أخبارالصحافة الجديدةتعاليقرأي

الوحشية الصهيونية ومقابر الصحفيين الجماعية !

احمد الحاج
صحيح والى حد ما ولكن مع بعض التحفظات ما قاله الروائي والاديب المصري نجيب محفوظ ،ذات يوم ،على سبيل التهكم من أنه “لا حقيقة ثابتة في الصحف، إلّا صفحة الوفيات”،الا أن للكيان الصهيوني رؤية مغايرة تماما عن ما قاله محفوظ ماضيا ومفادها ” لا حقيقة مطلقة في الصحافة الإسرائيلية ولاسيما ما يتعلق منها بالوفيات” فما يقتله الصهاينة من المدنيين والأبرياء العزل في قطاع غزة والضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر 2023 وقد تجاوزت أعدادهم في حصيلة قابلة للزيادة في أية لحظة الى نحو 19 ألف شهيد ، معظمهم من النساء والأطفال، فضلا على آلاف المصابين والعالقين والمفقودين تحت الانقاض ، واذا بالكيان الغاصب يقلل من شأن القتلى ويشكك في الاحصاءات الفلسطينية ،حتى أن المتحدث باسم جيش – الرعاع – الصهيوني وبرغم الاف الصور والمقاطع الفيديوية التي تبث على رؤوس الأشهاد بكرة وعشيا مظهرة أكوام الجثث، وحجم الدمار الهائل ، لن يكون أخرها قطعا مجزرة مستشفى كمال عدوان، التي تم خلالها دفن المرضى الراقدين في المستشفى علاوة على العديد من النازحين في ساحاتها وهم أحياء تحت الانقاض التي هدمتها الجرافات الصهيونية ، وذلك بعد حصار دام 11 يوما تخلله قصف عنيف لمداخل المستشفى ومحيطها ،ليخرج علينا غوبلز القرن الـ 21 قائلا “أشك في أرقام القتلى التي تصدرها وزارة الصحة في غزة !” ليعقبه التلمودي الممطور ، الصهيوني الديمقراطي الحنور “بايدن” مرددا الرواية الصهيونية كالببغاء قائلا ” ليست لدي أية فكرة بأن الفلسطينيين يقولون الحقيقة حول عدد القتلى ،لكنني متأكد من أن الأبرياء قتلوا وهذا هو ثمن الحرب !!”.
ليس هذا فحسب فلطالما أعاد بايدن “است الاسد ” تكرار أكاذيب الدعاية الصهيونية المضللة من دون حياء ولا خجل وفي مقدمتها أكذوبة قطع رؤوس الاطفال الرضع ،واغتصاب الاسيرات الاسرائيليات، وأكذوبة وجود أنفاق تستخدمها المقاومة تحت المستشفيات والمدارس والمساجد ونحوها من الاكاذيب المفضوحة التي روجت لها كبريات المحطات – الكوهينية والماردوخية – وفي صدارتها الديلي ميل ، وفوكس نيوز ،البي بي سي ، السي ان ان ، وول ستريت جورنال وغيرها وكلها ومن دون تحقق نقلا عن وسائل اعلام صهيونية لتبرير المجازر الوحشية التي يرتكبها الصهاينة بحق سكان القطاع تمهيدا لتهجيرهم الى سيناء وابتلاع غزة وضمها الى الكيان فيما يواصل بايدن الحديث عن ” حل الدولتين ” الوهمي لتسوية ما يطلق عليه بالصراع الفلسطيني – الاسرائيلي ، وتحقيق ما يسمى بالسلام في عامة الشرق الاوسط وفات ” است الاسد ” هو وكل من يروج لهذه الأسطورة ” حل الدولتين ” بأن شعار دويلة الاحتلال الابدي ومنذ ظهورها الكالح على سطح الكوكب بفعل وعد بلفور المشؤوم ، هو ” من النيل الى الفرات ” وهذا الشعار الزائف لم ولن يجهض الا بـالشعار المضاد ” فلسطين كاملة من البحر الى النهر” شاء من شاء وأبى من أبى ولو بعد حين !!
بالمقابل فإن الصحافة الصهيونية الصفراء لاتدخر وسعا ولا تألوا جهدا بالتقليل من أعداد القتلى في صفوف جيش – الخداع – الصهيوني وأعدادهم لا تقل عن 10 أضعاف ما يتم تناقله وتداوله وإعلانه خشية إسقاط حكومة النتن جدا ياهو اليمينية المتطرفة ، وقلب الطاولة على رؤوس الحاخامات ممن يحرضون على الحرب، ويسعرون نيرانها ، مباركين قتل الابرياء ، ومؤيدين سفك الدماء الزكية المعصومة صباح مساء ، لافرق في ذلك بين أعزل ومسلح ، بين مدني وعسكري ، بين صغير وكبير ، بين رجل وامرأة ، الا أنهم وفي مفارقة عجيبة يرفضون كليا الزج بهم أو بأبنائهم أو بطلابهم في أية حرب دعوا إليها لأنهم وبحسب مزاعمهم يتفرغون لدراسة التوراة والتلمود والزوهار ، اضافة التناسل والاكل والشرب والنوم كبالهائم بل أضل سبيلا ،وقد ظهر ذلك جليا في حوار متلفز نشر على يوتيوب شكل صدمة للملايين حول العالم دار بين ضابط صهيوني كان ممتعضا أشد الامتعاض من الحاخامات داخل كنيسهم وفي عقر دارهم ، وبين كبير الحاخامات حين طلب منه الضابط المشاركة بمعية طلابه في تشييع قتلى جيش الاحتلال على أقل تقدير ، أو الحضور في جنائزهم ، أو تعزية ذويهم ، أو تفقد جرحاهم في المستشفيات وتقديم الهدايا ولو لمرة واحدة لرفع المعنويات المنهارة الا أن الحاخام رفض بشدة قائلا ” نحن متفرغون لتعلم التوراة ” وأضيف ” ولكن بلا وعي وبلا ضمير ولا وطنية ولا إحساس بالمسؤولية ولا فهم ولا علم ” حيث تحريض متواصل على حروب تنكح أخرى يموت فيها المجندون ، والمفلسون ، والمغيبون ” وولد الخايبة ” قسرا نعم ، أما المشاركة فيها مع اولادهم وبناتهم وتلامذتهم …فلا “!
وهكذا ومع استشهاد الصحفية الفلسطينية حنين علي القشطان،مع كل أفراد أسرتها بقصف صهيوني همجي استهدف منزلها في مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة ،سبقتها زميلتها الصحفية آيات الخضور،التي وثقت لحظاتها الأخيرة في منزلها ببيت لاهيا شمالي غزة قبل استشهادها بدقائق ، ارتفع عدد شهداء الصحافة في غزة إلى (95 ) صحفيا منذ السابع من أكتوبر 2023 ،والهدف من ذلك كله هو تغييب الوعي ، وطمس الحقائق ،وتشويش المعلومات ،ونشر الاباطيل ، وخلط الاوراق ، والابقاء على الرواية الصهيونية الكاذبة متفردة ومتصدرة دون سواها في نشرات الاخبار ليتم تسويقها الى الرأيين العامين الإقليمي والعالمي وفقا للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة ، كل ذلك يأتي بالتزامن مع حجب وحظر وتقييد ملايين الحسابات والصفحات والمواقع التي تنقل وجهة النظر الفلسطينية الى العالم !
الجريمة الاخيرة التي طالت أبناء صاحبة الجلالة ، وفرسان السلطة الرابعة تأتي بعد يومين على اصابة مراسل قناة المشهد الفضائية – محمد بعلوشة – أثناء قيامه بنقل وتوثيق الفظائع التي يرتكبها الصهاينة في عامة القطاع المحاصر وبعد سويعات على اصابة زميله مراسل الجزيرة وائل الدحدوح ، واستشهاد زميله المصور سامر ابو دقة ، الذي وافاه الاجل المحتوم بعد مرور ساعات على اصابته بقصف صهيوني على مدرسة فرحانة في خان يونس من دون اسعاف ولا علاج ، أما بعلوشة فقد أصيب مباشرة في كلتا ساقيه برصاص قناص صهيوني حاقد على البشرية وظل ينزف لمدة ست ساعات متواصلة حتى أغمي عليه، ولم يستفق من اغماءته إلا على مواء القطط المشردة ، الجائعة ، الخائفة التي كان يطعمها ، ويترفق بها ، ويتحنن عليها ويأويها ، وقد تجمعت من حوله فيما أخذ بعضها يشمه ويقبله ويداعبه حتى استفاق من اغماءته وكاد أن يفقد حياته في سيناريو مشابه لسيناريو ابو دقة ليطلب النجدة بعد اجراء الاتصالات اللازمة فجاءه المسعفون وأجروا له الإسعافات الأولية الضرورية قبل نقله الى أقرب المراكز الصحية وبصعوبة بالغة لعلاجه ، وبعلوشة لمن لايعرفه هو المراسل الصحفي الذي كشف بعدسة كاميرته النقاب عن فضيحة “الجثث المتحللة للاطفال الخدج ” في مستشفى النصر بعد أن أجبرت قوات الاحتلال الغاشم الطواقم الطبية على ترك المستشفى واخلاء المبنى بشكل فوري ما تسبب بترك الاطفال الخدج داخل الحواضن من دون نقل أو رعاية أو علاج !
الكم الهائل من القتل والترويع بحق الصحفيين وأسرهم ومحطاتهم دفع الأمين العام لمنظمة “مراسلون بلا حدود” كريستوف ديلوار ، وخلال حوار مع صحيفة “موندو” الإسبانية ” للتأكيد على أنه”لم يسبق أن قتل مثل هذا العدد من الصحفيين في فترة زمنية قصيرة كما حدث في غزة”بينما وصفت المنظمة قطاع غزة بأنه “مقبرة الصحفيين” ، فيما وقع 750 صحفيا يعملون في مختلف وسائل الاعلام الدولية عريضة طالبوا فيها بحماية الصحفيين ،والكف عن فرض القيود المشددة على الاتصالات ، وقصف المكاتب الاعلامية ، والكف عن استهداف الصحفيين وذويهم ، والسماح بدخول الصحافة الأجنبية لنقل الوقائع على الأرض كما هي ومن غير مونتاج أو رتوش – كوهينية ، ومردوخية ، و نتن ياهوية – ولاشك أن من الطرق التي دأب عليها الكيان الصهيوني وعلى مدار 75 عاما بغية تسويق أجندته ، والترويج للبروباغندا التي يتبناها ، عادة ما تتمثل باختطاف الرواية الأولى،وتقديم ما يعرف بـ “الـحقائق البديلة”،وإغراق وسائل الإعلام بتصريحات – كاذبة – الا أنها متماهية ومتناسقة ومتسقة لتبدو على أنها الحقيقة المطلقة التي لاتحجب بغربال وكل ما عداها زيف وافتراء وفقا لمعهد الجزيرة الاعلامي ، أو وعلى قول المثل البغدادي الشعبي الشهير”الكذب المصفط ، أقوى من الصدق المخربط ” أو وعلى قول وزير الدعاية النازي يوزف غوبلز ” اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس ” وبما أن صحافة المواطنة بكاميراتها ، وبهواتفها الحديثة النقالة باتت حاضرة بقوة في كل زمان ومكان تصور كل شاردة وواردة أولا بأول ، فضلا على ما يقوم به مراسلو ومصورو الفضائيات في الميدان ، بوجود مواقع ومنصات التواصل التي تساعد على بث الاحداث موثقة بالصور ومقاطع الفيديو لتحقيق مزيد من الاعجابات والحصول على ملايين المتابعات ، كلها قد خففت من حجم وتأثير وسائل التحكم الاعلامي الصهيوني القديمة ، وأجهضت جانبا كبيرا من تكتيكاته التقليدية المتبعة لتغييب الوعي الجمعي ،وغسيل العقول ، وتأسيسا على ذلك لم يجد الكيان المسخ بدا من اللجوء الى تكتيك استهداف المراسلين والمصورين والصحفيين الميدانيين داخل الضفة والقطاع بما فيهم فرسان صحافة المواطنة والنشطاء إما بالقتل، أو بالاعتقال التعسفي ، أو بالترهيب والتهديد ، أو بمصادرة الهواتف والكاميرات، أو تحطيمها ،فضلا على قطع الاتصالات ، وقصف المكاتب الاعلامية، وقتل عوائل الصحفيين ، وما عائلة الدحدوح التي أبيدت بالكامل منا ببعيد ، ما أسفر عن أكبر مجزرة بحق الصحفيين في التاريخ قياسا بالمدة الزمنية القصيرة ، وبالرقعة الجغرافية الصغيرة !
فيا صحفيي العالم وكتابه ومدونيه في مشارق الارض ومغاربها اتحدوا ضد هذا الكيان اللعين الغاصب ولاتبيعوا ضمائركم ولا أقلامكم ولا عدساتكم له لأن الله تعالى ، ومن ثم التاريخ سيلعنكم إن فعلتم والى أبد الآبدين . اودعناكم اغاتي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى