الجزائريات وتمسكن باصألتهن المهنية الحرفية بأرض المهجر

الثقافة الجزائرية للمهن والحرف بستراسبورغ بين الأصالة والمعاصرة

توطئة:

كانت هوية الشعب الجزائري قبل الإحتلال الفرنسي تتميز بخصوصيات ثقافية متنوعة، ويتمثل ذلك في الرصيد الثقافي المشرتك لمكونات الأمة وقت الأصالة إلى حلول عصر المعاصرة ومحاربة كل قديم.

تعني المعاصرة أن يعيش الإنسان في عصره وزمانه، الحاضر لا الماضي، فالجهل بالعصر يؤدي إلى عواقب وخيمة، كما يحذرنا السالف القائل إن المشكلة ليست في جهلنا بالحاضر بل المشكلة في جهلنا بالعصر الذي نعيش فيه والجهل بالعصر سمة مشتركة بين دعاة الأصالة ودعاة المعاصرة. إن من بين دعاة الأصالة من يعيش في الماضي وحده متمسكا بها يرفض أي تغير، وأغلق على نفسه أبواب التفتح على العالم الأخر، فيري العيش في عالم العصر الجديد تخلف وتراجع عن الأصالة وتهرب منها. فعوض أن ينفض الغبار من على نفسه ويعيش كإنسان قوي يعاصر حاضره، متطلعا إلى مستقبله.

ولأجل الحفاظ على الأصالة وعدم التفريط فيها والتخلي عنها وجب علينا تطويرها بكل مكوناتها والحفاظ على موروثنا المتأصل من سلفنا عن كابر , بالسير على أثر خطى السلف, عملا بالمقولة الشعبية من فات قديمه تاه في وسط الزحمة وأتلف طريقه في الرجوع.

وللحفاظ عليها لا بد من التطلع للعصرنة في عصرنا هذا ومقاربتها بين الإيجابيات والسلبيات

ملاحظة و تنييه :

يجب علينا بعد كل هذا أن ننتبه الى نقطة جد مهمة أن العصر الحالي ليس عصر الغرب وحده في وقتنا الحاضر بسبب الزيف الإعلامي المغرض المظلل والمزغلل للعيون بدر الرماد فيها، فهناك العالم الإسلامي الذي تغافلنا عنه وتجاهلناه، والعالم العربي من مشرقه إلى مغربه خصوصا. وهو ما يحاول كثير من مروجي الثقافة الملوثة إلى دعوة مشبوهة تثمتل إستيراد الثقافة الغربية بكل عناصرها وترويجيها بدعوة معاصرة عالمية هذه الثقافة كونها ثقافة لا تتجزأ لا لشيء الا لأجل القضاء و محو كل ثقافة عربية .

إن أصالتنا لا تمنعنا من أخذ هذا العلم والإقتباس منه والإنتفاع به لتطوير ثقافتنا وفننا وحرفنا، بل بتوجب علينا ذلك أوجوبا لتدارك مصف العالمية و إلتحق الركب بعيدا عن التخلف والتأخير عن المصاف.

الثقافة والإرث الحضاري الجزائري المتأصل:

عرفت الجزائر الحضارة منذ القدم في مختلف عصور الحضارة برمتها،وأحتكت بعدة حضارات سجلها التاريخ، وغيرها وتوالت العصور المتعددة والتي تمازجت ببعض الثقافة المتجدرة وتأقلمت معها دون أن تتخلى عن أصولها. وعموما يمكن القول أن الحضارة في الجزائر قد تأثرت على مر العصور بعدة عوامل لكنها بقيت متسمكة بأصولها وكل مقوماتها ولم تتغير وبقيت محافظة عليها محمية من طرف شعبها وأبنائها البارين بها.

ومن بين هاته الحضارة الثقافية برمتها مجد الصناعات التقليدية الحرفية,المهن اليدوية المتوارثة من سلف لخلف وعن كابر رجال و نساء, فلكل حرفة ومهنة جنسها فعلى سبيل المثال صناعة الحديد والنحاس والجلود والسروج من مهن الرجال والنسوة والفتيات عموما.

ومن بين هاته العينات نختار على سبيل الذكر لا الحصر أنموذجين بارزيتن صنعتا الحدث في ديار الغربة بأرض المهجر بستراسبورغ خصوصا, سيدتان نقشتها وبصمتا أسميها في السجل الذهبي المشرف للحرف والمهن التقليدية من صناعة و تجهيز وغيرهم.

الجزائرية و دورها بأرض المهجر.

من خلال تتبعنا لنشاطات الجالية و بدعوة من الأصدقاء بحكم تتبعنا لكل صغيرة وكبيرة لهاته الفعاليات صادفنا معرض الألبسة التقلدية الحرفية من عباءات و أثواب نسوية منجزة ومعدة ومتقنة من أنامل هاته السيدة الضليعة بمهنة الأمهات والجدات وفتيات عصرها وإحتكاكها بهن أيام زمان تواجدها بأرض الوطن بمسقط رأسها.

فرغم تكوينها العلمي الجامعية وتككلها لدراسات عليا خارج الوطن لم تتخلى أبدا عن مهنتها الحرفية التقلدية المتوارثة من سفلها من سنين خلت رغم تواجدها بديار الغربة إلا أنها لم تتخلى عن أصالتها وجذورها العميقة الضاربة من أعماق جذور الجزائر وكانت نعم السفيرة للثقافة الجزائرية خارج الوطن ونعم الممثلة للمهن والحرف التقليدية الجزائرية.

الجزائرية بين الأصالة و العصرنة بأرض المهجر بستراسبورغ.

في ظل المحافظة على ثقافتنا العريقية منذ القدم و إبرزاها تمتزج التقاليد الأصيلة بالموضة مع العصرنة في وقت تغلب فيه العصرنة على الأصالة.

فنون بطبوع وألوان متعددة.

ومن خلال معرض الجزائرية بمجموعة ديامانتينا دريس ستراسبورغ, معرض خاصة بمناسبة يوم المرأة العالمي بقاعة العرض المخصصة للفعالية النسوية في يومها العالمي. عرضها الخاص المميز بمجموعة رفيعة من الفساتين الجزائرية التقليدية المزينة بالتطريز والخرز.

يعجز اللسان عن الوصف و العرض:

لا نجد ما نضيفه إلا ما سبق ذكره وعرضه سابقا, قدمت من خلال عرضها الخاص بالأزياء للفساتين الجزائرية التقليدية الأصل. بجناح خاص بقاعة القالي بهوت بيار بعرض المنتوجات من الخياطات التقليدية للتعرف والإطلاع على المنتوجات الجزائرية ما يروق لعشاق فن الصناعة التقليدية الجزائرية الأصيلة بديار الغربة بأرض المهجر, للتشبث بالأصالة وحنين الشوق للوطن الأم.

ضم العرض أجمل فساتين الخياطة الراقية المستوحاة من النمط الجزائري الراقي من صميم التقاليد العريقة. فساتين مصنوعة بعناية وإحترام للتحديث بالإضافة إلى التقاليد الأصيلة، مع ضمان فريدا من نوعه لإختيار المواد الخام المستعملة في الخياطة وصناعة الفساتين وتحقيق الموديلات لجميع المناسبات وجميع الفئات العمرية.

عرض أزياء أعاد أمجاد الخياطة التقليدية الراقية على سابق عهدها, التي سادت في حقبة القرن الماضي وتألّقت بها النساء عصر زمانهن في الحفلات الأعراس والمناسبات التي تتطلب زينة وموضة، وكانت مصدر إلهام لعدد كبير من المعجبين، مجموعة مبهرة سكبت فيها الخياطة المحترفة من إحساسها الرقيق، وأعطاها دفعاً من مخيلتها الإبداعية، وترجمتها إلى فساتين وأثواب راقيّة تتماشى والموضة والعصرنة, تجمع بين الأناقة والرومانسيّة التي تعشقها النساء عامة والفتيات خاصة المخطوبات والمقبلات على الزواج أو حديثات العهد به، وذلك ضمن باقة من الألوان الزاهية المبهرة التي تعكس بهجة الحياة وتحتفي بالأنوثة الصارخة والأقمشة المتعددة والتطريزات الحرفية الدقيقة المتنوعة.

عرض في مجموعة تصاميم الخياطة الراقية لبداية سنة 2023، تنوعت فيها القصات بين الضيقة، المنسدلة، وبين القصيرة والطويلة والمعدلة الطول، منها ما جاء بنمط الثنيات الصغيرة ومنها الكلاسيكي، التي لا تقل أناقة وروعة. وبرز التطريز اليدوي الذي عكس حرفية الخياطة الراقية مستوحاة من الزخارف الفنية لموضة السنوات الغابرة مع تعديلات إبداعية راقية أدخلت لتطوير النمط والموديل المختار، كما أضافت تلك التفاصيل الدقيقة بعد خاصاً متعدد الأبعاد على كل تصميم، وأعطته هوية فريدة من نوعها كل عمل تصميم،.

وحضر العرض عدد كبير من الجمهور، العرض الذي يعد واجهة لبعض الموديلات الموسمية القادمة من عديد النماذج التقليدية ذات الجودة والأصالة الجزائرية العريقة والعربية المتجذرة في أعماق ذهن الجالية الجزائرية برمتها والعربية عموما بدون منافس ولا منازع.

على هامل المعرض تقربنا من صاحبته للتعرف عليها و على مهنتها.

فأخبرتنا مرحبة بتواجدنا وسؤالنا لها, معرفة بنفسها السيد إبتسام من أصول جزائرية بنت الشاوية الأشاوس الأحرار شرق الجزائر, طالبة جامعة بأرض المهجر بفرنسا حاليا, خريجة الجامعة الجزائرية العربي التبسي, تخصص علوم تجارية, أم أطفال , من مدرسة لغة عربية إلى مديرة لغة عربية وقران كريم , عضوة المرصد الأوروبي للغة العربية لغير الناظقين بها, الكائن مقره بباريس العاصمة الفرنسة منذ 14 سنة, من محبي اللغة العربية والمدافعين عليها. عضوة فعالة في المجتمع المدني بجميع أطيافه لا سيما الحركة الجمهوية ونشاط الجالية في شهر رمضان الفضيل وإعداد مائدة إفطار الصائم للطلبة والمحتاجين و تقديم المساعدات قدر الإمكان, سيدة قوية إستطاعت فرض وجودها وإثبات ذاتها في مجمتع غير مجتمعها متأقلة رافضة التخلي عن أصالتها وهويتها ومقوماتها بها لكنها متطلعة على التفتح والرقي عاليا لولوج عالم الموضة والعصرنة بمهنية وإحترافية محترمة والقائمة طولية نظرا لسجلها الدهبي المشرف لا يسع المقال لسرده كاملا في سطرين.

ويهدف المعرض إلى حماية المهن والحرف الجزائرية من الضياع والإندثار وترقية التراث الثقافي إلى العالمية عبر بوابة العصرنة. التعريف لنشاطات الحرفية الجزائرية في كل مناسبة وفرصة سانحة .تطوير الفنون الحرفية التقليدية وتشجيع المواهب على المحافظة عليها من خلال عرض هاته النشاطات الحرفيية المناسبيتية والتي تضمن التكوين الفني الحرفي المهني التقليدي نوعا إلى حد بعيد قدر الإمكان مساهمة مني.

للعلم وللأمانة ليس المعرض الأول الذي نحضره لها سبق وأن حضرنا معرضها الخاص بمطعم الأخ جلول أميري على أطباق الجمر للأطباق الشعبية والماكلولات التقليدية لا سيما الزفيطي البوسعادي وما له من بنة ولذة ونكهة. الطبق المتهافت عليه عديد الزوار في كل مناسبة وفرصة المرفوق بإبريق الشاي الجزائري وباقي الآنواع مما لذا وطاب.

عرض جزائري مكتمل الحرف والمهن

صناعة الشموع اليدوية مختلفة الأحجام و الألوان و الأشكال.

معرص خاص من حرف راقية جد رفيعة الصنع وعالية بتقنيات مبهرة زادت الجناح تحفة وبهجة ورونقا مزين للركن المخصص له. شموع مختلفة الأحجام والأشكال متكنوة من الشمع المصبوغ بالألوان حسب ذوق المشترين والمعجبرين لاسيما للعرائس والمناسبات سواء الإجاماعية الدينية وحفالات الزفاف والأعراس والختان وأعياد الميلاد, شموع متكونة من العطور و السيلكون و خيط الإشتعال, ألوان زاهية أبهرت الجميع وأسالت لعاب الحاضرين

من صنع وإنجاز أنامل الطالبة حواء شحمي بنت الغرب الجزائري من أوصول مهاجية, حرفية هاوية متطلعة شغوفة بالصناعات التقلدية المهنية الحرفية عن كابر ,من عائلة محافظة ملتزمة سليلة الأعراق تاريخيا و فكريا و جهاديا و دينيا فقهيا من حواضر الشام منذ قرون خلت.

كانت هاتين عيناتين من بنات الجزائر المحافظات المتسمكات كاناتا سفيرتا الثقافة والحضارة الجزائرية بديار الغربة بسترسبورغ فرنسا.

ألأستاذ الحاج نورالدين أحمد بامون – ستراسبورغ فرنسا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى