أحوال عربيةإقتصاد

لاينجح الاستثمار الا بالتفاوض مع الكبار

عدنان جواد

لا ينجح الاستثمار الا بالتفاوض مع الكبار

العراق ومنذ ثمانينات القرن الماضي توقف فيه الاستثمار الاجنبي، ما عدا اقليم كردستان، في الثمانينات كنا نرى الشركات الهندية واليابانية والكورية وهم يعملون في انشاء الطرق والجسور، ولكن وبعد اشتداد الحرب مع ايران وتطور الاسلحة الايرانية ووصول صواريخها الى بغداد، انسحبت اغلب الشركات الاجنبية، وما بعد 2003 زاد الوضع سوءاً ، فلا احد من رجال الاعمال الاجانب وحتى العرب يستطيع الاستثمار في بيئة غير امنة، وكما يقال ان راس المال جبان، ففي بداية دخول القوات الامريكية للعراق حدث “الفرهود” فتم “حوسمة ” دوائر الدول وممتلكاتها حتى مصارفها، فعادت البنية التحتية وعمل مؤسسات الدولة الى الصفر بفعل الضربات العسكرية والسرقات، وفيما بعد دخلت القاعدة وبتمويل قطري ومساعدة تركية واضحة وفكر اخواني ظاهر للعيان، وطبعاً كانت الشعارات طائفية لكن كان الهدف سياسياً، في جعل العراق بلد ضعيف مستهلك لسلع وبضائع الدول الاخرى، وبعدها تم ادخال داعش بسلاح اقوى ودمار اكثر وكان التمويل سعودي خليجي واضح ، وغض النظر من الولايات المتحدة الامريكية، بل هي من سمحت بغضاً بالحكومة في وقتها لأنها دارت ظهرها لهم، ومساعدة تركيا بوقتها لدخول الارهابيين للعراق، والهدف نفسه، واصحاب السلطة كل همهم جمع المال وترميم القصور وزيادة عدد الحمايات.
فتعطلت المصانع برغم انها كانت معطلة اصلاً، وتوقفت الزراعة لان المستورد مليء السوق، لان رجال السلطة تحولوا الى مقاولين وتجار للدول الاخرى، ومع الاسف لازال هذا العمل مستمراً لحد اليوم، فلازال الاستثمار يعطل، والمصانع والمشاريع الكبيرة تمنع من العمل، والمحاصيل الزراعية تحرق ولا يعرف من يحرقها، وبالرغم من ان قانون الاستثمار قد شرع عام 2006، ولكن ما فائدة القانون من دون مستثمرين، وبرغم تجاوز الموازنات السنوية (1,37 ) ترليون دولار منذ اول موازنة بعد 2003، والتي يذهب اغلبها للرواتب وجيوب الفاسدين، ولم يتم بناء اي مشاريع استراتيجية في الدولة، فهناك اكثر من (9) الاف مشروع متوقف حسب قول سها النجار رئيس الاستثمار السابق في زمن الكاظمي، والسكان يزداد عددهم مليون شخص سنوياً، والجامعات تخرج الالاف سنوياً يذهب اغلبهم لطابور العاطلين، ويتم ادخال اعداد كبيرة من السيارات والشوارع والجسور على حالها، بل وادخلوا ( التك توك) والدراجات النارية التي زادت من الازدحامات وبدون تخطيط او حلول، والسبب في تعطل الاستثمار وتوقف المشاريع الكبيرة، الفساد في الاستثمار نفسه، فاغلب رجال الاعمال والشركات لا يمكن محاسبتها لأنها واجهات لجهات سياسية نافذة، والوضع الامني غير المستقر ، وغياب سلطة القانون، بوجود قوات وجهات مسلحة تابعة لأحزاب لا تخضع للدولة ورئيسها بل تخضع لأوامر الدول المحيطة بالعراق والدول المؤثرة في الشأن العراقي كالولايات المتحدة الامريكية.
لذلك يجب على الحكومة الحالية بقيادة السوداني التفاوض مع الكبار وترك الصغار، فهؤلاء الصغار في الداخل ما هم الا ادوات واتباع للكبار، فهاهي الولايات المتحدة الامريكية تمدد العمل بالطوارئ في العراق ، وهذا دليل بعدم ثقتها بالساسة في العراق ، فعليها التفاوض مع الولايات المتحدة الامريكية وتخيرها بين دخول شركاتها للعمل في العراق بصورة مباشرة او السماح لشركات الدول التي تريد ان تستثمر في العراق، والتفاوض مع تركيا مباشرةً من دون وسيط ، والسماح لشركاتها العمل في العراق، ونفس الامر مع ايران والدول العربية وخاصةً السعودية والامارات ، فعندما تكون مصالح كبيرة للدول في اي بلد لا تسمح تلك الدول ان تحدث فيه حروب او فوضى، لذلك ترى دولة الامارات مستقرة لان اغلب دول العالم مستثمرة في الامارات وفي مختلف المجالات، وانهاء مظاهر التسلح سواء لدى الجهات التي ترى نفسها اقوى من اجهزة الدولة الامنية وحكومتها، او العشائر التي تستخدم مختلف انواع الاسلحة، وانفاذ القانون والسماح للقطاع الخاص بالعمل بحرية، وحماية المستثمرين ودعمهم وتسهيل الاجراءات الادارية والابتعاد عن الروتين، ومنح سلطة وقوة ودعم للرقابة المالية للسيطرة على هدر الاموال وغسيلها، وهيئة النزاهة لمحاسبة الفاسدين، وبدون التفاوض مع الكبار ومجاملة الصغار، سوف تبقى الحكومة تراوح مكانها ولا تحقق ما وعدت به من برامجها، ربما تبني جسراً هنا وتفتتح طريق هناك ولكن دخول شركات عالمية واحداث طفرات نوعية، صعبة في دولة فيها اكثر من جهة تعتبر نفسها فوق القانون والمحاسبة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى