الحدث الجزائري

لم يكن هناك استعجال في الثّورة الجزائرية قبل أوانها

لم يكن هناك استعجال في الثّورة الجزائرية قبل أوانها – معمر حبار

مقدّمة القارىء المتتبّع:

قرأت البارحة وبالصّدفة لأستاذ جزائري برتبة “بروفسور” يقول عن الثّورة الجزائرية أنّها كانت مستعجلة، وقبل أوانها، وكان عليها أن تنتظر.

يعلّل ذلك بقوله: حين تمّ استعجال الثّورة قبل أوانها كانت إتّفاقية إيفيان، والنّاطق الرّسمي لها هو رضا مالك صاحب المقولة المشؤومة أثناء العشرية الحمراء “آن للرعب أن ينتقل للجهة الأخرى”.

فجّر قادة الثّورة الجزائرية في أوانها وليس قبل أوانها:

لم أقرأ لقائد من قادة الثّورة الجزائرية يومها، ولا بعدها، وفي حياته، ولا بعد مماته أنّه ندم على تفجير الثّورة الجزائرية، ولا اعتبرها مستعجلة قبل أوانها.

كلّ قادة الثّورة الجزائرية أجمعوا في حياتهم، وفي مذكراتهم أنّه لم يكن هناك استعجال في تفجير الثّورة الجزائرية قبل أوانها.

قالوا جميعا: فجّرنا الثّورة الجزائرية ونحن نعلم أنّنا لانملك عشر ماتملكه فرنسا المجرمة المحتلّة. وهذا لايسمى استعجالا إنّما إقداما، وشجاعة.

أكّدوا على عنصر في غاية الأهمية، وهو: حين قرّرنا خوض الثّورة الجزائرية لم يكن بعض الجزائريين مستعدّا لها، وكانت نسبة منهم ضدّ الثّورة الجزائرية لأنّ العلاقة بين المحتلين وبعض الجزائريين خاصّة في المدن، والمدن الكبرى كانت حسنة من الناحية الشكلية. ولذلك تعمّد زيغود يوسف رحمة الله عليه نقل الثّورة الجزائرية من الجبال إلى المدن ابتداء من سنة 1955 لتمسّ المدنيين عمدا، وليشعروا بها، ثمّ تصبح قضيتهم الأولى باعتبار أملاكهم، وأرواحهم، وأهاليهم الذين تعرّضوا لما يتعرّض له كلّ جزائري عقب ردّ فعل الاحتلال الفرنسي على كلّ عملية يقوم بها المجاهد الجزائري.

اندلعت الثّورة الجزائرية بسبب التّأخير في تفجيرها وليس بسبب الاستعجال قبل أوانها:

اندلعت الثّورة الجزائرية لأنّها تأخّرت كثيرا، وكان عليها أن تندلع منذ اليوم الأوّل من الاحتلال. إذن، الثّورة الجزائرية كانت ردّا على تأخير ولم تكن استعجال.

واندلعت ردّا على الذين زعموا يومها، وفي حينها أنّ القيام بالثّورة الجزائرية استعجال الثّمرة قبل أوانها. فالثّورة الجزائرية كانت ثورة ضدّ الذين يزعمون أنّها استعجال.

واندلعت الثّورة الجزائرية إحياء لأسيادنا العظام من أمثال الأمير عبد القادر، وبوعمامة وغيرهم الكثير الذين حاربوا الاستدمار في حينه، ولم يقولوا أنّ محاربته استعجالا قبل أوانه، وإمكاناتهم يومها أقلّ بكثير ممّا يملكه الاستدمار الفرنسي، بل مقاومتهم للاستدمار كانت بحدّ ذاتها ضدّ كلّ من يزعم أنّها استعجال في غير أوانه.

إن كان للسّرعة والاستعجال حسنة، وميزة فإنّه في مقاومة المحتلّ المغتصب يعتبر من العظمة التي تستحق الثّناء لأسيادنا رضوان الله عليهم الذين لم يتأخّروا دقيقة واحدة في الدفاع عن الجزائر، والجزائريين. ولذلك تبقى سرعتهم في محاربة المحتلّ المغتصب مثالا يقتدى به من الجزائريين، والعرب، والمسلمين.

ظلّ الاستدمار الفرنسي رفقة الخونة الحركى من بعض الجزائريين يبثّون في صفوف الجزائريين أنّ فرنسا دولة عظمى لاتقهر، وأنّ محاربتها ضرب من الجنون، ويدها تطول حتّى الذين يحلمون بمحاربتها، وأوصتهم أن لايستعجلوا أمرهم وفرنسا المجرمة ستتكفّل بتحسين أوضاعهم، وطالبتهم بالإبلاغ عن كلّ جزائري يريد محاربة فرنسا ويستعجل مصيره بيديه.

إتّفاقية إيفيان من مظاهر عظمة الثّورة الجزائرية:

لكلّ ثورة من ثورات العالم نتائج سلبية وإيجابية وبما فيها الثّورة الجزائرية. وإتّفاقية إيفيان ليست أبدا من سلبيات الثّورة، وليست أبدا نتيجة لاستعجال الثّورة الجزائرية قبل أوانها، بل هي وسيلة من وسائل الثّورة الجزائرية النّاجحة وقد انقسم قادة الثّورة الجزائرية بين مؤيّد لها، ومعارض كهواري بومدين رحمة الله عليه.

وتبنى المفاوضات قصد الحصول على أقصى المكاسب، وتجنب أدنى الخسائر. ولا يمكن للجزائر في تلك الفترة وقد واجهت فرنسا الأطلسية التي تفوقها عددا وعدّة من أن تتحصّل على أكثر ماتحصّلت عليه وهي التي لاتملك غير صدور عارية، وبطون جائعة.

الشلف – الجزائر

معمر حبار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى