أولويات دونالد ترامب
انتشرت في وسائل التواصل الإجتماعي وعلى منصات الكثير من المدونين (المدفوعين الثمن – المروجين ) ان الرئيس الأميركي القادم دونالد ترامب يعتزم اجراء تغييرات في الأنظمة السياسية لبعض دول الشرق الأوسط وما اسماها بالقوى المارقة ، واستهداف بعض الشخوص عسكريا او اقتصاديا وهو من أولوياته ، وهذا حلم البعض وكابوس البعض الاخر (كل وتبعيته) .
لكن دعونا نكن واقعيين . ان من يعتقد ويستبشر بهذا الوهم فهو من قاطني عالم آخر او من اصحاب نظرية القطيع (السائدة في مواقع التواصل الإجتماعي) . موضوع الشرق الأوسط هو موضوع شائك لايريد ترامب ان يجعله جزءا من (عالمه الجديد وشعاره امريكا اولاً) .
وهنا اود ان أوضح ان المعالجات المزعومة لترامب ستكون في الشرق الأوسط . نعم ولكن على مستوى لايرقى للمساس بالأنظمة السياسية او العسكرية في حين ان حربه الأساسية والأصعب ستكون مع حلفاء الاطلسي الأوروبيين والحلفاء الغربيين على ضفتي الأطلسي فهو يريد عالما لإمكان فيه لقادة احزاب اليسار الليبرالي من تلاميذ كلاوس شواب وقادة منتدى الاقتصاد العالمي الذي يدعون الى عالم واحد بلا حدود والذين وقفوا بوجه سياسته الاقتصادية اتجاه الصين وروسيا وايران وطموح بعض الاوربيين وخاصة بعد قرار روسيا ببيع الغاز بعملتها المحلية وانتشار الاستثمارات الصينية وطموحها اتجاه تايوان.
يسعى ترامب لبناء نظام تجاري تقوده الرأسمالية الأمريكية وبعض الحلفاء المنتمين إلى اليمين المتطرف او الوسط المطيع والقابل للتطويع والمراقب والمتحكم به من قبل احزاب اليمين المحافظ ، لذلك معارك التغيير ستكون طاحنة في الغرب . ان ملامح عالم ترامب بدات تظهر حتى قبل حفل تنصيبه فقد اعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودي استقالته وتنحيه عن المنصب اضافة الى استقالته من رئاسة الحزب الليبرالي الذي يعتبر من اهم الاحزاب اليسارية الكندية . ترودو انتهى قبل حتى ان يخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة وقبل حتى ان يطأ ترامب عتبة البيت الابيض بعد اشتداد الضغوط على حكومته وخاصة بعد استقالات متتالية من اعضاء حكومته كان اهمها استقالة مفاجئة لنائبة رئيس الوزراء، كريستيا فريلاند التي كانت تشغل أيضاً منصب وزيرة المالية بسبب خلافات مع ترودو بشأن كيفية التعامل مع الحرب التجارية المحتملة مع ادارة ترامب القادمة . وتشير التوقعات الى ان خليفة ترودو سيكون السياسي المحافظ بيار بواليافر الذي سبق ان وعد باجراء تغييرات جذرية في سياسات كندا التجارية وسياسات الهجرة ، وقد علّق ترامب على استقالة رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو قائلاً إنه إذا اندمجت كندا مع الولايات المتحدة ستستفيد من الناحيتين الأمنية والتجارية (حاكمة الرقعة الجغرافية والمشتركات الامنية التهريب والهجرة) واشار بذلك على حسابه في منصة (تروث سوشيال) يجب على العديد من الناس في كندا أن يكونوا الولاية (الأميركية) رقم 51.
على الضفة الاخرى من الاطلسي ، يشن الحليف الاقتصادي لترامب الون ماسك حرب شعواء ضد حزب العمال البريطاني ومنصة X تنفجر بالجدال بين انصار اليمين وانصار حزب العمال البريطاني حول قضية اغتصاب قاصرات في بريطانيا حيث اتهم الون ماسك حزب العمال بالتهاون في قضية ما اسماه (عصابات الاستمالة) التي ظهرت للمرة الأولى خلال فترة تولي ستارمر منصب المدعي العالم الأعلى للبلاد بين عامي 2008 و2013، وتشكل هذه التعليقات تحدياً كبيراً للحكومة البريطانية والتي تسعى إلى صد الدعم المتزايد لأحزاب أقصى اليمين بينما تحاول الحفاظ على علاقات جيدة مع إدارة ترمب المقبلة.
في المانيا يقوم ماسك ايضاً بدعم حزب البديل من اجل المانيا اليميني المتطرف .
اضافة الى العلاقة المتنامية بين رئيسة الوزراء الايطالية ومالك شركتي سبيس أكس وتسلا ومنصة X
حيث ذكرت وكالة بلومبيرغ بأن إيطاليا تجري محادثات متقدمة مع شركة (سبايس إكس) في شأن صفقة لتوفير اتصالات آمنة لحكومة البلاد ضمن عقد قد تصل قيمته إلى 1.5 مليار يورو. اضافة الى تقديم امبر صفقة الى حكومة
من جهتها تبدي كل من فرنسا والنرويج قلقاً عميقاً من التدخل في السياسة الداخلية الاوربية من قبل الون ماسك والذي لا يعتبر رجل اعمال واحد قادة قطاع التكنولوجيا والابتكار في العالم بل هو من اهم الاسماء في ادارة ترامب الجديدة وبالتالي فهو يمثل موقف ادارة الرئيس ترامب نفسها .
ومما تقدم أعلاه وفي ضوء النظرة الاقتصادية لحكومة ترامب سنجد ان اهم أهدافه في الشرق الأوسط هي الدول ذات المال والثروات من جهة
والتركيز على مزيد من الدعم لإسرائيل وربما الميل الواضح نحو توسعها على حساب أراضي فلسطينية، كما سيمارس ضغط كبير على بعض الدول العربية والإسلامية من أجل التطبيع مع إسرائيل، وسيعيد صياغة (صفقة القرن) بما يناسب التغييرات الحالية بالمنطقة وبما يحقق المصالح الأمريكية ، فضلا عن ممارسة مزيد من الضغط والتحجيم وفرض عقوبات إضافية ضد إيران وكبح جموح تركيا ودعمها لبعض الجماعات التي تعتبرها امريكا ذات أنشطة متطرفة ، والمحافظة على الوجود القوي في سوريا عن طريق قوات سوريا الديموقراطية (قسد)
وهذا ما سيعمل عليه رجل الاعمال اليهودي وقطب العقارات ستيف ويتكوف والذي اختاره ترامب مبعوثاً للشرق الأوسط والذي سيعمل بنفس النهج مع مارك روبيو المعروف بمواقفه في مناوئة نفوذ الصين وإيران، وبيت هيغيث مقدم البرامج في شبكة (فوكس نيوز) مرشح ترامب لوزارة الدفاع ومايكل والتز مستشارا للأمن القومي .
عموماً هنالك العديد من التحديات الأخرى امام ترامب والتي يعتبرها المحللون اكثر أهمية من قضايا الشرق الأوسط الذي ينظر له ترامب كمنجم المال ومنها الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة منذ فبراير/شباط 2022 والتحدي الصيني وما تمثله قضية تايوان في السياسة الأميركية ، والتحديات الاقتصادية وصعود أصوات منافسة مثل تجمع (بريكس) مضافا اليه السياسة الداخلية المتمثلة في قوانين الأسرة واللاجئين والهجرة .