أحوال عربيةأخبار

هل يمكننا مواجهة أمريكا

متى يمكننا أن نقف بوجه أمريكا وغيرها؟

ضياء المياح
كاتب وباحث، أكاديمي

هل يمكن أن نقف بوجه أمريكا؟ قد يبدو أن منع أمريكا من قصفنا وإيقاف إيذائها لنا في شتى المجالات أمر ليس يسيرا في الوقت الحاضر، والمتوقع إن أمريكا مستمرة بقصف العراق مستقبلا. لكن لماذا العراق ودولا عربية ضعيفة تعاني الحروب والويلات؟ لماذا لا تقصف أمريكا تركيا أو ايران أو الكويت أو السعودية أو الأردن؟ هذه الدول تختلف في أنظمة الحكم بين جمهوري وملكي أو أميري، وتختلف في علاقاتها مع أمريكا ما بين صديق قريب وعدو لدود. أين المشكلة في الموضوع؟ لماذا لم يتم ضرب أي من هذه الدول القريبة والجارة للعراق كما تفعل أمريكا مع العراق؟
أمريكا بدأت تضرب في وسط بغداد، تختار الوقت والوسيلة والهدف! وستستمر أمريكا على هذا المنوال حتى تُجبر على التوقف أو تصل لأهدافها! فهل العراق قادر على إجبارها لتتوقف؟ لماذا العراق فقط هو المستهدف بقصف أمريكا؟ ولماذا لا يطال القصف دول الجوار؟ إذا سَألنا أحد هذا السؤال، فماذا سيكون جوابنا الذي يمكن أن يكون منطقيا ليقتنع السائل به. هل يمكننا أن نعيد النظر إلى الموضوع من زاويا متعددة لنحمله على وجهات نظر مختلفة؟ فلماذا العراق هو المستهدف من هذا القصف الأمريكي؟ لماذا يتم إيذاء العراق دون غيره وكأنه لا حكومة فيه ولا قوة له؟ لماذا سماء العراق وأرضه مستباحة وناسه مهددون؟
نحن نتشابه مع معظم دول الجوار في الموقع الجغرافي الإستراتيجي وفي مصدر الطاقة الرئيسي النفط، ولكننا نختلف في طبيعة علاقاتنا مع أمريكا نفسها. نختلف في إمكاناتنا الاقتصادية وتوجهاتنا السياسية. نختلف مع دول الجوار في إدارتنا السياسية والاقتصادية. البعض يحسبنا على أمريكا جزءا وليس كلا، أطرافا محدودة وليس كل الأطراف العراقية. وهذا بسبب دور أمريكا في عام 2003 وما قبله وما بعده وقدرتها على التحكم بالسياسة الداخلية والخارجية في العراق. واليوم تلعب أمريكا دورا كبيرا في التحكم بالسياسة المالية والنقدية من خلال التحكم بموجود العراق من العملة الأجنبية لاسيما الدولار. وما زالت مختلف العلاقات مع أمريكا قائمة وكأنها لم تقصف العراق، وكأنها لا تتحكم بسياسة العراق المالية والنقدية، وكأننا لا حول لنا ولا قوة إلا القبول بما يجري وما سيجري.
يبقى السؤال قائما دون جواب؛ لماذا تقصفنا أمريكا ولا تقصف اية دولة من دول الجوار؟ الشيء المؤكد أن جميع دول الجوار عدا العراق تملك سياسة مستقلة موحدة خاصة بها وإن كانت خاضعة أو خانعة أو معادية لأمريكا لكنها سياسة صادرة من جهة واحدة في دولة واحدة. كل دول الجوار لها سياسة داخلية لا تتعارض مع أو هي في المحصلة النهائية تصب في خدمة سياستها الخارجية إلا العراق. كل هذه الدول لها قرار سياسي واحد وتحكمها حكومة واحدة تسيطر على جميع أجزائها بأرضها وسماها، برها وبحرها، شرقها وغربها وشمالها وجنوبها إلا العراق.
أمريكا تضرب وتقصف وتؤذي من تقدر عليه، وتعرف أنه لن يتغير في الأمر شيئا إن أعادت الضرب والقصف والإيذاء متى شاءت. أما الدول القوية، الموحدة القرار والمستقلة السياسة، فلا أمريكا ولا غيرها قادرة على أن تتجاوز على حدودها وسيادتها. فمتى يمكننا أن نقف بوجه أمريكا وغيرها؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى