الرئيس هواري بومدين وأثر الطفولة، والشباب في تكوين شخصيته.
ترجمة، وتلخيص، وتعليق معمر حبار
Ania Francos et J.P Séréni “Un Algérien nommé Boumediėne”, Editions ASS NNI, Juin, 2017, Contient 392 Pages.
مقدّمة القارىء المتتبّع:
اشتريت هذا الأسبوع الكتاب من مكتبة Mohamed Khiati. وألغيت لأجل الكتاب قراءة كتاب آخر اشتعريته معه.
والكتاب الذي بين يدي من النوع الذي يقرأ من أوّل سطر للغلاف إلى آخر سطر من الغلاف. وهذا الذي انتهجته مذ عانقت صفحاته.
الغاية من تركيزنا على الفصل الأوّل الخاص بالطفولة، والشباب هو أثر هذه المرحلة على شخصية هواري بومدي القائد، وهواري بومدي قائد الأركان، وهواري بومدين وزير الدفاع، وهواري بومدين رئيس الجمهورية.
العناوين الفرعية من وضع القارىء المتتبّع.
استعمل الكاتب في هذا الفصل اسم “محمّد بوخروبة”، وهو اسمه الحقيقي، وهو يتحدّث عن هواري بومدين.
ستكون هناك قراءات للكتاب بإذن الله تعالى. سائلين السّداد، والتّوفيق.
طفولة هواري بومدين والاستدمار الفرنسي:
تطرّق الكاتب في الفصل الأوّل بعنوان، وحسب ترجمتي: “طفولة احتلالية”، وعبر صفحات: 2-38.
قال الكاتبق الفرنسي: تعرّضت عائلة هواري بومدين للقصف، وسكان الدوار تعرّضوا للقتل أثناء مجزرة 8 ماي 1945. وهو يومها في 13 سنة من عمره، باعتباره من مواليد 1932. صفحة7
هواري بومدين: هو الأكبر في عائلته المتكوّة من خمسة أبناء. 7
كانوا يلقبونه ب”السويدي” لشعره. 7
استولى الاستدمار الفرنسي على الأراضي الخصبة لعائلة هواري بومدين سنة 1850. صفحة 8
ولد بومدين عقب أزمة الاقتصادية 1930 والتي عمّقت الفقر، والجوع، والمجاعة، والأكل من القمامة، وانعدام اللّباس، واحتقار المجرم المحتلّ للجزائري، والقمّل. 8-12
أقول: قضى هواري بومدين طفولته كاملة، وشبابه تحت الاستدمار الفرنسي. ماجعله يبغض الاستدمار، ويحاربه مذ كان طفلا لم يبلغ الحلم.
دراسة هواري بومدين تحت الاستدمار الفرنسي، وشهادة أصدقائه:
ينهض هواري بومدين على السّاعة السّادسة صباحا للمسجد لقراءة القرآن الكريم، ثمّ يذهب للمدرسة الابتدائية. ويعود بعدها في منتصف النهار للمسجد لمواصلة قراءة القرآن الكريم. 14
أصدقاء هواري بومدين في الابتدائي يقولون عنه: خجول، وكتوم، ويحب أن يجلس وحيدا في آخر القسم، ولا يثير ضجيجا أثناء الخروج. ويترك مسافة بينه وبين أصدقائه. هذا الطفل النشط، والعنيف حذر من عواطفه، وارتباطاته، ويراقب نفسه معطيا انطباعا للآخرين بوجود مسافة بينه، وبينهم. 23
أبطال، ومحيط هواري بومدين:
لم يكن للشاب هواري بومدين بطل مفضّل لديه. 17
الوسط الذي كان يحيط بهواري بومدين كان يختلف تماما عن الوسط الذي كان يحيط بفرحات عباس. 19
صدمة الحرب العالمية الثّانية، ونزول الحلفاء، وجرائم 8 ماي وأثرها على هواري بومدين:
كانت بداية الحرب العالمية الثّانية هي “الصدمة الأولى”، كما يسميها هواري بومدين فيما بعد، باعتباره كان في الثّالثة عشرمن عمره . 19
و”الصدمة الثّانية” بالنسبة للطفل هواري بومدين، وأترابه هو نزول الحلفاء بقسنطينة يوم 8 نوفمبر 1942.
أقول: مايعني أنّ الاستدمار الفرنسي ضعيف إلى درجة أنّه يستعين بالولايات المتحدة الأمريكية، وليس بالقوّة المزعومة. 21
قال هواري بومدين عن جرائم 8 ماي 1945: “هو اليوم الذي لايمكن نسيانه”. 22
عائلة هواري بومدين:
هواري بومدين: ابن فلاح فقير في ملامحه، ووقوفه، وطريقة تعبيره، وبعض الشيء من الأرستقراطية. ربّما لأنّ أباه الذي يحبّه، يريده أن يكون “مهما”. 24
لماذا رفض هواري بومدين التسجيل في مدارس عبد الحميد ابن باديس؟:
رفض هواري بومدين أن يسجّل في مدارس ابن باديس، مفضّلا عليها المدرسة القطانية التّابعة لجامع سيدي القطاني في عمق الحي العربي، وفي حدود الشارع اليهودي. وتكوّنت هذه المدرسة سنة 1775 من قبل الداي باي، والتي استولى عليها الاستدمار الفرنسي. 24
منع مصالي الحاج أنصاره من الدراسة في مدارس ابن باديس، ناصحا إيّاهم بالدراسة في المدرسة القطانية التي كانت نواة حزب الشعب. مع العلم عدّة قادة من جبهة التحرير الوطني درسوا فيها. 24
بقي هواري بومدين في قسنطينة حوالي ثلاث سنوات يدرس فيها. 25
عكس أترابه لم يكن من طموحاته العمل في المكتب . ولم يغره ميناء، وشواطئ، وحانات، وفتيات عنابة كما كانت تغري الكثير من أترابه. 25
انتمى هواري بومدين إلى حزب الشعب من خلال المدرسة القطانية، ومنذ سنة 1947. أي وعمره 15 سنة. 25
لم يكن بومدين وهو طالب في قسنطينة من الذين يلفتون النظر. لأنّه لم يكن من عائلة متعلّمة. وهذا الخجول لم يكن أيضا خطيبا، والنضال يومها، في الأوساط الطلابية يعني حرب خطابية. 26
مغادرة الجزائر لكي لايؤدي الخدمة العسكرية تحت راية الاحتلال:
حلم هذا الفتى في السّابعة عشر من عمره، أن يغادر الجزائر كما قال لصديق له لكي لايؤدي الخدمة العسكرية (تحت راية الاحتلال). 26
كان سنّ هواري بومدين ثمانية سنوات سنة 1940. صفحة 27
كان عمر هواري بومدين سبعة عشر سنة، سنة 1949. وكان همّه الأوّل هو الالتحاق بالمشرق العربي، بالنسبة لطالب جزائري شاب. وبالنسبة لشخص لم يعرف غير قسنطينة. 28
وصل هواري بومدين لتونس. وانتخابات الطلبة الجزائريين في تونس كانت فرصة لصراع عنيف بين حزب الشعب، والمؤيدين للجمعية. 29
صباح سنة 1950، شاب كبير هزيل، وشعر ينزل على جبهته الكبيرة، ويديه في جيب معطف، وعلى أهبة الخروج من تونس. وكان هزاله مرعب، ونظرته صفراء تحرق من الحمى. 30
ركب عدّة شاحنات للسفر وهو لايملك سنتيما واحدا، وهو يمرّ عبر ليبيا نحو مصر. 31
يهود الجزائر وخيانتهم للجزائر:
قلّة قليلة من المثقفين اليهود التحقوا بجبهة التحرير. 27
كان اليهود من أنصار “الجزائر فرنسية”. 27
ضيّع اليهود فرصة تاريخية حين حاربوا الجزائريين، وانضموا للمنظمة السرية المجرمة. 27
الاستدمار الفرنسي يمنع فيلم عنتر، ومسرحية البؤساء، ومراقبة الحج لأنّه يحرّضون على الاحتلال:
لكي تحج، لابد أن تسافر عبر ميناء مرسيليا. لأنّه لاتوجد باخرة تربط موانئ شمال إفريقيا بمصر. وقلّة من الحجاج كانت تربطهم علاقات بالمحتلّ. 28
منع رئيس البلدية عرض فيلم “عنترة”. وفي كلّ مرّة يعرض فيها مسرحية “البؤساء” ليوسف وهبي، سنة 1946، تضطرب سلطات الاحتلال. 28
أقول: كلّ مايحرّض على محاربة الاستدمار في نظر الاستدمار يحارب، ويمنع ولو كان فيلم، ومسرحية. وحين كان إخواننا المصريين، والعرب حفظهم الله وراعهم يتمتّعون بمشاهدة الأفلام، والمسرحيات كان الجزائري يمنع من مشاهدتها، ويضطرب الاحتلال لأنّ محاربة “عنترة” للعبودية تعني محاربة الجزائري للاحتلال. و”البؤساء” تدفع الجزائريين البؤساء لمواجهة الاستدمار الفرنسي لأنّ سبب البؤس، والحرمان.
هواري بومدين في مصر وطرده لمحمد خيدر، وآيت أحمد، وبن بلة من غرفته:
الظروف التي سافر فيه هواري بومدين لمصر، كانت تعجّ بالمظاهرات لطرد الإنجليز من قناة السويس، والإضطرابات كانت كثيرة في المدارس، والجامعات. والشرطة المصرية كانت منهكة بسبب سوء الراتب، ولذلك كانت تتغاضى عن المظاهرات. ولم يعد للملك فاروق غير أيّام. 32
بقي هواري بومدين أربعة سنوات فقط في مصر. وتقاسم غرفة صغيرة رفقة خمسة من أصدقائه في عمارة تابعة لمكتب تحرير المغرب العربي. 32
حاول محمد خيدر، وآيت أحمد، وبن بلة استرجاع الغرفة، وطرد هواري بومدين. فطردهم هواري بومدين، قائلا: “من تظنون أنفسكم؟ لستم هنا غير سياسيين. سنظلّ هنا، لأنّنا جيل الثّورة”. 32
هواري بومدين يتظاهر ضدّ قنصل الاحتلال الفرنسي بمصر:
قنصل فرنسا بمصر هو المسيّر للمبالغ الممنوحة للطلبة الجزائريين باعتبارها وَقْفْ الجزائري. لكنه يسرق المبالغ الكبرى، ولا يمنح الشباب الجزائري غير ألفين فرنك قديم للشهر. 32
احتجّ هواري بومدين على تصرّف القنصل الفرنسي، فكلّفه سجن يوم. 32
لماذا بومدين فضّل الدروس المسائية في الثّانوية على الدراسة بالأزهر:
التعليم في الأزهر كان قليل التطور بالنسبة للزيتونة. ولم تكن من طموح هواري بومدين أن يكون رجل قانون. ولذلك سجّل نفسه في الدروس المسائية في ثانوية مصرية متطورة، وهي الخديوية. 32
لاأثر لانقلاب جمال عبد الناصر على هواري بومدين، وارتباط بن بلة بعبد الناصر:
لم يكن لانقلاب عبد الناصر في 23 جويلية 1952، ولا نجيب أثر على هواري بومدين، والذي قال: “شباب جيلي، لم يكونوا بحاجة لبطل، وطموحاتهم الوحيدة هي الفعل”. 36
لم يضع بن بلة رجليه في الجزائر إلاّ بعد استرجاع السّيادة الوطنية سنة 1962. وكان مرتبط جدّا بناصر. 37
هواري بومدين الطالب في مصر، والطلبة الجزائريين في مصر:
هواري بومدين لن يكون أبدا بعثيا. وقال لأحد رفقاء الدراسة أنّ ميشال عفلق لايملك برنامج اقتصادي، وهو كالشيوعيين الذين يقسّمون المجتمع. 34
ينتمي هواري بومدين لمجموعة صغيرة تعدّ على أصابع اليد الواحدة التي تترك النقاشات الفلسفية، وتهتم بالفعل. وقال فيما بعد: “مشكلة المثقفين للدول المتخلّفة، في كونهم منقطعون عن الواقع”. 34
قال هواري بومدين فيما بعد: “لايهتم الطلبة الجزائريون بالخصوص بصراعات قادة الأحزاب”. وهو يتحدّث عن صراع الأحزاب عقب توقيف 350 عضو من المنظمة السرية التي كانت تضم 2000 عضو، وبتاريخ: 18 مارس 1950. صفحة 35
عدد قليل من الطلبة الجزائريين في مصر انضمّ للثّورة الجزائرية. ونادرا ماكان هناك مثقف رجل عملي. ولاحظ بن بلة، وهو المكلّف بالمسائل العسكرية في الخارج، وبسرعة الرجل الكبير الشاب هواري بومدين الهزيل، والذي طلب الانضمام إلى الثّورة الجزائرية منذ اليوم الأول لـ 1 نوفمبر 1954. صفحة 38
الخميس 5 شعبان 1445هـ، الموافق لـ 15 فيفري 2024
الشرفة – الشلف – الجزائر