الفرق بين المهارات الصلبة والمهارات الناعمة
هاني جرجس عياد
قد تبدو تلك المصطلحات غريبة على الكثيرين، بل ولم يتوقع أحد أن يصل الأمر لتصنيف المهارات إلى مهارات صلبة وناعمة، ويبدر إلى ذهن الكثيرين تفسيرات مختلفة حول تلك المفاهيم الجديدة في عالم المهارات، ولكن الجديد في هذا الأمر أنها تعتبر إحدى أهم التصنيفات والتقسيمات للمهارات في القرن الـ 21، لذلك ومن خلال البحث العميق، وجدت بالفعل العديد من التفسيرات حول تقسيم المهارات إلى هذين النوعين.
المهارات الصلبة (Hard skills):
وتعتبر تلك المهارات التي تتسم بثبات قواعدها، وبنيتها الأساسية، فهي مهارات غير قابلة للتغيير، مهما تعرضت له من عوامل خارجية أو داخلية أو طبيعية، وتأتي صلابتها من عدم مرونتها وقابليتها للتغيير، فتعتبر تلك المهارات متجمدة وغير مرنة، ولكن يمكنها أيضاً أن تواكب التطورات من خلال إصدارات تلك المهارات، فحتى لا ننشق عن المعنى الأصيل لتلك المهارات وجب التوضيح بأنها تلك المهارات ذات القواعد الثابتة التي لا تتغير مهما تدخلت فيها العوامل الأخرى. وعلى سبيل المثال لتلك المهارات: مهارة استخدام الأجهزة التعليمية، فهي مهارة صلبة لا تتغير مع تغير المكان أو الزمان أو الظروف الفيزيقية، فخطوات تشغيل جهاز في كلية داخل جامعة القاهرة، هي نفس خطوات تشغيل نفس الجهاز في كلية داخل جامعة الإسكندرية، فالظروف والمكان والوقت لا يغير من المهارة شيئاً، لذلك تتسم تلك المهارات بالصلابة. وفي مثال آخر: مهارة المحاسبة، أو تعلم المحاسبة هي مهارة صلبة وذلك لأنها تقوم على قواعد ثابتة غير قابلة للتغيير، ولا تتبدل خطواتها ومهامها من مكان لآخر ومن وقت لآخر ومن ظروف لأخرى، على عكس المهارات الناعمة. ويمكن النظر إلى المهارات الصلبة على أنها المهارات القابلة للتعلم والتي يمكن قياسها ظاهرياً، ولا تتغير من حين لآخر، ولكنها قادرة على التطور، وهذا ما أكده التعريف التالي: المهارات الصلبة هي قدرات محددة قابلة للتعلم يمكن أن تعرف وتقاس مثل الكتابة والحساب والقراءة والقدرة على استخدام برامج الحاسب، وعلى النقيض المهارات الناعمة أقل حسية وأصعب في التحديد مثل السلوك والتعامل مع الآخرين والاستماع والاشتراك في التحدث، حيث أنه في العمل المهارات الصلبة تشير أكثر للمحاسبة والنماذج المالية (Investopedia).
المهارات الناعمة (Soft Skills):
تعد المهارات الناعمة عكس ونقيض المهارات الصلبة، فهي مهارات متغيرة ومتقلبة وفقاً للمكان، أو الزمان، أو الظروف المحيطة، أو التدخلات الخارجية والداخلية، أو الخبرات، أو الفئات العمرية، عوامل كثيرة يمكنها أن تؤثر على جودة وطبيعة المهارات الناعمة، حتى أنه يمكن للحالة المزاجية للفرد أن تؤثر على تلك المهارات. ويتضح المقصود بالمهارات الناعمة مع المثال التالي: فمهارة مثل مهارة التواصل والتفاعل مع الآخرين، تختلف من فرد لآخر، ومن ثقافة لأخرى، ومن وقت لآخر، وحتى من تقنية لأخرى، ومن مكان لآخر، ومن حالة مزاجية للفرد لأخرى، فمن هنا تأتي مرونة هذا النوع من المهارات، فهي مهارات قابلة للتغيير والتعديل وفقاً لأي سبب خارجي أو داخلي قد يحدث ويؤثر عليها. فهي مهارات تتغير ومن الصعب تحديدها بشكل ثابت، نظراً لمرونتها، وقد عرفت المهارات الناعمة بوصفها سمات شخصية تعزز تفاعلات الفرد والأداء الوظيفي والمستقبل المهني، على عكس المهارات الصلبة والتي هي مجموعة من مهارات الفرد وقدرته على أداء نوع معين من المهام أو النشاط، فالمهارات الناعمة شخصية وأكثر قابلية للتطبيق على نطاق واسع. في حين عرفها البعض بكونها المهارات والقدرات التي يمتلكها الفرد وتساهم في تطوير ونجاح المؤسسة التي ينتمي لها، خاصة المؤسسات التي تتعامل مع الجمهور وجها لوجه. وتتعلق هذه المهارات بالتعامل الفعّال وتكوين العلاقات مع الآخرين. ولعل من أبرز المهارات الناعمة: مهارات التواصل، مهارات التنظيم والتخطيط، مهارات العمل ضمن فريق، مهارات التأقلم والمرونة، مهارات التفكير الناقد، مهارات إدارة الأزمات، مهارات الاحتراف، ومهارات التفاوض.
هذا ولكي نعتبر المهارة ناعمة لابد أن تتصف بثلاث خصائص هي كالآتي:
أن تكون قواعد اتقان هذه المهارة غير واضحة: على عكس المهارات الصلبة مثل الرياضيات حيث القواعد دائما كما هي. كما أن كفاءة الفرد في المهارات الناعمة تتغير بناء على حالته النفسية والظروف الخارجية ونوع الأفراد الذين يتفاعل معهم.
هذه المهارة ذات قيمة في أي مهنة أو وظيفة: فما دامت المهارات الناعمة ترتكز حول قوة الفرد الداخلية وكفاءته الشخصية، فإن ذلك ينعكس حتما على علاقته بالأفراد.
اتقان هذه المهارة رحلة مستمرة: يمكن أن تصل لمستوى من الإتقان فيها ولكن دائما تواجه مواقف جديدة تسمح باختبار المهارات الناعمة وتدفع الفرد للتعلم أكثر فأكثر.
وفيما يلي نستعرض أهم وسائل تنمية وتطوير المهارات الناعمة:
تحديد الفرد ما ينقصه من مهارات.
التركيز على المهارات الناقصة.
القراءة والاطلاع على المهارات المستهدفة.
الالتحاق بالبرامج والدورات التي تنمي المهارات.
الاحتكاك بأفراد يمتلكون هذه المهارات والاستفادة منهم.
التدرب على المهارات الجديدة وممارستها.
نشر وتعليم المهارات الجديدة للأفراد المحيطين بنا.
أخيرا، ينبغي الاشارة إلى أنه عند توظيف شخص في مؤسسة، فعلى المكلف بعملية التوظيف أن يحدد المهارات المطلوبة في الموظف الجديد. المهارات الصلبة يسهل تحديدها ويسهل تحديد مدى تمكن المرشح للوظيفة من كل منها، وفي حال وجود ضعف في واحدة أو أكثر منها يمكن تعويض هذا الضعف بترتيب تدريب خاص من قبل أحد الزملاء في المؤسسة. أما المهارات الناعمة فمن الممكن تعزيز بعضها وقد يصبح ذلك صعباً في حالة بعض المهارات كالصبر مثلاً. لذلك ينبغي الانتباه لذلك عند ترشيح شخص لعملٍ ما، سواء بالتوظيف أو بالانتقال. وفي الجانب الآخر على المتقدم إلى وظيفة أن يظهر مهاراته الناعمة والصلبة ذات العلاقة، وفي حال وجود عجز في احدى المهارات الصلبة فيمكن إبراز مهارة ناعمة تساعد على تنمية المهارة الصلبة التي يعاني من ضعفها المتقدم للوظيفة. في جميع الأحوال ينبغي على كل مؤسسة تهتم بتنمية الموارد البشرية أن يكون لديها برامج منظمة لتعزيز كلا النوعين من المهارات بالتدريب والتوجيه والتحفيز.