أحوال عربيةأخبار

هل ينتصر حزب الله في حرب ضد اسرائيل

إذا اندلعت حرب مع إسرائيل.. هل ينتصر حزب الله ؟!

الدكتور خيام الزعبي- كاتب سياسي سوري

رغم التحولات الكبرى التي عصفت بالمنطقة باتت المواجهة بين حزب الله والكيان الإسرائيلي قاب قوسين أو أدنى، فالردود الأخيرة المتبادلة بين الطرفين كانت عبارة عن رسائل أولية محسوبة بينهما، قد تتدحرج الكرة وتنزلق إلى معركة كبيرة بينهما.

وإذا اعتمدنا الأهداف الحربية معياراً للنصر والهزيمة، يمكننا الاستنتاج بأن حزب الله سينتصر في هذه الحرب، بعد أن استنزف حزب الله الجيش الإسرائيلي في الجنوب على مدى ما يقارب عقدين من الزمان، فضلًاً عن زيادة نفوذ محور المقاومة في المنطقة ووقوفه ضد أهداف إسرائيل، التي لم تتمكن من إيجاد موطئ قدم لها في الجنوب، فآلاف المقاتلين من الجماعات المدعومة من محور المقاومة على استعداد للقدوم إلى لبنان للانضمام إلى حزب الله في معركته ضد إسرائيل .

اليوم يتباهى حزب الله، بامتلاك ترسانة حديثة وغنية من الصواريخ التي يمكنها أن “تمطر إسرائيل”، فحزب الله يعتبر الصواريخ سلاحاً أساسياً في إستراتيجيته العسكرية، ولذا فقد استثمر في تحديثها بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، الأمر الذي أصبح يمثل تهديداً أقلق جنرالات الحرب في تل أبيب.

في الواقع، يمتلك الحزب اللبناني 150 ألف قذيفة هاون، و65 ألف صاروخ يصل مداها إلى 80 كيلومترا، و5000 صاروخ وقذيفة يصل مداها إلى 80-200 كيلومتر، و5000 صاروخ يصل مداها إلى 200 كيلومتر أو أكثر، و2500 طائرة بدون طيار قادرة على القيام بعمليات انتحارية وجمع معلومات استخبارية ومئات الصواريخ المتطورة مثل الصواريخ المضادة للطائرات أو صواريخ “كروز”، إلى جانب أحدث قدرات الحرب السيبرانية (الإلكترونية).

بالتالي إن القوة النارية الرئيسية لحزب الله هي صواريخه وقذائفه التي تغطي جميع مناطق إسرائيل، وقدرته على إطلاق النار بدقة، في حين إن الجزء الأكبر من هذه القوة سيهدد المنطقة الشمالية بأكملها، وهذا يعني أنه خلال الأيام الاولى من الحرب، سيكون من المستحيل الاستمرارية الوظيفية للبنى التحتية للاتصالات والكهرباء والمياه، وسيكون الحزب قادراً على تجديد مخزونه من الصواريخ حتى خلال الحرب، عبر الممر الإيراني والسوري.

بالمقابل إن القبة الحديدية ستكون عرضة لترسانة حزب الله الضخمة من الصواريخ والطائرات بدون طيار، بعد أن أنفقت الحكومة الأمريكية أكثر من 2.9 مليار دولار على هذا البرنامج، لذلك قإن تغلب حزب الله على الدفاعات الصاروخية الإسرائيلية، سيشكل خطراً كبيراً على حياة العسكريين والمدنيين الإسرائيليين.

وبطبيعة الحال، إن أجواء حرب لبنان الثانية عام 2006 لا تزال ماثلة وعالقة في أذهان الإسرائيليين في الشمال، ولا تزال ذكريات الملاجئ وأصوات صافرات الإنذار وصواريخ حزب الله، تقض مضاجع سكان عكا وحيفا ونهاريا وكريات شمونة وصفد والناصرة والخضيرة وطبرية، وغيرها من المناطق التي طالتها صواريخ المقاومة اللبنانية، وبالتالي فإن جبهة إسرائيل الداخلية غير مهيئة وغير جديرة بالدخول في حرب جديدة مع حزب الله الذي طور نفسه كثيراً عن حرب 2006، رغم كل التدريبات والتجهيزات التي تجريها.

في سياق متصل إن مساعدة كل من إيران وسورية والمقاومة في العراق واليمن لحزب الله في لبنان، بالإضافة إلى القوّة الصاروخية التي يمتلكها والقادرة على ضرب أي مكان في إسرائيل، فضلاً عن قدراته الهجومية التي لا تزال في إرتفاع مستمر من ناحية الكم والكيف، ليس لمصلحة إسرائيل في فتح جبهة مع حزب الله، ليصل الأمر بالمقابل إلى إعتبار أن سيناريو الحرب القادمة مع حزب الله سيكون الأخطر في تاريخ إسرائيل.

بالنسبة للإسرائيليين لم تعد إسرائيل آمنة ولا يتوفر فيها عنصر الاستقرار والأمن ومبررات البقاء والمستقبل الذي ينشدونه مع التآكل المتسارع لنظريتها الأمنية، وذلك لان المواجهات العسكرية لم تعد محدودة، بل أصبحت ضربات المقاومة تستهدف كل إسرائيل وبشكل موجع، وبذلك فقد الجيش الإسرائيلي قدرة الردع، وظهرت حقيقة ضعفه، وبالتالي لم يعد “المشروع الإسرائيلي” بأبعاده الدينية التاريخية مغرياً وعنصر جذب لليهود للبقاء.

وفيما تبدو الحكومة الاسرائيلية مشغولة بملابسات الهزائم المتلاحقة والتحولات الاستراتيجية في الحرب، حيث إرتفع الجدل وسط إتهامات مباشرة لنتنياهو من داخل الحزب الحاكم بأنه هو الذي ورط اسرائيل في مُستنقع المقاومة نتيجة طبيعية لفشله السياسي.

ببساطة، سيكون من تداعيات هذه الحرب انحسار الهيمنة العسكرية الإسرائيلية على المنطقة لصالح توازن قوى جديد يفرضه محور المقاومة، فهناك شرق أوسط جديد سيظهر، لكنه ليس وفق رغبات تل أبيب، وإنما وفق توازن القوى الجديد، كل هذه التطورات المتوقعة تشكل مفصلا تاريخيا يؤثر على كل المخططات الإسرائيلية- الغربية في المنطقة.

إن الحرب القادمة بين حزب الله والكيان الصهيوني ستكون مختلفة تماماً، وستؤلم إسرائيل أكثر مما حصل في حروبها السابقة، وبقراءة موضوعية للأحداث، فإن قوات الاحتلال تتساقط تحت ضربات رجال المقاومة، وتتساقط معها أحلام وأوهام عاشها بعض المغفلين الذين توهّموا سهولة إسقاط حزب الله، فبعد سلسلة الهزائم التي مُنيت بها قوات الاحتلال الإسرائيلي، بدأ الكيان الصهيوني إعادة النظر في استراتيجيته القائمة والمعلنة اتجاه المقاومة، لذلك فإن النصر على هذا الكيان وإحباط مخططات داعميه باتت قريبة من المنال خاصة بعد أن استطاعت المقاومة اللبنانية كسر المعايير المتعلقة بالتوازن وإسقاط كل حسابات إسرائيل في الجنوب اللبناني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى