رفح …هل تنهي مستقبل نتنياهو السياسي؟
الدكتور خيام الزعبي- جامعة الفرات
لا يمر يوم إلا ونتأكد حقيقة الموقف الإسرائيلي الزائف من السلام، وخاصة لدى اليمين الذي يقوده نتنياهو والمتمثل في ضياعة الوقت، لإحباط الفلسطينيين وتجزئتهم، والتهام أراضيهم بالقوة والمصادرة و بالخداع والتضليل، ومن هنا تمادت إسرائيل في سياساتها الإستفزازية التي تهدد أمن واستقرار المنطقة .
في وقت قريب راهن نتنياهو على إسقاط حماس واحتلال غزة وإدارتها واكتشف أن الرهان خاسر، فلا غزة استسلمت ولا الكيان الصهيوني انتصر، وأمام هذا الفشل الإسرائيلي عادت إسرائيل إلى أساليب المؤامرات واستهداف المدنيين عن طريق عمليات إرهابية مخطط لها، وهو ما يؤكد بأن استراتيجية إسرائيل تنطلق في أساسها على ركيزة دعم الإرهاب والاستثمار فيه.
واليوم باتت مدينة رفح الفلسطينية، جنوب قطاع غزة، العنوان الجديد في الحرب الإسرائيليّة، إذ تضغط إسرائيل عسكرياً لاقتحام المدينة والتي تضم حالياً مليوناً و400 ألف فلسطيني من السكان والنازحين، بالتالي إن اجتياحها سينتج منه “نزوح إجباري” والى ارتكاب مجازر دموية بحق المدنيين الفلسطينيين، بمعنى أن المقاومة في رفح سيشكل بوابة جديدة لعبور المستقبل الخالي من الكيان الصهيوني، وهو استكمال النضال من أجل استعادة كل شبر من الأراضي الفلسطينية.
وعلى الطرف الآخر، ترى المقاومة الفلسطينية أنها لم تخسر في الميدان القتالي، وأن الكيان الصهيوني تعرض لهزيمة قوية ويصعب عليه مواصلة الحرب لفترة طويلة، وهي تدرك أن نتنياهو وجيشه، مترددان في قرار اقتحام رفح، إذ إن اجتياحها واحتلالها مع الفشل في تحرير الأسرى الصهاينة يعني نهاية نتنياهو سياسياً، وفقدان الثقة مجملاً في الجيش ووقوعه تحت ضغط شعبي شامل لإنهاء الحرب.
نتنياهو يعلم أنه لو تمت التسوية السياسية فهو فاشل في حرب أعلنها بهدف واضح وهو القضاء على حركة حماس واستعادة الأسرى، وفي ظلّ حماقاته وإجرامه ضحى بحياة الكثير من الأسرى والرهائن في سبيل تنفيذ الوهم الذي يتمسك به وهو القضاء على المقاومة الفلسطينية، لذلك ليس قادراً على التراجع أو الانسحاب رغم دخوله في مرحلة نهائية من التصعيد أشبه بالمقامرة.
ومن هنا سيكون العنوان الأبرز للمرحلة الحالية هو عدم الاستقرار في إسرائيل ، حيث تزداد ورطة نتنياهو وسط انتقادات كبيرة يواجهها خاصة بعد صمود المقاومة في غزة، الذي خلّف صدمة في اسرائيل، هذا ما يعد أخطر تحد يواجهه نتنياهو حتى الآن خلال فترة حكمه، كما سيسرع التحقيقات في الإخفاقات التي أدت إلى الحرب والاستقالات المتوقعة لكبار مسؤولي الدفاع.
اليوم إن المعادلة الأمنية في المنطقة ستعاد صياغتها بعد ما حدث في 7 تشرين ، و لم تعد عبارة زوال الكيان المؤقت مجرد حلم أو شعار، بل صارت هدفاً واقعياً يمكن تحقيقه، خاصة بعد الإعداد والاستعداد من قبل رجال المقاومة لمواجهة إسرائيل الإرهابية.
كما بات من الواضح أن نتنياهو الفاشل والمجرم بحق الإنسانية سقط سياسياً بسقوط جبهته الداخلية، فمستوطنوه لن يرحموه، ولن ينسوا أنه أدخل أكثر من ستة ملايين إسرائيلي في الملاجئ لأول مرة في التاريخ، وعلى هذا فإن الدعاية الانتخابية التي أرادها نتنياهو لنفسه وأراد بها طمأنة شعبه، تحولت إلى أخطبوط أسقط أسهمه في الحضيض.
وعلى الرغم من أن إسرائيل وحلفاؤها يضعون الاستراتيجيات والمخططات، للوصول الى أهدافهم، ولكن ما أكثر هذه المخططات التي اصطدمت بإرادة الشعب المقاوم في غزة، وأثبت رجال المقاومة أن غزة تعبر المستحيل ومهما اشتدت المصائب عليها لا تتأثر بل تخرج منها أقوى وأكثر إصراراً وعزيمة في مواجهة الإرهاب الإسرائيلي.
مجملاً…. إن نتنياهو يلعب بالنار، ولكنها نار مختلفة هذه المرة وتزداد قوة وقد تحرق أصابع أخرى، وأمريكا كعادتها دائماً تهرب من المنطقة إذا وجدت إن الخسارة كبيرة، هكذا فعلت في الصومال والعراق، وهكذا ستفعل في غزة ورفح، والمأمول آن تدرك القيادة الأمريكية حجم مغامرتها اليائسة هناك، وتبادر الى مراجعة حساباتها، وتجنب التورط بقدر الإمكان بالمستنقع الفلسطيني.
وأختم بالقول، لقد جاء صمود المقاومة ليقلب خطط نتنياهو رأساً على عقب، لتجعل مستقبله السياسي على المحك، فالإخفاقات التي منيّ بها جيش الاحتلال تعرض مصير نتنياهو السياسي للخطر في الانتخابات المقبلة ، لذلك من المتوقع أن تشهد الساحة السياسية في البلاد تصفية حسابات، ومن هنا يبدو أن إسرائيل على أبواب سيناريوهات مرعبة لما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع في المنطقة، ومن هذا المنطلق يجب على تل أبيب أن تتأهب لمرحلة جديدة وحاسمة.