أحوال عربيةأخبارأخبار العالم

حرب غزة… أبو عبيدة ” الرجل الملثم ” لم يخطئ في الرهان

الدكتور خيام الزعبي- كاتب سياسي سوري

كنت أحد المتابعين للحرب الإسرائيلية على غزة، أراقب عن كثب التطورات السياسية والعسكرية التي تشهدها الساحة الفلسطينية نظراً لأهمية هذه التطورات في مستقبل فلسطين والمنطقة بأكملها، بالرغم من كل الوسائل الإسرائيلية -الأمريكية، ومواجهتهما لدوافع وتصميم الشعب في غزة، فقد خسرت إسرائيل وعملائها  بالفعل هذه الحرب، وفشل نتنياهو الرهان، مع ذلك فقد كان العديد من الأشخاص قد حذّروا من طبيعة الشعب في غزة، والخصائص الجغرافيّة لهذا البلد، التي جعلت أي محاولة لإخضاعه عن طريق تدخّل عسكري بري أمراً مستحيلاً، بعد كل ذلك، لم يعد هناك إلا انتظار سقوط وسحق القوات الإسرائيلية بأسرع وقت ممكن.

لذلك فالذين ينتظرون من وراء مكاتبهم تقارير سقوط غزة وإنكسارها أمام إسرائيل وعملائها، سينتظرون كثيراً، لأن غزة تمتلك إرادة الإنتصار على المؤامرة الصهيونية، والأهم في الحرب على غزة أن رجال المقاومة إمتلكوا إرادة المواجهة، فكان الصمود والتصدي، وكانت المعجزات التي تجسدت فعلاً، مقاومة قلبت المعادلات وأجهزت على المخططات التي رصدها أعداء فلسطين لتدمير إرادة الحياة، والصفعة الكبرى كانت في مقابلة الملثم “أبو عبيدة” الأخيرة التي كان مليئة بالتحدي والإصرار أغلقت الباب أمام أي آمال وتمنيات بسقوط قريب للمقاومة الفلسطينية، كما شكلت دفعة قوية ورفع من معنويات رجال الله التي تقاتل في الميدان. 

بعد أكثر من شهرين من الحرب على قطاع غزة وجدت إسرائيل وحلفاؤها إن الزمن لا يلعب لصالحهما ولابد من رؤية إستراتيجية جديدة وهي إدارة الصراع بدلاً من حله بعدما يئسوا من قدرة المقاومة على إخماد المؤامرات التي تحاك في الداخل، الأمر الذي أوقع الكيان الصهيوني وذيوله بالكثير من الأخطاء السياسية عندما رفع سقفه السياسي وأوهم الرأي العام بقدرته على إسقاط غزة والسيطرة عليها، فالمشهد الراهن يكشف على أن غزة صامدة، في وجه تقسيم وتفكيك وشيك، تحركه أمريكا وأدواتها عبر عملائها من أجل ضرب الوحدة الوطنية الفلسطينية، وذلك بعد الفشل الذريع في محاولة السيطرة على غزة.

عموماً، إن إسرائيل وأمريكا وأعوانهم المأجورين، يضعان غزة نصب أعينهم وهدفاً لمخططاتهم، هذا في حد ذاته معناه أن تخشى من الدور الصاعد للمقاومة إقليمياً وسياسياً والوقوف في وجه مشروعهما الجديد، ومن هنا فإن غزة تواجه معركة شديدة أمام إسرائيل وحلفاؤها من قوى الشر، حماية ليس فقط لأرضها وشعبها، وإنما حماية للأمة العربية والإسلامية.

وهنا يمكنني القول إن أمريكا وإسرائيل عدوان لدودان فهما لا يريدون  لنا الخير ولا يريدون لنا  أن نكتشف مسالكه ونبني تجاربنا على هذا الأساس العادل، لا يريدون  أمة حرة ومبدعة وذات إعتبار ووزن وثقل، لا يريدون أن نكون أمة تقرر مصيرها بنفسها، ومع ذلك فان الشعب الفلسطيني في غزه يثبت إنه شعب جبار بصموده وتصديه لهذا العدوان الغاشم، لذلك فإن غزة هي الحصن المنيع بوجه الكيان الصهيوني وبوجه إجرامه، ولن تستطيع قوة على وجه الأرض تركيع أهل غزة لأنهم أدمنوا على قهر غطرسة وعنجهية الإسرائيلي، و مواجهة الموت بالصدر العاري فلم يكن ولن يكون الموت يوماً وسيلة لإخافتهم أو لإحباطهم، كونهم زلزلوا الأرض تحت أقدام المحتلين.

نعم غزة اليوم تؤرق مضاجع قادة إسرائيل والغرب وجنرالاته، وغزة تفشل آلتهم القمعية التي تحاول إرهاب الشعب الفلسطيني بها في كسر شوكة وإرادة رجال المقاومة المتسلحين بالإرادة والتحدي، والإيمان بالنصر، لذلك فإن الاستراتيجية التي اتبعت لإسقاط غزة ومقاومتها قد فشلت، وهي لم تحقق ما كانت أمريكا وغيرها تأمل بتحقيقه، وسقط الرهان على إسقاط  دور رجال المقاومة في الدفاع عن غزة.

وأخيراً ربما أستطيع القول إن من مصلحة الأجيال القادمة القيام بحراك شعبي عربي وإسلامي لكشف الوجه الإستعماري والعنصري والإرهابي القبيح لإسرائيل ومواجهتها، ورفض التفاوض والصلح والتعايش معها والإصرار على زوالها كغدة سرطانية خبيثة في المنطقة العربية، لذا فقد آن الأوان أكثر من أي وقت مضى لتطوير هذا الحراك لدعم صمود ومقاومة الشعب الفلسطيني لمواجهة المشروع الصهيوني وإفشاله، ولتحرير فلسطين والجولان وجميع الأراضي العربية المحتلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى