حق الإنسان والمواطن في الرعاية الصحية والعلاج

جواد الديوان
برز مفهوم الرعاية الصحية الاولية من مؤتمر منظمة الصحة العالمية في مدينة الماتا – كازخستان في الاتحاد السوفياتي سابقا في 1978. حركة من المهنيين والمؤسسات الصحية والحكومات ومنظمات المجتمع المدني لمعالجة ظاهرة عدم المساواة في الحصول على الخدمات الصحية باعتبارها ظاهرة غير مقبولة سياسيا واجتماعيا واقتصاديا. وخلال العقود الماضية تغير اسم المدينة من الماتا الى الماتري بعد ان تفكك الاتحاد السوفياتي في بدايات العقد الاخير من القرن الماضي.
اعلان الماتا (الرعاية الصحية الاولية) يهدف لاشاعة قيم ومفاهيم العدالة الاجتماعية وحق الانسان (مواطن) في الصحة ومشاركته فيها. ولتحقيق تلك المفاهيم، يستوجب تغيرات واسعة في الانظمة الصحية، وتذليل العقبات التي تواجه تلك المفاهيم. ولم يتم ترجمة تلك المفاهيم والقيم الى واقع ملموس في كل العالم خلال العقود التي تلت الاعلان.
وتبرز هذه القيم مؤخرا لدى القادة السياسيين والوزراء والحكومات المحلية والمنظمات المهنية ومنظمات المجتمع المدني. وتؤكدها تقارير منظمة الصحة العالمية في اعلان الساياتاما في اليابان حول الرعاية الصحية الاولية (1991)، وتقريرها الموسع عام 2008 يشير بشكل واضح وصريح الى الفشل في ذلك المجال.
استجابات الانظمة الصحية لمفاهيم الرعاية الصحية الاولية تتضح عندما يصبح الناس مركز اهتمامات النظام الصحي، اي كيف يرغب الناس ان تعيش كافراد، وماذا يتوقعون لمجتمعاتهم اي قيم الناس. ومنذ لحظة اعلانها، الرعاية الصحية الاولية مقياس لمعظم دول العالم في موضوع الصحة، لانها استجابات عقلية منطقية مبنية على الادلة لحاجات المجتمعات، وتوقعاتها عن الصحة والخدمة الصحية.
المراجعات الحديثة للرعاية الصحية الاولية تؤكد حق الانسان في اعلى مستوى من الصحة يمكن احرازه، وزيادة مفهوم المساوات في الحصول على الخدمات الصحية، وتبقى القيادة في الاستجابة لحاجات الناس.
شعار مؤتمر الماتا “الصحة للجميع عام 2000” لم يتحقق وتؤكد المؤتمرات اللاحقة الشعار “الصحة للجميع”. والاتجاه نحوه يتحدد في استجابة الانظمة الصحية للتحديات نتيجة التغيرات في العالم، والتوقعات لاداء افضل، باعادة التوجيه واصلاح عمل الانظمة الصحية.
على العموم الناس اليوم اكثر صحة وثراء واعمارهم اطول مما كان قبل اربعة عقود. وتناقصت وفيات الاطفال الرضع، وتحسنت طرق الحصول على ماء صالح للشرب، وتطورت رعاية الحوامل، كما حصلت ثورة في مفهوم الادوية الاساسية. وبالامكان تسريع التطور حيث تتوفر مصادر للصحة اكثر من العقود الماضية.
والاقتصاد الصحي ينمو بسرعة، مساهمته في الناتج الكلي للعالم. والمعرفة والتعليم وتفهم الصحة ينمو بسرعة، والثورة التقنية تضاعف الجهد لتحسين الصحة، وبهم الانتقال لمجتمع اكثر تعليما وحداثة. ويبرز الجهد العالمي في الالتزام بمكافحة الفقر، والتبادل المعرفي لمعرفة التحديات والتهديدات للصحة وكذلك الفرص المشتركة، والعمل على تنفيذ الاهداف المشتركة للالفية الثانية.
التقدم الكبير للصحة خلال العقود الماضية لم يحقق المساواة في الحصول على الخدمة الصحية، حيث لا زالت دول عديدة تتخلف. وطبيعة المشاكل الصحية تتغير بطريقة يصعب توقعها، وهناك من المشاكل الصحية لا يمكن توقعها مثل التقدم في السن وتاثير التحضر العشوائي والعولمة التي ساعدت في زيادة انتقال الامراض الانتقالية حول العالم، كما تزايد عبء الامراض المزمنة والانتقالية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى