك، علينا أن نستعد لكل سيناريو،” دون المزيد من التفاصيل.
وفي إشارة إلى المساعدات العسكرية الأميركية لمصر، أضاف دانون “علينا أن نسأل الولايات المتحدة لماذا تحتاج مصر إلى كل هذه المعدات؟” وأعرب المسؤول الإسرائيلي عن شعوره بالثقة بأن “إسرائيل قادرة على التعامل مع التحديات الحالية والمستقبلية.” وقال “استعداداتنا جيدة ونعرف كيف نتعامل مع أي تهديد ينشأ.”
وتعد مصر أول دولة عربية توقع اتفاقية سلام مع إسرائيل، لكن العلاقة بين الجانبين لطالما شهدت صعودا ونزولا، وهذا يعود إلى فجوة الثقة القائمة بينها، والتي ظهرت بشكل جلي خلال الصراع الذي اندلع في قطاع غزة في أكتوبر 2023، وإقدام إسرائيل على نشر قواتها في محور فيلادلفيا، وهو ما اعتبرته القاهرة انتهاكا لاتفاقية السلام.
في المقابل وجه مسؤولون إسرائيليون على مدار الأشهر الماضية اتهامات مبطنة للقاهرة بأنها لم تقم بما يكفي لجهة منع تهريب الأسلحة عبر الأنفاق إلى حركة حماس.
ويرجح أن تشهد العلاقة بين القاهرة وتل أبيب المزيد من التوتر لاسيما في ظل الإدارة الأميركية الجديدة، بقيادة الرئيس الجمهوري دونالد ترامب، الذي أعاد إحياء خطة يدعمها اليمين الإسرائيلي بشأن تهجير سكان غزة إلى مصر والأردن، وهو طرح ترفضه بشدة القاهرة. ويقول مراقبون إنه في حال أصر ترامب على الطرح فإن ذلك بالتأكيد سيكون له أثره على العلاقة بين مصر وإسرائيل.
ونشرت صحيفة “جيروزاليم بوست” العبرية، مؤخرا، صورة للقاء جمع الرئيس المصري والرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، ما أثار ردود فعل مصرية غاضبة حيث رأى المصريون في الصورة رسالة تهديد ضمنية للرئيس السيسي، بسبب معارضته لخطة تهجير سكان غزة إلى سيناء.
ويرى المراقبون أن العلاقة بين مصر من جهة وإسرائيل والولايات المتحدة تمر بمرحلة حساسة لكن من غير المتوقع أن تصل إلى نقطة اللاعودة، في ظل المصالح المشتركة القائمة بينهم، لافتين إلى أن ما يحصل من سجالات هو في سياق المزيد من الضغط على القاهرة للقبول بصفقات في علاقة بحكم حماس لغزة.
في المقابل يقول آخرون إن تصريحات المندوب الإسرائيلي ربما تندرج في سياق إيصال رسائل لمصر بأن إسرائيل يمكن أن تتدخل لقطع شريان المساعدات العسكرية الأميركية إلى القاهرة، وأيضا لمشتريات عسكرية من دول حليفة.
وعلقت صحيفة “جروزاليم بوست” العبرية، مساء الأحد على تصريحات المندوب الإسرائيلي قائلة إن هذه هي “المرة الأولى التي يثير فيها مسؤول إسرائيلي كبير مثل هذه المخاوف علنا بشأن التوسع العسكري المصري.” وأضافت أن تعليقات دانون تأتي في خضم توترات متصاعدة بالمنطقة مع إعادة تقييم إسرائيل لإستراتيجيتها الدفاعية عقب هجوم 7 أكتوبر. وتابعت “وفي حين تلعب مصر دورا محوريا كوسيط بين إسرائيل وحماس، فإن كلمات دانون تسلط الضوء على الافتقار المتزايد للثقة بين البلدين.”
وأوضحت الصحفية أن “إسرائيل ومصر وقعتا معاهدة سلام عام 1979، لكن إسرائيل راقبت عن كثب المشتريات العسكرية للقاهرة، وخاصة علاقاتها بالجيش الأميركي ومشترياتها من أنظمة الأسلحة الأوروبية المتقدمة.”
وفي لقاء مع ضباط من الجيش المصري في نوفمبر الماضي، قال السيسي إن “الأحداث المتلاحقة والأوضاع المضطربة التي تشهدها المنطقة تؤكد أن خيارنا للسلام العادل والمستدام يفرض علينا الاستمرار في بناء قدرات القوى الشاملة لصون وحماية الوطن، مع الاستمرار في جهود التنمية الشاملة للدولة.”
وقبل ذلك، قال وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي، إن القوات المسلحة المصرية في كامل جاهزيتها للدفاع عن الحدود المصرية. وأشار عبدالعاطي، في تصريحات لقناة “القاهرة الإخبارية”، إلى أن “سلام إسرائيل مرهون بتلبية الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.”
وأضاف “لا تهاون في ما يتعلق بالحدود المصرية، ونحن نتابع باستمرار جاهزية قواتنا المسلحة. لن يجرؤ أحد على المساس بالسيادة المصرية، لأنه يعلم مدى صرامة الرد المصري، والذي سيكون قاسياً للغاية في حالة حدوث أي تهديد للأمن القومي.”
واعتبر الوزير المصري أن “التظاهر بالغطرسة والقوة لم، ولن يحقق لإسرائيل الأمن والاستقرار،” مضيفاً أن “مصر واعية تماماً لمحاولات نشر الفوضى في المنطقة، وتدرك أن عملية السلام لا يمكن تحقيقها إلا بالقوة التي تحميها.”
وفي 26 مارس 1979 وقعت مصر وإسرائيل في واشنطن معاهدة سلام عقب اتفاقية “كامب ديفيد” بين الجانبين عام 1978، وأبرز بنودها وقف حالة الحرب وتطبيع العلاقات، وسحب إسرائيل الكامل لقواتها المسلحة والمدنيين من شبه جزيرة سيناء، وإبقاء المنطقة منزوعة السلاح.