المرأة المبدعة
محمد عبد الكريم يوسف
ليس للإبداع حدود يقف عندها ، وليس الإبداع محصور بالرجال فقط ولكنه صار
سمة من سماء النساء والتاريخ العالمي خير شاهد على اليد البيضاء التي تركتها
المرأة شاهدة على عظمتها وبريقها في أكثر من مكان في العالم ، ولم تكن المرأة
العربية أقل شأنا من المرأة في الدول الأخرى وما بلقيس ومريم و خولة وفاطمة
والخنساء والزرقاء وزنوبيا وشجرة الدر وأسية ومدام كوري و غوديفا إلا مثال
يحتذى به في العلم والإدارة والمعرفة والإبداع .
وفي حال قابل أحدنا المرأة المبدعة المدهشة عليه أن يضيفها حالا إلى قائمة
الأصدقاء وعليه أن لا يتخلى عنها أبد الدهر لأنه ستكون حافزا لتحقيق الأشياء
العظيمة والتصميم الأكيد للريادة في العالم .
ويبدو أيضا أن هناك قاسم مشترك وسمات مشتركة بين النساء اللاتي حققن نتائج
مدهشة في العالم . فهل نستطيع تغيير المرأة العادية لتصبح مبدعة ؟ وهل يمكن
غرس قيم الإبداع لديها ؟ إليكم بعض القيم المشتركة بين النساء المبدعات عبر
التاريخ :
الحزم :
المرأة المبدعة حازمة في حياتها إلى أبعد الحدود . فإذا وجدت نفسك تتراجع أمامها
عن الطلبات والأسئلة أو تعتذر باستمرار لتصرفات تقوم بها فقد تكون بحاجة لتقوية
مركزك الداخلي وعليك أن تستبدل الهر الذي يسكن داخلك بنمر قوي يعالج الأمور
بحزم وشراسة .
التعاطف :
تعتقد الكثير من النساء أن السمات ” الأنثوية ” مثل التعاطف تؤثر على مركزها
الاجتماعي وتقلل من شأنها في حين أنه يجب اعتبارها ميزة راقية . التعاطف يعني
أنه يمكن الاستماع والإصغاء وللآخرين وفهم احتياجاتهم ومشاعرهم و رغباتهم
والتعامل معها بعقلانية . المرأة المبدعة تستطيع التفهم البديهي لمن حولها من دون
انحراف في العاطفة .
العاطفة :
قد يمتلك الإنسان الكثير من المهارة والخبرة ويمارسها يوميا من دون شغف بما يفعله
وبالتالي يبقى الإنسان مكانه من دون القدرة على الانتقال للمرحلة التالية . يتولد
الابتكار والإبداع من الحب والسعي والتحدي ويكون الوقت الذي نقضيه في عملنا
بمتعة حقيقية بحيث يشعر الإنسان أن كل خطوة نحو القمة تستحق هذا العطاء
الكبير. تدرك المرأة المبدعة أن الشغف يجلب الطاقة والطاقة تمكن المثابرة والتألق
والنجاح .
الشعور بالنقص :
عندما يحاول الإنسان أن يكون “مثاليا” أو يسعى نحو الكمال فهو كمن يسير في
طريق باتجاه واحد أو كمن يقطع تذكرة سفر باتجاه واحد تتيح له المغادرة ولا تتيح له
العودة . وتعلم المرأة المبدعة هذه الحقيقة وتدرك أنها فكرة غير ممكنة التطبيق دائما.
علينا أن نتعلم من عيوبنا وأن نعترف بها وعلينا أن نبحث دائما عن الأشخاص الذين
يكملون شخصيتنا ونستعين بهم على تدارك نقاط ضعفنا . تدرك المرأة المبدعة أن
الشعور بالنقص حالة طبيعية يمتلكها الإنسان أي إنسان وأن الكمال في كل شيء غير
ممكن التطبيق.وتدرك أيضا أنها يجب أن تكون في أفضل حالاتها لكي تتقدم نحو
الأمام.
السلطة :
عندما يصل الإنسان إلى القمة وبمجرد الوصول للقمة يبدأ بكتابة القواعد الخاصة
به. الطريف في الأمر أنه كلما ارتفع الإنسان نحو الأعلى صارت حياته أسهل
وبالتالي يصرف وقتا أكبر في التدقيق واكتشاف الأخطاء ويصبح أكثر قدرة على
التحكم في نوع العمل ومكانه . تدرك المرأة المبدعة هذه الحقيقة وتدرك أن مباهج
السلطة لا تلهيها عن تحقيق أهدافها التي رسمتها مسبقا .
الإيمان :
عندما يؤمن الإنسان بنفسه فإنه سوف يصدق ذلك وسوف ينجح في حياته . تؤمن
المرأة المبدعة بأن أفكارها المجنونة قابلة للتحقيق وتدرك أنه تستطيع بالصر
والإصرار أن تحقق ما تريد من أهداف ورؤى . إنه الإيمان بالأنا والثقة التي تكفي
لانجاز ما تحتاج المرأة إلى القيام به . الإيمان بتحقيق الأهداف هو المصدر الأساسي
لكل نجاح في هذا الكون .
التكيف:
ليس هناك ما يزعج الإنسان أكثر من الإجهاد لأنه يقف حائلا أمام النجاح. وعندما
تمتلك المرأة القدرة على التكيف تصبح أكثر قدرة على التعامل مع هذا الكم من
الإجهاد الذي تتعرض له في أوقات مختلفة وكلما زادت القدرة على التحمل
والتسامح كان ذلك أفضل وأكثر روعة . تبحث المرأة المبدعة دائما عن طرق تجعل
حياتها أكثر راحة وأقل إجهاد وأكثر سهولة وتركز طاقاتها العقلية على الأعمال
الممكنة التي في متناول اليد بدلا من اليأس ومواجهة المصاعب .
الشجاعة :
الخوف من العوائق الكبيرة أمام المرأة المبدعة . ماذا يمكنك أن تفعل لو كان الخوف
يسيطر على حياتك ؟ المخاطرة بالنسبة للمرأة المبدعة لا يعني التهور ولكنه يعني
اتخاذ قرارات محسوبة وتجربة أشياء تصنف على أنها ” خطرة ” . تدرك المرأة
المبدعة أن التقدم العلمي والتقني والطبي الكبير كان بسبب الجرأة والشجاعة
والتجريب والمخاطرة .
العناية الذاتية :
الناجحون يستريحون بقدر ما يعملون ويهتمون بأنفسهم بدنيا جيدا ويمارسون
الرياضة ويتناولون الطعام الصحي ويتنزهون . تدرك المرأة المبدعة أن الصحة
العقلية مهمة مثل الصحة البدنية وتعرف متى تقول “لا” ومتى تستغرق في العمل
وتهتم بأسرتها وزوجها بقدر اهتمامها بنفسها وحياتها الخاصة تعادل في النجاح
حياتها العامة . و المرأة المبدعة قادرة على الابتعاد عن نهاية لا تنتهي أبدا وتمتلك
الوقود الذاتي الكافي للاستمرار إلى مالا نهاية .
الامتنان :
تدرك المرأة المبدعة أن النجاح لا يأتي من فراغ سواء في المنزل أو العمل . وتمتلك
في ذات الوقت القدرة على التشارك والتعبير عن الامتنان والتقدير للأشخاص
الحقيقيين الذين ساعدوها في الوصول إلى حيث هي . تتعامل المرأة المبدعة بلطف
مع زملائها تقدم الاحترام وتتلقاه .
ليس للإبداع حدود والمرأة أكثر قدرة على الإبداع لأنها تمتلك القدرة والعقل البناء
وروح التشارك واللطف والحنان وقد يكون ذلك هو سر نجاح المرأة وإبداعها في
قيادة أكثر الشركات العالمية نجاحا عبر قرون من الزمن .