تعاليقرأي

ازرعوا بذرة الخير

نهضت في الصباح الباكر على صوت سجي هز كياني ، بعث في روحا من طمأنة ، وقد ألبستني سرورا وجدت طعمه في نفسي ، في هذه اللحظة الطيبة استحضرت معاني حديث نبوي شريف حفظته في زهرة عمري الأول فتى ، أن البركة في البكور، أن الخير مكتوب في حواصل الطير ، حين تغدو في طلب رزقها ، كل تلك المعاني رسمت في مخيلتي أن الخير مزروع فينا ولكن فينا من لا يبصره
كما قال عون بن عبدالله بن عتبة: ( الخير من الله كثير؛ ولكنه لا يبصره من الناس إلا يسير ) .

قلت : إن وهج بذرة الخير تزرع الحياة في النفوس ، تبعث في نفوسنا بذرة الأمل ، لأن أرواح العباد مفطورة على الخيرية ، فهذا يعني لنا أن قتل بذرة الخير في النفوس يعني الكثير ، معناه موت بطيء .
كنت أقول في نفسي كلما انقبلت بعض موازين الخير في تعاملنا ، شعرت أن أنفاسي أصابها ذبول ، حين نرى هيجان الشر واستقواء أهله ، وأرى خذلان أصحاب بذرة الخير وانزواء أهله، وقد هالنا ارتفاع رغوة بذرة الشر ، و نحن نراها تطفو في السماء ،تعلو تنشر بغيها في تحد ، بل تكابر في عناد ، تبسط هيمنتها.
مع هذا الهيجان تأتيني نسمات رقيقة ، تبعث في أنفاسي بصيص أمل أن الخير مستمر رغم ضعفه ، وأن بذرة ريحها ضعيفة مع تغولها، وأن نسمة الخير تعلو على ضعفها ، هي هكذا سنة الحياة ، حرب في سجال بين بواعث الخير وقواصم نزعات الشر ، حرب في سجال.
ما يسلينا أن جذور الخير باقية في أصول الأرض ، كجذور النخل تغوص في الأعماق ، وسيقانها في السماء ، تحمل الثمار اليانعة ، ثمار يطيب رزقها أكلا طيبا للعباد ، فروح الخير تتجدد جذوتها في النفوس كلما ضعف فينا الوازع و خملت فينا رشاحته ، خرج فينا من يبعث الأمل يرفع شاراته ملوحا ، يجدد فينا القوة والنشاط ، يشحذ همتنا ، لتبقى على خيرتنا ، كي تستمر رسالة الخير ، تخاطب فينا أن فعل الخير شعار المجدين.
وخير ما اختم به هذه اللطيفة التي أحسبها فيها خير كبير ونفع دائم إن شاء الله
يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله: قال ابن بطال: الخير ينبغي أن يبادَر به؛ فإن الآفات تعرض، والموانع تمنع، والموت لا يؤمَن، والتسويف غير محمود.

الأستاذ حشاني زغيدي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى