أخباردراسات و تحقيقاتولايات ومراسلون

متحف المجاهد لولاية غرداية بمدينة متليلي … تراث ثورة و تاريخ

متحف المجاهد لولاية غرداية بمدينة متليلي الشعانبة، معلم لمآثر أبناء الجزائر، وسجل مفتوح على تاريخ الجزائر والولاية.

يعتبر المتحف الولائي للمجاهد بولاية غرداية بمتليلي الشعانبة كتابا مفتوحا على تاريخ الجزائر عامة بداية من المقاومات الشعبية والبطولات والثورات. مرورا بمراحلها وإنتفاضات المقاومين بداية بالأمير عبد القادر –الشيخ بوعمامة –الشيخ المقراني -سيدي موسى الدرقاوي– لالة فاطمة نسومر وغيرهم. إلى نهاية الثورة التحريرية الجزائرية المظفرة.الفاتح نوفمبر 1954.

                                  التعريف بالمتحف الوطني للمجاهد:

إنشئ المتحف الولائي للمجاهد بولاية غرداية, في بداية الأمر كملحقة للمتحف الجهوري بولاية بسكرة التاريخية بالجبوب الشرقي والذي تمت ترقيه إلى محتف ولائي للمجاهد بولاية غرداية, والكائن مقره بوسط مدينة متليلي الشعانبة بمقر البلدية السابق والذي تم تحوله إلى المقر الجديد بمدخل المدنية قرب مقبرة الشهداء المنشأة فجر الإستقلال على يد رئيس بلدية متليلي الشعانبة فضيلة الشيخ الحاج محمد بوقلمونة المدعو زعليق رحمه الله.

تاريـخ تدشين متحلف المجاهد :

دشن متحف المجاهد بمتليلي الشعانبة سنة 2002, وتنصيب إدارة مشرفة على تسيريه برئاسة السيد طرباقو الحاج عبدالقادر, إبن الشهيد طرياقو علي وأحد الإطارات الإدارية والشبانية بمتليلي الشعانبة والذي أداره لسنوات عديدة وأستخلفه بعد تقاعده الأستاذ معطاله مناع بن الحاج الشيخ, أستاذ تخصص تاريخ و أحد أبناء الأسرة الثورية والجهادية بالمنطقة لآل معطاللة.

أجنحة المتحف الولائي للمجاهد:

يضم هذا المعلم التاريخي عدة أجنحة كبرى تحكي تاريخ الثورة التحريرية تعرض بالصور والنماذج تاريخ المقاومة الشعبية والنضال السياسي ثم إندلاع الثورة المسلحة. الهدف الأساسي منه هو الحفاظ على تاريخ الثورة الجزائرية والذاكرة الجامعية للجزائريين. لقد أختير لمتحف المجاهد بولاية غرداية بمتليلي الشعانبة. أن يكون شاهد حي معرض صور وجهاز سمعي بصري, يحكي وقائع نضال وكفاح الجزائريين ضد الأستعمار الفرنسي. منذ إحتلاله أرض الجزائر سنة 1830 إلى غاية الإستقلال وإسترجاع السيادة الوطنية يوم 05 جويلية 1962، وصرح مفتوح على مصرعيه الشاهد عن أبشع جرائم الإستعمار ضد الإنسانية خلال القرن الماضي. التي إرتكبتها قوات الإستعمار الفرنسي في حق الشعب الجزائري الأعزل. وتدمير القرى والمدن والمداشر وحرق الأملاك والبساتين , ناهيك عن عمليات السطو و الطرد والتهجير والتشريد إلخ…….

كما يقدم للزوار لمحة شاملة ومفصلة توضيحية على المحطات التاريخية الكبرى للكفاح المسلح سنين الحرب.

                                         أهداف متحف المجاهد:

يسعى متحف المجاهد لولاية غرداية إلى الأهداف المسطرة التالية:

إستعادة المعلومات المتعلقة بالوثائق والأشياء المرتبطة بثورة التحرير الوطني.

ترميم الوثائق وحفظها، وعرضها ونشرها وتوزيعها. جمع الوثائق والشهادات والأشياء والأعمال والأثار المرتبطة بفترة ثورة التحرير الوطني. حفظ التراث التاريخي والثقافي المكلف به في ظل إحترام المقاييس المقررة في هذا الميدان وترميمه, وإضافة القيمة أليه.عرض الأشياء المجمعة على الجمهور وإقامة معارض.  ينجز برامج التنشيط العلمي والتقني ويشارك فيها بواسطة المعارض والملتقيات والندوات واللقاءات والمناقشات. نشر المعلومات عن طريق المطبوعات والمجلات والكتيبات وسائل الإسناد السمعية البصرية..

أن الصور المعروضة هي جزء من المادة الأرشيفية التي تحصل عليها المتحف الولائي للمجاهد من خلال عمليات الجمع والبحث والمساهمات بما فيها مساهمات المجاهدين نفسهم أو ذويهم وسلفهم التي ساعدت على إثراء الرصيد المتحفي بهدف الحفاظ على الذاكرة الوطنية المشتركة.

الندوات التاريخية المنظمة دوريا بمتحف المجاهد.

ينظم متحف المجاهد بولاية غرداية بمتليلي ندوات تاريخية عديد الندوات المتنوعة، منها السابقة على سبيل المثال لا الحصر, الندوة العلمية القامة يوم 25 أوت 2006 بمناسبة اليوم الوطني للمجاهد 20 أوت ,الموسوم موضوعها حول دور الوثيقة في حفظ الذاكرة الجماعية. ندوة حضرها جمع من المهتمين وأساتذة التاريخ والطلبة, نشطها أساتذة متخصصون في التاريخ ة بحضور بعض الأباء المجاهدين الذين عايشوا أحداث الثورة التحريرية بالمنطقة والذين تعاملوا مع الوثائق إبان الثورة من خلال نقل الأخبار والتعليمات القيادية وجرد التبرعات وتسليم الوصول مقابل ما يدفع من مال أو سلاح أو مؤونة.

بحيث يتم التركيز والإهتمام على أهمية الوثيقة في كتابة تاريخ الثورة ومآثرها وعلى دورها الهام في حفظ الذاكرة الجماعية، وهو الأمر الذي يستوجب جمع ما يمكن جمعه من الوثائق, خاصة التي لاتزال بحوزة بعض المجاهدين وأبنائهم عائلات الشهداء وتسليمها لإدارة متحف المجاهد. أو إستنساخها على الأقل لوضعها بين أيدي الباحثين والمؤرخين وإستغلالها في كتابة التاريخ انطلاقا من معطيات صحيحة ودقيقة.

بحيث سبق جمع عدد كبير من الوثائق التاريخية المتعلقة بمنطقة ولاية غرداية ومتليلي الشعانبة على غرار باقي المناطق الأخرى من الوطن في أرشيف المتحف الوطني بالجزائر العاصمة. التي تم تحويلها إليه في الفترة ما بين سنوات 68 و1970 للمحافظة عليها من الضياع والتلف وغيره.

إذ تعد هذه الندوات التاريخية إنطلاقة فعلية وبداية العمل إلى التشجيع والتحفيز لجمع الوثائق والمستندات والآدوات والشهادات الحية وذلك بكيفية الوصول إلى مصدر الوثيقة وإسترجاعها وكيفية التعامل مع المحيط لإثراء الذاكرة الجماعية، ونشر ثقافة جمع الوثائق والمحتفظة عليها.

ولأجل تسهيل العملية يجب تفعيل دور الإعلام في تعزيز نشاط المتحف وتبليغ رسالته، وإبراز دور المتحف في نشر الثقافة التاريخية برمتها في أوساط المجتمع عامة.

                                       إستمرارية جمع الوثائق و المستندات:

مزال متحف المتحف الولائي للمجاهد بولاية غرداية يستقبل من حين لآخر أدوات متحفية تاريخية حربي وتراثية ووثائق وصورا تحاكي تاريخ الجزائر و ثورة التحرير الجزائرية بالمنطقةبحيث يقوم اللجنة العلمية والفنية (مصلحة الجمع والحفط والترميم) بترتيب ودراسة وحفظ هذه المقتنيات وإعداد بطاقية فنية تاريخية خاصة بها ومن تم وضعها للعرض بالفضاء المخصص لذاك.

دراسة وحفظ المقتنيات :

ويمر عرض الأدوات المتحفية التي يمنحها لمتحف المجاهد إما مواطنون، أو مجاهدون أو أبناء شهداء وغيرهم، عبر عدة مراحل انطلاقا من تقديم وصل إستلام الغرض للمعني وتسجيل المعلومات الخاصة بهذه المادة مع إجراء بحث حولها وتسجيلها في بطاقة فنية، حسب شروحات المدير.

البطاقة الفنية للمقتنيات والجمع:

تتضمن البطاقة الفنية الخاصة بهذه المادة التي تتم تهيئتها للعرض، شقين، أحدهما تقني يتعلق بمواصفات المادة المتحفية من حيث الحالة المادية للشيء والوزن والمقاييس ومادة الصنع وغيرها، والثاني تاريخي يتعلق بمجموعة من النقاط على غرار مناسبة وسنة إستعمال هذا الغرض ومستعمله. وتخضع المواد المتحفية لعناية خاصة من أجل حمايتها من عوامل الإتلاف كالغبار والحشرات، فضلا عن تزويد هيكل المتحف بحماية المواد من السرقة و الإتلاف.

المجلس العلمي للمتحف :

يضم المتحف مجلس علمي تقني من أهدافه, كتابة تاريخ الثورة بطريقة علمية وأكاديمية, تنشيط الندوات والمحاضرات, القيام بالبحث في تاريخ المنطقة وإنجاز البحوث التاريخية والعلمية.

                                 زوار المتحف على مدار السنة:

يستقبل المتحف ألاف الزوار المتوافدين عليه من محليين شعب وتلاميذ المؤسسات التربوية وطلبة الثانويات والجامعة والمعاهد وعديد الجمعيات. والزوار القادمين من مختلف ولايات الوطن عامة ومن خارج الوطن خاصة سواء أبناء الجالية أو الأجانب إضافة إلى الوفود الدولية والدبلوماسية التي تزور المنطقة.ناهيك عن جمهور الندوات والملتقيات والإحتفالات الوطنية والمحلية.

وتترجم المادة الأرشيفية المعروضة في هذا الجزء من المتحف, إصرار الجزائريين على المشاركة في الذاكرة الجماعية, فكلما توغل الزائر في المتحف, تظهر له بالأجنحة المختلفة تنوع الأسلحة المستعملة من طرف مجاهدينا إبان الحرب التحريرية الوطنية, المعروضة للجمهور عامة و للطلبة و الباحثين خاصة. بداية من الأسلحة الخفيفة إلى شبه الثقيلة, إضافة لبقايا المخلفات من القنابل والمتفجرات وغيرها. ناهيك عن أجهزة الإتصال اللاسلكي, والتي تعكس خبرة وتقيات التحكم التقني والعسكري الذي أكتسبه المجاهدين الثوار على مدار سنوات الحرب التحريرية والكفاح المسلح وإبراز وقدرتهم على الظفر بالأسلحة والذخيرة والمؤونة الحربية, رغم الحصار المفروض الذي مارسته القوات الإستعمارية على جيش التحرير بمختلف أساليبها وأداوتها الإجرامية. التي لا تعد ولا تحصى.

                                   زيارة تاريخية بصور تذكارية:

وحفاظا على الذاكرة الوطنية والتاريخ الجهادي, تنتهي جولة الزوار إلى المتحف الولائي للمجاهد لولاية غرداية بمتليلي الشعانبة. بأخذ صور تذكارية للتعريف به وإشراك الغائبين عنه لزيارته والإطلاع على مافيه من روائع كنوز تاريخ الجزائر, أضافة إلى الصور الخاصة عند مدخل المتحف وتصاميمه الهندسية التي تعد تحفة معمارية.

                               المتحف صرح تاريخي شامل وجامه:

يبقى المتحف الولائي للمجاهد بولاية غرداية, بمتليلي الشعانبة صرح تاريخي شامل و جامع, يروي بطولات ومعارك وتاريخ المنطق بجنوب الجزائر. والذي يعتبر جسر تواصل بين شياب اليوم رجال الغد و رموز ثورة التحرير الوطنية.

وأنت مسافر إلى متليلي الشعانبة قلعة الثوار الأشاوس، أرض البطولات والثورات الشعبية. مهد الشعانبة الأحرار وفي طريقك إلى وسط المدينة. تمر حتما بمدخل المدينة وبالتحديد من قرب مقبرة الشهداء لأبطال ثورة التحرير الوطنية, يقابلك صرح تاريخي شامخ بسفح الجبال المحيطة بالمدنية يروي بطولات وأمجاد تاريخ الجزائر ويربط جيل اليوم بأبطال الأمس، إنه المتحف الولائي للمجاهد بولاية غرداية بمتليلي الشعانبة الشاهد الحي على تضحيات المجاهدين الأشاوس والشهداء الأبرار رحمهم الله ونافذة عامة على الجزائر وعبرها على الثورة التحريرية الوطنية.

                                       رسالة المتحف:

واثناء مرور الزوار بأجنحة المتحف المزينة بصور الشهداء والمجاهدين والزعماء, بكل فخر وإعتزاز، وحينها يدرك الزائر الوطني الغيور ثقل المسؤولية الملقاة على أكتاف الأسرة الثورية برمتها وعلى الأمانة التي خلفها الشهداء الأبرار وتركها الأباء المجاهدين كإرث تاريخي وموروث ثقافي متنوع. يحكي حجم التضحيات الجسام التي قدموها في سبيل تحرير الجزائر هذا الوطن الغالي، كما تبين أقسامه فضائح جرائم الإستعمار البغيض الجبان وتعري حقيقته االهمجية ألا إنسانية وممارسته الإستدمارية الشرسة في حق الشعب الجزائري البطل الأعزل الذي صبر وضح وفاز في أخر المطاف بعد إيمانه بالله وبثقته في نفسه وجيش ثورته المظفرة. أين إسترجع أرضه المسلوبة وأمجاد سلفه، وصنع قراره بنفسه ودون تاريخه النضالي الثوري الجهادي الحربي بدماء شهدائه الأبرار التي أرتوته بها أرض الجزائر عامة في كل شبر منها, وبأحرف من ذهب تروي للعالم أجمه تفاصيل أعظم الثورات الشعبية وتضحيات أبنائه الشجعان من الرجال الأشاوس الذين لا يتأخرون ولا يتراجعون ساعة الذود عن شرف وعرض بلدهم.

متحف المجاهد ذاكرة المواطن.

مكان جيل اليوم يتلقى فيه لقراءة رسالة الشهداء الأبرار. لقد نجح المتحف الولائي للمجاهد في أن يكون القبلة الأولى للزوار على مدار السنة عامة وخلال العطل المدرسية شتوية, الربيعية والصيفة خاصة. بفضل برنامجه الثري الذي سطرته لجانه سواء التقنية أو العلمية بالمناسبة لفائدة لمختلف فئات المجتمع.

وذلك لترسيخ مبادئ ثورة نوفمبر وقيم الحرب التحريرية في نفوس الجيل الصاعد ورجال الغد، وتعريفه بتاريخ وطنه المشرف وجعله يعايش تلك الحقبة المفخرة من تاريخ الجزائر المجيد عند توجله بالمتحف والإطلاع على محتوياته بمختلف أرجائه، الذي نجح في تبليغ رسالة الشهداء.

                         متحف المجاهد, شاهد حي على بطولات الجزائر:

يبقى صرح المتحف الولائي للمجاهد بولاية غرداية بمتليلي الشعانبة شاهدا حي على نضال رجال الوطن في وجه المستعمر، ويقدم لزواره صورة واقعية عما عاشه أجدادنا من ويلات الحرب ومقاومتهم الباسلة لآلة الدمار لعقود من الزمن طمس الهوية الوطنية وتجريد الجزائريين من أرضهم، وثقافتهم ودينهم ولغتهم, غير أنها إصطدمت بعزيمة وطنية قوية ونادرة للشعب الجزائري أنفرد بها.

الأستاذ الحاج نورالدين أحمد بامون – ستراسبورغ فرنسا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى