الجزائر من الداخل

مشكلة ادارية

إداراتٌ فوقَ الشجرة

 
حسام محمود فهمي
الاستقرارُ والرضا والاحترامُ من الأساسياتِ في المؤسساتِ الناجحةِ؛ الإدارةُ مِصداقيةٌ، كياسةٌ، تَجَرُدٌ، تَواضُعٌ، تَرَفُعٌ، تَنَزُهٌ، فِطنةٌ، اِحتِواءٌ. أسبابُ نجاحِ الإدارةِ أو فشلِها مُتشابهةٌ في جامعةٍ أو شركةٍ أو مصنعٍ أو نادٍ، لكن هل فعلًا يؤخذُ بها؟
كم من إداراتٍ تتصورُ أنها الحقيقةُ المُطْلقة وأن التاريخَ عندَها يبدأُ، وأنها لن تُكملُ ما أنتهَت عندَه إداراتٌ أسبقُ. إداراتٌ بلا منطقٍ حقيقي، تَساهلٌ وتلاعبٌ بالقواعدِ مع القريب، ووقفُ حالٍ وتعطيلٌ لسواه، وكلُه بالقانون واللوائح. كلُ المناسباتِ والفُرَصِ مُسخرةٌ لتلميعِ صورتِها؛ اِحتفالياتُ تكريمِ أشخاصٍ بعينِهم بزعمِ الوفاءِ، إنكارٌ لأخرين بحِجَجٍ شتى، تارةٌ العيبُ في كورونا وتارةٌ لأن الإداراتِ تتغيرُ، وكأن جُزرًا مُنعزلةً تتولى المسؤوليةَ. هناك من يتوهمون أن الإدارةَ تكسبُهم علمًا فيما لا يعلمون، وبعدَ نظرٍ وتَعمقًا وفلسفةً؛ أضِفْ التكشيرةَ والاِبتسامة الباهتة والنفخة الفارغة.
من أدواتِ إداراتٍ أشخاصٌ يتقلبون ويتلونون علي هوى أيةِ إدارةٍ، لديهِم من سُمكِ الجلدِ ما يُمَكِنُهم من تصويرِ كل ما تقومُ به الإدارةُ إنجازاتٍ؛ مُغالطاتٌ فَجةٌ، اِحصاءاتٌ مُؤولةٌ مُفبركةٌ، عباراتٌ مُفخمةٌ مُضحكةٌ على نمطِ الأكبر والأضخم ولأول مرة في التاريخ.
إداراتٌ أسهمُها طائشةٌ في أكوامٍ من رغباتٍ وطموحاتٍ شخصيةٍ مُغلَفةٍ بأغطيةٍ عليها كتاباتٌ عن التجديدِ والتطوير. الغَلطةُ في الإدارة بألف، تُخطئ من حيث لا تتوقعُ أو تَحتسبُ فينكشفُ كلُ ما سبقَ من مزاعمِها ويتضحُ كم هي أخطائها وتجاوزاتِها. يُعاقبُ القانونُ على التربحِ المالي من الوظيفة، أما من يتربحون منها باِفتعالِ مناسباتِ الوفاءِ واِحتفاليات الإنجازاتِ وتَسَقُط الإحصاءاتِ المضروبة فمن الواردِ جدًا أن تكونَ الكراسي الأعلى من نصيبِهم. وعجبي!!
تجاهلُ الإدارةِ هو ردُ الفعلِ الطبيعي على اِنغلاقِها واِنسدادِ أذانِها؛ والنتيجةُ بيئةُ عملٍ بلا روحٍ ولا اِبتكارٍ، بلا حرارةٍ، وقبلَ كلِ شئ بلا اِحترامٍ مُتبادلٍ ولا ودٍ بين الإدارةِ وأعضاءِ هيئةِ التدريسِ، إذا كنا في جامعةٍ.
البلايا كلُها من إداراتٍ اِنعزلَت في أنبوبٍ عن العالمِ، أو هي فوقَ شجرةٍ عاليةٍ لا ترى ولا تسمعُ إلا نفسَها،،
اللهم لوجهِك نكتبُ علمًا بأن السكوتَ أجلَبُ للراحةِ وللجوائز،

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى