ثورة الفائدة القصوى لإسرائيل ..
ثورة الفائدة القصوى لإسرائيل ..
انهم لا يحاربون الهلال الشيعي فحسب , وانما يحاربون القمر السني أيضا
محمد رضا عباس
بعد الذي حدث في سوريا , عاد الحديث عن الهلال الشيعي وضرورة تقطيع اوصاله بالكامل حتى تمنع ايران من توصيل السلاح الى ” محور المقاومة ” وتسهل طردها من المنطقة . دول المنطقة وجدت من هذا الهلال خطرا يشكل عليهم وقد حاربوه بكل شدة وقساوة , حتى انتهى الامر بتدمير حزب الله والمقاومة الفلسطينية , واسقاط نظام بشار الأسد في سوريا , و تسلم السلطة مجموعة كانت تعرف بالإرهابية , واليوم أصبحت ” مسالمة “, وبانهيار حكومة الأسد , تقطعت اوصال الهلال الشيعي . إسرائيل ربحت المعركة في غزة , وتراجعت المقاومة اللبنانية بسبب الحصار عليها , وادمي رجالها , ودمرت مدنهم , وسيكون عيد حانوكا او عيد الانوار اليهودي لعام 2024 عيد انتصار , لم تمر به امة يهودية من قبل .
وحتى يكمل الحوت اكل كل الهلال ولا يبقي منه شيآ ( خسوفا كاملا ) , تتوجه انظار الكيان الإسرائيلي ومن وراءه ” خبراء” السياسة من العرب والعجم نحو العراق , وبالتحديد الى الحشد الشعبي العراقي , وهي القوة التي تأسست بعد الفتوى السيد علي السيستاني الشهيرة عام 2014 و بعد ان دخل تنظيم داعش محافظة نينوى العراقية وهدد بغداد .
والحقيقة , ان هذا الحشد لم يحمي العراق فحسب وانما حمى المنطقة العربية بكاملها من تنظيم داعش الاجرامي وانقذها من القتل والخراب . الدول المحيطة بالعراق والولايات المتحدة كانوا في ذلك الوقت مطمئنين من الحشد لانهم كانوا يعرفون ان الحشد هو القوة القادرة على وقف زحف داعش , وقد انتصر فعلنا هذا الحشد بمعونة القوات المسلحة العراقية وقوات التحالف الدولي الذي كان يقاتل داعش من الجو.
اذن , لماذا هذا العداء الى الحشد الان ؟ والجواب الواضح الذي لا التباس فيه هو ان هذا الحشد ضد تطلعات الكيان الصهيوني العدوانية في المنطقة العربية . ولو كان هذا الحشد في مصر او تونس او السودان او السعودية او الامارات لكانت الهجمة عليه الان ليس باقل من الهجمة الغير عادلة عليه الان من بعض ” الخبراء الاستراتيجيين” و ” خبراء الشأن الإيراني “و ” خبراء المنظمات المسلحة”. نعم والحمد لله اصبح عند العرب جيش من ” الخبراء” يتحدثون حسب الطلب . والطلب عليهم هذه الأيام هو الهجوم ليس على الحشد الشعبي فحسب بل على كل قوة تحارب الكيان الصهيوني حتى وان كانت هذه القوة شيوعية التوجه , بعثية التوجه , سنية التوجه , سلفية التوجه , او شيعية التوجه . وان كل من يدعي بان الهجمة على الحشد الشعبي انما من اجل القضاء على قوة الشيعة في المنطقة انما هو ليس على جادة الصواب , والصواب هو انهاء أي منظمة مسلحة هدفها الدفاع عن الحق الفلسطيني. ولو تخلت ايران ” الشيعية” من القضية الفلسطينية اليوم لكانت تملك الان 100 قنبلة ذرية وليست واحدة.
القرار الدولي هو عدم السماح لأي قوة تقف بوجه الكيان الصهيوني حتى ولو كانت هذه القوة تمثل دولة ذات سيادة . القرار الدولي هو انه لا دولة محيطة بالكيان الصهيوني تستطع تهديد امنه او الوقوف امام تطلعاته المستقبلية . إسرائيل دمرت مدن جنوب لبنان من الجو لان الغرب لم يقدم للبنان صواريخ مضادة للطائرات الحربية و بناء قبة حديدية مثل الذي عند إسرائيل. طائرات إسرائيلية تجوب سماء العراق لمدة 14 ساعة والعراق لا يدري بها , لان القرار الدولي هو عدم إعطاء العراق مضادات جوية . وسلاح الجو الإسرائيلي يدمر البنى التحتية لدولة اليمن ولم يجابه هذا الهجوم لا بتنديد عربي ولا دولي ودمرت القواعد السورية الواحدة بعد الأخرى ولم ينطق رجب طيب اردوغان بحرف واحدا , الامر الذي مكن وصل ” الثوار” دمشق بالدراجات الهوائية . و حتى الدول التي اشترت السلاح بالمليارات الدولارات لا تستطع استخدامه الا بشروط البائع .
وعليه , ان من يدعوا الى نزع سلاح الحشد الشعبي العراقي , عليه ان يسئل نفسه هل توقفت إسرائيل من قضم ارض العرب ؟ هل نظر الى خارطة سوريا الجديدة وكيف تمدد الكيان الصهيوني الى مسافة لا تبعد عن دمشق الا 16 كيلومتر , هل يعلم ان هذه المناطق تحتوي على حوالي نصف ثروات الشعب السوري ؟ وهل فكر لماذا سماء لبنان أصبحت ساحة تلعب بها الطائرات الإسرائيلية بعد موافقة حزب الله وقف القتال؟ من يطالب بإلغاء الحشد عليه ان يطالب إسرائيل بوقف عدوانها اليومي على الدول العربية . اين وصلت النخوة العربية ؟ اين ” امجاد يا عرب امجاد” و ” لبيك يا علم العروبة ” و ” وطني حبيبي وطني الأكبر” ؟
ان حمل السلاح خارج نطاق الدولة غير مقبول ويجب ان يحارب بشدة وعلى حكومة العراق العمل على ملاحقة الخارجين عن القانون . ولكن الحشد الشعبي حشد قانوني يأتمر بأوامر قائد القوات المسلحة , وان هذا الحشد لم يسجل عليه انه خرق حدود دولة او مهاجمتها , مثله مثل قوات البيشمركة الكردية في شمال العراق . وان الذي يدعي بان هذا الحشد موالي الى ايران وليس للعراق وانه يأتمر بأوامر ايران وان الغاءه يعد قطع يد ايران في العراق هو ادعاء غير أخلاقي وغير حيادي . ان الذي يصرح بمثل هذه التصريحات السخيفة انما يطعن بعروبة العراق وبقدرة العراقيين على قيادة بلدهم . العراق ليس بحاجة الى ايران ولا بحميتها . العرب والكرد, الشيعة والسنة وبقية المكونات العراقية اتفقوا على حماية مكتسبات البلد وسوف لن يسمحوا لأي دخيل اللعب بمقدراته.
العراق دولة محترمة و ذو تاريخ طويل , وان من العيب ان يتكالب عليه بعض من يحمل الجنسية العراقية ومن على برامج فضائيات مشبوهة لا يعرف من يمولها يدعون طرد ايران من العراق او نزع سلاح الحشد الشعبي و زرع الخوف في قلوب العراقيين من الكيان الصهيوني . هؤلاء عليهم احترام العراق وتاريخه وشعبه , لا الحط من مكانته الدولية . لقد خلق الابداع الأمريكي من جرذي ( ميكي مواس ) شخصية تحج له سنويا على اقل 40 مليون زائرا , ويخرج علينا افندي يتمنطق وهو يستهزئ بوطنه ذو التاريخ المجيد . ان هذا الاستهزاء هو الذي أدى بالغرباء كره العراق , وما تراكض الانتحاريين من كل حدب وصوب لتفجير انفسهم وسط العراقيين الا نتاج لهذه الثقافة التي يبثها هؤلاء ” الخبراء”.
اليس من العيب ان ينشغل هؤلاء ” الخبراء” بتفاصيل مخاطر استمرار الحشد الشعبي على العراق ويتركون قضية مركزية , وهي القضية الفلسطينية ؟ لا احد اصبح يتحدث عن بطولات أبناء غزة , ولا عن الهجمات الناجحة لانصار الله الحوثيين ضد الكيان الصهيوني والتي اشغلت الصحف الامريكية . الاعلام العربي المتصهين اصبح مشغولا بهندام أبو محمد الجولاني الجديد وقص لحيته وشعر راسه
يا عرب , الحملة المسعورة ضد الحشد الشعبي العراقي وضد ايران هي ليس فقط لتمزيق الهلال الشيعي , وانما انذار للقمر السني , حيث كما يقول المثل العراقي ” اضربك يا بنتي حتى تسمع جنتي “.