سياحة الانتحار و آلات الانتحار للبيع
الموت اختياراً ....!
ضرغام الدباغ
” الموت اختياراً ” هو مصطلح شامل لما يتعرف الناس عليه ب “الانتحار” أن يقرر البشر (وأحياناً تنتحر بعض الحيوانات أيضاً)، إنهاء حياته بنفسه، لأنه يعتقد بدرجة اليقين أن حياته لا معنى لها سوى المزيد من الألام والتعذيب، أو أن ضرراً قد ألحق به، لم تعد حياته ذات معنى، فيقدم على الانتحار وبعضهم يتفنن ويحاول أن يعطي لمحة أخيرة عن شخصيته من خلال اختياره أسلوب الانتحار.
وقد يطلق على بعض حالات الموت اختياراً، ” الانتحار “، أو قد يلجأ لها مناضلون يعتقدون لا قيمة للحياة بدون حرية الوطن، وقد يلجأ لها عسكريون ينفذون أعمالاً كخدمة للوطن، أو أنه لا يحتمل عار الهزيمة، (في اليابان هو تقليد عسكري ” هيراكاري”)، وهناك إنهاء للحياة يطلق عليه ” الموت الرحيم ” وهذه تتم بتقديم المريض طلباً بإنهاء حياته، المحتمة بسبب استفحال المرض بما لا يرجى منه شفاء، وتوافق إدارة المستشفى بعد تحققها من شروط مقدم الطلب : أنه بكامل وعيه، وأنه حياته في مسيرة العد العكسي وأنه يعاني ألاماً لا تطاق، وبقاؤه على قيد الحياة لا تعني سوى المزيد من الأوجاع. فيقدم على إنهاء حياته بطريقة نظيفة ومريحة وربما بحضور أهله وأصدقاؤه. وقد شاهدت بنفسي مشهداً كهذا يتم بأناقة بلا بكاء ونحيب ولا صراخ.
في بعض الدول الأوربية اليوم تشريعات تسمح بالموت الرحيم في المستشفى لمن لا أمل مطلقاً بشفاؤه، وفي مقدمة الدول سويسرا التي يعتقد أنها أسهل من غيرها، لذلك تروج اليوم في سويسرا ما يطلق عليها ” سياحة الموت “، لذلك تقصد أعداد متزايدة من المرضى الراغبين في إنهاء حياتهم، سويسرا بهدف الانتحار في إحدى صور ما يعرف بالقتل الرحيم. وقد احتل الألمان المرتبة الأولى في قائمة من سافروا لسويسرا لهذا الهدف قبل عدة أعوام.
وأظهرت دراسة حديثة أن سويسرا شهدت ارتفاعا كبيرا للغاية في عدد المرضى المصابين بأمراض خطيرة والذين يسافرون إليها بقصد الانتحار بمساعدة آخرين في صورة من صور القتل الرحيم عن طريق ما يعرف باسم “سياحة الانتحار”. وتم نشر الدراسة في صحيفة “جورنال أوف ميديكال إيثيكس ” البريطانية. وخلال هذه الدراسة قام العلماء بمعهد الطب الشرعي في زيورخ بفحص بيانات 611 شخصا ممَن قدموا إلى سويسرا بغرض تلقي مساعدة للانتحار بين عامي في 2008 و2012. وتبين من ذلك أن 286 منهم جاءوا من ألمانيا، و126 من بريطانيا و66 من فرنسا. وتتراوح الفئة العمرية التي تقوم بهذه النوعية من السياحة ما بين 23 و97 عاما، وتصل نسبة النساء بينهم إلي 60 %. وقد تمت مساعدة جميع هؤلاء الأشخاص تقريبا على الانتحار باستخدام العقاقير المنومة.
وتقدم التكنولوجيا الحديثة، وسائل جديدة في إنهاء الحياة بسهولة وبدون ألام، وأحدثها كبسولة على شكل مقصورة مغلقة أنيقة جميلة وحصلت هذه الكبسولة التي تسمح لركابها بإنهاء حياتهم (قتل أنفسهم) على موافقة الحكومة على استخدامها. ولكن الفكرة تلقى معارضة الكنيسة (كما في بقية الأديان) . وأطلق على الكبسولة اسم ساركو Sarco يمكن تشغيلها من الداخل من خلال غمزة من عين الشخص الراغب في الموت وتعمل عن طريق تقليل مستوى الأكسجين داخل الكبسولة إلى ما دون المستوى الحرج في عملية تستغرق أقل من دقيقة. وتحدث الوفاة من خلال نقص تبادل الاوكسجين داخل جسم الإنسان، الأمر الذي يسمح للشخص بالموت بسلام نسبيًا ودون ألم.
والانتحار بمساعدة خارجية هو أمر مجاز قانوناً في سويسرا، وقد استخدم ما يقرب من 1300 شخص خدمات هيئتين للقتل الرحيم هما Dignitas و Exit العام الماضي. وتستخدم كلتا الشركتين عقار الباربيتيوريت السائل القابل للهضم لإحداث غيبوبة عميقة في غضون دقيقتين إلى خمس دقائق، تليها الوفاة.
تم تصميم كبسولة ساركو Sarco – وهو اختصار لكلمة التابوت الحجري sarcophagus – ليتم تحريكها إلى موقع يفضله المستخدمون ليكون آخر ما يشاهدون قبل الوفاة. وعندما يقرر الشخص أنه قد حانت اللحظة يتم فصل كبسولة العقار الموجودة بالداخل لتطلق الغاز ويبدأ مستوى الاوكسجين في الانخفاض تدريجيا ليدخل الشخص في غيبوبة ثم يموت.