حب في ظلال المافيا

كان مهندساً مدنيّاً قبل أن تحوّله صدفة أنقذ فيها حياة رجلٌ لا يعرف هويته إلى تاجر
مخدرات.
كان غيث في رحلة استجمام إلى كولومبيا، قبل عودته إلى كندا، وقد عزم العودة منها إلى
وطنه لبنان بعد أن أنهى دراسته الجامعية فيها بتفوق.
في أرض الوطن استقبلته العائلة واحتفت بقدومه، إلا أن شيئاً غير مفهوم في تصرفاته،
لم يستطع حتى أقرب الناس إليه تفسيره!
كان غيث محملاً برسالة من أكبر تاجر في المخدرات في العالم إلى أكبر تاجر للمخدرات
في لبنان كان بانتظاره!
ماذا تحتوي الرسالة؟ هل سينجح غيث في إيصالها؟ وهل ستكتفي المافيا منه بإيصال
رسالة، أم أنّه سَيُجبر على تنفيذ مهمة أخرى داخل بلده؟ وهل من يقرر دخول هذا العالم
يستطيع الخروج منه بسلام؟
أحداث تحبس الأنفاس، ومغامرات لا حدّ لها، وحقائق صادمة عن تجارة غير مشروعة
في الظاهر ومشرعنة في الباطن في لبنان والعالم القراء على موعد معها، تزينت بقصص حب
رومنسية، صادقة ومؤثرة؛ ولكن من دون أن تضل طريقها في إيصال رسالتها إلى من يهمه
أمر إنقاذ هذا البلد قبل أن يصل إلى نهاية يصعب توقعها، وربما كانت هذه ميزة الرواية.
قدم للرواية بقراءة نقدية الروائي الدكتور إلياس عطروني ومما جاء فيها: “سنة 1990
عُقد في باريس مؤتمرٌ حول الرواية شارك فيه الروائي الجزائري الطاهر وطار، وخلاله أطلق
نظريته حول تغيير نمط كتابة الرواية بحيث أن تتحوَّل إلى نصٍ مفتوح، ومع أنَّ هذا التحوُّل
كانت ملامحه قد بدأت قبل ذلك إلا أن جرعة الفانتازيا ازدادت بشكل ملحوظ بعد ذلك إلى أن
وصلت إلى ما وصلت إليه.
زاهية موسى في روايتها التي بين أيدينا أرادت العودة إلى الرواية الكلاسيكية بقواعدها
المعروفة، وربما كانت على حق، كون هذه الكلاسيكية تتناسب مع ما تُريد الرواية قوله كونها
تلجُّ إلى عالم المافيات والأعمال غير المشروعة، وهذا الولوج لا يتحمل منسوباً من الفانتازيا.
استفادت زاهية من تجربتها الصحفية، سواء أكان على صعيد المعلومات التي تدخل
التفاصيل في تركيب ما قدَّمت أم على صعيد الابتعاد عن الحشو الذي يطمس إضاءة ما تُريد
قوله.
لغةٌ سهلةٌ خاليةٌ من التعقيد والتقعير تذهب إلى هدفها مباشرة مع الحرص على الابتعاد
عن الناحية التقريرية في الكتابة الصحفية، فاستطاعت الاستفادة من تجربتها من دون التأثّر
بأسلوب لغة هذه التجربة.
موضوع الرواية (أي المافيا) له من الحساسية القدر الكبير، ولم يُعالج سابقاً في عمل
روائي كمحور أساسي وإنما كجزء من كل.
وفي لعبة تركيبية ناجحة استطاعت زاهية إدخال الحالة العاطفية إلى الرواية كعنصر
أساسي مُكمِّل، فتابعنا مناخاً رومنسياً كان ضرورياً للتخفيف من وطأة العالم القبيح من خلال
نقيضه؛ فقصة الحب التي واكبت العمل كانت من خلال روحانياتها، تُلاقي إثارة موضوع
المخدرات في تكامل فني كان ضرورياً.
باكورة هي خطوة على طريق نتمنى أن يصل إلى ولادة حالة روائية ملتزمة بقضايا
مجتمع هو بحاجة إليها”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى