قلعة شقيف

التاريخ : / 2024

قلعة شقيف

حين تمضي ماراً صوب بلدة أرنون في الجنوب اللبناني، ستمر بالقرب من قلعة شقيف، سترى أطلالها، وهي
التي قاومت كل الغزاة على مر العصور، ارغمت الغزاة على التراجع أخيرا، ولكن حجارتها الشريفة صامدة
ليومنا هذا، فليتظر كل الغزاة المتغطرسين، المتمترسين وراء دروعهم وأسلحتهم، وليسألوا أنفسهم، ماذا حل
بمن سبقهم من الغزاة …. وليعتبروا … فهذه الأرض تقاوم، كل ما فيها يقاوم، البشر، الحجر والشجر، جيل
بعد جيل … كابر بعد كابر … نعم لقد دمر البناء، ولكن الحجر نفسه ما يزال .. نحن بنينا القلعة ونحن ندافع
عنها إلى اليوم،… العبرة تقول لكم ….. أرحلوا قبل أن تصبح الفاتورة باهضة للغاية .. هذه الأرض تتنفس،
تتكلم، تقاوم …. البشر راحلون، الصخور باقية، أصداء الهتاف لو تصيخ السمع ستسمعها .. إذا كنت تعشق
الأرض مثلي … ستسمعها، حشرجات الجرحى، لحظات الاستشهاد العظيمة .. حين يعانق المناضل ثرى بلاده
موفياً بالعهد والقسم ..
حين ترتقي لقلعة شقيف، قلنا ترتقي أنت إليها، وأنت معبأ القلب والفكر، حين تسير بين أرجاءها، وتستمع لصراخ
وهتاف الرجل المدافعون، ستدرك كيف وصلك هذا الوطن …! أنظر إلى الراية التي تخفق فوق أطلالها، سترى ألوجه
وتسمع الاصوات …. وتيه فخراً بنفسك وبوطنك وأمتك ..!

بيت القلعة في عهد الرومان، ثم طورها الصليبيون، وقاتلوا دفاعاً عنها في معركة خالدة حين حرروها من الصليبيين
عام 1194م . ودافعوا عنها أمام هجمات صليبية متكررة لأستعادتها، لطبيعتها الاستراتيجية الهامة في الاشراف على
منطقة تمتد إلى الجليل الأعلى.
رممها اللبنانيون (فخر الدين)، وهي قلعة مرتفعة (717 متراً فوق سطح البحر)مشرفة على نهر الليطاني، وعلى سهل
مرجعيون والنبطية، ولأنها مشيدة من صخور المنطقة نفسها، فقد تبدو للوهلة الأولى وكأنها مخبأة بين الجبال ..!
حاول العدة احتلال القلعة في 6 / حزيران / 1982، دارت حولها معارك اسطورية، تكبد فيها العدو خسائر فادحة،
ودافعت عنها قوات فلسطينية (فصيل فدائيين بقيادة المقاتل الفلسطيني يعقوب سمور / راسم ونائبه اليمني عبد القادر
الكحلاني) تتألف من مقاتلين لبنانيين وفلسطينيين وسوريين ومصريين ويمنيين، حتى استشهد معظم المدافعين عنها،
(نجا منهم فلسطيني ولبناني ومصري وعدد من الأتراك والاكراد.)، مستذكرين ومستعيدين صورة الصمود والنصر
لجيوش صلاح الدين الأيوبي (1192عام) التي قاتلت في قلعة شقيف،
أستشهد خلال 50 ساعة قتال الأولى، نحنو 25 ماتل / فدائي، وفي الأخير بقي نقاتلان إثنان، واصلا القتال بكل شجاعة
موقعين الخسائر بالعدو، وتمكنا من قتل 7 جنود للعدو، وإصابة 17 بجراح.
أحتلها العدو، المتفوق عدداً وعدة، إذ تألف القوة المهاجمة من :
 كتيبة من القوات الخاصة، كانت قد تدربت على تكتيكات احتلالها.
 مجموعة هندسة (65 جنياً)،
 ناقلات جند مدرعة.
 مجموع قوة العدو : 1200 جندي
 مشاركة 13 طائرة حربية وسرب طائرات هليكوبتر، (السمتيات). والقصف المدفعي البعيد المدى.
 كتب أحد أفراد العدو المشاركين في القتال، أن الوحدات المقاومة خسرت نحو 30 شهيداً، ولكن العدو فقد
خمسة أضعاف هذا العدد في معركة كان المتوقع لها أن لا تستغرق أكثر من 72 ساعة، بينهم عدد من
كبار الضباط : العقيد أفنير شماعيا، والمقدم جوني هدنيك، والمقدم يتسرائي مزراحي، والرائد يفتاح بن
جاسو. (عقيد و2 برتبة مقدم، و1 برتبة رائد، وآخرين)
 المعلومات التي قدمتها الاستخبارات العسكرية الجنرال يهو شواع سيفي، خاطئة تماماً، إذ تحدثت عن
مجاميع من المقاومة مشتتة، وضعيفة التدريب، وأسلحتلهم الثقيلة محدودة، وخلافات داخلية تعم
صفوفهم.

وألحق العدو بها أضرار كثيرة، هدمت الأبراج والجدران الخارجية، وقد حال تدخل اليونسكو دون تفجير القلعة كلياً بعد
انسحاب العدو منها، ومع ذلك أنتقم العدو من الحجارة والقلعة ومعنى الصمود العظيم فيها.
وبحسب رواية ضابط من العدو
” لم يبق من قواتي المؤلفة من 90 جندي ، سوى 7 جنود فقط، كما دمرت أليات عديدة، دبابات وناقلات جند، وكان
عدد الفلسطينيين ومن معهم لا يتجاوز 33 فرداً لم نأسر أي فرد منهم، قاتلوا حتى الموت ولم يستسلموا “.

” لا أدري أين كانت تسقط قنابل طائرتنا وصواريخها، وقذائف مدفعيتنا، وبعد كل موجة قصف، كان المقاومون يردون
علينا بعنف، وكنا لا نراهم “.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى