السلطة و”غولدستون” الجديد والوهم المتجدد

راسم عبيدات

لا اعرف لماذا هذه السلطة تصر “على تجريب المجرب” وشراء الأوهام والأكاذيب والخداع والتضليل،…والإستمرار في سياستها التجريبية والإنتظارية والمقامرة بحقوق شعبنا الفلسطيني،وكأنها تريد أن “تستحلب الثور”، فأمريكا وأوروبا الغربية توجهان الصفعة تلو الصفعة لشعبنا الفلسطيني وتعلنان بشكل واضح بأن لا حل سياسي للقضية الفلسطينية،والحل فقط اقتصادي وتحسين لشروط وظروف حياة الشعب الفلسطيني تحت الإحتلال….وهذه القيادة تدرك وتعرف ذلك جيداً، والرئيس الأمريكي المتطرف بايدن في زيارته الأخيرة للمنطقة في تموز من العام الماضي ولقائه بالرئيس عباس في بيت لحم،قال للرئيس عباس بأن مطالبه بوقف الإستيطان واعادة فتح القنصلية الأمريكية في القسم الشرقي من المدينة واعادة فتح مكتب المنظمة في واشنطن والعمل على اعادة فتح أفق سياسي، تحتاج الى عودة المسيح لكي يحققها ….وما تبع ذلك من صلف وعنجهية امريكية لتصل حد السعي في مجلس الشيوخ الأمريكي لتشريع قانون يطال حق العودة،بإعتبار أحفاد اللاجئين ليسوا بلاجئين،وكذلك معاقبة كل من يقول ويدعو لمقاطعة دولة الكيان وسحب الإستثمارات منها،والمقصود هنا حركة المقاطعة الدولية (بي دي اس) ،والتأكيد على الحق التوراتي لدولة الكيان في فلسطين ” أرض اسرائيل”،ومعاقبة وتجريم كل من يتحدث او يدعو او يحرض او يمول اي عمل م ق او م

هذه السلطة التي تعيش حالة إرتجاف سياسي وغيبوبة سياسية وانفصال عن الواقع،تدرك بأن رصيدها وشعبيتها في الشارع الفلسطيني عامة والمقدسي خاصة في تراجع وتآكل …وأن تعاملها مع حقوق شعبنا وقضاياه الإستراتيجية من زاوية المصالح والنفعية والتكتيك البائس والرهان على تغير الحكومات الإسرائيلية والإدارات الأمريكية، ثبت بأنه لن يجلب حقوقاً ولن يعيد أرضاً ولا يحميها من “غول” الإستيطان….ألم تتراجع تلك القيادة في عام/2009 عن طرح تقرير”غولدستون” على مجلس الأمن الدولي،والذي يتهم دولة الكيان بإرتكاب جرائم حرب في عدوانها على قطاع غزة 2008 -2009 مقابل وهم العودة للمفاوضات مع دولة الكيان ومساعدات مالية واقتصادية .؟؟؟.والنتيجة كانت تخلي أمريكا عن وعودها ،وألم توجه لنا امريكا الصفعة في قضية الشهيدة الصحفية شيرين ابو عاقلة، بتسليمها الرصاصة الإسرائيلية التي قتلت بها شيرين،ولكي يخرج تقرير أمريكي صاغته دولة الكيان،يبرىء دولة الكيان من عملية الإغتيال ..؟؟…وكم مرة هذه السلطة قالت بانها ستتحلل من التزامات اوسلو،ولن تبقى ملتزمة بها ما دام الطرف الآخر لم ولن يلتزم بها ،ولن تنفذ وعودها المتكررة،وكذلك قضية وقف التنسيق الأمني كم مرة قالت بأننا اوقفنا التنسيق الأمني ،ونحن نعرف بأن ذلك فقط من زاوية تكتيكية لتحسين شروط وظروف تفاوضها ،وبما يضمن بقائها وخدمة مصالحها …ألم تذهب السلطة الى مجلس الأمن بعد اقتحام المتطرف بن غفير للأقصى في الثالث من كانون ثاني من العام الحالي، للحصول على قرار بإدانة عملية الإقتحام تلك والتاكيد على اسلامية المسجد الأقصى،وعدم فرض أية وقائع جديدة تغير من طابعه الديني والقانوني …والنتيجة الإكتفاء بمناقشة عامة حتى دون صدور بيان رئاسي من مجلس الأمن،رغم أن مثل هذا البيان قيمته صفر في السياسة ….واليوم تعود السلطة لوهمها المتجدد ولخياراتها البائسة والمدمرة والتي تمد طوق حبل النجاة لدولة الكيان ولأمريكا …وكذلك تعمل على توسيع دائرة حلف التطبيع مع دولة الكيان،حيث تخلت كما هو متوقع عن طرح القرار على مجلس الأمن ،الداعي الى الوقف الإستيطان في القدس والضفة الغربية بشكل فوري،واعتبار كل الأنشطة الإستيطانية غير شرعية …بعد ضغوط كبيرة مورست عليها من قبل أمريكا وأوروبا الغربية الإستعمارية والعديد من الدول الوظيفية العربية ….لكي تتراجع عن طرح مشروع القرار على مجلس الأمن،رغم كل التعديلات التي ادخلها بلينكن عليه،وجعلته فارغ المضمون،بل في بعض جوانبة يشكل إدانة للنضال الفلسطيني الناعم،ولتستعيد عن ذلك بقبول بيان رئاسي عن مجلس الأمن ،قيمته السياسية صفر،وبالمناسبة هو لن يدين فقط الإستيطان والأنشطة الإستيطانية،بل والعمليات التي نفذها م ق ا م ون فلسطينيون…والثمن البخس الذي ستقبضه السلطة مقابل ذلك..هو وعود واوهام بتأجيلات لإضافة أبنية استيطانية جديدة في المستوطنات القائمة وتأجيلات لهدم منازل المقدسيين في القدس ومناطق “سي” لعدة شهور…وللعلم اهالي جبل المكبر في إنتفاضتهم في شباط وأذار/2022 ضد هدم منازلهم،حصولوا على تأجيل لمدة عام بعدم هدم منازلهم …وكذلك وعود أمريكية متكررة بإعادة فتح قنصليتهم في القسم الشرقي من المدينة،ووعود بعقد لقاء بين الرئيس الأمريكي والرئيس عباس في واشنطن ،وتقديم حزمة من المساعدات المالية للسلطة،على ان تلتزم السلطة بقبول خطة الجنرال الأمريكي فنزل الأمنية، لتصفية بؤر ا ل م ق ا و م ة وقواها في جنين ونابلس واعادة فرض سيطرتها عليها …وان تعيد التنسيق الأمني .

ما أقدمت عليه السلطة بالموافقة على هذه الصفقة،هو انحراف سياسي خطير، حيث أن “البناء الاستيطاني” لم يعد يمثل “خطرا سياسيا” أو شكلا من اشكال “جرائم الحرب”، وبأن الفرق الاستيطانية ليست “مجموعات إرهابية”، يجب ملاحقتها وفقا للقانون الإنساني العام والشرعية الدولية، مع السماح بحركة استئناف التوسع الاستيطاني بعد “أشهر” تنتهي خلالها حركة الاحراج الأمريكي، وما يعيشه “تحالف الفاشية الرباعي” الحاكم في تل أبيب.

الموافقة على الصفقة الأمريكية بمجملها تمثل جريمة سياسية كبرى، مقابل كلام في كلام لا قيمة له أبدا، في مسار الصراع وطبيعته الجوهرية.

نحن ندرك جيداً بأن امريكا ليست معنية بالتصعيد في المنطقة وانفجار الأوضاع في شهر رمضان،لأن اولوياتها الحرب الأوكرانية والملف النووي الإيراني والصراع مع الصين،ولذلك هي ارسلت قياداتها الأمنية والسياسية للمنطقة من مستشار الأمن القومي جاك سوليفان ومدير المخابرات المركزية وليم بيرنز ووزير الخارجية بلينكن ومساعد نائب وزير الخارجية للشأن الفلسطيني- “الإسرائيلي ،هادي عمرو ومساعدة وزير الخارجية الأمريكي للشرق الأدني والخبيرة في تدمير لبنان وحصاره وتجويعه باربارا ليف، وأشركت اطراف عربية ،لكي تقوم بدورها الأمني في الضغط على السلطتين في رام الله وغزة و وحركتي ا ل ج ه اد و ح ما  س …ولكن جهود منع التصعيد لم تثمر،لأن حكومة الكيان تعمل على تجسيد قناعاتها الأيدولوجية والسياسية وبغض النظر عن المرحلة السياسية،…وهي لن تلتزم مجدداً بالتفاهمات التي رعتها امريكا ….وستواصل مشاريعها ومخططاتها الإستيطانية وفرض الوقائع في القدس والأقصى، وستستمر السلطة في أداء دورها الوظيفي وتنسيقها الأمني وحصولها على الأموال مقابل بقائها وتقويتها.

فلسطين – القدس المحتلة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى