سيناريو مستقبل سوريا

أحمد الحاج
الحقيقة أن تلخيص المشهد السوري المعقد الشائك ببضع تحليلات متعجلة اتسم كثير منها بقصر الفكر والنظرعلى سواء عبر المنصات ومواقع التواصل والنشرات الاخبارية، ومن خلال تقارير مقتضبة بينة الأحادية ، واضحة الإنحياز، صارخة اللاموضوعية ، بعضها زاد من المشهد السوري تعقيدا وقتامة وغموضا،وبما أراه غير موفق ولا مسدد بالمرة،إذ لابد من تحليل أوسع وأطول وأشمل، ذاك أن المطلوب ليس البحث عن الترند ، بقدر الحاجة الى تحليلات أكثر موضوعية وحيادية وبما يستدعي المقدمات ليضع في ختامها النتائج ، يتطرق الى المدخلات ليبين لنا المخرجات، يسلط الأضواء الكاشفة على مجمل العقبات ليضع السبابة والأبهام على مواطن الخلل ومجمل الاشكالات والمشكلات وعديد المعيقات ليصيغ لها حلولا واقعية وعملية ومناسبة وإن كانت مؤقتة ولكن عاجلة غير آجلة،علما بأن ما جرى في غضون الأيام القليلة الماضية في منطقة الساحل السوري من اشتباكات عنيفة ، ومواجهات دامية بمختلف أنواع الاسلحة رافقها انتهاكات لا حصر لها لحقوق الانسان سيتكرر خلال الشهور المقبلة وبصورة ربما تكون أشد وقعا،وأكثر دموية، وأبعد أثرا لتتوسع دائرتها وتمتد هزاتها الارتدادية إلى سوريا برمتها فضلا على بعض دول الجوار وبما لا تحمد عقباه .
وألفت الى أن انقلاب مناطق الساحل ، أو بالأحرى ثورة أزلام النظام النصيري المقبور وهذا هو التوصيف الأدق من وجهة نظري،فلا عائلة الاسد تحمل لقبها الذي عرفت به واقعا ، واسمها الحقيقي هو عائلة الوحش الذي اضطرت الى استبداله بآخر أكثر مقبولية وشعبوية من الوحش وما يرتبط بهذه الكنية من مثالب ورزايا ، ولا النظام الساقط كان – علويا – كما يشاع لأن هذا التوصيف كان الفرنسيون قد أطلقوه على هذه الأقلية الطائفية لتسويقهم عاطفيا وتاريخيا بين الشعب السوري وغالبيته من العرب السنة ممن لا مشكلة لهم مع آل البيت ولا أحفادهم من العلويين البتة ، بخلاف مشاكلهم العميقة والغائرة مع – الطائفة الباطنية النصيرية الاسماعيلية النزارية – التي تؤمن بتناسخ الأرواح ولا تعترف بأركان الاسلام الخمسة، والتي حكمت البلاد والعباد بقبضة من حديد على مدار خمسة عقود بعد سيطرتها على قيادة حزب البعث الحاكم وتغلغلها بكل مفاصله لتذيق الشعب السوري ألوان العذاب والويل والثبور حيث الاعتقالات التعسفية والمداهمات الليلة والنهارية ، حيث السجون والمعتقلات السرية والعلنية ، علاوة على أحواض التيزاب والملح والمكابس داخل الفروع الأمنية ، كذلك المقابر والاعدامات الجماعية ، وعمليات الإخفاء القسري بناء على الشبهة وتقارير المخبر السري والدعاوى الكيدية،حيث تكميم الافواه وسحق المعارضين السياسيين وحكم أحادي مركزي شمولي لايؤمن على الاطلاق بالتعددية الحزبية و الفكرية والسياسية ، وبما أسفر عن مقتل عشرات الالوف وفقدان أضعافهم ممن لا يزال مصير المئات منهم مجهولا حتى كتابة السطور وبما دفع العديد من المراقبين الى توقع حجم وطبيعة الاعمال الثأرية والانتقامية على خستها ودناءتها وبشاعتها والتي رافقت وأعقبت ثورة الساحل، وثمنها لم ترتكب أثناء وبعيد سقوط النظام أواخر العام 2024،بل على العكس من ذلك فقد تم اصدار عفو شامل مشفوع بمنح الأمان للجميع شريطة تسليم السلاح وتسوية الوضع القانوني أمام اللجان التي شكلت لهذا الغرض، تحت شعار” عفا الله عما سلف” وبما أثار امتعاض ضحايا النظام السابق ومغدوريه ونازحيه ومشرديه ومظلوميه وخروجهم في تظاهرات حاشدة مطالبين بالقصاص ، وقد كتبت في ذلك مقالا بشأن ذلك بعنوان “ما هكذا يا فيصل بول مارا تورد الإبل !” ردا على دعوات الإعلامي السوري الدرزي المعروف فيصل القاسم ،حين طالب بنصب المشانق وقطع الرقاب على طريقة جزار الثورة الفرنسية ” جان بول مارا” يوم كان يوقع على قوائم الاعدامات وهو يستحم في البانيو ، لأن ،والقول ما يزال للقاسم “أزلام النظام السوري الساقط سيثيرون العديد من الأزمات المعيشية والإقتصادية ويحرضون على الثورات المضادة والانقلابات كما فعلوا في مصر وتونس من قبل على حد وصف فصيل القاسم ،في بوست له كان قد نشره على صفحته على الفيسبوك بعيد نجاح الثورة مع أن الفارق كبير جدا بينها ،داعيا الى تصفية جميع الخصوم وبلا رحمة ،وفي حال لم يفعلوا ذلك على وجه السرعة فإن أزلام النظام السابق سيفترسونهم وسيعودون ليسقطونهم ويعلقونهم على أعواد المشانق ويعيدونهم إلى حظيرة الطغيان ، مستشهدا بقصة مجير أم عامر الشهيرة في التراث العربي !