ما هي صلة الوصل بين الكاتب الآشوري والإعلامي البعثي 2

د. محمود عباس

ما هي صلة الوصل بين الكاتب الآشوري والإعلامي البعثي

2/2

ولئلا نغبن الشريحة الثقافية الواعية من أبناء الأقليات المتواجدة على أرض كوردستان، نذكر القراء أننا هنا نتحدث عن تيه بعض الكتاب، المتأثرين بشواذ مجموعة كانت قد جندت لهذه المهمة من قبل الأنظمة المحتلة لكوردستان، ولنا أمل بأنها ستعيد النظر في مساراتها الفكرية، ومواقفها، لذا يجب الانتباه، وخاصة الكتاب المعنيين من أبناء الأقليات المعانية، إلى أن العديد من الأسماء التي كانت ولا تزال تحارب الكورد تحت غطاءهم، وتم تدريبهم وتسخيرهم، وكانت نشطة على المواقع ومن على صفحات التواصل الاجتماعي، كانت أسماء وهمية، اكتشفناهم لاحقا بعضهم، جلهم لم يكونوا من أبناء الأقليات بل كانت أقلام مدربة تنشر بأسمائهم، وتم تعريتهم والقوى التي كانت توجههم، نشرناها بعدة مقالات على نفس المواقع التي كانوا نشطاء فيها ومن بينها موقع (إيلاف) ومن حينه رفضت النشر في الموقع المذكور، وبالمقابل توقفت الشريحة الفاسدة، باستثناء بعض الأسماء المعروفة، الغارقة في العنصرية، ومنهم من ذكرناهم سابقاً.

الرابط الوحيد الذي كان يجمعهم على تلك المواقع، هو التهجم على الكتاب الذين يؤيدون القضية الكوردية بدون تحديد، مع تنسيق بين ردودهم والمواضيع التي كانوا ينشرونها والتي لم تكن لها علاقة بالمقال أو الموضوع المنشور، وكان التركيز يزداد على المواد التي كانت تنشره الأقلام الكوردية أو المؤيدة للقضية الكوردية من قبل كتاب غير الكورد.

 فكانت ردودهم وتعليقاتهم تتوزع ما بين تبيان الكورد ككفار وإرهابيين، وتحميلهم مسؤولية الجونسايد ضد الأرمن والمسيحيين، لتبرئة الترك وحكومتي تركيا الفتاة والكمالية، والظاهرة الأخيرة، وهي معاداة الأقليات الدينية كانت الأكثر انتشارا. وعلى هذه المنهجية ظهر الكاتب (سليمان يوسف) بفكرته الساذجة، وهي محاولة الفصل بين الإيزيدية كدين والكورد كقومية، لينتقل إلى مفهوم الربط بين الأشورية والإيزيدية، وعلى أنهما تعرضا إلى القتل من قبل الكورد، عابثا بالتاريخ؛ ومعتما على جرائم الإمبراطوريتين العثمانية والصفوية، والسلطات الإسلامية التكفيرية اللاحقة لهما، فخرج بمقال من أجهل ما يمكن أن تصل إليه الدراسات التاريخية، مشوها بها تاريخ شعبه قبل تاريخ أي شعب أخر في المنطقة، ففي الوقت الذي يتوجب عليه البحث عن مخارج لإنقاذ ما تبقى من الأقلية الأشورية في سوريا والعراق من المنظمات والأنظمة العروبية الإسلامية التكفيرية، يتبعهم بالتهجم على حكومة إقليم كوردستان، والإدارة الذاتية في غرب كوردستان.

 لا شك مواقفه، ككاتب آشوري وأبن الأقليات المعانية من الأنظمة الشمولية والمنظمات الإسلامية التكفيرية، تخرج شاذة لدى معظم القراء، خاصة عندما يتم مقارنته بما يتناوله الكتاب العروبيين، مخلفات البعث، ومن بينهم على سبيل المثال (أحمد كامل) الفلسطيني، عضو المجلس الوطني السوري، والمتهم سابقا، كما يقال ونشر على صفحات التواصل الاجتماعي، يوم كان مراسلا لقناة الجزيرة في بروكسل، بفضائح أخلاقية لدبلوماسيين سعوديين وإماراتيين، ويقال أنها كانت السبب في طرده من قناة الجزيرة، وقد كان سابقا من أحد أكثر الفلسطينيين المدافعين عن نظام الأسد والبعث، عينه أحمد رمضان في اللجنة الإعلامية للمجلس براتب خمسة ألاف دولار شهريا، ويقال أنه من أحد المصادر التي كان يحصل عليه النظام معلوماته عن المجلس الوطني السوري.

 فهذا الإمعة الإعلامية، خرج لنا قبل أيام بحوار على قناة تلفزيونية، منتقلا من منطق العداء المباشر للشعب الكوردي على منهجية البعث سابقا، الذي كان معروفا به، إلى تبني منهجية أردوغان ودولة قطر، وهي أن الكورد أقلية ضمن سوريا، وعداؤنا ليس لهم؛ بل للحراك الكوردي الذي يحاول تقسيم سوريا، وخلق كيان مشابه لإسرائيل، من شرق سوريا إلى البحر المتوسط، مفتخرا بأن تركيا أفشلت المخطط، وعليه أصبح يحمد أردوغان عليه، متناسيا أن تركيا وعلى خلفية هذا الادعاء تحتل ربع سوريا، وتتحكم بمصير المنظمات المعارضة التكفيرية السنية، ويدفعهم لإطالة الحرب الأهلية بين السنة والمذاهب الأخرى في سوريا من جهة وبين العرب والكورد من جهة أخرى، وهي لا تقل إجراما بحق الشعب السوري عما فعلته سلطة بشار الأسد.

كما وبدأ يتحدث الإعلامي، الجاهل بتاريخ المنطقة على الأقل، عن النسب الديمغرافية، الجدلية التي طبل وطرب لها قبله بعض قادة المعارضة السورية العربية، وكتاب البعث السابقين (لن نعود إلى تكرار ما كتبنا وكتب في هذه الإشكالية، كتاب كورد وغير الكورد، وتم دحض تحريفهم لتاريخ المنطقة بشكل علمي مسنود بمصادر ووثائق تاريخية ذات مصداقية، منها قديمة من بدايات الإسلام إلى نهاية الخلافة الأموية، والمرحلة الثانية من الهجرة العربية إلى المنطقة الكوردية، والتي تبدأ ثانية مع ثورة حائل ما بين 1898-1910 وحيث الهجرات الأخيرة للقبائل العربية التي هربت من آل سعود وقبيلة العنزة، والتي لم تجتاز الفرات وتستوطن الجزيرة إلا بعد عام 1930م- يمكن العودة إلى سلسلة بحثنا تحت عنوان “مصداقية الباحث العربي”) والعجيب أن الإعلامي الفلسطيني، نسي القضية الفلسطينية والتي ربما لم تعد له بذات الأهمية بمقدار عداءه للكورد وتمرير رغبات عرابه وولي أمره الجديد، ويحارب الحراك الكوردي كلما سنحت له الفرضة، متجاوزاً العديد من الكتاب الذين كتبوا بغبن وعن حقد عن تاريخ الكورد في الجزيرة، بحصره الديمغرافية الكوردية في منطقتي عفرين وكوباني، مغيبا ليس فقط منطقة الجزيرة بل يدرجها كمنطقة عربية، متناسيا أن غرب كوردستان جغرافية كانت متكاملة حتى قبل ظهور الأنظمة العروبية، والبدء بعمليات التغيير الديمغرافي والتهجير والاستيطان العربي فيها.

 لا شك القناة من خلال محاوره كان المستنقع الآسن الذي من خلالها بث آرائه الساذجة وعداءه، مع ذلك ولعلو الثقافة الكوردية، يظل الشعب الكوردي عفيف النفس، وبإمكانه تناسي كل هذا العداء، فيما لو راجع هؤلاء ذاتهم، وتكاتفوا مع الحراك الكوردي لإنقاذ سوريا من الحرب الأهلية، والاعتراف بأن تاريخ المنطقة تم تشويهها بمخططات عنصرية، وأن الأقليات القومية والدينية سوف تستمر بالزوال فيما لو غابت القوة الكوردية، وسيطرت المعارضة أو ظل النظام الحالي قائما.

 عليهم أن يدركوا أن سوريا لن تعود إلى ما كانت عليه، بدون أن يكون للكورد حقوقهم الكاملة ضمن الدستور، والاعتراف بفيدرالية المنطقة الكوردستانية والتي تحتضن كل المكونات السورية القومية والدينية ستنتهي إلى التشتت والضياع كوطن. 

وعليهم أن يعترفوا، على أن الكورد من أحد أعرق الشعوب في المنطقة، جذورهم غارقة في أعماق التاريخ والأرض التي يعيشون عليها، إن كانوا من بناة حضارات تحت أسماء مختلفة، أو أبناء حضارات خلفت ثقافات وأديان كانت تشع على البشرية طوال قرون عديدة، وجل ما كتب عنهم ضمن أقبية المربعات الأمنية تاريخ محرف بمهنية عالية، فاليوم هم أحد أكثر الشعوب ديمغرافية في المنطقة، ومتواجدون على أرضهم التاريخية، ويحق لهم حق تقرير مصيرهم.

د. محمود عباس

الولايات المتحدة الأمريكية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى