التحمل الديمقراطي!!
د. صادق السامرائي
لكي تكون ديمقراطيا، عليك أن تكون صاحب قدرة على التحمل والإحتمال .
ولا يعني ذلك أن تكون موافقا أو متفقا، أو ترى بذات المنظار، وإنما في جوهر الديمقراطية، يكمن سلوك التحمل.
فإذا لا نعرف كيف نتحمل بعضنا، فأننا أبعد ما نكون عن الديمقراطية.
وإذا كنا لا نفهم في التنوع والإختلاف، فعلينا أن نغسل أيدينا وأرجلنا من أوساخ الديمقراطية، لأنها لن تنفعنا.
الديمقراطية، حالة نفسية وسلوكية، وليست كلمات وادعاءات فارغة، ودساتير لا ديمقراطية.
فإن كنت لا تتحمل ما أراه، وتعطيني الفرصة لإختبار صحة رؤيتي، فكيف يمكننا أن نصنع وجودنا الديمقراطي؟
ففي مجتمعنا، هناك إرادة ديمقراطية، مجردة من السلوك الديمقراطي، بكل ما يتصل به، من الرؤى والتصورات والفهم والإدراك والتعبير اللغوي والعملي.
فعلى سبيل المثال، أن منهجنا السياسي، لا يعطي الحرية لأي طرف للتعبير عما فيه، ولا فرصة كافيه، لكي يكون واضحا أمام الشعب، وإنما ترى الكراسي مقيدة بأصفاد تكتلية وفئوية، تغيّب الدور وتمحق الحالة.
وتجد الكثير من الشواهد التي تنسف التحمل والتفاعل الإيجابي، الذي يحرك مسيرة الحياة بإتجاه صائب.
فالأحزاب لا تتحمل بعضها، الأشخاص لا يتحملون بعضهم، مما يخلق كراسي لا تجيد إلا سلوك التناطح والصراع الغابي الشرس الطباع.
إن محنة الديمقراطية العراقية، تتأكد في هذه العاهة السلوكية التي علينا مواجهتها، والتفاعل معها بمهارات وطنية، ونكران ذات، وتوجه صادق نحو خدمة المواطن وبناء البلاد من أقصاها إلى أقصاها.
ولا فرق في مَن سيكون في هذا الكرسي أو ذاك، ما دامت الأخلاقية ذاتها، ومناهج التفكير لا تمت بصلة عملية إلى معايير الديمقراطية وأخلاقها وتطلعاتها الإنسانية.
فلكي نكون ديمقراطيين، علينا أن نعالج نقاط ضعفنا الديمقراطي، لا أن نبررها، ونتمترس فيها وخلفها، لأن في ذلك تدمير للديمقراطية وتحطيم لأركانها.
فهل سنتمكن من وعي وفهم آليات التحمل والتفاعل الديمقراطي المعاصر، أم أننا سنتدرع بآليات تفكيرنا وسلوكنا المعادية لجوهر الديمقراطية ونتقنع بالديمقراطية وحسب؟!!
د-صادق السامرائي