أحوال عربية

هل يفعلها مجلس الشعب السوري ؟

الدكتور خيام الزعبي- كاتب سياسي سوري

أبدأ مقالي هذا اليوم بتساؤل جوهري متداول بين أبناء هذا الوطن وهو: هل يفعلها مجلس الشعب ويحجب الثقة عن الحكومة السورية، سؤال مهم‏…‏ لكن الإجابة عليه بتقديري هو فرصة لاستعراض قوته واستعادة ثقته بين المواطنين التي كانت بالنسبة لنا بمثابة الحصن الذي يحمي وطننا الكبير “سورية”.

في هذه الظروف الاستثنائية يحبس المواطن السوري أنفاسه إثر تراجع غير مسبوق في سعر صرف عملة بلاده أمام العملة الأجنبية، في وقت تخطت الليرة السورية عتبة 10 ألاف ليرة مقابل الدولار الواحد ومواصلة انخفاضها الى مستويات قياسية غير مسبوقة تاركة المواطنين العيش بمخاوف انهيار اقتصادي ومعيشي وهواجس مشهد ما ستؤول إليه الأسواق هناك.

بالمقايل تواجه سورية، من بين مشاكل وأزمات عدة، ظاهرة الفساد التي تنخر في جسد الدولة والمجتمع وتتفاقم يوماً بعد يوم، وتبدو مكافحة الفساد معقدة بسبب خطورة القضية التي تفتك بحياة المواطن، والتي تؤسس للانتهازيين والوصوليين البيئة المناسبة، و السؤال الذي يُثار هنا هو: أين دور مجلس الشعب من كل ذلك؟

الحقيقة التي يجب أن تقال، يمثل مجلس الشعب دستورياً صوت الشعب، لكن لا تبدو الحكومة مهتمة لصوت الشعب، وفي السنوات الأخيرة لم يحدث أي تحرك حقيقي فعلي للبناء المؤسسي في سورية، والسر في ذلك يعود إلى عدم توافر خارطة طريق للأداء الحكومي والأداء البرلماني بسبب غياب شبه تام للمعرفة الاقتصادية والسياسية ولأدواتهما شعبياً ونخبوياً.

من الواضح حتى الآن لم نسمع ببرلماني وقف وسط جمهوره متعهداً بتحقيق مطالبهم في حياة كريمة تتلاءم وغنى سورية بثرواتها وعاهدهم بالتنحي عن المسؤولية إن لم يتم ذلك، أو رفع صوته كاشفاً لعبة الفساد داخل أي مؤسسة من المؤسسات الحكومية.

على خط موازٍ، يُسجل على أغلب الأعضاء السوريين انقطاعهم شبه التام عن الشعب، وغيابهم المطلق عن ناخبيهم، كما تعاني وسائل الإعلام بمختلف مستوياتها، سورياً ودولياً من مشكلة الوصول إليهم، حتى يكاد يكون الظهور الإعلامي للبرلمانيين محصوراً في بضعة أسماء ويتكرر ظهورها إعلامياً في كل مناسبة وهذا يتنافى مع مبدأ الشفافية التي هي جزء حيوي في النظام الديمقراطي .

الواقع ينذر بفشل كبير، ولا شيء تم تصحيحه، فالفساد مستشرٍ إلى أبعد حدود، وكل يوم واقعة جديدة ، والهدر لم يتوقف، ولا إصلاحات كاملة أخذت مسارها الصحيح، ما تم هو بقاء المواطن يرزخ تحت ثقل الفقر بسبب غلاء الأسعار.

ولهذا فإن الدور المنوط لأعضاء المجلس في هذه المرحلة الحساسة مهم، ويتمثل بالرقابة على عمل الحكومة من خلال المتابعة الدورية لعمل الوزارات وأدائها، والعمل على تشكيل لجان برلمانية خاصة للتحقيق في قضايا الفساد وأيضاً إنشاء آلية لمراقبة عمل ونشاط أعضاء البرلمان و زيادة التغطية الإعلامية لنشاط مجلس الشعب الذي يجب أن تخصص لجلساته ساعات أسبوعية في إحدى المحطات السورية، والعمل على تعميم ممارسة الحوار بما يعزز الوحدة الوطنية.

في خضمّ التطورات المتسارعة للأحداث في سورية، ماذا فعل مجلس الشعب ،هل أوفى بالوعود والعهود التي قطعها على نفسه في حملاته الانتخابية من برامج وشعارات، بتوفير الاحتياجات الإدارية والخدمية الرئيسية التي يحتاجها المواطن وهي الأمن والصحة والإسكان والرغيف اليومي، والمواطن يتطلع إلى تلك الوعود التي لم يتحقق الكثير منها، وذلك مما جعل المواطن في أزمة ثقة حقيقة أدت بالمواطن إلى حالة من اليأس وفقدان الثقة بالمؤسسات الحكومية.

واليوم الشعب السوري يتطلع إلى وضع قضاياه المهمة على طاولة الجد وبشكل فاعل في العلن دون تستر، من أجل تحقيق طموحاته والمشاركة في البناء. ومن هذا المنطلق يجب علينا المساهمة في بناء هذا الوطن الذي من أبسط حقوقه علينا المحافظة عليه والمشاركة في بناءه وعدم ترك الوطن للناهبين والفاسدين وغيرها من الفئات التي ظهرت علينا في الآونة الأخيرة وسلبت ونهبت أحلام أبناء هذا الوطن المغلوب على أمره، بعد كل ما سبق، ألا يحقّ لنا أن نتساءل: هل سيطالب أعضاء البرلمان السوري باستقالة الحكومة وحجب الثقة عنها، أثناء الانعقاد الاستثنائي للمجلس غداً على خلفية تردي الأوضاع المعيشية للمواطن السوري وتدهور سعر الصرف لليرة السورية ؟ كون لهم الحق الدستوري والسلطة الرقابية على الحكومة من خلال مسائلة الوزراء، وحجب الثقة عن أحدهم أو الحكومة برمتها.

ولأن الأمر كذلك فإننا أمام دورٍ مهم لأعضاء مجلس الشعب، ومهام وطنية كبرى ترتبط بمستقبل البلاد، وأماني السوريين وتحمل آلامهم، وكذلك أمانة دماء الشهداء الزكية التي روت تراب هذا الوطن في معارك التحرير.

وأخيراً…..هل نستيقظ من غفلتنا ونصلح من شأننا ثم ندرك هول ما يُخطّط لنا ونعمل على إجهاضه قبل فوات الأوان ؟! هذا مرهون بوعينا وقدرتنا على الصمود في المرحلة المقبلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى