أحوال عربيةامن و استراتيجيافي الواجهة

اليمن كقوة إقليمية جديدة: الرؤية والاستراتيجية

قراءة متكاملة لاستراتيجية اليمن الإقليمية وتأثيرها على الصراع مع إسرائيل وعلى التوازنات الدولية

خالد خليل

‎اليمن، رغم التحديات الداخلية الهائلة والحصار المستمر، يثبت أنه لاعب إقليمي له وزن استراتيجي ومفاعيل عميقة تتجاوز حدود الجغرافيا. في سياق التصعيد الدولي والإقليمي، وخاصة في ظل تصنيف حركة أنصار الله كجماعة إرهابية، يبدو أن اليمن يتبنى استراتيجية مزدوجة: مواجهة التهديدات الدولية بكل صلابة، وفي الوقت ذاته، مواصلة دعم القضية الفلسطينية بشكل فعلي، حتى لو كلفه ذلك مواجهة عدائية غربية شاملة.

  1. التصميم اليمني على دعم فلسطين
  • الإسناد الفعلي للمقاومة الفلسطينية:
لم يعد الدعم اليمني للقضية الفلسطينية مجرد خطاب دعائي، بل أصبح جزءًا جوهريًا من استراتيجية اليمن الإقليمية. التصعيد ضد إسرائيل، سواء عبر تهديد الملاحة الدولية أو ضرب العمق الإسرائيلي، يؤكد التزامًا فعليًا بدعم الفلسطينيين، ليس فقط في غزة، بل قد يمتد إلى الضفة الغربية التي تشهد تصعيدًا عسكريًا غير مسبوق.
  • الضربات المؤثرة على إسرائيل:
أظهرت القدرات العسكرية اليمنية تطورًا ملحوظًا، حيث باتت تمتلك تقنيات صاروخية وطائرات مسيرة متقدمة يمكنها ضرب العمق الإسرائيلي وإجبار سكانه على اللجوء إلى الملاجئ. هذه الضربات لا تُعتبر رمزية فحسب، بل تؤثر على الاقتصاد الإسرائيلي وعلى شعور الاستقرار داخل إسرائيل، ما يضعها أمام معادلة جديدة لم تشهدها سابقًا.
  1. السيطرة على الملاحة الدولية: أداة استراتيجية بامتياز
  • باب المندب كورقة ضغط:
اليمن يدرك جيدًا أهمية موقعه الاستراتيجي المطل على باب المندب والبحر الأحمر. هذا الممر المائي الحيوي يمثل شريانًا للتجارة العالمية، بما في ذلك السفن المرتبطة بإسرائيل. التهديد المستمر للملاحة أو استهداف السفن التجارية يشكل ضربة قاصمة للاقتصاد الإسرائيلي ولحلفائها الإقليميين.
  • السيطرة على الأمن البحري:
تطور القدرات البحرية اليمنية يُمكّنها من فرض معادلة ردع واضحة في البحر الأحمر وباب المندب. اليمن هنا يرسل رسالة للعالم: أي تهديد لاستقراره الداخلي أو سيادته الإقليمية سيُقابل بتصعيد مباشر في أهم الممرات المائية العالمية.
  1. التطور العسكري غير المسبوق
  • تطوير الآليات العسكرية
  • أثبت اليمن أنه يتربع على قمة الخليج من الابتكار العسكري والتقدم التكنولوجي في مجال الصواريخ والطائرات المسيّرة والمسيرات البحرية . هذا التطور السريع يجعل اليمن قادرًا على تغيير معادلات القوة في المنطقة. لم تعد دول الخليج الأخرى قادرة على منافسة اليمن في هذا المجال، حيث يثبت أنه يمتلك إرادة وتصميمًا غير مسبوقين.
  • الردع الإقليمي والدولي:
القدرات العسكرية المتطورة ليست موجهة فقط لإسرائيل، بل تحمل رسائل لدول المنطقة وللغرب: أي تصعيد ضد اليمن سيقابله تصعيد أكبر وأشد تأثيرًا على المستوى الإقليمي والدولي.
  1. اليمن كقوة وازنة إقليميًا ودوليًا
  • التأثير الإقليمي:
اليمن اليوم هو لاعب غير تقليدي في السياسة الإقليمية. تصميمه على مواجهة إسرائيل ودعمه للقضية الفلسطينية يجعله في قلب التوازنات الإقليمية. هذا الدور يعيد رسم المشهد الجيوسياسي في المنطقة، حيث يبدو أن اليمن يمتلك رؤية طويلة الأمد لتحقيق أهدافه الاستراتيجية.
  • التأثير الدولي:
الضربات الموجهة ضد إسرائيل، سواء عبر تهديد الملاحة أو استهداف العمق الإسرائيلي، تؤكد أن اليمن ليس مجرد قوة إقليمية، بل يمكن أن يكون له تأثير مباشر على سياسات القوى العالمية، خاصة تلك المرتبطة بأمن الشرق الأوسط.
  1. مواجهة العدائية الغربية: التصميم والموقف
  • استراتيجية التحدي:
اليمن يدرك أن خياراته الاستراتيجية، خاصة فيما يتعلق بدعم فلسطين والتصعيد ضد إسرائيل، ستستدعي عدائية غربية شديدة. ومع ذلك، يبدو أنه مستعد لتحمل هذا الثمن، مستندًا إلى قاعدة شعبية ترى في هذا النهج موقفًا مبدئيًا.
  • إعادة ترتيب التحالفات:
المواجهة مع الغرب قد تدفع اليمن إلى تعميق شراكاته مع أطراف أخرى في الإقليم أو العالم، ما يمنحه المزيد من الأدوات السياسية والاقتصادية لتعزيز صموده.
  1. انعكاسات الاستراتيجية اليمنية على الإقليم والعالم
  • على المستوى الإقليمي:
  • تحول ميزان القوة في الخليج العربي لصالح اليمن، خاصة في ظل ضعف دول الخليج الأخرى أمام التحديات الإقليمية.
  • تعميق الانقسام بين المحاور الإقليمية، حيث يبدو اليمن في مواجهة مباشرة مع التحالف العربي الإسرائيلي المدعوم أمريكيًا.
  • على المستوى الدولي:
  • تهديد الملاحة الدولية يضع القوى الكبرى أمام تحديات أمنية واقتصادية، ما قد يدفعها للتفاوض بدل التصعيد.
  • الضربات الموجهة ضد إسرائيل تضعها في موقف حرج أمام شعبها، ما يضعف مكانتها الإقليمية والدولية.
    ختامًا: اليمن في موقع الريادة
    ‎اليمن اليوم ليس مجرد ساحة صراع داخلي، بل قوة إقليمية صاعدة تمتلك رؤية واضحة واستراتيجية طويلة الأمد. تصميمه على مواصلة الإسناد الفعلي لفلسطين، واستهدافه لمصالح إسرائيل بشكل مباشر، وتحكمه بالملاحة الدولية عبر باب المندب، يعكس قدرة استثنائية على التأثير في الإقليم والعالم. نحن أمام قوة وازنة، تفرض نفسها كلاعب رئيسي في المنطقة، تتربع على عرش الخليج العربي بفضل إرادتها الصلبة وتطورها العسكري المتسارع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى