أحوال عربيةأخبار

جبهة التعليم خسارات ثقيلة

جبهة التعليم خسارات ثقيلة

جبهة التعليم خسارات ثقيلة

راسم عبيدات

ليس عبثاً عندما ترصد دولة الكيان في خطتها الحكومية الخماسية (2024 -2028 ) مبلغ 800 مليون شيكل،خمس الميزانية البالغة ثلاث مليار ومائتي مليون شيكل من أجل “أسرلة” العملية التعليمية في القدس ،ليس فقط بإستهداف المنهاج وتزوير الكتب والتاريخ وفرض الرواية الصهيونية على مسار التعليم،بل على مسار التاريخ بكامله …والإستهداف شمولي،كتب ومنهاج وانشطة وفعاليات لا منهجية وخلق طالب فلسطيني جديد مفرغ من محتواه الوطني ولا ينتمي لقضيته وغير مؤمن بحقوقه ،ولا ينظر لدولة الكيان على أنها دولة إحتلال …هكذا فعلوا بقوات الأمن الوطني الفلسطيني،عندما احضروا الجنرال الأمريكي دايتون،لكي يدربهم ويقول لهم بأن “اسرائيل” ليست عدوتهم،بل تلك القوى ” الإرهابية” التي تعمل على تخريب اتفاق أوسلو ،والمقصود حركات ال م ق ا و م ة الفلسطينية بكل مكوناتها ومركباتها ….والان يستحضرون جنرال أمريكا جديد من خلال القمم الأمنية شباط وآذار /2023 ،قمتي العقبة وشرم الشيخ الأمنية، الجنرال الأمريكي مايك فنزل،لكي يقوم بنفس الدور الذي قام به دايتون، تدريب وتعزيز قدرات اجهزة الأمن الفلسطينية، لكي تحكم سيطرتها على مدينتي جنين ومخيمها ونابلس ومخيماتها …وتعمل على تصفية بؤر ا ل م قا و مة فيها، تحت شعار مخادع سلطة واحدة وسلاح واحد وأمن واحد،وكأن

هذه السلطة لها سيادة وسيطرة حتى ترفع هذا الشعار ، وما يحصل من ” تطويع” و” كي” للعقل الفلسطيني والعربي والإسلامي في قضية تهويد المسجد الأقصى،والذي بات الكيان يقترب كثيراً من تحقيق اختراق نوعي على جبهته،بفرض وقائع جديدة تمكن من شراكة يهودية في المكان،بحيث تخرجه من حصريته الإسلاميته الخالصة الى مكان مقدس مشترك على طريق تهويده بالكامل …واليوم تتجلى الصورة بشكل أوضح على جبهة الوعي والتربية والتعليم والثقافة ….حيث تسعى بلدية الكيان ودائرة معارفها واجهزتها الشرطية والأمنية لتحقيق اختراق كبير في هذه الجبهة ” يأسرل” الوعي والثقافة والرواية والتعليم ويزور التاريخ و”يقزم” الجغرافيا، ولعلنا تابعنا ما حصل في العديد من المدارس من شواهد رفع لعلم دولة الكيان ورقصات على أغاني عبرية ووجود شرطة جماهيرية في أنشطة وفعاليات مدرسية وغيرها …واليوم تعلن بلدية الكيان بشكل واضح بأنها لن تسمح بإفتتاح أي مدرسة تبنيها في القسم الشرقي من مدينة القدس إلا وفق المنهاج الإسرائيلي،وهي حققت اختراقات ليست بالبسيطة في هذا الجانب على صعيد بناء مدارس تدرس المنهاج الإسرائيلي بالكامل ،وفتح شعب صفية لهذا المنهاج في مدارس أخرى على طريق ” التطويع” الكامل لها ….والتصدي والرفض لهذا المخطط والمشروع الخطير يجري بالقطاعي وعلى الهمة وبشكل محلي دون وجود موقف عام وناظم،او ضمن مشروع بديل يحمل رؤيا واستراتيجية متكاملتين،بل ان قيادة السلطة والمنظمة والرئاسة والجميع متهم،يقولوا للمقدسيين،كما قال موسى لقومه ” يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ” …ونصل “سكين” الإختراق اقترب من “حز” الرقبة والإجهاز على الضحية،ولن يمنع تحقيق ذلك لا بيانات الشجب والإستنكار ولا وقفات خجولة ولا مقاومة محلية،حيث من بداية هذا العام الدراسي يقف سكان جبل المكبر وحيدين في الميدان في مقارعة فرض المنهاج الإسرائيلي على مدارسهم دون داعم او سند ….والردود الخجولة والباهتة انتجت بأن تصل الأمور الى حد قيام رجال شرطة الكيان، الذين يشكلون أداة دولة الكيان في قمع شعبنا والتنكيل به وهدم بيوته وممارسة كل اشكال الإهانة والمذلة بحقه على بوابات الأقصى والقيام بعمليات الإعتقال الوحشية والهمجية بحق شبانه وأطفاله للذهاب الى إحدى المدارس الخاصة بذوي الإحتياجات الخاصة، لتلبية رغبة طفلة من ذوي تلك الإحتياجات، بأن تصبح شرطية …وأذكر هؤلاء الشرطة بأن من قتل الفتى ذوي الإحتياجات الخاصة اياد الحلاق في منطقة باب الإسباط في ايار /2020 ،هم هؤلاء رجال الشرطة ،الذين يحاولوا ان يظهروا بالمظهر الإنساني …إن غياب حالة الوعي والتثقيف وغياب البديل وعدم توفير الإمكانيات، من الجهات والمرجعيات التي تقول بأنه مسؤولة عن أهل القدس ،هي من أوصلتنا الى هذه الحالة …ما يجري على جبهة التعليم والوعي والثقافة من “كي” و” صهر” و”تطويع” و” تجريف” للوعي جداً خطير ،ويرتقي الى حد الجريمة والذبح من الوريد الى الوريد…والهروب من المسؤولية وتبرير ما يحدث بأن المنهاج الدراسي الفلسطيني غير ملائم وبأن المنهاج الإسرائيلي يفتح الآفاق أمام الطلبة للتوظيف والدراسة في الجامعات الإسرائيلية،هو تماهي مع سياسة وثقافة الإحتلال .

ان ما جرى في مدرسة ذوي الإحتياجات الخاصة في منطقة بيت حنينا، لن يسهم في تلميع صورة شرطة الكيان،وإظهارهم بمظهر الود والإنسانية والمسالمين ،فشعبنا خبر وحشية وقمع هؤلاء من خلال قيامهم بسحل وضرب ابناء شعبنا، الذين يتصدون لهم لمنع هدم منازلهم،ولعل المثال الحي الذي حدث في الإقتحامات الأخيرة للأقصى،حيث تعرض المرابط المسن ابو بكر الشيمي الى الضرب والسحل من قبل شرطة الكيان،نتيجة تصديه للمقتحمين من الجماعات المتطرفة،وكذلك فعل أحد جنود شرطة الكيان في المسجد الأقصى بضرب مسنة فلسطينية والإعتداء عليها بطريقة وحشية،هذا هو الوجه الحقيقي لشرطة الكيان التي تمارس كل أساليب القمع والتنكيل وبوحشية بحق أبناء شعبنا الفلسطيني .

نعم نحن نقف أمام متغيرات كبرى ومشاريع ومخططات “أسرلة” وتهويد في مدينة القدس في كل مناحي الحياة ،الفاشية الصهيونية تعتقد بان هذه الحكومة المتطرفة والتي هي جزء أساسي منها توفر لها الفرصة الذهبية، لكي تهود و” تأسرل” المدينة وتجهز عليها،وتغير واقعيها الجغرافي والديمغرافي لصالح المستوطن، بل وأبعد من ذلك تغيير مشهدها الكلي من مدينة عربية إسلامية – مسيحية أصيلة الى مدينة يهودية تلمودية توراتية مصطنعة،ولذلك امام كل ذلك وتلك المخاطر المحدقة بالمدينة وبمقدساتها وفي المقدمة منها الأقصى،والإختراق لجبهة الوعي والثقافة و”جدران” السلم الأهلي والمجتمعي، فلا بد من تحمل الجميع لمسؤولياته وخاصة الجهات والمرجعيات الرسمية ،ومغادرة لغة البكاء والتشكي والندب وبيانات الشجب والإستنكار، فخطوة عملية خير من دستة برامج،ولنعمل أكثر مما نقول وأن “نتفشخر” ونستعرض .

فلسطين – القدس المحتلة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى