مجتمع

حكاية ” الشيشة “

محمد مسافير
كانت دائما تعاتبه على التدخين، كان غصة ومثار نكد في حياتهما، ولأن أباها قد مات بعد إصابته بسرطان الرئة بسبب إدمانه على استهلاك السجائر، فقد كانت تنظر إلى مسألة ابتلاء زوجها بها تحديا جديرا بالمجابهة، لأنها كانت فعلا تخشى فقدانه، تخشى عليه من الهلاك، وبينهما ثلاثة أبناء، وهو المعيل الوحيد للأسرة…
على عكسها تماما، كان له رأي خاص، أو بالأحرى، كان يساومها في موضوع التدخين، فيقول:
– أعدك بالإمساك عنها – أي السجائر، شرط أن تعديني بأن تتوقفي عن استهلاك السكر والسكريات، لأن عدد قتلى مرض السكري هو أضعاف قتلى السرطان، وهو أفتك بصحة الإنسان…
ولأنها كانت تفشل دوما في التحدي، فقد داوم زوجها على استهلاك سجائره بتفان وإخلاص، صحيح أنه فكر مرارا في استبداله بالحشيش، أيام كان مفعما بالحس الوطني، كان يأمل تشجيع المنتوجات الوطنية، لكنه سرعان ما تراجع عن قراره، فهو لم يكن مستعدا أن يكون وطنيا أكثر من حماة الوطن، أو ربما حراميي الوطن، كان يحاججني دوما بقوله:
– صنعت مصر الشيشة وتاجرت فيها، وأصبحت تذر لها أرباحا طائلا، وكذلك فعلت كوبا بسيجارها الذي له منتجا حيويا ضمن صادراتها، أما نحن، أنعم الله علينا بأجود أنواع النباتات الصالحة للتدخين، ووضعناها في قائمة المحظورات…
بعد صبر وتفان مديدين، ربحت زوجته الرهان، واستطاعت حمله على الإقلاع عن التدخين…
ربما وسوس له الشيطان بالسوء، لكنه فعلا اتخذ هذا القرار، أعرض نهائيا عنه وقلص من استهلاك السكر دون أن تستطيع هي فعل ذلك، وبدأ يزاول الرياضة بانتظام…
تغيرت حياتهما بشكل كامل، شرعت مشاكلهما في التلاشي نسبيا، وغدا في صحة جيدة…
بعد مرور ستة أشهر من الإقلاع، وذات مساء، ودون الغوص في وحل التفاصيل، دهسته سيارة وهو عائد من العمل، أردته صريعا قتيلا…
خافت عليه من الموت بسبب التدخين، فمات بسبب الإقلاع عن التدخين… أو هكذا بدت لي الأمور!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى