إفطار جماعي للمواطنة وأجواء روحانية في ليالي رمضان1445هـ/2024م بمسجد ستراسبورغ الكبير

يعتبر شهر رمضان الفضيل في ستراسبورغ بفرنسا من أهم المناسبات الدينية المهمة. التي يجتمع فيها المسلمون لأداء الصلوات المفروضة عامة والتراويح وإقامة موائد الإفطار سواء الفردي أو الجماعي, وحلقات الدروس والندوات والمحاضرات العلمية والدينية في عديد المساجد المتواجدة في أنحاء المدينة. وأهم ما يميز رمضان في ستراسبورغ منذ سنوات بطابع خاص مميز, هو الإفطار وصلاة التراويح التي يؤديها المسلمون عامة بمختلف حنسياتهم.

                       الإفطار الجماعي في رمضان بستراسبورغ.

                             مبادرة إنسانية تستحق التشجيع:

مثل هذه المبادرات يجب أن تترسخ بين جميع الناس، ولا تقتصر فقط على شهر رمضان. الإفطار الجماعي. بستراسبورغ عادة أصيلة محببة توارثتها الأجيال في شهر رمضان منذ عقود خلت. وأحياها وأعادها الطلبة والشباب والجيل الصاعد يومها منذ حوالي 50 خمسين سنة خلت.

الإفطار الجماعي. عادة تعزز أواصر الأخوة والتكاتف في التعايش السلمي وبناء جسور التأخي والمحبة وحسن الجوار بين الساكنة من المواطنين.

                                          مــقـــدمـة:

 إعتاد مسلمي فرنسا عامة وبستراسبورغ عاصمة بالألزاس. في منطقة الحدود الألمانية, في شهر رمضان المبارك على عددٍ من العادات والتقاليد الرمضانية المتوارثة جيلا بعد جيل أبا عن جد، ومن أشهرها إقامة موائد الإفطار بأنواعه, سواء الفردي للطلبة والمعوزين والمرضى وكبار السن والجماعي للجميع عامة ولعابري السبيل والمسافرين خاصة, موائد رمضانية تجمع الصائمين وخاصة من فئة الشباب العزاب والطلبة المغتربين وفئة العمال الوافدين، على موائد يتم بسطها في المساجد والمراكز والجمعيات المنظمة وفي ساحات المساجد العامة, لتمكين الجميع من الإفطار في حو عائلي أسري أخوي بفرحة عامة وبهجة عارمة لا توصف وخاصة لمشتاقي حنين الوطن ولحظاته العائلية.

وبالرجوع لحدث الإفطار الجماعي, نجده في طياته من عدة جوانب الكثير من المعاني الإنسانية السامية في باب الخير والعطاء، والجود والكرم. بحيث تقوم عددا من المساجد والجمعيات، بإعداد وجبات الإفطار للصائمين، وتقديمها في وقتها للصائمين وقت مواعيد الإفطار الجماعي المحددة حسب كل فئة وعينة .

بحيث ككل سنة يقوم القائمين على موائد الإفطار الجماعي بعملية تجهيز وتقديم الموائد الرمضانية المخصصة للإفطار الجماعي وضبط جميع المستلزمات و الإحتياجات الخاصة بذلك سواء من مواد ومستلزمات أو أدوات وغيرها.

أن هذه العادة الرمضانية دخلت ذاكرة الأجيال وترسخت في الأذهان لا تمحى ولا تندثر, توارثها الأجيال يجتمع حولها الأهالي والطلبة والعمال وعابري الطريق.

لا تكتمل روحانيات شهر رمضان من دون الإفطار الجماعي كعادة محببة لملايين المسلمين حول العالم، وأحيانا ما يشارك فيها أشخاص من ديانات أخرى، رسيما الجيران كنوع من إظهار التآخي والتضامن والتسامح والتعايش السلمي وحسن الجوار ومحاربة التفرقة والعنصرية ونبذ العنف والعنصرية والكراهية وكل ما يسيء ويضر بكرامة الإنسان عامة والفرد خاصة.

ولم الشمل عائلي الأسري والدفيء الذي لاي مكن الإستغناء عنه ولا التفريط فيه, يفضل غالبية الناس إفطار أول أيام شهر الصوم مع العائلة، إلا أن بعض الصائمين يختارون مشاركة الآخرين في إفطار جماعي، كبير أو صغير، حتى لو كان لا يعرف معظمهم، فالصيام والصلاة يجمعان الكل.

وباتت الكثير من الجهات تحرص على تنظيم تجمعات الإفطار الرمضاني سنويا، وربما لأيام عدة خلال الشهر، منها المساجد والجمعيات خيرية. ولأن موعد الإفطار محدد بأذان المغرب، يسهل دوما ترتيب التجمعات، والتي يعقبها دوما صلاة العشاء والتراويح، والكثير من الجهات إعتادت على التحديد المسبق ليوم إفطارها الجماعي. بحيث أن تجمعات الإفطار عادة ما تتباين من حيث أعداد الحضور، أو نوعية الطعام، أو المكان المختار، لكنها دائما ما تشهد إقبالا كبيرا.

                  الإفطار السنوي الجماعي التضامني للمواطنة:

تتميز موائد الإفطار الجماعي خلال شهر رمضان الكريم بطابعها الخاص لما لها من قيم إيمانية، روحانية، كما أنها تعد تقليد سنوي راسخ من أعماق جدور السلف. وأحد المشاهد المميزة في هذا الشهر الفضيل في كل الدول الإسلامية والعربية ولاسيما في الدول الأوروبية التي تعيش بها عديد الجاليات الإسلامية عامة والعربية المغاربية خاصة، وفرصة كانت تقليد إجتماعي متعارف عليه لتجمع الصائمين من الأهل والأصدقاء والجيران على مائدة واحدة في مظهر إجتماعي قد يتعدى إلى المساعدة في حل المشكلات التي تواجه أصحابها.

              الإفطار الجماعي من عائلي أسري إلى إفطار مواطنة:

وفي السنوات الأخيرة تعدى هذا التقليد الرمضاني كل الحدود وفاق التوقعات وبات إفطار جماعي للمواطنة يشمل الناس من كل الديانات وعير الديانات في جو أخوي مميز فريد من نوعه في ساعة صفى، يجتمعون فيه كبير وصغير رجال ونساء وأطفال مسؤولين ومدراء. شخصيات وديبلوماسيين. نواب و منتخبين, غني وفقير, يجلسون جنب إلى جنب على طاولة واحدة, ويأكلون من طبق ومن نوع واحد لا يتميز فيه أحد على أخر مهما كان شخصه أو منصبه.

                        تعزيز أواصر الأخوة:

يعد الإفطار الجماعي للمواطنة في مسجد ستراسبورغ الكبير بفرنسا أحد العادات الرمضانية التي إعتادتها ساكنة المدينة في صورة إجتماعية تضامنية مميزة بهدف تعزيز التواصل بين أفراد المجتمع والصفح التسامح فيما بينهم، والتعايش السلمي, حيث تجمعهم أواصر المحبة والأخوة الصادقة، بمشاعر جياشة, مستشعرين بالأجواء الإيمانية للشهر الكريم، والكل يعبر بكل صراحة بما تحس وتشعر به نفسه.

                          إعادة مكارم الأخلاق:

يبرز هذا الجانب التضامني الأخوي في رمضان، إلى عودة إهتمام الناس بالإفطار الجماعي ولم الشمل والتجمعات العائلية مرة أخرى كل ما تسمح الفرصة والمناسبة، تعيد فيها الساكنة من الجالية الإسلامية العربية بأرض المهجر إلى إسترجاع وزرع إعادة قيم مكارم الأخلاق بصورة عملية في المجتمع برمته، وتعيد الود والمحبة والأخوة في قلوب الناس عامة، وهي فرصة يطالب فيها الجميع بالسير الحسن على هذا النهج لتعزيز الروح الأخوية. بكل صور معانيها. وما يلاحظ ويعاش أن مناسبة الإفطار الجماعي سواء الأسري العائلي أو للساكنة. هو فرصة للقاء من أنقطع التواصل معهم لفترات طويلة وإسترجاع الذكريات الجميلة ولقاء من غابوا عن الساحة وأنشغلوا بالحياة التي أبعدتهم عن محيطهم.

إفطار المواطنة تقليد إجتماعي تضامني نشأ منذ عقود خلت:

أن ظاهرة الإفطار الجماعي هي تقليد نشأ بين الطلبة والشباب والجالية الإسلامية. ومن بعده انتشر بين باقي أحياء المدينة ومساجدها وجمعياتها. حتى وصل إلى ما هو عليه اليوم إفطار جماعي تنوعي مميز ببصمة منقوشة، ومازاد في إنتشاره والتعريف بها وإنتظار أحلى لحظة للعيش في جو مميز, أن التطور التقني للرقمنة و وسائل التواصل الإجتماعي مكن الجميع من متابعة المناسبات الإجتماعية التي شجعت الآخرين على الإقتداء بالعمل به والتي يتمنى الجميع مسلمين وغير مسلمين أن تتواصل على الدوام وأن تبقى مستمرة قائمة لما لها من أهمية و فوائد ومزايا كثيرة لا تعد ولا تحصى, أثر أخوي يجمع بين جميع الناس ولا يفرق بين المواطنين، ويزداد الترابط بين أفراد المجتمع. بكل أطيافه ودياناته وثقافته وجنسياته ولغاته المختلفة.

وككل سنة برمجت لهاته السنة 1445هــ/2024م. فقرات متنوعة.

بحيث أستهل الحفل بداية بعد العصر بإستقبال الجميع. إستهل بتلاوة عطرة. ثم كلمة ترحيبية إفتتاحية للأستاذ سعيد علا رئيس المجلس الكبير مرحبا بالجميع شاكرا لهم الحضور وتلبية الدعوة متمنيا لهم إقامة طيبة وجلسة مريحة وتلتها مداخلات المسؤولين والشخصيات سواء المدنية او الإدارية والدينية وغيرهم.

جلسة إقتسم فيها الجميع بهجة هاته اللحظات الأخوية الثمينة ومشاركة الجميع الحدث السنوي الذي بات مفخرة جميع ساكنة ستراسبورغ بلا منازع. حيث أبدى الجميع إعجابهم بالمبادرة شاكرين القائمين عليها وتتمينا لجهودهم المبذولة في مجال التنظيم والإعداد. والذين أشادوا جميعا بأهمية بصمة الحدث التاريخي الديني الثقافي الذي يوحد المواطنين جميعا مسلمين وغير مسلمين، كون أن ستراسبورغ أرض التآخي والتعايش السلمي بكل محبة ومودة والأخوة.

أذان المغرب والآذان موعد الإفطار:

وبحلول مواعد الإفطار شنف مسامع الحضور الأستاذ حسن باطية, مقرئ مجود ومنشد من الجالية السورية المقيمة بألمانيا برفع أذان المغرب معلنا بداية الإفطار والذي ترك بصمة في حفل الإفطار الجماعي ككل سنة, من صوت حنجرته الذهبية.

بعدها ألتف الجميع على موائد الإفطار مختارين بين الخيم والفضاء في الهواء الطلق كل ورغبته وذوقه فلا شيء منعه من التمتع والإستمتاع بهاته اللحظات التاريخية التي ستبقى خالدة بلا شك منقوشة في الآذهان.

بعد الإفطار وختامه بكؤوس الشاي وفناجين القهوة وأنواع الحلويات التقليدية من أنامل حرائرنا المغاربيات الفضليات, وبها تفرق الجميع على أمل العودة مستقبلا لحدث أخر, منهم من ألتحق بالمجسد لأداء الصلاة العشاء و روائع التراويح ومنهم من إلتحق بيته أو عمله او لمصالحه.

                     ذكريات لا تنسى .

مازال كبار الناس قدماء الجالية الإسلامية لاسيما المغاربية من ساكنة مدينة ستراسبورغ وضواحيها, يعيشون جميل ذكريات أيام الزمن الجميل حسب ما عاشوه وعاصروه بكل حلوه ومره على مدار عقود من الزمن خلت منذ وطأت أقدامهم أرض ستراسبورغ و العيش بها. في وقت كانوا يجدون فيه صعوبة للظفر بمكان يجمعهم لأداء الصلاة فيه جماعيا بكل أريحية خاصة في رمضان للتراويح والعيدين، بحيث مازالوا يتذكرون تلك الأيام الخوالي التي كانوا يؤدون فيها الصلوات بالبيوت والدهاليز والمآرب وغيرهم وبالكنيسة البروتستانتية التي سخرت لهم بعض دهاليزها في بدايات سبعينيات القرن الماضي لإداء الصلاة فيها بشكل جماعي لاسيما في المناسبات الدينية الكبرى كما سلف.

مهاجرون سعداء بالمبادرة:

 أراء وتصريحات:

لمعرفة مختلف أراء بعض الحضور من خلال إستجوابهم كانت البداية مع أحمد سوداني وعمر من غيبنيا وموسى من مالي و أداما من السيغال و إسلام من الشيشان وغيرهم طلبة وعمال مقيمين بستراسبورغ منذ مدة، م. من تونس , خالدة من سوريا, وغيرهم الذي أشادوا بهذه المبادرة وتساءلوا في حيرة ما الذي كان أن يحدث لهؤلاء المهاجرين لولا وجود مثل هذه المبادرات الخيرية. وكباقي الصائمين الذين حضروا الإفطار علموا بالمبادرة عن طريق المساجد و وسائل التواصل الإجتماعي.

الأستاذ الحاج نورالدين أحمد بامون – ستراسبورغ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى