أحوال عربيةأخبار العالم

بند المعقولية في اسرائيل وتقليص دور السلطة القضائية

عدنان جواد

في الاسابيع الماضية سادت اسرائيل تظاهرات كبيرة ، وكل ما نسمعه في الاعلام بند(المعقولية) فلماذا تتظاهر الناس هناك ضد الغاء هذا البند من قبل الكنيست الاسرائيلي؟، منذ بدا اعلان دولة اسرائيل عام 1948 سيطر اليهود القادمون من اوربا وما يسمون ب (الاشكناز) على مقاليد الحكم في اسرائيل، وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي استقبلت اسرائيل اعداد كبيرة من اليهود مما تطلب التوسع في بناء المستوطنات، يقسم المجتمع الاسرائيلي الى اربعة انواع من المواطنين، المهاجرين، والمتجنسين ، ومن ولدو في اسرائيل، والاقامة في اسرائيل، والهجرة بدأت في اواخر الحكم العثماني( 1882ــــ 1914 ) ويقسم حسب خلفياتها، فالاشكناز وهم الطبقة المسيطرة في المجتمع لان اغلبهم من الطبقة السياسية وحكماء الصهيونية، والذين حضروا المؤتمر الصهيوني الاول، وانهم هم من وضع بروتكولات صهيون، والطبقة الثانية وتسمى ب( السفاريديم) وهم اليهود الذين اتو من الدول الشرقية ، من الدول العربية والاسلامية في الشرق الاوسط، وهذه الطبقة تعمل في المهن الشاقة ويتقاضون افرادها رواتب متدنية، ويهود (الفلاشا) القادمين من افريقيا وخاصة من اثيوبيا، والذين يعانون من التفرقة والعنصرية وهي تصرفات اصابت مفاصل مهمة في المجتمع الاسرائيلي، عبر الفتاوي الدينية والقرارات والقوانين الحكومية، وهذه الصراعات بين المتدينين(حريديم) والعلمانيين، والصراع بين يهود الغرب والشرق، واليسار واليمين المتطرف، وصراع الاغنياء والفقراء، تنذر بخطر تفكك الدولة الاسرائيلية، وهو ما تنبا به السيد حسن نصر الله، من ان اسرائيل اضعف من بيت العنكبوت، وهناك مؤشرات ينشرها الاعلام الاسرائيلي تؤيد ذلك، وهناك استطلاعات للراي منشورة على الانترنيت تبين ان نسبة اليمين المتطرف تزداد من 48% في 1948 الى 62% في عام 2010 وفي المقابل تراجعت نسبة اليسار في المجتمع الى 12% فقط،
اقر الكنيست الاسرائيلي (البرلمان) في الاسبوع الماضي تشريعاً جديداً، يدعي الاصلاح القضائي المثير للجدل، ولكن في الحقيقة ان هذا التشريع سيحد من صلاحية المحكمة العليا في البلاد، بأغلبية 64 مقابل 56، وحدث هذا الخلاف بعد اقالة المحكمة العليا لدرعي الذي كان وزير الصحة والداخلية في حكومة نتنياهو، لأنه متهم بالتهرب الضريبي وارتكاب جرائم جنائية حسب القانون القديم( المعقولية) وهو قانون قديم تتبعه الدول المتقدمة كبريطانيا والولايات المتحدة الامريكية، والتشريع الحالي يعطي هذه الصلاحية لرئيس الحكومة بدل القضاء، وان الائتلاف الحالي ديني وفيه مصالح سياسية للأحزاب الدينية المتشددة، وبموجب هذا القانون ستكون الحكومة قادرة على تعيين وفصل المسؤولين في القطاع العام دون تدخل المحكمة، وقبل تشريع هذا القانون كانت المحكمة العليا تمارس رقابة قضائية على عمل الاذرع المختلفة للسلطة التنفيذية المتمثلة في الحكومة ووزاراتها والهيئات الرسمية التابعة لها.
وهذا الامر ينذر بخطر كبير لان الفلاتر والعقلانية والحكمة قد تغيب في اي لحظة من عقل اصحاب القرار، فيصدر رئيس الحكومة المتشدد والمدعوم من احزاب دينية متشددة قراراً بالحرب مثلاً ضد حزب الله او ايران، وعندها سوف تحترق المنطقة بنار الحرب التي يصعب اطفائها، لذلك على الدول العظمى وفي مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية ردع حكومة نتنياهو ومنعها في التسرع في اتخاذ القرارات، واقناع حلفائها في المنطقة تبني مثل هذا القانون(المعقولية) والذي يعطي سلطة اكبر للقضاء ويحد من نفوذ السلطة التنفيذية، ونتمنى ان يكون لدينا في العراق قانون يحد من نفوذ الكتل السياسية في اختيار الوزراء ، فتلك الكتل تعيد الوزراء ووكلائهم وابقاء المدراء العاميين رغم فسادهم، ولو كان الامر بيد القضاء وحسب القانون يستطيع منع اي فاسد من الترشح للانتخابات وتسنم اي منصب في الدولة، وعندها تتحول المناصب الى مسؤولية فيها حساب وعقاب وتقديم خدمات للناس، وليس غنائم وفرص وحصص وعقارات ومليارات وسيارات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى