تعاليقرأي

دور العوامل الصغيرة في صناعة  النهضة

لكل جزء في منظومة حياتنا قيمته  ، فلا نستطيع بتر جزء منه،  و إذا المورد البشري يمثل عاملا مهما في بناء التنمية المستدامة ، فإننا لا نستطيع إهمال دور أي عامل مهما كان مقامه في عملية البناء ،  فحين نهمل العوامل الصغيرة ، لا أتوقع أننا لا نصنع تنمية ، ولا  نبني نهضة ، أو نصنع تقدما ، حين نهمل أساسات البناء ، حين نهمل دور البناء والمزارع والحداد ، ونهمل دور عون النظافة والخباز والمعلم والجندي والشرطي ، حين نهمل أصحاب الوظائف الصغيرة والحرف. 

 المؤكد أنه سيشاطرني في هذا  أصحاب الرأي ، حين نهمل أدوارهم ، فإننا  لا نتمكن أن نمضي قدما  ، حين نهمل دور هذه العوامل الصغيرة   في البناء النهضوي.   

تأمل معي فإن الفلاح هو من يصنع النهضة الفلاحية،  والبناء هو عنصر أساس في التنمية العمرانية ، فهو  من  ينجز لنا أبهى التحف العمرانية ، و لا أتخيل صناعة نهضة علمية تعليمية  و نحن نهمل دور المعلم من  يبني الأساسات الحقيقية  للنهضة التربوية والتعليمية ، ولا نستطيع بناء جدار أمني قوي و نحن نهمل دور الجندي والشرطي وهم أعمدة  صناعة الأمن والسلم الوطني و حامي مقدراته  الوطنية . 

كل هذه  العوامل  بلا استثناء لها مكانتها المهمة في صناعة المستقبل الواعد للوطن و الأمة .

إن هذه العوامل الصغيرة في حقيقة الأمر هي مفاتيح النهضة الحقيقية  المستقبلية ، وهي أساس  سر الانطلاق الفعلي ، الذي به  تحرك عجلة التنمية الفعلية ،  فهذه الأجزاء الصغيرة التي لا نعيرها اهتماما في نظرنا القاصر ، في الحقيقة تمثل نظرية العمق الاستراتيجي لأي مشروع نهضة، فهي تمثل مشروع استراتيجي مهم في صناعة التنمية المستدامة ، فمن الخطأ  الكبير ألا نمنح هذه العوامل الصغيرة حظ  الاهتمام والرعاية المادية والمعنوية في مشاريع المؤسسات والشركات ، إن إهمال هذه الثروة البشرية ، تعد خسارة كبرى في ميزان مستقبل الأمة .

كما لا يخفى على الكثيرين  تنشيط و تأهيل هذه العوامل ومنحها فرص الرعاية   في الوظائف الصغيرة ، من خلال  إدماج   الكفاءات  المهنية  نصف الماهرة غير الماهرة ، أو حتى  التي لم تكسب التدريب الكافي  في التنمية المستدامة دور مهم وفعال  ، فوجب    منحه  فرصة كي يثبت ذاته وجوده،  و نحفظها من التلاقي و الغياب ،   ونجنبها السقوط في شبح  البطالة التي أضرت كثيرا بمجتمعاتنا ، يكفي أن نعرف  خطورة ما  تخفيه هذه الآية  من الانحرافات المجتمعية .

إن إدماج هذه  العوامل الصغيرة في سوق العمل  تعطي فرصة للشباب امتلاك الخبرة المهنية ، التي ظلت عائقا لهم في عالم التوظيف ، فمعظم المؤسسات  تطلب في شروط الانتساب لخدمتها  اكتساب الشباب الخبرة  حتى يظهر بمنصب  العمل ، و هو غير متاح للكثيرين للأسف  ، كونهم لم يسبق لهم الخدمة سابقا بسبب شح مناصب التوظيف ، لهذا وجب التفكير في آليات تمكن  هذه الفئات من  رفع سقف حجم  التوظيف ومن خلاله تمكينهم    كسب المهارات والخبرة .

إن استغلال المشاريع الصغيرة في التنمية المستدامة ضرورة  بها تقلص  نسبة البطالة ،  وهذا الدور جدير أن  يسند  لمدارس التكوين والتمهين  لتفعيل هذه المقاربة ، كما تسهم   الشركات الكبرى  المساعدة لتأهيل الشباب ومنحهم فرص الاندماج ، وبذلك  تساهم في تحسين الإنتاجية وتوليد زيادة الدخل هذه الفئات الاجتماعية المهمة .

فمتى يعطي  الاهتمام لكل هذه العوامل كي تساهم بما تملكه  من مواهب مبدعة  في بناء نهضة الدول والمجتمعات ؟!  

الأستاذ حشاني زغيدي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى