أحوال عربيةأخبار العالم

أردوغان يوجه ضربة قاصمة للمعارضة بعد مد يد الصداقة للأسد

الدكتور خيام الزعبي- كاتب سياسي سوري

تتجه أنظار دول العالم اليوم نحو دمشق خاصة في ظل ما يتردد حول وجود مبادرة روسية لدفع المفاوضات السورية التركية إلى الأمام، والمواطن السوري يراقب عن كثب هذه التطورات نظراً لأهميتها في مستقبل سورية والمنطقة، إذ أخذت تلوح في الأفق مؤشرات رافقتها تحركات ديبلوماسية عراقية وروسية لأجل إعادة ترميم العلاقات السورية التركية وتجاوز خلافات الماضي التي امتدت لعدة سنوات ، والجميع يتطلع لزيارة وفد تركي للدولة السورية قريباً لتزداد أطر التعاون والشراكة بما يؤدي لتلاحم الدولتين بالصورة التي يترقبها محبي الاستقرار والنهضة في المنطقة.

وفي دوافع الطرفين لمسار التقارب الحالي، لا شك أن لدمشق مصلحة جوهرية في تغير موقف تركيا منه، حيث كانت اللاعب الأساسي في الأحداث التي حصلت في سورية وهي الدولة الإقليمية الوحيدة الداعمة عملياً للمعارضة ودعم المسلّحين والمتطرفين في سورية، والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو : ما مصير المعارضة السورية في ظل الترتيبات الإقليمية الحالية؟

مما لا شك، تعد تركيا آخر حليف قوي للمعارضة السورية، وإن التحول الرسمي التركي اتجاه دمشق يعتبر صدمة شديدة تلقتها المعارضة المسلحة وداعميها ، وهي صفعة كبيرة في وجه أولئك الذين يتطلعون إلى تقسيم سورية بالتالي المزيد من العزلة والتهميش للمعارضة ومؤسساتها مثل هيئة التفاوض أو ما تبقى منها.

إن المهتمين بالشأن الدولي يرون أن الحالة العامة التي تسود المشهد السوري حالياً تسيطر عليها أجواء الإحباط لدى المعارضة وهذا ما يؤكد إنتهاء اللعبة بالنسبة للمعارضة المسلحة، خاصة بعد أن قررت تركيا تغيير إستراتيجيتها في سورية، بالتخلي عن الدعم المباشر للجماعات المسلحة، والمثير في الأمر أن المجموعات المسلحة التي كانت تشن حملات هجوم ضد الجيش السوري ، لم نسمع لها صوتاً على الإطلاق بعد الإستدارة التركية الجديدة نحو سورية ولم تعلق بأي بيان أو حديث حول تأكيد أردوغان ، انفتاحه على فرص إعادة علاقات بلاده مع سورية، مضيفاً، أنه كما التقى في السابق بالرئيس الأسد فهو مستعد للقائه مجدداً ، وهو أمر يكشف حالة الخلل والتناقض الشديدة التي تعيشها هذه المعارضة، وبالتالي فإن المعارضة السورية لا تملك القدرة على مهاجمة أردوغان كونها في حمايته في تركيا والممول الأساسي لها.

في هذا السياق تعيش المعارضة السورية في كنف الجانب التركي، ولا تستطيع الضغط على تركيا لمنع التقارب، وستكون المعارضة سواء سياسية أو عسكرية هي الخاسر الأكبر من هذه التسوية، رغم تصريحات تركيا بعدم التخلي عنهم لكننا رأينا سيناريو المصالحة مع مصر.

على خط مواز، على الرغم من أن الرئيس الروسي بوتين يدفع باتجاه المصالحة، فإن لدى أردوغان دوافعه الداخلية الخاصة، هناك غضبا متزايدا في تركيا بشأن استضافة 3.6 مليون لاجئ سوري، وتُظهر استطلاعات الرأي أن الغالبية العظمى من الأتراك يريدون رحيلهم، وهو الأمر الذي طالبت به أحزاب المعارضة العلمانية التركية، ، منذ فترة طويلة، هذا بالإضافة الى الرأي العام التركي الذي يضغط باتجاه عودة العلاقات مع دمشق، فهو يريد بأي شكل إنهاء الانخراط التركي في الأزمة السورية على النحو الذي يجري الآن، وهناك مراجعاتٌ أميركيةٌ وأوروبيةٌ بشأن سورية، لذلك فإن كل هذه الأسباب والمتغيرات العربية والإقليمية والدولية كان طبيعياً أن يحاول أردوغان اللحاق بالركب الغربي والعربي تجاه المصالحة مع دمشق.

اقتنعت الحكومة التركية بشكل كامل بأن لا مخرج لها من مستنقع الفشل الذي إنغمست به في المنطقة، إلا بالعودة إلى سورية فهي صاحبة النفوذ والعلاقات المؤثرة في المنطقة، والداعمة لحركات المقاومة صانعة معادلات القوة في لبنان وفلسطين، والحليفة الأولى لروسيا وإيران الثابتان بوجه المؤامرات الدولية، خصوصاً أن الرهانات الأميركية –الغربية على وكلائها الإقليميين فشلت على مدى سنوات متعددة في إسقاط سورية.

مجملاً…..إن كل هذه العوامل والمعطيات تمهد الطريق أمام إنهاء الأزمة السورية، في إطار ذلك أعتقد إنه في الوقت الحاضر بدأت الأزمة السورية تأخذ طريقها إلى الحل وأعتقد أنها بداية النهاية لحل عقدة الشرق الأوسط في التخلص من الإرهاب والعودة الى الإستقرار في منظومة الدول التي عبثت بها الأيدي الخارجية والقضاء على أدواتهم التخريبية التي أضرت بمصالحهم خاصة مع تمدد التنظيمات الإرهابية والتكفيرية فى الأراضي السورية وتحولها إلى مصدر تهديد لمنطقة الشرق الأوسط .

وبإختصار شديد ، أعتقد إن اللعبة إنتهت بالنسبة للمعارضة المسلحة مع حلفاؤهم في المنطقة بعد أن قرر أردوغان قلب الطاولة على الجميع في المنطقة، لأن تركيا لا تملك خياراً سوى الدخول في معركة لضرب الإرهاب وعليها أن تتعاون مع دمشق لضرب المتطرفين وأعوانهم، وإعادة ترتيب الأوراق من جديد نحو تحقيق المصالحات مع دول المنطقة.

وأختم بالقول، بعد كل ما جرى في المنطقة من تطورات عاصفة، ستكون الفترة القادمة حبلى بمفاجآت سياسية وتدخلات كبيرة وستظهر تحالفات جديدة وموازين قوى أخرى تفرض نوعاً جديداً من العملية السياسية قد لا يحسب البعض لها حساباً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى