تقنيةرأي

عن أي شرعية تتحدثون؟

إبراهيم محمد عالي لحبيب
مدون صحراوي وباحث في علم الاجتماع

السلطة السياسية تنبع من فوهة البندقية، لا ما أصبحنا نسمعه عن صناديق الاقتراع.

في إطار كل هذا الطحين والجعجعة التي يريدنا البعض أن نلهث وراءها حول أكذوبة (الشرعية الدولية) وما يدور في فلكها، كان لزامًا أن نوضح الكثير من الأمور.

أي شرعية دولية يقصدون؟ والله أنا شخصيًّا لا أعرف.

في تاريخ 2 من نوفمبر (تشرين الثاني) لسنة 1917، صدرت تلك الرسالة المشؤومة التي أرسلها آرثر جيمس بلفور إلى اللورد ليونيل، وولتر دي روتشيلد، يشير فيها إلى تأييد الحكومة البريطانية إنشاء وطن قومي لليهود على أرض فلسطين التي حينها كنا نراها من النهر إلى البحر.

هذا الوعد الذي على أنقاضه زرعت الإمبريالية البريطانية هذا الكيان لحماية مصالحه الاقتصادية داخل الشرق الأوسط بالأساس، في مقابل وأد كل الحركات التحررية وكل أشكال القوميات هناك؛ الضامن القوي لاستمرار هذا الكيان في المنطقة.

هذا التاريخ وما أعقبه أفرز لنا ما يسمى بـ«الشرعية الدولية» فلأول مرة داخل هذه الأرض المغتصبة، فأي شرعية بالتحديد يقصدون؟

هل الشرعية التي قسمت فلسطين لدولتين سنة 1947 عبر قرار أممي ، ووضعت لهذا الكيان مشروع (دولة) داخل فلسطين، والتي بموجبها تم محو اسم فلسطين من الخريطة؟

هل يقصدون بالشرعية، ما قام به الكيان الصهيوني في سنة 1948 من الإعلان عن قيام (دولته)، والتي صحبها موجة من الترحيل والقتل والإبادات الجماعية لقرى فلسطينية بأكملها، جرائم ما زال التاريخ يأبى نسيانه؟

هل الشرعية الدولية هي ما زحف عليه الكيان في حرب سنة 1967، التي اجتاح فيها ما تبقى من الأراضي الفلسطينية، بالقطاع، الضفة، الجولان؟

هل الشرعية ما وقع في غزة سنة 2009 وما زال يقع في كل مناحي فلسطين المحتلة بدون استثناء، آخرها الشيخ جراح، الذي يتأوه من شدة البأس والتهجير؟

ختامًا قبل أن أنسى، هل يقصدون بالشرعية ما صرح به بايدن الذي أكد على دعمه للاحتلال ووقوفه إلى جانبه، بل حتى إنه ختم بطمأنة الاحتلال أنه سيتكفل بكل التعويضات عما تكبده على أيادي المقاومة؟

نعم هذه الشرعية التي يريدوننا أن نتمسك بها، أكاذيب عصبة اللصوص، التي لا تخدم إلا أجنداتهم ومصالحهم، ففي كل مرة يحتل الكيان قطعةً من أراضي فلسطين، تظهر – يا سبحان الله – شرعية جديدة.

إنها نعم الشرعية التي تنسجم و الاستعمار، شرعية «وعد بلفور، وعد من لا يملك لمن لا يستحق»، شرعية تنتزع الحقوق من أهلها لكي تمنحها للغزاة والمستعمرين والفاشية الجديدة.

الشرعية النابعة من عصبة لصوص ومصاصي دماء الشعوب، ولا تحترم حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وشرعية مقاومته لأجل ذلك بشتى الصنوف، ولعل ركيزتها البندقية، هي باختصار شرعية وهمية نعم هي «حق يراد به باطل».

اليوم وقد قالت المقاومة كلمتها، ومرغت أنوف كل الأنظمة المطبعة أولًا، قبل حتى الاحتلال نفسه، بمقاومة ونفس عالية وخطابات أصبح المستوطنون يعترفون بمصداقيتها أكثر من إعلامهم، بعد كل هذا يحق لنا حتمًا، أن نقول إن المنطقة لن تعرف أي سلام، وأي إستقرار مادامت فلسطين محتلة، ومادام الكيان يتجرأ كل يوم ويزحف بمستوطنة جديدة، وهي رسالة واضحة من رجال المقاومة لكل الأنظمة المطبعة والتي راهنت على موت القضية الفلسطينية، ها هي تنبعث مثل العناء، لتقول لكم «أنا كالقيامة ذات يوم آتٍ»

عاشت فلسطين من النهر إلى البحر، ولا عاش مَن خانها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى