أحوال عربيةأخبارأخبار العالمأمن وإستراتيجية

هل اقتربت الضربة الإيرانية لإسرائيل؟

بعد لقاء باقري الرئيس الأسد ..هل اقتربت الضربة الإيرانية لإسرائيل؟

الدكتور خيام الزعبي- كاتب سياسي سوري

العملية الإسرائيلية في إستهداف أحد مستشاري “الحرس الثوري الإيراني” في سورية أدخلت المنطقة في منعطف خطير من حيث التداعيات المحتملة، وبالتالي بعد اليوم لن يكون هناك إلتباس في طبيعة المواجهة التي تخوضها إيران مع إسرائيل، بعدما تأكد بالعين المجردة أن إسرائيل أصبحت جزءاً مهماً من المعسكر الساعي الى تغيير دور طهران تمهيداً للقضاء على المقاومة.

في الواقع إن الاحتلال الإسرائيلي قام بعدوانه في الوقت الحرج، لذلك فإن إسرائيل تلعب بالنار غير مدركة عواقب الحماقات والاستفزازات والخروقات والانتهاكات المتواصلة، وللصبر حدود ولن يطول الصبر الإيراني كثيراً وخصوصاً في ظل حملة الاغتيالات الإسرائيلية لقيادات ميدانية واستخباراتية بالحرس الثوري الإيراني.

في هذا السياق تعهد قائد الحرس الثوري الإيراني، اللواء حسين سلامي، الاحتلال الإسرائيلي، بدفع ثمن اغتيال أحد مستشاري الحرس، في الهجوم الذي استهدف أحد المواقع في مدينة حلب شمال سورية قبل أيام، وقال سلامي، في رسالة حول مقتل المستشار العسكري سعيد أبيار: “على الصهاينة أن يعلموا أنهم سيدفعون ثمن دماء الأبرياء التي سالت في هذه الجريمة، وعليهم انتظار الرد”.

في هذا الإطار ومنذ الإعلان عن جريمة الاغتيال، تعيش إسرائيل حالة متنامية من القلق والخشية غير المسبوقين، فإسرائيل متيقنة من أن الرد آت لا محالة، ومفتقرة في الوقت نفسه إلى معلومات حسية تقودها إلى تحديد مكان الرد وزمانه وحجمه وأسلوبه.

اليوم تنشغل إسرائيل في البحث في إحتمالات الرد المؤكد والمحتوم لطهران على جريمة الاغتيال وزمانه ومكانه وحجمه، وسط إجراءات وتدابير إحترازية إعتمدها الجيش، من بينها منع المستوطنين من الإقتراب على طول الحدود مع لبنان وفي الجولان، فالكثير من الإسرائيليين أبدو تخوفهم من حرب لبنان الثالثة وأبدى آخرون خشيتهم من تصعيد شامل في حين إكتفى بعض آخر بالحديث عن لعب بالنار ومجازفة خطرة، وكان واضحاً للجميع أن ثمة ربطاً بين العملية ومقابلة القائم بأعمال وزير الخارجية الإيراني علي باقري كني مع الرئيس الأسد الأخيرة وقبلها مع المرشد الأعلى الإيراني خامنئي التي وجّه فيها الكثير من الرسائل الواضحة الى إسرائيل بأن علاقات الشراكة الإستراتيجية القائمة بين سورية وإيران متينة، وخارج المساومات والصفقات، ولا يمكن أن يعكر صفوها إزدياد حجم التحديات ، ومن هنا فإن كل الإحتمالات والسيناريوهات واردة فيما يتعلق بردّ طهران على عملية الاغتيال .

ولا يوجد أدنى شك في أن إيران سترد بقسوة على الهجوم الإسرائيلي، لكنها لن تفعل ذلك إلا وفق جدول زمني يناسب قدراتها، لذا لن تكون هناك استجابة فورية، وربما تكون هذه الاستجابة في غضون الأيام أو الأسابيع القادمة.

من دون أدنى شك، إن عيني رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير دفاعه شاخصة نحو الساحة اللبنانية والسورية، وخاصة بعد زيادة قوة حزب الله التي تختلف تدريجياً عن الحزب الذي حارب جيش الإحتلال في العام 2006،لذلك فإن الإحتلال يقف الآن أمام عدو صلب كونه يملك الخطط العسكرية المتطورة التي ستمكنه من إلحاق ضربة قاسية بإسرائيل، ومن جهتها تدرك إسرائيل إن المواجهة مع حزب الله غير بعيدة، وإنها لا تستطيع الصمود في حرب طويلة لإفتقادها للعمق الإستراتيجي.

وهنا يمكنني القول إن نتنياهو ومستوطنوه سيدفع ثمناً غالياً في نهاية المطاف، ولا نستبعد ان نرى المقاومة اللبنانية والسورية والعراقية واليمنية الوطنية تتوحد ضده بطريقة مباشرة او غير مباشرة في المرحلة القادمة، بالإضافة إلى القوّة الصاروخية التي تمتلكها طهران والقادرة على ضرب أي مكان في إسرائيل، فضلاً عن قدراتها الهجومية التي لا تزال في إرتفاع مستمر، ليس لمصلحة إسرائيل في فتح جبهة مع ايران، ليصل الأمر بالمقابل إلى إعتبار أن سيناريو الحرب القادمة مع إيران سيكون الأخطر في تاريخ إسرائيل.

في هذا السياق ستنجلي الأيام القادمة عن تداعيات هامة وكبيرة لهذه الحرب أهمها انحسار الهيمنة العسكرية الإسرائيلية على المنطقة لصالح توازن قوى جديد يفرضه محور المقاومة، فهناك شرق أوسط جديد سيظهر، لكنه ليس وفق رغبات تل أبيب، وإنما وفق توازن القوى الجديد، كل هذه التطورات المتوقعة تشكل مفصلا تاريخيا يؤثر بصورة كبيرة على كل المخططات والسياسات الإسرائيلية- الغربية في المنطقة، وستدخل المنطقة في مرحلة تاريخية جديدة تهدد بقاء إسرائيل وقدرتها على الاستمرار في السيطرة على ثروات المنطقة.

وإنطلاقاً من كل ذلك، نحن أمام انقلاب خطير في قواعد الاشتباك في المنطقة، عنوانه الأبرز انتقال الإيرانيين من ضبط النفس إلى الرّد الفوري على الاعتداءات الإسرائيلية، ومن هنا ليست السفن الإسرائيلية لم تَعد آمنة فقط، وإنما الموانئ والمطارات ومحطات الكهرباء في العمق الإسرائيلي أيضاً في المرحلة القادمة، ويتحمل نتنياهو المسؤولية الأكبر عن حالة التصعيد وسيدفع الإسرائيليون جميعاً ثمن هذا الاستفزاز من أمنهم واستقرارهم وراحتهم.

وأختم بالقول، إن صبر إيران لن يطول، وأن الكيان الصهيوني يعرف قبل غيره، أنّ مفاجآتها قد تطاله في العمق، خصوصاً إذا ما فُتِح الصراع أبوابه، بالتالي لا بد من تشكيل جبهة مقاومة وغرفة عمليات موحدة لوضع إستراتيجية جديدة للمقاومة لخوض المعركة مع إسرائيل وإزالتها من الوجود.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى