أخبار العالمفي الواجهة

انتهاك لمبدأ «الصين الواحدة»

فهد المضحكي

في الأيام القلية الماضية، استجابة لزيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إلى تايوان، اخذت الصين تدابير للدفاع عن النفس وأجرت تدريبات عملية مشتركة وتدريبات بالأسلحة الحية في المناطق البحرية والجوية في محيط جزيرة تايوان. في الوقت ذاته، استجاب المجتمع الدولي بشكل مكثف لذلك أيضا حيث أعربت أكثر من 160 دولة عن دعمها للصين. للكاتب والباحث الصيني وو ييهونج مقالا نشر في صحيفة «الاتحاد» الفلسطينية، يذكر فيه ان لدى المسؤولة الأمريكية درجة عالية من الحساسية السياسية عندما ذهبت إلى تايوان للقيام بأنشطة بأي شكل ولأي سبب، على الرغم من أن إدراكها بأن زيارتها ما هي إلا استفزاز سياسي كبير للصين لرفع التبادلات الرسمية بين الولايات المتحدة وتايوان وتعتبرها الصين خيانة للالتزامات السياسية للولايات المتحدة، وخروجا خطيرا عن مبادئ «بيان شنغهاي» الصيني الأمريكي. ظاهريًا، يبدو أن بيلوسي قد نجحت، لكن هذا النجاح يشكل في أفضل الأحوال مكسبًا سياسيًا شخصيا قصير المدى فقط، إلا أنها ستؤدي إلى عواقب التأثير الخطير لذلك على مبدأ الصين الواحدة، وأحكام البيانات الصينية المشتركة الثلاثة، والأساس السياسي للعلاقات الصينية الامريكية.

ويذكر هنا أنه في عام 1972، وعدت الولايات المتحدة صراحة في «بيان شنغهاي» بأن الولايات المتحدة تعترف بأن جميع الصينيين على جانبي مضيق تايوان هي صين واحدة وأنها تلتزم بعدم إثارة أي اعتراض على أن تايوان جزء من الصين. في عام 1979، وعدت الولايات المتحدة صراحة في البيان الخاص بإقامة علاقات دبلوماسية بين الصين والولايات المتحدة بان الولايات المتحدة تعترف بحكومة جمهورية الصين الشعبية باعتبارها الحكومة الشرعية الوحيدة للصين. في عام 1982، قدمت الولايات المتحدة التزامًا واضحًا في بيان بأنها اعترفت بحكومة جمهورية الصين الشعبية باعتبارها الحكومة الشرعية الوحيدة، وأن هناك صينا واحدة فقط، وأن تايوان جزء من الصين. والسؤول الذي يطرحه يبهونج هو، هل البيت الأبيض خارج عن السيطرة أم أنه يلعب دورًا مزدوجًا؟ ويمكن استخلاص رأيه بإيجاز، عندما أوضح الرئيس جو بايدن لبيلوسي أن الأمر يعتمد على قرارها وأن البيت الأبيض لا يمكنه أن يحكم الكونغرس، مما يعني أن هذا في الواقع نوع من الإذعان والتسامح واللعب المزدوج. وبالتالي ليس غريبًا على الولايات المتحدة اللعب على الوجهين، من خلال الاستفادة القصوى من النظام الوطني الذي يجعل السلطة التشريعية للكونغرس مختلفة عن بعضها البعض بينما في الحقيقية هما وجهان لعملة واحدة. فمن ناحية هم يتحدثون عن التعاون والصداقة مع حكومات الدول التي لها علاقة دبلوماسية، ومن ناحية اخرى، يتواطؤون مع معارضة الدول ذات العلاقة الدبلوماسية، واستخدام حقوق الإنسان والديمقراطية لممارسة الضغط، وحتى توفير السلاح والمال. عندما زار بايدن إسرائيل في يوليو الماضي، تم الكشف عن هذا النهج المزدوج في التعامل مع الٱخرين بشكل كامل.وفي المؤتمر الصحفي اللاحق أعلن بايدن «التزامه بحل الدولتين» لكنه شدد على أن هذا الحل «بعيد جدا».

على مدى العقود القليلة الماضية، اختلق الناتو بقيادة الولايات المتحدة تهديدات وذرائع مختلفة، مثل أسلحة الدمار الشامل، وشن معركة كبيرة ضد دول ذات سيادة وشن حربًا حتى بدون سبب. وهنا نسأل كم عدد المٱسي الإنسانية التي حدثت في العراق وليبيا وسوريا وأفغانستان وأماكن أخرى؟ وكم عدد الضحايا المدنيين الأبرياء الذين سقطوا ؟ وكم عدد العائلات التي تشتت افرادها وتفككت؟ ومع ذلك، لم يشعروا بتأنيب الضمير الإنساني بسبب العواقب الخطيرة والكوارث التي تسببوا فيها. وعودة إلى زيارة بيلوسي إلى تايوان، لقد بذلت الصين أكبر الجهود الدبلوماسية وحذرت مرارا وتكرارا من خلال قنوات مختلفة من أن زيارة بيلوسي إلى تايوان، ستتسبب في أضرار جسيمة. وحاول بعض المحللين تبرير الزيارة بأنها تأتي ضمن المصالح الشخصية المتعددة لبيلوسي وتتضمن أولاً، اقتراب انتخابات التجديد النصفي الأمريكية، والتدهور العميق الذي يواجهه الحزب الديمقراطي. وان بيلوسي أرادت عبثًا كسب«نقاط سياسية» من خلال لعب«ورقة تايوان» وترك ما يسمى بالإرث السياسي. ثانيًا، مساعدة زوجها بول بيلوسي في تحقيق أرباح من استثماره الأخير في صناعة الرقائق. ووفقا لعدد من التقارير الإعلامية الأمريكية، أصبح زوجها بول بيلوسي رجلاً ناجحًا في سوق الأسهم الأمريكية في العامين الماضيين.

تعتبر الصين زيارة بيلوسي لتايوان تأتي في إطار تدخل واشنطن في الشؤون الداخلية للصين بذريعة حماية الديمقراطية، واستمرارها في إفراغ مبدأ الصين الواحدة، وأنها لمست الخطوط الحمراء لأحد الثوابت الصينية. ولهذا كان من المتوقع أن تبدأ الصين بإجراءات مضادة لهذا السلوك الأمريكي تتضمن الجوانب العسكرية والسياسية والاقتصادية وغيرها. وبحسب وجهة نظر الباحث، فإن الصين تستمد إجراءاتها المضادة وفقًا للاعبارات التالية: أولا، صفر التسامح. إذا كان الجانب الصيني غير مبالٍ بإجراءات الجانب الأمريكي الملحة المتزايدة للتدخل في الشؤون الداخلية والاضرار بالسيادة، ولم يقاوم بحزم تصرفات الجانب الأمريكي غير المسؤولة، فعندئذ أهداف ميثاق الأمم المتحدة والأعراف الأساسية للعلاقات الدولية، مثل احترام السيادة والسلامة الإقليمية، ستصبح فارغة وحبرًا على ورق. قد تصبح البلدان النامية التي تضم أكثر من 80% من سكان العالم الهدف التالي في أي وقت. ثانيًا، إظهار الثقة والقوة. حيث لم تعد الصين كما كانت منذ أكثر من 120 عامًا. ولن يسمح الشعب الصيني أبدا لأي قوى أجنبية بالتنمر عليهم أو قمعها أو استعبادها. لقد وضعت الولايات المتحدة والغرب قضية تايوان على قدم المساواة مع الصراع بين روسيا وأوكرانيا، وأدرجتها في سرد ما يسمى بالصراع الأيديولوجي «الديمقراطية مقابل الاستبداد». لقد اصبحت السلطات في تايوان كالدمى وحجر الشطرنج التي تحركها الولايات المتحدة، وأصبحت قضية تايوان أكثر تدويلاً. لقد أصبح واضحًا لماذا روجت واشنطن بقوة لزيارات السياسيين الغربيين إلى تايوان فهي تسعي لتكرار نموذج النسخة الروسية الأوكرانية وتعزيز الصراع في تايوان في إطار مصالحها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى