ماذا يحدث الآن في أمريكا ؟
ماذا يحدث في بلاد العم سام
ضرغام الدباغ
علناً وعلى رؤوس الاشهاد، وأمام عدسات التصوير حدث أن :
سيدة بروفسورة دكتورة رئيس قسم في جامعة كبيرة لها شهرة عالمية، تهان ويعتدى عليها بالضرب، ويتناولها إثنان
من رجال الشرطة، ويوقعونها أرضاً، وهي فوق مركزها الاكاديمي سيدة مسنة، ويعتليها الرجلان ليقيدان يديها ..
بأسلوب امريكي همجي بات يقلد في دول أخرى على أساس انه ما يحدث في عاصمة الديمشراطية يصلح للعالم كله.
بروفسور امريكي أستاذ علوم سياسية، يقفز فوق الاسيجة لينظم للطلبة، أنه لشرف عظيم أن تعلن إدانتك لما يدور من
قتل وإبادة علنية للبشر. بروفسورة أخرى، لاقت نفس المصير من الضرب والاعتقال والاهانة والضرب,
أساتذة بدرجة بروفسور ودكتور يشكلون حاجزاً بشرياً أمام البوليس لحماية طلابهم …
” أوقف مئة من المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين صباح السبت (27 نيسان/أبريل 2024) في حرم جامعة في
بوسطن وقامت الشرطة بفض اعتصامهم، وفق ما افادت جامعة “نورث إيسترن يونيفرسيتي”. (وكالة الانباء الألمانية
/ DW)
” وقف فرانك جوريدي، أستاذ التاريخ في جامعة كولومبيا الذي يقوم بتدريس هذه المادة منذ عام 2017، مع اثنين
من طلابه بجوار المخيم المنصوب في حرم الجامعة الواقعة بمدينة نيويورك يوم الخميس لمناقشة أوجه التشابه بين
الاحتجاجات على حرب فيثنام والاحتجاجات الحالية المؤيدة للفلسطينيين في ندوة بعنوان (1968: مواصلة القتال). كان
المحتجون يستمعون وهم يجلسون على فرش على الأرض العشبية أمام خيامهم بينما يتناولون وجبات مجانية خفيفة.
“(وكالة الانباء الألمانية / DW)
” كما نُظمت عروض لموسيقى الجاز ومحاضرات ودورات في الإسعافات الأولية وعروض لأناشيد ثورية مؤيدة
للفلسطينيين وورش عمل في الكتابة. وفي بعض الأحيان تدور مناقشات ساخنة لكنها تخلو من العنف بين يهود
مناهضين للصهيونية وطلبة مؤيدين لإسرائيل يزورون المخيم. “. مناهضين للصهيونية وطلبة مؤيدين لإسرائيل
يزورون المخيم “.(وكالة الانباء الألمانية / DW)_
إلى ماذا ستفضي هذه الانتفاضات الطلابية وقد امتدت إلى كندا وفرنسا، وأصبحت مؤشراً للتحضر والرقي وشجباً
للهمجية أيضاً …؟
العنف الذي أبدته قوات الامن والاستعداد للتعامل العنيف (المبالغ به) مزودين بأسلحة خفيفة ومتوسطة تفوق ما
تستحقه اعتصامات سلمية لطلبة شبان وبعض أساتذتهم، يتضمن رسالة أن السلطة المركزية مستعدة للذهاب إلى ما هو
أبعد من التظاهرات، ولنقل استعداداً لتطور الموقف …! وأنهم سيستخدمون العنف المفرط إذا ما تواصلت الاحتجاجات.
وسيقمعونها مهما كلف الموقف. نعم يمكن أن تخبو هذه الشعلة، ولكنها لن تنطفئ.
استمعت إلى مناظرة (كانت الثالثة)بين خمسة رؤساء مرشحين لمنصب الرئاسة عن الحزب الجمهوري، وحين سألهم
مدير الحلقة الحوارية قائلاً : سؤال واحد فقط : ماذا لديك من نصيحة تود إسدائها لنتياهو ..؟
فأجاب الأول : نتياهو أهجم عليهم وأبيدهم. وال الثاني : إنها فرصتك لتبيدهم، فقال الثالث أقتلهم جميعاً حتى الأطفال
منهم. ولم يذهب المرشحان الرابع والخامس غير هذا المهج الدموي العنيف.
كتبت قبل أربع سنوات تقريباً، أبان الحملة الانتخابية التي فاز بها الرئيس بايدن، كتبت محللاً موقف القوى الاجتماعية
والسياسية في الولايات المتحدة، بعد دراسة عميقة للموقف بأسره، ودراسة معمقة لموقف الحزب الديمقراطي
والجمهوري، وإذ بي أجد للمرة الأولى فوارق ملموسة مرئية بالعين المجردة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي.
والجمهوريون يضمون في أحشاءهم أصنافا متطرفة، تميل لاستخدام العنف، وجماعات تطلق شعارات عنصرية، طائفية
/ دينية، ولا يستبعد توجهات فاشية / نازية بينهم. وكتبت قبل سنوات تعقيباً على اقتحام الكابيتول (مبنى الكونغرس
الامريكي)، وهي حادثة غريبة الأمر الذي أستدعى تدخل الجيش لضبط الامن، (وهي المرة الثانية أو الثالثة في التاريخ
الأمريكي/ تدخل القوات المسلحة في شؤون الامن الداخلي) أننا يحتمل سنشاهد أحداثا مماثلة في المراحل المقبلة.
نعم، هناك الكثير مما يؤكد أن الصراعات الداخلية وهي كثيرة جداً، وهناك، وهذا مذهل، مئات من التنظيمات المتطرفة
والتي تستخدم السلاح، وتنتظم في تشكيلات مسلحة أو شبه مسلحة، وبعضها يستخدم علنا رموزاً فاشية وعنصرية،
والعنف المسلح. وأن هذه الصراعات ماضية نحو مزيد من العنف، ومزيد من استقطاب لقوى اليمين الأمريكي، ومع
اشتداد الضغوط الخارجية، فإن هذه المظاهر مرشحة منطقياً للتفاقم لا للانحسار ..! إذا كانت الكاثوليكية لا ينظر لها
بارتياح، فماذا الارثدوكسة …! وماذا عن المسلمين …! قائمة الفاشية طويلة وعريضة .
المعسكر الديمقراطي بالمقابل، يخوض معاركه الخارجية والداخلية بنصف قناعة، وبقليل من الحماس، ويخوض
صراعات في الخارج، فيها هدر للطاقات واستنزاف للقدرات. حتى يبلغ الامر أن يتهم بعض المراقبين أن هناك تفاهما
من وراء الكواليس بين الديمقراطيين والجمهوريين، وتوزيع أدوار …. وحين تشتط نظرية المؤامرة، ندرك أن جزءاً
مهماً من التفاصيل غائبة أو مغيبة أو يراد لها أن تبقى غامضة …!