النفاق في العالم الافتراضي
راضي المترفي
يقول أحدهم: (يتكلمون عن الطيبة بثقة لكنهم يمارسون النفاق بإبداع منقطع النظير).
ربما كان النفاق قبل وقوع الثورة المعلوماتية وتعدد وسائل التواصل الاجتماعي محصورا في مجال ضيق يصدر عن شخص او اكثر في مكان ما ويعرفه او يستطيع تشيخصه واجتنابه عدة أشخاص لكن بعد الثورة اختلف الأمر وأصبح النفاق وجود لا يمكن إنكاره وتعددت اصنافه بتعدد المناحي الحياتية حتى أصبحنا نميز بين كل نوع من النفاق واخر فهذا نفاق سياسي وذاك نفاق ديني وثالث اجتماعي وهكذا لكن مشكلة الفيسبوك انه لايحابي أحدا إذ (يطك) الجميع في (طاوة) واحدة ويصلك بنفاقهم ساخنا أحيانا وأخرى(بايت) واحيانا نفاجأ بأن من هو أشهر من ابن (أبي سلول) في المدينة لكن يظهر على الفيس بثوب أبي ذر او سروال غاندي او (كاسكيتت) جيفارا او بدلة مانديلا لكنه لا يفرضه عليك وانما فقط يكتفي بعرضه أمامك ويترك لك الخيار في ان تاخذ به او منه او (تدفره) باليسرى او تلمعه ب (تفله) او تطلب من أحد الأطفال ان يتبول عليه وبما أن الفيس عرف بأنه عالم افتراضي فإنه وفر للكل الأسباب فتنقل المنافقون بين منبر للدين وكرسي للسياسة ومنصة الخطابة وصدر الديوان ومشغل احتراف من دون رقيب او حساب وهكذا طاف المنافقون بابداعهم على كل المنابر ففي السياسة كتبت اصابعهم (فلان الفلاني يمثلني) وفي الدين (ان كنت تروم الدخول إلى الجنة فاتبع باب الله شباجي) وفي التاريخ انتصر للحسين صباحا وأثنى على قاتله في العشية وفي الاخوة (امنين اجيب الجابته امي) وفي الصداقة (الصديق أخ لم تلده أمي) وفي الحب (يروحلك فدوه اليكرهك) وفي الجيرة (الجار قبل الدار) وفي الإنسانية قد يتشابه مع (نوبل) في الفعل لكنه يختلف عنه في اهتزاز الضمير إذ ندم نوبل ولم يندم هو وتراه يملك خزينا لا ينضب من الدموع ويحرر دموعه مدارا عند بكاء طفل او عوز عائلة او الم ام او تاوه مريض وعندما يقفل عائدا إدراجه يحسب أرباحه.. اليوم تصدر مجلس فلان وحصل على السهم الاوفر في وليمة فلان وخرب علاقة فلان بفلان واشتفى من فلان وخدع فلان فيضحك في سره ويشعر انه الاذكى والاشطر والأكثر أهمية من دون أن يوخزه ضميره ولو لمرة واحدة لان هذا الضمير مرض ومات من اول لحظة مارس صاحبه النفاق بها ..
الا تبا للنفاق والمنافقين
وتبا لكل من خدعه منافق وهو يعرف بنفاقه .
راضي المترفي