أحوال عربيةإقتصادالمغرب الكبيرمال و أعمال

تأثير قرار البنك المركزي التونسي الرفع في نسبة الفائدة المديرية ؟

علاء الدين حميدي
كاتب.
(Hmidi Alaeddine)

رفع نسبة الفائدة المديرية هو إجراء يلجأ إليه البنك المركزي التونسي لكبح الطلب المتزايد على السيولة في المنظومة المالية والبنكية الذي يتسبب بدوره في ارتفاع الأسعار و للحد من ضغوط التضخم التي تلوح في أفق التوقعات وتجنب أي انزلاق للتضخم قد يزيد من حدة مواطن الضعف ويعيق انتعاش النشاط الاقتصادي .يُشار إلي أن النسبة المديرية أو نسبة الفائدة هي النسبة المرجعية التي يتحكم بها البنك المركزي والتي يتم بمقتضاها تداول القروض بين البنوك والمنظومة البنكية المالية والبنك المركزي.
على غير العادة، و بتاريخ 17 مايو/أيار 2022 وكما لم يكن متوقعا رفع مجلس إدارة البنك المركزي التونسي نسبة الفائدة المديرية للبنك المركزي بمقدار مائة نقطة أساسية لترتفع من 6,75 إلى 7,75 بالمائة.
قرار الرفع جاء غداة تقرير المعهد الوطني للإحصاء ، و هو مؤسسة حكومية تونسية، ليعلن تواصل التضخم في تونس و ارتفاعه للشهر الرابع على التوالي، مؤكدا تسجيل زيادة جديدة في أبريل/نيسان الماضي بنسبة 7.5 المئة، على أساس سنوي،مرجحا يواصل التضخم الأساسي، (الذي تجاوز عتبة 7 بالمائة)، نسقه التصاعدي خلال الفترة المقبلة وهو ما يعني إمكانية مزيد تدهور الوضعية الاقتصادية، في صورة بقاء الوضع على حاله.
هذه الزيادة الكبيرة و التاريخية في نسبة الفائدة المديرية وكما كان متوقعا لها أثرت سلبا و ساهمت بشكل مباشر في الترفيع في نسبة القروض وخاصة منها ذات نسبة الفائدة المتغيرة والتي تمس من التونسيين والمؤسسات.
التضخم التاريخي الحاصل بتونس يرتبط حاليا بعدة عوامل أبرزها : عدم تعافي الاقتصاد من جائحة كورونا بشكل كلي، وارتفاع تكاليف الشحن و أسعار الوقود عالميا إضافة إلي ارتفاع أسعار المواد والسلع الغذائية عالميا.
وبالتالي، فإن أسباب التضخم الحاصل حاليا هي أسباب خارجية بالأساس، ولا علاقة لها بفائض السيولة النقدية في الأسواق فقط، وليس من المتوقع أن يعالج رفع نسبة الفائدة وحده مشكلة الغلاء والتضخم الحاصل حاليا، بل على العكس من الممكن أن تساهم الآثار السلبية لرفع أسعار الفائدة في خلق مشاكل بنيوية جديدة في الأسواق، كخلق فقاعة عقارية جديدة، وفقاعة في أسعار المعادن الثمينة كالذهب.
وبغض النظر عن السبب المعلن لرفع نسبة الفائدة المديرية ألا وهو كبح جماح التضخم التاريخي الحاصل في تونس إلا أنه من الحكمة معرفة الآثار السلبية والإيجابية لهذا الرفع، وذلك للإلمام بالنتائج التي قد تترتب عليها في الأشهر القادمة.
ومن الآثار الإيجابية لرفع نسبة الفائدة المديرية: سحب فائض السيولة النقدية من الأسواق لكبح جماح التضخم، ورفع قيمة الدينار التونسي مقارنة ببقية العملات وعلى رأسها الدولار ، و تخفيف من ضغط الطلب على العملة الصعبة.دون أن تونس مقبلة على موسم سياحي وفلاحي واعدين وسيكون لهما مردود مالي ستنتفع به الميزانية التونسية.
إذن، فرفع سعر الفائدة هو إجراء يلجأ إليه المركزي التونسي، لتصحيح الأسعار والحد من التضخم وإعادة عجلة وتكاليف الإنتاج إلى الاتجاه الصحيح.
أما الآثار السلبية لرفع سعر الفائدة المديرية فقد تكون كارثية وذات أبعاد اقتصادية أعمق، وهذه بعض الآثار السلبية: الرفع في نسبة الفائدة بالنسبة للقروض و التأثير سلبا على القدرة الشرائية للمواطن التونسي، الزيادة في حدة الاضطرابات على مستوى التزويد خاصة بالمواد الأساسية والأولية التي أدت إلى التأجج المستمر للأسعار، التأثير سلبا على الشركات والأشخاص الطبيعيين التقليص من القدرة الشرائية لدى المواطن التونسي و الأسر المتحصلة علي القروض.
إن تجاوز الأزمة الاقتصادية التونسية الحالية يقتضي من كل الأطراف المتدخلة القيام بإصلاحات هيكلية سريعة وتوفير حاجياتها الأساسية واليومية كما تقتضي ترشيد الاستهلاك في ظل هذه المرحلة الدقيقة والصعبة جدا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى