أخبارأخبار العالمالمغرب الكبيرفي الواجهة

فرنسا تدعم الاستعمار المغربي للصحراء الغربية: مُستعمر في نجدة مُستعمر آخر

زكرياء حبيبي

“إن القوى الاستعمارية، القديمة منها والحديثة، تعرف كيف تتماهى مع بعضها البعض وكيف تتفاهم مع بعضها البعض وكيف تمديد العون لبعضها البعض”، هذا ما أوضحته وزارة الخارجية الجزائرية، اليوم الخميس 25 يوليوز، في ردها على قرار فرنسا الاعتراف بالمخطط “المغربي” لاحتلال أراضي الصحراء الغربية.

هذا “الاعتراف” ليس وليد اليوم، إذا عُدنا إلى بداية الصراع، وإلى رغبة خادم فرنسا، أي شبه الملك السابق الحسن الثاني، في “فرض” استعمار جديد على شعب الصحراء الغربية، في انتهاك للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن الدولي، التي تطالب بإجراء استفتاء لتقرير المصير للشعب الصحراوي.

وكان الحسن الثاني قد أعلن بنيروبي في قمة منظمة الوحدة الأفريقية، أن المغرب يقبل بمبدأ الاستفتاء في الصحراء الغربية. وأعاد قبوله بعد طرده من منظمة الوحدة الأفريقية، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1983. كما أكد قبول خطة الأمم المتحدة، مُمثله داخل المنظمة الأممية بعد سنوات قليلة، مما مهد الطريق أمام توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في عام 1991. وهو الاتفاق الذي بقي حبرا على ورق على مدى ثلاثة عقود، وانتُهك، على التوالي، من خلال الإعلان عن خطة “الحكم الذاتي” الغالية على قائد الرعايا المغاربة في عام 2007، وفي عام 2020 مع هجوم جيش الاحتلال على نقطة العبور ومنطقة الكركرات العازلة.

علاوة على ذلك، تجدر الإشارة إلى أن فرنسا كانت منذ عام 1975 الداعم الأول لنظام المخزن في سياسته الاستعمارية لأراضي الصحراء الغربية، وذلك منذ عهد جيسكار ديستان، مرورا بفرانسوا ميتران، وجاك شيراك، ونيكولا ساركوزي، وفرانسوا هولاند ومن ثم إيمانويل ماكرون.

هذا الأخير، رغم “مقاومته”، ها هو يُعلن هزيمته من قبل أولئك الذين يحنون إلى الجزائر الفرنسية وبيادق الدولة الفرنسية العميقة، من أمثال كزافييه دريانكور، ورشيدة داتي، ونيكولا ساركوزي، وإريك سيوتي، ومارين لوبان، وكذلك جان لوك ميلينشون. فكل هؤلاء الأشخاص من الاستعمار الجديد كانوا ينظرون بعين الريبة للتقارب بين الجزائر وباريس ولم يدخروا جهدا لتقريب الحامي الفرنسي من مقاطعته السابقة التي أسسها وأدارها الجنرال ليوتي سابقًا.

وبالعودة إلى الدعم العسكري الذي تقدمه فرنسا لبيدقها في منطقة المغرب الكبير، في مخطط احتلالها، لا بد من الرجوع إلى تصريحات سفير فرنسا السابق بالمغرب، والذي أكد قبل أسابيع أن بلاده شاركت في الماضي مع جيش الاحتلال لنظام المخزن في قصف استهدف مقاتلين صحراويين وكذلك مدنيين.

واليوم، من الواضح أن فرنسا، التي طُردت من منطقة الساحل، تعتزم العودة إلى هذه المنطقة من خلال بيدقها الأبدي، أي نظام المخزن، وكذلك الاستيطان في أراضي الصحراء الغربية المحتلة، بهدف الاستفادة من نهب الثروات الطبيعية لهذا البلد الذي ينتظر شعبه استقلاله منذ نصف قرن.

وتعتزم فرنسا، من خلال إطلاق بعض المشاريع في قطاعات الصيد والفوسفات وغيرها من المنتجات، إعادة الانتشار وعدم التخلي عن المجال لمنافسين آخرين ينهبون، مثل الصهاينة وغيرهم من الشركات المتعددة الجنسيات.

أما بالنسبة للعلاقات الجزائرية الفرنسية، فمن المهم اليوم أن نأخذ بعين الاعتبار انقلاب الحكومة الفرنسية، والتوقف عن العيش على أوهام معينة، فالدولة الفرنسية العميقة لم تحمل الجزائر أبدا في قلبها وتكن لها كل الأحقاد.

فلنطوي صفحة الأوهام ونختار البراغماتية والشراكات الجادة والموثوقة التي تراعي مبادئ الجزائر ومصالحها. والحديث قياس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى