35 عام من تاريخ الاقتصاد الليبي
مصطفى العبد الله الكفري
استاذ الاقتصاد السياسي
بكلية الاقتصاد – جامعة دمشق
يتميز الاقتصاد الليبي بمعظم خصائص اقتصادات الدول النامية، إذ يعدُ اقتصاداً صغير الحجم نسبياً منفتحاً على الخارج، يعتمد على مورد طبيعي وحيد وناضب (النفط والغاز)، ويفتقر إلى العمالة الماهرة. فالاقتصاد الليبي ما زال يعتمد وبشكل كبير على القطاع النفطي كمصدر رئيس للدخل وللعملة الأجنبية وما زال القطاع العام يهيمن على مختلف أوجه النشاط الاقتصادي بالرغم من فتح الباب أمام القطاع الخاص للمشاركة إلا أنه ما زال نشاطه ضعيفا ولم يحقق التنوع المنشود.
ظل الوضع الاقتصادي في ليبيا خلال الخمسينيات من القرن العشرين متخلفاً جداً، لدرجة أوفدت معها الأمم المتحدة فريقاً من خبرائها برئاسة الاقتصادي الأميركي الشهير (بنيامين هيكنز) لتقييم الوضع الاقتصادي الليبي وإمكانيات تطويره، وتوصل التقرير إلى أنه لا يمكن إنجاز تنمية حقيقية في ليبيا.
بلغ عدد سكان الجماهيرية الليبية استناداً إلى التعداد العام للسكان في عام 2004 حوالي 6.68 مليون نسمة، مع الإشارة إلى ارتفاع معدل النمو السكاني السنوي في ليبيا يقترب من 4 في المائة، وتصل مساحة الجماهيرية إلى حوالي 1.750 مليون كيلو متر مربع، يضم شاطئ طويل على البحر الأبيض المتوسط يزيد طوله عن 1900 كلم.
ثورة الفاتح من سبتمبر/ أيلول 1969:
بعد قيام ثورة الفاتح من سبتمبر/ أيلول 1969 انتقلت ليبيا من واقع اقتصادي بالغ التخلف إلى واقع اقتصادي مفارق حسب مؤشرات التنمية البشرية المنجزة في الجماهيرية، إذ يصل العمر المتوقع عند الولادة إلى 73 عاما، وتقل نسبة الأمية بين البالغين عن 30%، وفي كل ألف طفل مولود حي لا يموت سوى 28 طفلا تقريبا.
تحقق ذلك نتيجة صياغة وتنفيذ خطط التنموية أهمها: الخطة الثلاثية 1973-1975، والخطة الخماسية الأولى 1976-1980، والخطة الخماسية الثانية 1981-198، استطاعت أن تؤمن بنية تحتية مناسبة، ووضعت نواة لمشاريع متطورة للصناعات الخفيفة والمتوسطة والإستراتيجية التي وجهت إليها موارد استثمارية ضخمة أنفق عليها أكثر من 50 مليار دينار ليبي خلال ثلاثة عقود من 1970 إلى 2000.
سيطر القطاع العام سيطرة مطلقة على النشاط الاقتصادي في ليبيا منذ بداية الثورة واستمر حتى سنة 1977، حيث تم تأميم المصارف والمؤسسات الأجنبية، وقامت الشركات الوطنية العامة التي تضطلع بريادية في توفير حاجات المجتمع، كما كان للقطاع العام نصيب الأسد في الصياغة والإشراف والتنفيذ والمتابعة لأغلب الخطط الاقتصادية، وقد أسهم في تغطية الطلب المحلي من السلع والخدمات الأساسية.
شعار (شركاء لا أجراء):
عندما نشر العقيد معمر القذافي الكتاب الأخضر في عام 1977 نادى بنظرية جديدة سميت بالنظرية العالمية الثالثة، وطالب بأن يكون هناك اتجاه ضاغط للدعوة إلى نظام اقتصادي جديد من شعاراته (شركاء لا أجراء)، وهو نظام تشاركي يدعو إلى أن يكون كل فرد في المجتمع شريكا إما بجهده أو ماله دون استغلال أو أجر. وبعد صدور القانون رقم (9) للنشاط الاقتصادي في ليبيا، ظهرت أكثر من 2500 شركة وتشاركية تمارس مجالات النشاط في التجارة والزراعة والتوزيع والإنشاء والخدمات.
أهم المشاكل والصعوبات التي يواجهها الاقتصاد الليبي:
وضعت ليبيا برنامجاً إنمائياً ضخماً دخل مرحلة التنفيذ منذ عام 1970، بلغ مجمل ما أنفق خلال فترة البرنامج 1970-1990 أكثر من 26.4 مليار دينار ليبي، بهدف العمل على تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على قطاع النفط، معالجة الخلل الهيكلي في الاقتصاد. ورغم ما بذل من مجهود لإقامة مشروعات البنية التحتية والأساسية إلا أنه في ظل انخفاض كفاءة أساليب التشغيل صارت هذه المشروعات تشكل عبئا وتدنت نوعية الخدمات التي تقدمها للمواطنين. ونتيجة السياسات الاقتصادية التي اتبعتها الحكومات الليبية المتتالية خلال عقدين من الزمن (خلال الفترة 1975 و1995)، واجه الاقتصاد الليبي خللاً هيكلياً وعدداً من الصعوبات والمشاكل أهمها:
• اعتماد الاقتصاد الليبي على النفط.
• سيطرة قطاع الخدمات والتجارة وتراجع قطاعي الصناعة والزراعة.
• ضعف الطاقة الاستيعابية للاقتصاد الوطني.
• تضخم الجهاز الحكومي وزيادة التوظيف في الخدمات العامة.
• ارتفاع كبير في مستوى الأسعار.
• خلل هيكلي في التجارة الخارجية بسبب عدم مرونة الصادرات وعدم تنوعها،
• تدني سعر صرف الدينار الليبي في مواجهة العملات الأجنبية.
• تنامي دور النشاط الاقتصادي غير المنظم (غير الرسمي).
• وهيمنة السوق الموازية (السوق السوداء).
• تنامي العجز في الميزانية العامة للدولة والاعتماد على أسلوب التمويل بالعجز.
• تزايد حجم الدين العام المحلي. وتقدر ديون ليبيا الخارجية بحوالي 5 مليار دولار.
• تراجع الدخول الحقيقية للمواطنين.
• تزايد حجم العمالة الأجنبية الداخلة إلى ليبيا بصورة غير نظامية.
• عانى سوق السلع وسوق العمل وقيمة الدينار الليبي من ضغوط كبيرة.
• عدم كفاءة الاستثمارات المنفذة في قطاع الإنتاج وبخاصة الصناعة والزراعة.
• تدني مستويات الإنتاج والإنتاجية في كافة القطاعات غيرا لنفطية.
• تدني مستويات الإنتاجية والكفاءة في الكثير من المنشآت والوحدات الخدمية العامة وبخاصة في مجال الصحة والتعليم.
• ضعف القدرة التنافسية للمنتجات غير النفطية.
• الفساد الإداري والرشوة.
• لا تزال إسهامات القطاعات الإنتاجية غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي محدودة.
(وترافق مع هذه الآثار مجموعة من التغيرات الأخرى، أهمها تركز الخدمات في المدن الكبرى، وتزايد الهجرة من القرى إلى المدن الكبيرة، مما أدى إلى تعميق الخلل في التوزيع الجغرافي للسكان، كذلك يعاني الاقتصاد الليبي من مشاكل عدم الاستقرار الهيكلي والتنظيمي الأمر الذي أعاق تنفيذ سياسات التنمية، هذا بالإضافة لعدم توفر الإرادة الحقيقية للتنمية، ويظهر ذلك من زيادة نفقات الميزانية التسييرية مقارنة بميزانية التحول، واستمرار العجز في الميزانية طوال العقدين السابقين، حتى مع توافر الاحتياطيات النقدية الكافية للإنفاق عليها).
الحصار الاقتصادي الأمريكي الأوروبي على ليبيا:
في عام 1992 تم فرض الحصار الاقتصادي الأمريكي الأوروبي على ليبيا الأمر الذي أدى إلى ظهور بعض الصعوبات والمشكلات البنيوية التي حاصرت تجربة النظام التشاركي الجديد. ومن بينها عدم توفر السيولة الكافية، وتأخر فتح الاعتمادات، غياب التنسيق والتوازن. وأصبح الاقتصاد الليبي يسمى باقتصاد المتناقضات، مثال ذلك وجود بطالة مستفحلة بين أوساط فئة الشباب تصل إلى ربع مليون عاطل عن العمل، في حين تصل العمالة الوافدة إلى مليوني عامل تقريبا.
(قامت الحكومة الليبية بعد تعليق الحصار الاقتصادي المفروض عليها من قبل الأمم المتحدة عام 1999 بحملة واسعة تضمنت جملة من اللقاءات والمؤتمرات مع شركات أوروبية وأخرى أمريكية بغاية تشجيع الاستثمار الأجنبي في ليبيا، وخصوصا في قطاعات النفط والغاز ومنتجاتهما. وقد قدرت الحكومة الليبية هذه الاستثمارات بحوالي 40 مليار دولار لفترة تتجاوز الخمس سنوات. هذا وقد أعلنت الحكومة أيضا عن خطة ليبية للاستثمار تقدر بحوالي 25 مليار دولار، وتشمل هذه الخطة تطوير وتحديث قطاعات النفط والغاز، إلى جانب تطوير البنية التحتية في قطاعات الكهرباء والمياه والزراعة والصحة والمواصلات والسياحة والتعليم).
وظل القطاع العام مسيطراً على النشاط الاقتصادي مع ما يترتب على ذلك من تنامي الأزمات الهيكلية في الاقتصاد الليبي الأمر الذي دفع ليبيا للبحث عن مسار مختلف يتجه نحو توسيع قاعدة الملكية، ومن أبرز دعاة هذا الطرح الخبير الاقتصادي السابق في منظمة الدول المصدرة للنفط وأمين اللجنة الشعبية العامة الدكتور شكري غانم ويعني توسيع قاعدة الملكية تحفيز الجميع للمشاركة، وتوسيع دائرة التملك ليستفيد منها المواطنون، وإيجاد مقاييس واضحة لحسن الأداء. وقد حددت الحكومة الليبية برنامجاً للإصلاح يعتمد سلسلة من الإجراءات أهمها:
• معالجة وتصفية مشروعات القطاع العام الذي يعمل فيه 750 ألف موظف حكومي.
• إلغاء الدعم عن السلع التموينية، وهو يقدر بحوالي مليار دينار سنويا،
• الاستعاضة عن الدعم بزيادة الأجور،
• إقرار قانون العمل بأجر مادي،
• تعديل قانون الخدمة الوطنية بإقرار تعويض مادي يدفع مقابلها.
سمات الأداء الاقتصادي في الجماهيرية الليبية:
من أهم السمات المميزة للأداء الاقتصادي في الجماهيرية الليبية:
– اعتماد الاقتصاد الليبي بشكل أساسي على قطاع النفط. فما زال هذا القطاع حسب بيانات سنة 1992 يسهم بأكثر من 25% من إجمالي الناتج المحلي، وبلغت نسبة الصادرات الليبية من النفط الخام والغاز الطبيعي 96.3% من إجمالي الصادرات في عام 2004، وتتجه 70% من الصادرات النفطية إلى الأسواق الأوروبية، منها 39.3% للسوق الإيطالي و18.3% للسوق الإسباني و13.4% للسوق الألماني، في حين لم تتجاوز الصادرات غير النفطية نسبة 3.7% من إجمالي الصادرات. وما زال النفط المورد الرئيس للعملة الصعبة. وتمثل إيرادات النفط عنصراً أساسيا في الاقتصاد الليبي.
جدول رقم (1) هيكل الصادرات الليبية 1003- 2004
(مليون دينار ليبي)
البيان 2003 2004
القيمة النسبة القيمة النسبة
مواد غذائية وحيوانات 3.3 000 4.7 000
نفط وغاز خام 14047.4 94.9% 20085.6 96.3%
مواد كيماوية 616.7 4.2 675.9 3.2
مصنوعات 139.2 0.9 73.2 0.4
آلات ومعدات نقل 000 000 8.9 0.1
الإجمالي 14806.6 100 20848.3 100
المصدر: الدكتور عبد لله شامية، الاقتصاد الليبي وتحديات منظمة التجارة العالمية، استناداً إلى التقرير السنوي لمصرف ليبيا المركزي رقم 2005 – 49، جداول رقم 33 – 70 بتصرف.
– الاعتماد على الاستيراد من الخارج لتأمين احتياجات ليبيا من السلع الاستهلاكية والوسيطة وتامة الصنع، وبخاصة والمعدات والآلات.
– عدم كفاءة ما أنفق من استثمارات ولاسيما في قطاعي الزراعة والصناعة والتي بلغت 17,3% لكل قطاع خلال الفترة 1970- 1990 من إجمالي الاستثمارات البالغة 26,4 مليار دينار ليبي.
– تراجع نشاط القطاع الخاص وتنامي سيطرة القطاع العام، فقد توسع نشاط القطاع العام، الذي تميز مع مرور الزمن بتدني الأداء ونقص الكفاءة، ثم أصبح يعاني من مشاكل تمويلية وإدارية وصار مقرا للعمالة الزائدة، والتسيب الإداري.
– تزايد حجم الدين العام حيث وصل حجمه في سنة 1994 إلى 7.77 مليار دينار ليبي، وأصبح يشكل نحو 67% من الناتج المحلي الإجمالي.
– ظهور مشكلة البطالة نتيجة اعتماد الاقتصاد الوطني على العمالة الوافدة وبخاصة في قطاع الزراعة والصناعة.
– ارتفاع الأسعار وانخفاض قيمة الدينار الليبي. إذ وصلت نسبة الانخفاض في قيمة الدينار عام 1994 إلى حوالي 90%.
– ظهور الضغوط التضخمية، وانخفاض الدخل الحقيقي، وتدني مستوى الرفاهية للغالبية الكبرى من المواطنين.
الخطة الخمسية 2001-2005:
رصدت الحكومة الليبية 35 مليار دولار أمريكي لتنفيذ مشروعات خطتها الخمسية 2001-2005 التي تهدف إلى تصحيح مسار الاقتصاد والتعامل مع التطورات المحلية الإقليمية والدولية وإلى تنويع هياكل الاقتصاد الليبي، كما تهدف إلى إعادة هيكلة صادراتها وتبني سياسات اقتصادية واجتماعية من شأنها خلق مناخ جاذب للمبادرات الخاصة الليبية والأجنبية بما يحسن المعيشة ويحقق نموا في الإنتاج المحلي لا يقل عن 5% سنويا. وسيتم تمويل 70% من إجمالي المبالغ التي تم رصدها عن طريق ميزانية الدولة، وستوجه بشكل أساسي نحو البنية التحتية الأساسية، الموانئ والمطارات والطرق والمياه والتعليم والصحة، وسيترك المجال للاستثمار الخاص الليبي والأجنبي بحوالي 30% من إجمالي تمويل الخطة في القطاعات الأخرى.
جدول رقم (2) الميزان العام للموازنة 2000 – 2005
(مليون دينار ليبي)
السنوات الإيرادات الكلية للموازنة النفقات الكلية للموازنة الميزان بدون إيرادات نفطية نسبة تغطية الإيرادات غير النفطية للنفقات الكلية – % الميزان العام للموازنة نسبة الميزان غير النفطي إلى الناتج المحلي الإجمالي %
2000 4729 5528 3226- 41.6 799- 17.5
2001 5802 8038 5803- 27.8 2236- 32.1
2002 9417 10063 7969- 20.8 646- 30.8
2003 11332 13396 11709- 12.6 2064- 36.9
2004 13755 17231 14392- 16.5 3476- 34.6
2005 19845 18319 15900- 13.2 1526 28.4
متوسط الفترة 10813 12096 9835- 18.7 1283- 30.1
المصدر: مصرف ليبيا المركزي – النشرة الاقتصادية: المجلد 43 – 2003 والمجلد 46 – 2006
تقوم الخطة الخمسية 2001-2005 على المرتكزات التالية:
1- تبني سياسات اقتصادية واجتماعية لخلق مناخ جاذب للمبادرة الخاصة.
2- رفع كفاءة التشغيل من خلال الاستثمار المشترك.
3- تنويع هياكل الاقتصاد الوطني (الناتج المحلي، هيكل الصادرات).
4- المحافظة على الموارد الطبيعية وتوسيع مجال الاكتشاف وتطوير الحقول المنتجة.
5- الاهتمام بالتنمية السياحية وخدمات العبور.
وتعد سوق الاتحاد الأوروبي المورد الرئيس للواردات الليبية ويستحوذ على نسبة 63% من إجمالي الواردات، ويحتل السوق الأسيوي المرتبة الثانية بنسبة 22.6%، في حين لا تتجاوز نسبة الواردات من الدول العربية تبلغ 6%. ويعد الاقتصاد الليبي مستورداً صافياً للخدمات حيث يبلغ صافي العجز أكثر من 1.9 مليار دينار عام 2005.
جدول رقم (3) هيكل الواردات الليبية 2003 – 2004
(مليون دينار ليبي)
السلع 2003 2004
القيمة النسبة القيمة النسبة
مواد غذائية وحيوانات حية 749.0 13.4 1159.8 14.1
مشروبات وتبغ 8.6 0.1 15.1 0.2
مواد خام 77.2 1.4 118.1 1.4
وقود ومحروقات ومواد مصنعة بها 38.2 0.7 56.4 0.7
زيوت وشحوم 176.0 3.1 156.5 1.9
مواد كيماوية 294.1 5.3 334.4 4.0
مصنوعات مصنفة 1169.7 20.9 1646.7 19.9
آلات ومعدات 2685.7 48.0 3960.3 48.0
مصنوعات غير مصنفة 399.4 7.1 807.9 9.8
إجمالي الواردات 5597.9 100 8255.2 100
المصدر: المصدر: الدكتور عبد لله شامية، الاقتصاد الليبي وتحديات منظمة التجارة العالمية، استناداً إلى التقرير السنوي لمصرف ليبيا المركزي رقم 2005 – 49، جداول رقم 33 – 70 بتصرف.
(إن النظر إلى واقع الاقتصاد الليبي يشير بوضوح إلى أن السياسات التنموية في ليبيا قد فشلت في تحقيق أهدافها، وخاصة على صعيد تنويع مصادر الدخل وتغيير هيكل الناتج المحلي الإجمالي لصالح القطاعات غير النفطية، والاعتماد على قطاعي الصناعة والزراعة خلق مصادر للدخل بديلة للنفط وتحقيق التنمية المكانية، ويتناول هذا الجزء من البحث واقع الاقتصاد الليبي بعد مرور أكثر من ثلاثة عقود من تنفيذ السياسات التنموية السابقة وما هي الآثار التي ترتبت عنها).
برامج إعادة هيكلة الاقتصاد الليبي:
بدأ التفكير في برامج إعادة هيكلة الاقتصاد الليبي، والتوجه نحو المزيد من الحرية الاقتصادية، والعمل على رفع كفاءة المنشآت الإنتاجية والخدمية، والدفع بالمواطنين نحو النشاطات الإنتاجية الخاصة في مرحلة مبكرة ترجع إلى أوائل الثمانينيات واستمرت حتى نهاية عقد التسعينيات، وأوائل العقد الحالي من القرن الواحد والعشرين. وقد صدرت مجموعة من التشريعات تهدف إلى تصحيح وملء بعض الثغرات والتناقضات في البيئة القانونية القائمة وتشجيع برامج إعادة الهيكلة، ودفع القطاع الخاص للمشاركة وبجدية في الحياة الاقتصادية، وتهدف وبشكل أكثر تحديدا إلى اجتذاب رأس المال الأجنبي وتحقيق أهداف المجتمع الاقتصادية في النمو والاستقرار الاقتصادي، ومن أهم هذه القوانين والقرارات:
• القانون رقم (9) لسنة 1985 بشأن الأحكام الخاصة بالتشاركيات،
• القانون رقم (8) لسنة 1988 بشأن بعض الأحكام الخاصة بالنشاط الاقتصادي،
• قرار اللجنة الشعبية العامة رقم (724) لسنة 1989 بشأن أسس تطبيق الملكية الجماعية للوحدات الاقتصادية، و تم حقاً نقل ملكية العديد من الوحدات الاقتصادية العامة إلى الإفراد وذلك في إطار سياسة عامة ترمي إلى إعادة هيكلة البنية الإنتاجية في الاقتصاد الليبي، ولقد توج هذا التوجه بصدور
• القانون رقم (9) لسنة 1992 ولائحته التنفيذية، الذي يشـــجع على الملكية الفردية، وتكوين الشركات المساهمة، وإعادة هيكلة الجهاز المصرفي.
• قانون النقد والائتمان رقم (1) لسنة 1993
• القانون رقم (5) لسنة 1997 بشأن تشجيع استثمار رؤوس الأموال الأجنبية , والذي تم تعديله عام 2006،
• القانون رقم (9) لسنة 1430م (2001) بتنظيم تجارة العبور والمناطق الحرة،
• القانون رقم (8) لسنة 1430م (2001) بتعديل بعض مواد القانون رقم (9) لسنة 1992 بشأن مزاولة الأنشطة الاقتصادية،
• القانون رقم (21) لسنة 1369ور (2001) بتقرير بعض الإحكام في شان مزاولة الأنشطة الاقتصادية،
• قرار اللجنة الشعبية العامة رقم (115) لسنة 2001 بشأن الإقراض السكني وإيجاد فرص عمل والتحول للإنتاج،
• قرار اللجنة الشعبية العامة رقم (275) لسنة 2001 بشأن اعتماد برنامج الإقراض الإسكاني والإنتاجي،
• قرار اللجنة الشعبية العامة رقم (105) لسنة 2002 بشأن إصلاح القطاع المصرفي،
• قرار اللجنة الشعبية العامة رقم (12) لسنة 2002 بشأن تأسيس المصرف الريفي،
• قرار مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي رقم (7) لسنة 1370 ور (2002) بتعديل وتوحيد سعر صرف الدينار الليبي،
• قرار اللجنة الشعبية العامة للاقتصاد والتجارة رقم (70) لسنة 1370ور (2002) بتقرير بعض الأحكام بشأن الاستيراد،
• قرار اللجنة الشعبية العامة رقم (70) لسنة 1370ور (2002) بشأن الملكيات الخاصة،
• القانون رقم (1) لسنة 1372ور (2004) بإضافة وتعديل بعض المواد القانون رقم (21) لسنة 1369ور (2001) بشأن تنظـيم مزاولة الأنشطة الاقتصادية،
• القانون رقم (3) لسنة 1372ور (2004) بشأن تعــديل بــعض الإحكام الخاصة بالملكية العقارية،
• القانون رقم (6) ل سنة1372ور (2004) بشأن تنظيم أعمال الوكالات التجارية،
• القانونان رقم (11) ورقم (12) لسنة 1372ور (2004) بشان ضريبة الدخل وضريبة الدمغة،
• القانون رقم (1) لسنة 1372ور (2004) بإضافة وتعديل بعض المواد القانون رقم (21) لسنة 1369ور (2001) بشأن تنظـيم مزاولة الأنشطة الاقتصادية،
• القانون رقم (3) لسنة 1372ور (2004) بشأن تعــديل بــعض الإحكام الخاصة بالملكية العقارية،
• القانون رقم (6) ل سنة1372ور (2004) بشأن تنظيم أعمال الوكالات التجارية،
• القانونان رقم (11) ورقم (12) لسنة 1372ور (2004) بشأن ضريبة الدخل وضريبة الدمغة،
• قرار اللجنة الشعبية العامة رقم (318) لسنة 2004 بشأن تقرير بعض الأحكام المتعلقة بتسعيرة المنتجات المحلية
• قرار اللجنة الشعبية العامة رقم (373) لسنة 2004 بن الاستثمار وسياسة الإقراض
• قرار اللجنة الشعبية العامة رقم (114) لسنة 2005 بشأن تعديل بعض فئات ضريبتي الإنتاج والاستهلاك بقصد حماية المنتج المحلي
• قرار اللجنة الشعبية العامة رقم (3) لسنة 2005 بشأن فرض رسوم خدمات على كافة السلع المستوردة بمقدار 4% من قيمة هذه السلع
• قرار اللجنة الشعبية العامة رقم (130) لسنة 2006 بشأن تأسيس مركز تنمية الصادرات
• قرار اللجنة الشعبية العامة رقم (109) لسنة 1374 ور (2006) بإنشاء صندوق التشغيل،
• قرار اللجنة الشعبية العامة رقم (134) لسنة 1374 ور (2006) بإنشاء سوق الأوراق المالية.
هذه التشريعات بنصوصها ولوائحها التنفيذية، وزخمها الشديد، مهدت الأرضية القانونية لبدء برامج إعادة هيكلة حقيقية، ووفرت إطاراً للقطاع الخاص لينضج ويشارك مشاركة حقيقية في العملية الاقتصادية التنموية بكامل أبعادها. ولكن ما زالت الإنجازات بسيطة والمشاركة دون المستوى المأمول، وما زالت هيمنة المؤسسات الاقتصادية العامة واضحة.
ملامح السياسة الاقتصادية لتحديث الاقتصاد الليبي:
يمكن تحديد أهم ملامح السياسة الاقتصادية من خلال هذه التشريعات والتي تهدف لتطوير وتحديث الاقتصاد الليبي كما يلي:
• خصخصة القطاع العام كخيار استراتيجي.
• التحول من دولة منتجة إلي دولة راعية.
• تطوير القطاع المصرفي.
• تقليص الرقابة على النقد.
• تحرير التجارة الخارجية.
• إعادة تنظيم علاقات الملكية والعمل.
• تشجيع الاستثمارات الأجنبية ونقل التكنولوجيا.
• تخفيض الرسوم الجمركية.
• معالجة مشكلة الدين العام
يلاحظ المتتبع لصدور القوانين والتشريعات والإجراءات المتخذة في ليبيا وجود سياسة عامة تهدف إلى تحرير التجارة وما يتطلبه ذلك من إعادة هيكلة الاقتصاد الليبي لكي يتمشى وتحديات الألفية الجديدة. وكان هدف السياسة الاقتصادية إيجاد مصادر بديلة لعائدات النفط، الأمر الذي أدى إلى ظهور بداية الإصلاحات الاقتصادية في ليبيا منذ عام 1990.
(ولا شك في أن السياسات الجديدة وما سينجم عنها من “إجراءات” تمس حياة الليبيين، كإلغاء الدعم نهائيا عن السلع التموينية مقابل زيادة الأجور، قد يفتح المجال واسعا أمام حرية استيراد الغذاء، ترتيبات ما بعد الدخول في منظمة التجارة العالمية، لتوفير احتياجات المواطنين، وهو ما قد يتسبب في استيراد التضخم من الأسواق العالمية، وهي ظاهرة سلبية دون شك، زيادة على أنها قد تلتهم الزيادة الظاهرية في الأجور ما لم تكن هناك فعالية ويقظة لجمعيات الأمان الاجتماعي وحماية المستهلك، هذا الأخير الذي سيجد نفسه أعزلا في معركة بلا سلاح، الشيء الذي يزيح الغطاء عن الوجه غير الأخلاقي لليبرالية).
جدول رقم (4) معدلات انفتاح الاقتصاد الليبي على العالم الخارجي
والميزان التجاري خلال السنوات 1980-2004 (مليون دينار ليبي)
السنوات
الصادرات
الواردات إجمالي التجارة الناتج المحلي الإجمالي ” GDP” %
إجمالي التجارة إلى GDP % الواردات إلى GDP الميزان التجاري
1980 6489.2 2006.2 8495.4 10271.0 82.7 19.5 4483.0+
1990 3744.9 1510.9 5255.8 7749.6 67.8 19.5 2234.0+
1995 3222.1 1728.5 4950.6 10672.3 46.4 16.2 1493.6+
1996 3578.7 1914.8 5493.5 12327.3 44,6 15.5 1663.9+
1997 3455.6 2138.6 5594.2 13800.5 40.5 15.5 1317.0+
1998 2374.1 2203.8 4577.9 12610.6 36.3 17.5 170.3+
1999 3682.2 1928.6 5610.8 14075.2 39.9 13.7 1753.6+
2000 5221.5 1911.4 7132.9 17620.2 40.5 10.8 3310.1+
2001 5394.0 2660.4 8054.4 17604.5 45.8 15.1 2733.6+
2002 10177.0 5585.7 15762.7 25914.0 60.8 21.5 4591.3+
2003 14806.6 5597.9 20404.5 31731.6 64.3 17.6 9208.7+
2004 20848.3 8255.2 29103.5 40307.0 70.0 20.5 12593.1+
المصدر: النشرة الاقتصادية، مصرف ليبيا المركزي. (طرابلس: إدارة البحوث والإحصاء، 2006)، جدول رقم 35.
(يعيش الاقتصاد الليبي، هذه الفترة، حالة من إعادة هيكلة بنيانه، والتحول نحو إعطاء دور أكبر وأوسع للقطاع الخاص لخوض غمار الاستثمار والتوظيف والإنتاج والتوزيع، بل دور الريادة في العملية الاقتصادية، و فتح الباب أمـــام الاستثمار الأجنبي لـيســهم، إلى جانب الاستثمار الوطني، في دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ولقد تجلى كل ذلك من خلال تحولات اقتصادية والتي تمثلت في السماح بمزاولة بعض الأنشطة التي كانت محظورة في السابق، وبداية برامج عملية لتمليك بعض الوحدات الاقتصادية العامة، ومحاولة نشر ثقافة المنافسة والشفافية، وأخيرا الإعلان عن قيام سوق للأوراق المالية وإنشاء صندوق التشغيل لدعم وتمويل المبادرات الفردية، وكل ذلك وفق حزمة دسمة من القوانين والقرارات الاقتصادية الجديدة وحسب ما تم ذكره في مقدمة هذه الورقة ).
ونورد فيما يلي بعض المقترحات الخاصة بالسياسات الاقتصادية النقدية والمالية والتجارية الليبية قدمها الدكتور عبد الله امحمد شاميه في المؤتمر الوطني الأول للسياسات العامة في ليبيا، جامعة قاريونس ـ بنغازي، 11-13 يونيو/حزيران 2007:
1- توحيد الميزانية العامة ضمن ميزانية موحدة تتولى مسؤولية إعدادها وتنفيذها ومتابعتها، أمانة اللجنة الشعبية العامة للمالية.
2- رفع كفاءة الإنفاق العام عن طريق انتهاج الأسس العلمية لاختيار ودراسة البرامج الاستثمارية العامة، والتأكد من الجدوى الاقتصادية للمشاريع الاستثمارية، مع وضع الأساليب الفعالة والكفؤة للتنفيذ، وتحري الدقة والموضوعية في المراجعة والمتابعة.
3- الحد من الإعفاءات الضريبية المطلقة والعمل على ضبطها واستبدالها بحوافز ضريبية تشجع مباشرة على رفع الأداء والكفاءة، مع ضرورة مراجعة النظام الضريبي من وقت لآخر وتعديله وبما يكفل توسيع القاعدة الضريبية وتخفيض أسعار الضرائب الحدية لتحفيز الأفراد والمؤسسات على الاستثمار في الإنتاج.
4- إعادة هيكلة القطاع المصرفي وبما يحقق تغييرا حقيقيا في نمط الملكية، وبما يضفي على أداء القطاع الكفاءة والمقدرة على مواكبة المستجدات على الساحة الدولية في مجالات العمل المصرفي والمالي، خاصة فيما يتعلق بتطوير وتحديث الأدوات المصرفية والمالية، وتلبية المعايير المتعلقة بالكفاءة والفاعلية والشفافية.
5- الاستمرار في المحافظة على الاستقرار النقدي، مع اتباع سياسة سعر فائدة مصرفي متوازن يعبر عن ندرة رأس المال، وحاجة الاقتصاد إلى قروض إنتاجية من جهة، والحاجة إلى قروض استهلاكية من جهة أخرى، وبما يكفل تشجيع تعبئة المدخرات المحلية، مع ضرورة مراجعة سياسة سعر الفائدة من فترة لأخرى لتحقيق تلك الأهداف.
6- التركيز على عرض النقود كمؤشر مهم للاستقرار النقدي والاقتصادي ومن ثم ضرورة مواكبة وارتباط الزيادة في عرض النقود وحجم الائتمان للزيادة في الناتج المحلي الإجمالي دون غيره من احتياجات الخزانة العامة.
7- التأكيد على ضرورة استقلال المصرف المركزي والخروج به من دائرة نفوذ أمانة الخزانة، ومنحه الاستقلالية الكافية في اتخاذ القرارات المناسبة لتحقيق وظيفته دون الخوض في اختصاصات مالية بشكل مباشر، والاكتفاء بالتنسيق مع السياسات الأخرى وبما يضمن عدم تعارضها مع السياسة النقدية. بحيث يقتصر دور المصرف المركزي على توجيه الائتمان، من خلال المصارف التجارية، لأوجه الاستثمار المختلفة عن طريق أدوات السياسة النقدية المتنوعة دون التدخل المباشر في توجيه الائتمان أو تقييده.
8- تطوير الأنظمة والإجراءات الجمركية التجارية وبما يلبي شروط ونتائج مفاوضات الانضمام لمنظمة التجارة العالمية، بحيث يتم تطبيق النظم المعلوماتية في معالجة تدفق السلع والخدمات وفق التصنيف الدولي، وتطبيق نظم معلومات الإدارة، وزيادة تنمية الموارد البشرية في القطاع الجمركي وتدريبها.
يعاني القطاع النقدي والمصرفي الليبي من عدة مشاكل منها ما هو كامن في تركيبته، ومنها ما هو متعلق بطبيعة ملكية مجموعة المصارف التجارية الرئيسية والمتخصصة، هذه المصارف تعمل كما لو كانت مصرفاً واحداً يقدم الحد الأدنى من الخدمات المصرفية، تلك الخدمات التقليدية المتمثلة في العمل كخزينة لصرف المرتبات، وتقديم التسهيلات الائتمانية وفي أضيق الحدود، وفي الواقع فإن القطاع النقدي والمصرفي مثقل بعدة معوقات انعكست في كفاءته خلال الفترة الماضية، بالإضافة إلى ذلك لم يؤد المصرف المركزي دوره كموجه ومراقب للحركة الاقتصادية، وهو ما يعرف بسلبية السياسة النقدية.
تنويع الاقتصاد الليبي:
من القضايا الهامة في الاقتصاد الليبي تحقيق هدف التنويع الاقتصادي وتخفيف حدة اعتماده على النفط. وهذا يتطلب التركيز على قطاعين مهمين: الأول – قطاع السياحة الذي تأخر بسبب النقص الشديد في تقديم الخدمات للسياح وعدم توفر الخبرات والمهارات السياحية. الثاني – قطاع الزراعة والثروة الحيوانية والثروة البحرية كروافد مهمة للتنويع الاقتصادي في ليبيا. ولتحقيق هدف التنويع الاقتصادي لابد من:
• تنمية قطاع الزراعة.
• تنمية قطاع السياحة.
• تطوير الصناعات البتروكيماوية وتنويع صادرات المشتقات النفطية كبديل للنفط الخام.
• الاهتمام بالثروة البحرية واستغلال الساحل الليبي.
• تطوير المهارات المهنية وتوفير فرص جديدة خاصة للشباب الجدد والنساء في المجال الاقتصادي
• توفير الاستقرار لتحقيق النمو الاقتصادي وتقليل تحكم أسعار وصادرات النفط بالاقتصاد الليبي.
• تطوير قاعدة بيانات الموارد الطبيعية والبشرية في ليبيا ورفع مستويات الإدارة.
(إن نجاح أي اقتصاد في التغلب على مشاكله يكمن في مدى دقة السياسات المتبعة وجديتها وتناسقها وعدم تعارضها مع بعضها البعض، من حيث تحقيق الأهداف المتوخاة. وفي بعض الأحيان لا بد من تحقيق توازن ما بين بعض الأهداف التي قد تبدو متعارضة، والسعي نحو تحقيق الأهداف حسب ما تحظى به من أولوية وما تتطلبه من وقت وجهد ووفقا لخطة متكاملة وبرنامج زمني محدد. وعليه فإن علاج أزمة الاقتصاد الليبي يكمن في إعادة هيكلة الاقتصاد وفق خطوات مدروسة وبرنامج زمني محدد وسياسات اقتصادية واضحة المعالم والأهداف، وإضفاء المصداقية والجدية على الجهود المبذولة نحو الإصلاح الاقتصادي وإعادة الثقة لدى المواطن في المؤسسات المسؤولة عن رسم وتنفيذ السياسات الاقتصادية).
العلاقات الاقتصادية السورية الليبية:
تعد العلاقات الاقتصادية بين سورية وليبيا محطة هامة في تاريخ العلاقات بين البلدين ويسعى البلدان إلى الارتقاء بهذه العلاقات إلى مستوى العلاقات السياسية المميزة القائمة بينهما وتعزيزها في شتى المجالات.
ويظل استمرار التشاور والتنسيق بين البلدين في إطار دعم التكامل والتعاون وإزالة جميع المعوقات التي تعترض مسيرة العلاقات الاقتصادية تجسيداً لمسيرة التعاون بين البلدين. وتعقد اللجنة العليا السورية الليبية اجتماعاتها بشكل دوري لتفعيل العمل المشترك ومراجعة الاتفاقيات المبرمة ووضع أسس لاتفاقيات جديدة وخاصةً في المجال الاقتصادي والمالي ما ينعكس بشكل إيجابي على البلدين والشعبين الشقيقين.
وتعد اجتماعات اللجنة العليا المشتركة مناسبة هامة لاستعراض جوانب مسيرة التعاون بين البلدين وتقييم نتائجها وآليات عملها وتذليل الصعوبات والعقبات التي تعترض بعض مساراتها واتخاذ الصيغ العملية والحلول المناسبة لمعالجتها ووضع سبل التنفيذ الأكثر جدوى وملائمة لتعزيزها وتوسيع آفاقها.
وتعد اتفاقية التعاون الاقتصادي وتنظيم التبادل التجاري بين البلدين من أهم الاتفاقيات التجارية الموقعة بين سورية وليبيا إضافة إلى الاتفاقيات في مجال الإسكان والمرافق والتعمير والطرق والبناء. يؤكد البلدان أهمية وضرورة تعزيز العلاقات بينهما وخاصةً في مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار.
ويفوق حجم التبادل التجاري بين سورية وليبيا 100 مليون دولار سنوياً. ومن أهم الصادرات السورية الأقمشة المنسوجة والسجاد وأغطية الأرضيات والألبسة بأنواعها والجلود والأحذية والفواكه أما المستوردات السورية من ليبيا فتشمل اليوريا والبوتان للمنشآت الصناعية.
تقع ليبيا في شمال أفريقيا على الساحل الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط وتبلغ مساحتها 8ر1 ألف كيلومتر مربع يقطنها 6 ملايين نسمة بمعدل نمو 9ر1 بالمائة وتمتلك شبكة واسعة من المطارات والموانئ. وتمتلك ليبيا موارد طبيعية متعددة منها النفط والغاز الطبيعي والجبس ويعد النفط والغاز المصدر الرئيس للدخل في البلاد وتبلغ احتياطات ليبيا من النفط 5ر41 مليار برميل وهي بذلك تتصدر الدول الإفريقية، كما تنتج ليبيا 2 مليون برميل يومياً من النفط وتعتزم زيادة إنتاجها إلى ثلاثة ملايين برميل يومياً اعتباراً من عام2010.