أخبارتعاليقرأي

وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت

رشيد مصباح (فوزي)

**

يبدو أن الأخلاق هي كل شيء في هذه الحياة، وهي الحل الأنجع والأنسب لكل مشاكلنا السيّاسيّة والاجتماعية والاقتصادية… وحتى الثقافية منها؛ كظاهرة إنسانية تميّز بين الشعوب والأفراد.

والأخلاق كقيمة إنسانية، لا تحتاج إلى شرح واسع، ولا إلى بحث متواصل. لكن الأذواق تختلف باختلاف الأنماط والمعتقدات. وهو ما يجعل الفوارق والاختلافات؛ كالتي بين الأفراد والشعوب، تظهر إلى الوجود.

ونحن في هذه الأيّام، وفي ظلّ العولمة وهذا الغزو الفكريّ والماديّ الرّهيب، لم يعد للأخلاق من أهميّة في حياتنا. ولا للأمور المعنوية الأخرى وحتى الدّين هو في طريقه لمواكبة العصر؛ قالوا عنه إنّه لم يعد يساير عجلة التطوّر وفيه أشياء سقطت بالتقادم. لذلك وجب تعديله بما يوافق النّظريات السيّاسيّة والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ويجب على هذه الأمّة الاسلامية أن تذوب وتنصهر في ثقافات الشعوب الأخرى؛ البوذية والهندوسية والانجلوسكسونية… إذا أرادت أن تزدهر و تعيش بسلام.

وفي هذا إذلال لأمّة المليار، لكن ولأسباب تاريخيّة معروفة أفقدت الأمّة توازنها، والمليار الذي ظلّ يرهب أعداءه لقرون عديدة تحوّل إلى غثاء “كغثاء السّيل”، و تحقّق فيها حديث رسولها العظيم:

  • لتتَّبعنَّ سَننَ من كانَ قبلَكم حذو القُذَّةِ بالقُذَّةِ حتَّى لو دخلوا جحرَ ضبٍّ لدخلتُموه. قالوا: اليَهودُ والنَّصارى؟ قالَ: فمَن. وليس ذلك بسبب تخلّيها عن دينها أو تقصير في العبادات، فالمساجد لا تزال قائمة والحمد لله والشعائر في قيام مستمر، ولكن بسبب الغزو الشنيع الذي أثّر في حياتها، فهي في حاجة إلى طبيب جرّاح لديه من الوسائل والإمكانيات ما يؤهّله لتشخيص جميع الأمراض التي ألمّت بها وأقعدتها، والوهن واحد منها، إن لم يكن السبب الرّئيس لجميع هذه الأمراض.

يريدون لهذه الأمّة أن تتخلّى عن دينها ولغتها وأن لا تتأسّى برسولها الكريم صاحب الأخلاق العظيمة. وأن تدين بدينهم وتذوب في ثقافتهم الماديّة الملحدة، وتتحدّث بلغتهم العجماء، لأن ثقافتهم ولغتهم أرقى وأنقى منهم ومن ثقافتهم الأصيلة، ومن لغتهم؛ لغة القرآن الجميلة؟!

والمسألة؛ مسألة أخلاق إذن، وليس في التباهي باللّحى واللباس القصير، ولا بكثرة الصلاة و الصيّام ومزاحمة النّاس في المساجد… بل في تخلّينا عن الأخلاق الجميلة؛ وهذا لم يعد يخفى على أحد، فبعض أصحاب اللّحى الطويلة والزيّ الأصيل، لا يختلفون كثيرا في مظهرهم عن الأرثوذكس والمحافظين من اليهود والنّصارى وغيرهم، لكن شتّان بين ديننا ودين المغضوب عليهم والضّالّين، وبين لغتنا الجميلة ولغتهم الأعجمية.

وصدق أمير الشعراء أحمد شوقي حين قال:

وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى