ثقافة

قديش كان في ناس

“كان في ناس”، عنوان ماتع جامع يُذكرنا بما غنته أيقونة الزمن الجميل السيدة
فيروز “أدّيش كان في ناس ع المفرق تنطر ناس وتشتي الدني ويحملوا شمسية وأنا بأيام
الصحو ما حدا نطرني…” إلى آخر الأغنية؛ ولكن الكاتب مُحمَّد سلمان الحمادي اعتذر من
فيروز وكتب “أدّيش كان في ناس على المرفأ تنطر ناس.. فلتعذريني يا فيروز، استبدلت
مفردة مفرقٍ بكلمة مرفأ” وكأنه أراد أن يُخبرنا عن أي ناس يتحدث في هذا الكتاب لا بلّ
يُشركنا في رحلته: “في هذا الإصدار عبور طويل مع أناس لا أعرفهم على المستوى
الشخصي وتأثيرهم أنار بصيرتي، فهل ستعبر معي؟”.
في الكتاب يُشيّد مُحمَّد الحمادي سردية ضحايا السياسة في بلاد العرب أوطاني،
شهادات حيّة لمهجّري سورية في تركيا ولبنان وغيرها من بلدان العبور، وأخرى لأهالي
ضحايا شهداء انفجار مرفأ بيروت من أطباء وممرضين ومرضى، وأُسر ثكلى لم تزل
تلملم جراحها، التقاهم وتحدث معهم وبلسم جراحهم، فالكلمة الطيبة خيرٌ وأبقى؛ هي
مفتاح القلوب وسُكنى النفوس. وهكذا كان الحمادي شفافاً في تعبيره، ينطق قلمه بمحنة
الإنسان، يذهب بعيداً وراء الكواليس، يبحث عن بقعة ضوء وخيط أمل، علّه يجد
الطريق… يتنقل بين الأمكنة ويتجول بين الأزمنة، تأسره فكرة الترحال والتصوير
والتوثيق والمغامرة المصاحبة للتجربة، فكل ما يُحيي في الناس الأمل، وكل ما يبعث على
البقاء لا بدّ وأن يُروى؛ فالحياة بحلوها ومرّها تستحق أن تُعاش.
من أجواء الكتاب نقرأ:
“ما عادت الأماكن صالحة لأصحابها، السماء تتهيأ لِهطول المطر بالتزامن مع
طائرات تمر، وتقصد الساكنين على الأرض حتى يعودوا كل مرة لنقطة الصفر..
والناس يشتاقون لفتح النوافذ”.
“الإنسان لا يعيش على كوكب الأرض وحده؛ فالإنسان يعيش حين يتشارك مع
غيره الإنسان كل مواطن القوة والضعف.. كل شدة ورخاء. الشكر لمن يمنح الأمان
ما دامت نفسه على قيد الحياة…”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى