زواج تقليدية بين أربعينية تلهث نحو الأمومة، وأرمل خمسيني

زواج تقليدية بين أربعينية تلهث نحو الأمومة، وأرمل خمسيني
يتوق إلى المؤانس

يوميّات عقيمة
الزواج في سن متأخر خطأ أم صواب؟ هل هو حاجة نفسية أم بيولوجية أم
مجتمعية؟ ماذا تريد المرأة منه وما الذي يتوقعه الرجل؟ تلك الأسئلة وغيرها هو المجال
الذي تدور حوله رواية “يوميّات عقيمة” للكاتب اللبناني منير الحايك الذي يبدو مهتماً
بكشف مواطن الخلل في العلاقات الزوجية وصوغها روائياً بصورة واقعية أكثر من
الواقع نفسه.
تسرد الرواية حالة زواج تقليدية بين أربعينية تلهث نحو الأمومة، وأرمل خمسيني
يتوق إلى المؤانسة، هي “فاطمة” التي تعيش في لبنان، ابنة البيت غير المتعلمة التي
أفنت شبابها في خدمة والدها وزوجته حتى أدركها سن اليأس، والتي وجدت في الزواج
هدفاً لتحقيق حلمها في الأمومة قبل فوات الأوان. وهو “حسان” المهندس اليساري
الهوى الذي فشل في تحقيق حلمه ببلده فهاجر إلى كندا ونجح في عمله؛ والذي وجد في
الزواج مرة ثانية حاجة إلى من يشاركه حياته ويكسر وحدته بعد وفاة زوجته. وهكذا
ظن كل طرف منهما أنّه سيجد ضالته في الآخر؛ ولأن التجربة خير برهان على صحة
قرارات الإنسان، سيكون التركيز على الهدف عند كل طرف منهما السبب في فشل
علاقتهم الزوجية.
تشكل رواية “يوميّات عقيمة” إضافة نوعية إلى مخزون التجربة الروائية العربية،
فمحكياتها تؤسس للرواية العائلية وتفسح لها مجالاً للظهور، لغتها تُسمّي الأشياء
بأسمائها، وألفاظها تصف واقع الحياة الزوجية الحقيقي، مثل إهمال الزوج للزوجة
وإعطاء الحياة المهنية أولوية على الأسرة. اهتمام المرأة بإنجاب أكبر عدد من الأولاد
بدلاً من إبراز أنوثتها وعواطفها للزوج. سوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي
وغيرها من المسائل التي تعبر عن واقع اجتماعي معقد، مُعاش بطرق مختلفة ومعاكسة
لِما ترومه النفس البشرية، وقد نجح مؤلفها في مناقشة قضايا خلافية حول مفهوم
الرجولة والأنوثة والأمومة والغربة والوطن.
من أجواء الرواية نقرأ:
“ثلاثة أسابيع مرّت قبل الخطوة الأولى، وكانت الخطوة الأصعب والأقسى، فالتسليم
بأن الحمل الطبيعي مستحيلٌ قد تمّ، والتسليم بضرورة كل ما سيأتي قد تمّ أيضاً، والعيش
مع التفاؤل والاحتمالات والنسب وتوقّع السيّئ وأن الرحلة طويلة وصعبة، قد أصبحت
أساساً في أيام فاطمة، وهي التي اقتنعت بعد أسبوع من معرفتها بأمر عقمها، أنّ المحاولة
واجبةٌ كيلا تندم في المستقبل، وكان حسان قد طلب منها أن تقرر، لأن الخَيار لن يعود
متاحاً إن هي قررت عدم خوض التجربة، فهو موافق ومقتنع وداعم لها إلى النهاية، ولكنه
أيضاً يكبر ولا يملك رفاهية الوقت والتأجيل، وهي لا تملكها، فاليوم الذي يمرّ قد يُفقدها
القدرة نهائياً على إنتاج نصف بويضة وليس واحدةً أو اثنتين كما حالها الآن.
المؤلف
منير الحايك روائي لبناني، صدرت له عن الدار العربية للعلوم ناشرون: “مترو
دبي”، و”88″، و”القبر 779″. وصلت روايته “جامع أعقاب السجائر” إلى القائمة
الطويلة لجائزة غسان كنفاني للرواية العربية 2023.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى