إيران و الأمن القومي العربي.

فضيل التهامي

لقد أصبحت دراسة الأمن القومي العربي موضوعا جوهريا بالنسبة للعالم العربي، ودلك من خلال التأكيد على أهمية التخطيط في التعامل الدولي، و صنع سياسة خارجية تتوافق مع مصالح المنطقة العربية، إضافة إلى ضرورة العودة للتاريخ باعتبار الواقع العربي امتداد للحقيقة التاريخية.
وهدا ما سيدفع الأمة العربية إلي الإدراك الداتي لأمنها ا لقومي، فهدا المفهوم يرتبط عضويا بتكامل الكيان السياسي،و محاولة تفادي التفرقة و التجزئة أو تعارض و تناقض السياسات التي تدفع إلى خلق ضبابية في تحديد هدا المفهوم.
فالأمن القومي ادن هو بعد استراتيجي تتفاعل و تتعانق فيه طبيعة الحدود الجغرافية بطبيعة علاقات الجوار في توافق منتظم ، انه نوع من التزاوج بين الفكر السياسي المتعلق بالوظيفة الحضارية للدولة و الأوضاع الجيوبوليتكية للإقليم الذي يتحدد به الوعاء المكاني الذي تمرح داخله الإرادة القومية.
فالهدف الأساسي من دراسة ” الأمن القومي العربي” هو محاولة تفسير و تحليل العلاقة بين الأمن القومي العربي و تطور الاستراتيجيات الكبرى حول العالم العربي ، بحيث أصبحت هناك حقائق تفرض نفسها جعلت عالمنا العربي يتبوأ الصدارة في الصراعات الدولية ، كالصراع العربي الإسرائيلي .إضافة إلي صعود قوى جديدة يمكن أن تقلب الموازين في العالم العربي و تهدد الأمن القومي العربي.
فقد شهدت السنوات الأخيرة تصاعدا غير مسبوقا لتأثيرات ” العامل الإيراني ” في الشرق الأوسط ، فقد تجاوزات السياسية الإيرانية كل الحدود التقليدية التي أحاطت بها خلال العقود الثلاثة الماضية ، لتتحول إلى أهم العناصر المؤثرة في التطورات الإقليمية بحيث لم يعد من الممكن تجاهل الدور الإيراني في التعامل مع معظم القضايا المثارة في العراق و لبنان و قطاع غزة ، مع وجود تأثير مباشر للسياسية الإيرانية على أوضاع اليمن و السودان و سوريا و عدد من دول الخليج كالبحرين و الكويت.
كما قد تم بروز سياستها في اتجاهات دفعت عموما إلى تفاقم الصراعات ،عبر نهجها لسياسات انفرادية تستند على تصورات للهيمنة الإقليمية و دعم للفاعلين الغير الرسميين داخل الدول ، و استخدام المكثف لدبلوماسية المال و الأدوات الاستخباراتية و زعزعة الاستقرار و الدعاية المكثفة. و لتتزايد قوة إيران في المنطقة بشكل كبير عقب انتشار خبر نجاحها النووي الأخير .
وفي هدا السياق يمكن أن نطرح الإشكال التالي:
أين تتجلى التهديدات الإيرانية للأمن القومي العربي في منطقة الشرق الأوسط ؟
كافتراض أولي يمكن اعتبار إيران كقوة إقليمية في منطقة الشرق الأوسط قد استغلت انهيار العراق و غزو أفغانستان 2003 ، و حالة الانقسام التي أصابت تحالفات الدول العربية الرئيسية ، لتتضح تهديداتها للأمن القومي العربي من خلال نهج لسياساتها التوسعية في المنطقة عبر مجموعة من القنوات كإثارة المسالة الشيعية و التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية ، و التو ضيف الاستراتيجي للقدرات النووية .فكل هدا قد يدفع الدول العربية الى امكانية وضع اليات للمواجهة من خلال فرز استراتيجيات للتعامل مع الازمة.
سأحاول أن أعالج هده المقالة من خلال محورين أساسين: الأول سأرصد فيه التهديد الإيراني للأمن القومي العربي في الشرق الأوسط ، مبرزا محدداته و أشكاله،
أما المحور الثاني سأتطرق فيه الى الدول العربية و آليات المواجهة، مبينا فيه كيفية تعامل هده الدول مع الأزمة الإيرانية ، و استراتيجيات المواجهة للدفاع عن الامن القومي العربي
1- التهديد الإيراني في الشرق الأوسط
1-1 محدداته:
لقد كانت دائما مشكلة في تحديد المحددات التي تؤثر على السياسية الخارجية الإيرانية ، على نحو أدى الى نقاش فرز تباين في الآراء ، فيذهب البعض أن الطبيعة الدينية للنظام الايراني طرحت سؤال ما إن كانت العوامل الاديولوجية تمارس تأثيرا على السياسة الخارجية لإيران ، إضافة أنها قد تذهب في الاعتقاد بأنها لديها مشكلة امن بحكم تواجد القوات الامريكية حولها من كل جانب.
فهدا قد يؤشر على أن المنطقة إزاء دولة فارسية ذات توجهات هجومية ، لدا فان محاولة تقييم بعض العوامل المؤثرة على توجهات ايران الخارجية في الاقليم سوف تستند إلى مسلمات واضحة:
– أن ايران واحدة من الدول القوية في المنطقة ، سواءا من حيث المساحة الجغرافية او عدد السكان او تماسك النظام السياسي داخلها .
– أن القوة العسكرية الايرانية لديها قدرة فائقة مستمدة من حروب الخليج السابقة ، كما تتمثل عناصر هده القوة في طبيعة التوازنات الإستراتيجية المحيطة بها بعد انهيار العراق،
إضافة الى سيطرة المحافظين على السياسة الخارجية الايرانية.
و في هدا الإطار أدت مجمل هده العوامل الى سيطرة مفهوم توسعي على التوجهات الاقليمية لايران ، فمن المفترض أن الطابع الدفاعي هو الذي يمثل جوهر مفهوم الامن القومي لآي دولة ، إذ عادة ماتهدف الدولة الى الدفاع عن أراضيها و إيجاد بيئة تفرز اقل تهديدات لها ، لكن مشكلة المفهوم الايراني للامن القومي يبدو كمفهوم هجومي ، الذي يتضح من خلال تصور ايران ان لديها الحق في الدفاع عن نفسها في مواجهة التهديدات الامريكية من خلال تواجدها في العراق ، لكن من الصعب الحكم أن ماتقوم به ايران في العراق يهدف الى الدفاع عن امنها دون أن يؤدي الى انهيار امن الدولة العراقية .
فالمحصلة ادن أن هناك طرفا إقليميا قويا لدية توجهات خارجية ، ذات طابع هجومي ، لا يسهل التعامل معه .فهدا هو مضمون تاتير الوجود الايراني في الشرق الاوسط.
1-2 أشكاله:
إن ملامح الحقبة الايرانية في الشرق الاوسط أصبحت تتسم بالوضوح من حيث تصاعد التدخلات في الشؤون الداخلية للدول و صعود المشكلات المذهبية داخل المنطقة ، و التو ضيف الاستراتيجي للبرنامج النووي الإيراني .و في هدا الإطار تمثلت أهم الإشكالات المتعلقة بأشكال التهديد الايراني في الشرق الاوسط فيما يلي:
– إثارة المسالة الشيعية
لاشك أن ايران تزرع لها جدور في كل ارض تنبث فيها جدور التشييع ، و هي تتعهدها على الدوام و في كل الظروف ، و تحت أي مسمى ، ولدى أي نوع من الحكومات ، منتظرة يوم يأتي الحصاد . فقد أكد أية الله هاشمي رفسنجاني في حديث لمجلة الطريق عن مساعدته للشيعة في كل مكان حتى ولو كان حزبا او اقلية برلمانية خصوصا في العلم العربي بعد قيام الثورة الاسلامية و اقرار نظام ولاية الفقيه.
فالمهم من هده الموجة – موجة التشيع – التي يفترض أنها اتفاقية قد اتخذت أبعاد سياسية حادة ، عندما بدا الحديث عن نطاق واسع حول الظاهرة الشيعية في الاقليم ، و الصراعات المذهبية كما حدثت في العراق التي وصلت فيها حدة المصادمات إلى مستويات دموية، كما أدت سلوكيات حزب الله اتجاه المشكلات الداخلية اللبنانية ،و التي وصلت الى استخدام القوة المسلحة في الداخل اللبناني و تصاعد صوت ” الطوائف الشيعية ” في المنطقة بطريقة غير معتادة كما جرى في البحرين و الكويت.
لقد أصبح النظام الإيراني يعتمد في معاملته مع الدولة الشيعية اسلوب المبادأة ، لان دلك حسب تصوره يدخل ضمن نظرية الأمن الإيرانية ، باعتبار أن من حق ايران بما مالديها من مبررات تاريخية و سياسية و عقائدية أن تضع نظرية امن تحقق مصالحها ، و طموحاتها باعتبار أن الجانب العسكري في مفهوم الامن ، رغم كونه الجانب الغالب لم يعد اساسيا بعد الحرب العراقية الايرانية و حرب الخليج الثانية .
عموما فقد أصبحت ايران تستعد لمواجهة ظروف إعادة رسم خريطة منطقة الشرق الاوسط ، فهي ترى تحركات الشيعة بمنظور اوسع من المصلحة المحلية ،و أصبحت تتباحث معهم حول وحدة الشيعة واهمية الاتصال و الترابط بين هده القوى في العالم ، و تشجيعهم على” ركوب الموج” في الدول العربية .
– التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية
لقد أصبحت إيران تقوم بالتدخل بشكل مباشر في الشؤون الداخلية للدول العربية ، فهي الطرف الثاني الأكثر تأثيرا في العراق بعد الولايات المتحدة الامريكية ، كما انها ثمتل احدى القوى الممانعة المؤثرة في لبنان من خلال ارتباطها بحزب الله ، لتحاول الاقتراب من الجانب الفلسطيني من خلال علاقتها مع حركة حماس ، فان هده التدخلات التى تنهجها ايران اتجاه الدول العربية بشكل عام ، اصبحث لا تهدد فقط الامن القومي العربي و انما تجاوزته الى تهديد كيان او بقاء الدول ذاتها ، فايران اصبحت تدعم نفودها داخل بعض الدول العربية كلبنان استنادا على قوى سياسية مرتبطة بها ،و تقترب بقوة من البيت الفلسطيني
و تعتبر أن قدرتها على ازعاج الدول المجاورة لها داخليا ورقة قوة، و تسعى لمتلاك اسلحة نووية مقلقة بالنسبة لدول المنطقة ، كما أن مكمن خطورة ايران اتجاه الدول العربية تتجلى في تعاملها مع جماعات تتبنى مواقف متشددة اتجاه القوى الاخرى في الدول، كما فعلت الجماعات الشيعية الموالية لايران في العراق ، فقد ادى الدعم الايراني السياسي و المالي الى حالة اضطراب دخل الكيانات التي تتدخل فيها ايران.
-البرنامج النووي الايراني
تعود طموحات ايران النووية الى فترة ماقبل الثورة خلال الستينيات ، فكثيرا ما بنيت التصريحات الرسمية مند دلك الوقت الى سياسة تطوير التقنية النووية لأغراض سلمية، و بعد فترة سكون بسبب الحرب مع العراق انبعث برنامج ايران ، و مند دلك الوقت أصبحت الشكوك الدولية تحدر من الطموحات النووية الايرانية بحيت اصبح يشكل برنامجه المدني غطاءا استراتيجيا لتطوير تخصيب اليورانيوم بالمستويات التي يتتطلبها تصنيع السلاح النووي، فالمشكلة أن ايران اصبحت تمتلك برنامجين نووين وليس برنامجا واحدا، فالاول مدني بالكامل كمفاعل بوشهر ، و الثاني مزدوج دوا وجه مدني يمكن أن يستخدم كوقود نووي ، كما يمكن استخدامه في حالة التخصيب بدرجة فعالة للاستعمال العسكري .في حين أن التقارير الدولية اشارت أن هناك بعدا استراتيجيا للبرنامج الايراني.اما من ناحية تهديدها للامن القومي العربي، فان اغلب الدول العربية لم تهتم بمشكلة البرنامج النووي في بدايتها ، ولم تكن لها على الارجح تقديرات خاصة بشان تطوراتها ، ولم تتخد أي اجراءات لمعالجة هده الازمة على الرغم من انها ستفرز تاتيرات خطيرة على امن المنطقة ، لكن بعد دلك اصبحث الدول العربية سواءا مصر او دول الخليج تعرب عن هواجس محددة بشان البرنامج النووي الايراني ، وبعد دلك ستظهر بعض التقديرات الخاصة بتاثير ” السيناريوهات المحتملة ” للازمة او حالة الامن في الدول العربية و استقرار المنطقة.
إن ما يطرحه الملف الايراني هو أن يقود في النهاية الى امتلاك ايران للاسلحة النووية ، وهو ماسيؤدي الى حدوث تغير استراتيجي في المنطقة من حالة الاحتكار النووي الاسرائيلي الحالية، الى حالة من الانتشار النووي المستندة على نمودج القطبية الثنائية في الاقليم، فقد سادت في التفكير الاستراتيجي في دول المنطقة اتجاهات متضاربة بشان تداعيات هدا الوضع ، فالاتجاه الاول يرى أن الازمة يمكن أن تحل لان ايران دولة اسلامية مجاورة ولا تتجه نواياها نحو تهديد الدول العربية ، فمن الواضح انها لاتفكر سوى فيما كانت تعتبره الشيطان الاكبر الذي يتواجد على حدودها من الشرق و الغرب حاليا، بل انها يمكن أن توظف وضعها النووي في الضغط على اسرائيل لازالة قوتها النووية. في حين أن الاتجاه الثاني يرى أن الدول العربية في الاقليم ستجد نفسها في مأزق، فسوف يكون من المفروض عليها أن تتعامل مع دولتين غير عربيتين تمتلكان الاسلحة النووية، وكل المؤشرات تؤكد أن هاتين الدولتين لا تكونا راغبتين في نزع اسلحتهما النووية عبر مشروع لاخلاء الاقليم من الاسلحة النووية.
فالواقع أن الملف النووي الايراني كان المسؤول الاول عن اثارة فكرة البعد الاستراتيجي المحتمل للبرامج النووية العربية ، فقد بدأت الكثير من تلك البرامج خاصة برامج القوى الكبرى في الشرق الاوسط و كأنها رد فعل للنشاطات النووية الايرانية ، وبقي سؤال يطرح ماهي ردة الفعل كل من مصر و السعودية؟….فقد يتحول الشرق الاوسط الى اقليم مشابه لجنوب أسيا، خاصة بعد تصريح كان قد صدر عن الرئيس المصري في يناير 2007 يشير فيه أن مصر لن تقف مكشوفة الأيدي ….و سوف تدافع عن نفسها..
2- الدول العربية واليات المواجهة
2-1 كيفية التعامل الدول العربية مع الأزمة الإيرانية
لقد شكل نجاح إتمام تخصيب اليورانيوم حدثا مفصليا في مسيرة البرنامج النووي الايراني ، و من هنا انضمت ايرا ن رسميا الى المنظومة النووية ، و أصبحت ثامن دولة في العالم تمتلك هده التقنية ، و جاء كل هدا بعد تصريحات رسمية للحكومة الايرانية مفادها أن ايران أصبحت تتعامل الآن مع العالم من منطلق أنها دولة نووية ، وان العالم يجب أن يتعامل معها من المنطلق ذاته. وادا كانت التصريحات الرسمية (تصريحات نجاد)تتجه بالأساس الى الولايات المتحدة الامريكية و اسرائيل ، فان الوضع يفرض على الدول العربية هي الأخرى أن تفهم المعنى و الخلفيات من هده التصريحات ،باعتبار أنها جزء من هدا العالم الموجه اليه التصريحات دي الصبغة التحذيرية ،فعلى هده الدولة أن تعي مضامين هده التصريحات و أن تتعامل معها من منطلق أن ايران أصبحت تهدد بشكل فعلي الأمن القومي العربي.
لقد أكدت مجموعة من التطورات سواء حرب العراق او الاعلان الايراني بتحولها الى قوة نووية، أن العرب تبنوا سياسة الصمت و التعامل السلبي مع الاحداث و التطورات بالمنطقة ، ففي الوقت الذي استفادت فيه ايران من كافة التحولات التي شهدتها المنطقة ( الحرب في افغانستان)، كان الاقتناع واضحا في الصف العربي عن ولوج مباشر داخل الازمة و طرحها للمناقشة .فالمشكلة هنا ليست في ظهور تصريحات او انعقاد قمم عربية لرفض الوجود النووي الايراني ، لكن الدول العربية لا تملك آليات وأدوات التاتير على الأطراف الأخرى في المعادلة سواءا ايران او اسرائيل و الولايات المتحدة.
عموما فان الاعلان الايراني الاخير لم يواجه بردود افعال عربية ، وان وجدت فإنها تختلف بسبب اختلاف المصالح الخاصة لكل طرف.
– دول الخليج : رغم القلق الذي أبدته الاطراف الخليجية أن تصريحات القادة الخليجين كانت تتسم بصفة عامة بالهدوء و عدم التصعيد مع ايران ، في حين أن المملكة العربية فقد اتخذت موقفا متوازنا ، فهي ترفض استخدام القوة اتجاه ايران، و تطرح إشكال امتلاك اسرائيل لاسلحة نووية ، إلا أنها تدعوا الى عدم التسرع في التعامل مع الملف الايراني.
عموما فهناك حالة من القلق لدول الخليج من الخطوة الايرانية الاخيرة ، و رغم هدا فان هده الدول ، كغيرها من الدول العربية لا تمتلك وسائل و اليات المواجهة ، ولهد-ا فهي تحاول التهدئة و عدم التصعيد مع ايران.
– مصر : لقد اكدت مصر موقفها الرافض اتجاه البرنامج النووي الايراني بتأكيد وزيرها في الخارجية ( احمد ابو الغيظ ) الى ضرورة التوصل لحل دبلوماسي للازمة الايرانية، و أضاف أن مصر لا تقبل ظهور قوة نووية في المنطقة إلا أن بعض القوى الداخلية ( جماعة الاخوان المسلمين) اعلنت العكس باعتبار أن لا يوجد ضرر في تطوير ايران لاسلحتها النووية ،ولا تهدد الامن المصري و العربي ، بل تحقق سياسة الردع النووية في مواجهة اسرائيل الدي سيحقق التوازن بين الجانبين: الجانب العربي و الاسلامي من ناحية و جانب اسرائيل من ناحية اخرى.
ولقد اتضح الموقف المصري الرافض للسياسة الإيرانية بشان هدا البرنامج لعدة اعتبارات اهمها أن ايران النووية ستزيد من ضعف مكانتها السياسية في العالم الاسلامي.
– سوريا : جاء التعامل السوري مع ايران بشان برنامجها النووي بشكل ايجابي ، بحيث اشادت بالامتلاك الايراني للتقنية النووية ، فقد اكد وزير خارجيتها ( وليد المعلم ) أن التطورات التي تحدث على الساحتين الإقليمية و الدولية تؤكد صوب النهج التي تسير عليه ايران و سوريا ، ليستند هدا الموقف المؤيد لايران الى عدة اعتبارات اهمها التحالف السوري الايراني الذي قد يدفع الى تعزيز الموقف السوري اتجاه اسرائيل.كما إن هناك اطراف عربية اخرى تدعم الامتلاك النووي لايران في المنطقة اهمها الحركات المقاومة الفليسطينية و اللبنانية التي ترى أن هذه القوة قد تدرئ اسرائيل.
2-2 استراتيجيات المواجهة للدفاع على الامن القومي العربي
لقد تم بروز رؤية تكاد تكون ” ميتافيزيقية ” قائمة على تبني موقف يؤمن بمبدأ وجوب تدشين اتفاق إقليمي يجمع بين دول منطقة الشرق الاوسط و اسرائيل النووية ، يهدف الى إعلان المنطقة خالية من السلاح النووي ، أما واقعيا فان الدول العربية نهجت مجموعة من الاستراتيجيات للحفاظ على أمنها القومي :
– الإستراتيجية الأولى ؛ وهي إنشاء آلية للتعاون العسكري بين الدول العربية ، و تطوير منظومتها الدفاعية، مما سيساعد على دلك وجود دولة محورية مثل المملكة العربية السعودية التي تستطيع قيادة النظام الخليجي و العربي بعمقها الاستراتيجي و قدرتها السياسية و الجغرافية و البشرية ، إلا أن هذه الإستراتيجية قد تصطدم بصعوبات البطء الحاصل في التعاون الامني و تنامي دور قوى اخرى لن تسمح للدول العربية بلعب دور فعال بعيدا عن الولايات المتحدة.
– الإستراتيجية الثانية ؛ و تتمثل في إيجاد دور عربي فعال في إرساء الامن بالمنطقة ، من خلال عودة مصر و سوريا للعب ادوار جديدة عن طريق دمج قوى جديدة إقليمية بالإضافة الى ايران و تركيا ، بدلا من الاكتفاء بمصر و سوريا لإقامة صيغة حوارية فعالة لبناء جسور الثقة والتعاون .لكن هذا قد يكون مستبعدا نظرا للمعارضة الإيرانية لأي دور عربي فعال في بناء الترتيبات الأمنية في الشرق الأوسط.
خلاصة :
بعد انتصار الثورة الإسلامية في ايران ، اتضح الخطر الفارسي على منطقة الشرق الاوسط و العالم العربي بشكل عام ، لتظهر جميع المؤشرات التي تدل على أن الاطماع و النوايا الايرانية لبناء مشروعها التوسعي الذي شكل تهديدا حقيقيا للأمن القومي العربي ، و التي تمتثل في زرع بدور التشيع و التدخل في شؤون الداخلية للدول العربية.
عموما فإيران باتت تشكل تهديدا ثانيا الى جانب اسرائيل على الامن القوي العربي بنهجهما سياسيات توسعية للسيطرة على المنطقة ، فالمقارنة يمكن ا ن تكون جائزة بين هاتين الدولتين بشان ضربهما للوحدة العربية ، و بناء مشروعهما التوسعي.وكل هدا يفرض على الدول العربية التصدي بشكل حازم لدرئ الخطر الايراني و غيره ، لكن في غياب وحدة عربية قومية يصعب دلك خصوصا أن هناك قو ى دولية أخرى لا تسمح ببناء اي وحدة محتملة.
المراجع المعتمدة :
1 – حامد ربيع، نظرية الأمن القومي العربي و التطور المعاصر للتعامل الدولي في منطقة الشرق الأوسط، القاهرة ،دار الموقف العربي 1984.
2- التقرير الاستراتيجي العربي 2007- 2008، مركز الدراسات السياسية و الإستراتيجية ، الأهرام .
3- خالد السرجاني ،هل بدأت الحقبة الإيرانية في منطقة الشرق الأوسط؟،رؤى عربية ،مختارات إيرانية،مركز الدراسات السياسية و الإستراتيجية،الأهرام ،عدد 71 يونيو 2006.
4- التقرير الاستراتيجي العربي 2006- 2007، مركز الدراسات السياسية و الإستراتيجية ، الأهرام.
5 – سمير زكي الريسوني ، كيف يتعامل العرب مع إيران النووية ؟رؤية عربية ، مختارات إيرانية ، مركز الدراسات السياسية و الإستراتيجية،الأهرام ،عدد 71 يونيو 2006.
6- عياد البطنيجي، التحالف السوري – الإيراني:تاريخه ، حاضره ،مستقبله ،المجلة العربية للعلوم السياسية،العدد 21،شتاء 2009.
7- خالد فياص ،العلاقات العربية- الإيرانية بين الصراع و التعاون، مجلة السياسة الدولية ،عدد 128 ،يناير .1999
8- سامح همام ،الملف النووي الإيراني متغير جديد في معادلة امن الخليج ، مختارات إيرانية، مركز الدراسات السياسية و الإستراتيجية الأهرام العدد76، 2007.
9 – إيران و جيرانها و الأزمة الإقليمية ،تقرير برنامج الشرق الأوسط ،مختارات إيرانية، مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية الأهرام العدد71، 2006.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى