![](https://dzayerinfo.com/wp-content/uploads/2025/02/465591976_10221556335937400_2547985830946231864_n-576x470.jpg)
يمضي الرجال يبقى النهج والأثر.
تحت شعار الولاء
نظم المسجد الكبير بكليرمان أوفران بفرنسا وقفة أمسية تكريم لروح فضيلة الشيخ محجوب حسين بن الحاج الطاهر المعروف بسي الحسين رحمه الله.
قال تعالى: «بسم الله الرحمن الرحيم إنَّ المتقينَ في جنّات ونهر، في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
مقدمة:
إن الموت حق على كل كائن حي لا ينجو منه أحد. وهو قضاء الله وقدره الذي لا مفر منه. إلا أن هذه المصيبة الكبرى، يبدأ وقعها المر كبيرا في بداية الأمر، لكن سرعان ما يتلاشى تأثيرها شيئا فشيء، وتتضاءل صدمتها بمرور الأيام والأعوام. وتلك سنة كونية منذ بدء الخلق، إلى أن يرث الله الأرض وما عليها. وأعمارنا كلها بين يدي خالقها. فلله ما أعطى ولله ما أخذ.
وخلال هذه الأيام تحل مناسبة شهر شعبان، لتذكر بنشاط الراحل سي الحسين محجوب، حيث تحل هذه المناسبات الدينية الروحانية الواحدة تلوى الأخرى، لتذكر الجميع من مصلين ورواد المسجد ومحبي الشيخ والتي لا يمكن أن تمر مرور الكرام بدون ذكر أسمه المنقوش في الذاكرة بدون إحياء وقفة ترحم على روحه الطاهرة.
الحدث ومناسبته:
بمناسبة شهر شعبان كباقي المناسبات ككل سنة، يتم تذكير وتفقد بها مشايخ المسجد وأئمته وأعلامه حتى لا ينسوا تحت شعار العهد بالوفاء. ومن بين هاته المشايخ والأعلام والأئمة الذي حلوا بمسجد كليرمان فيران وقضوا سنوات من حياتهم في خدمته والسهر عليه, الإئمام فضيلة الشيخ محجوب حسين بن الحاج الطاهر المعروف بسي الحسين. وبعد حياة حافلة بأعمال الخير والبر والعطاء، صاحب الأيادي البيضاء، والخصال الحميدة والأعمال السمحة, إبن حي الدخلة من عرش المرابطين من قلعة الثوار الأشاوس متليلي الشعانبة بولاية غرداية جوهرة الواحات بجنوب الجزائر، خريج زاوية مدرسة فضيلة الشيخ العلامة سيدي محمد بلكبير بادرار بمنطقة توات الجنوب الكبير رحمهم الله. فرغم مرور سنوات من رحيله إلا ان العيون مازلت تدمع، والقلب يحزن، كلما حلت مناسبة وذكر إسمه ورسمت صورته من خلال الأنشطة المعهودة. وبقي إلأحبة والمصلون على فراقه محزنون.
فقرات البرنامج:
تضمن البرنامج فقرات بسيطة في محتواها عميقها في مضمونها إن دلت على تدل على أهمية الحدث. كما يلي:
أفتتحت الأمسية بكلمة ترحيبية وتذكير بالمناسبة في هذا شهر شعبان وفضائله وشمائله.
تم إختتام قراءة القران الكريم.
أناشيد واذكار و إبتهالات.
تم فقرة من كان الشيخ محجوب حسين , تضمنت سيرته ومسيرته.
و ما هو إرثه المخلف طيلة مدة إقامته و تعامله.
إن معظم من عرف الراحل سي الحسين محجوب عن قرب أو بعد، يجزم أن طموحاته وطلعاته، كانت لا حدود ولا سقف لها. فقد كان يعشق النبوغ والتميز في شتى الأمور المسجدية والدينية المناسباتية من موروثتنا الديني التاريخي الثقافي الإسلامي, لاسيما الروحانية. وكانت همته عالية. منذ مجيئه وبداية إستقراره وتوليه زمام أمور المسجد. فقد ساقته الأقدار ليشتغل إماما فقيها خطيبا أستاذا ومعلما، مكونا واعظا ناصحا مرشدا وموجها. لكن همته كانت أكبر وأسمى من ذلك.
لا يكفي هنا التذكير البسيط الذي جاء من متطفل على الكتابة ومسك القلم بدون دراية ولا خبرة مكتسبة, أن الفقيد طالما سعى للإستثمار في مشروع شامل واعد، ذو طابع إسلامي إنساني إجتماعي تضامني، لتغطية النقائص وسد الفراغ الموجود في الساحة الدينية.
سي الحسين محجوب. شخصية تفيض مرحا ودعابة وتتدفق تواضعا:
لم يكن سي الحسين محجوب شخصية ثقيلة الظل وفضة غليظة، لا تحتمل ولا تطاق, بل كان بشوشا مرحا مداعبا, مستقبل لكل سائل و طالب. فكل من عرفه عن قرب أو بعد وجالسه وعاصره وتحدث وأستمع إليه، يلاحظ أن وراء الرجل طباع مرحة، ومزاج خفيف. صاحبة النكت الظريفة، لا تفارقه الإبتسامات الشفافة التي تخترق القلب و تتربع على مملكة عرشه لتنهل منه عند الحاجة والضرورة, والضحكات في كلا الحالات والظروف مهما كانت. فلقد عاش مع الجميع لسنوات طوال وبقيت ذكراه ترفرف في كل مكان حل به.
فضيلة الشيخ سي الحسين محجوب في ومضة:
سي الحسين محجوب سفير الجزائر ومرجعيتها الدينية بفرنسا من أرض العلم والعلماء بالدخلة بحي المرابطين بمتليلي الشعانبة ولاية غرداية بالجنوب الجزائري. إن وفقت وأصبت بتوفيق من الله وإن أخطات مني المعذرة ومنكم السماح أحبتي حفظكم الرحمن. رحل الشيخ سي الحسين بجسده وبقيت روحه عالقة في الأذهان و التي سوف تتجدد ثمارها كل حين بفضل الله وفضل خلفه من محبيه وطلبته والتي يتجذر أصلها الثابت في كل بقعة مر بها و زرع فيها ويسمو فرعها في السماء عاليا لا يمحى ولا يندثر. ليس المقام من خلال هاته الكلمة بالمناسبة لكي يشاد فيها بمناقب الفقيد ومسيرته الحافلة الزاخرة التي لا تعد ولا تحصى بالعديد من النجاحات والمواقف التي حققها خلال مسيرته التي تقلد فيها للعديد من المناصب والمسؤوليات على مستوى التعليمي العلمي الديني والدعوي الخيري الجمعوي والتوعوي التحسيسي .
فرحيل الشيخ سي الحسين ليست خسارة على أسرته وتلاميذه ومحبيه فقط ولكنها أيضا خسارة جد كبيرة على المستوى العالم الإسلامي عامة والوطني خصوصا والمحلي بين أوساط المجتمع سواي مسلمي فرنسا بكليرمون فيران أو المتليلي الشعانبي, لما يمثله الفقيد من صفات حسنة وسيرة حميدة ولما بذله من جهود جبارة ملموسة في أرض الواقع سواء بادرار و سبسب و إختتامها بكليرمون فيران بفرنسا التي قدمها لخدمة أبناء الجالية العربية و الإسلامية قاطبة ولأبناء وطنه خاصة، في وقت كان فيه الوطن العربي والعالم الإسلامي بحاجة إلى أمثاله من الدعويين الفاعلين علميا دينيا وإجتماعيا والذي ترك بصماته واضحة في حياة المجتمع ,وأثرا طيبا في قلوب ونفوس عامة الناس من محبيه ومعاصريه ومرافقيه و تلاميذه و طلابه لاسيما زواره و مستفتيه.
كان رحمه الله مثال يحتذى به في العمل الدؤوب والإصرار والمثابرة التي لطالما جلبت له حب وإخلاص تلامذته وطلبته ومأموميه وكل من عرفه طيلة مسار حياته في التربية والتعليم الديني والتكوين والتأطير إنطلاقا من شعوره بالإخلاص في العمل الإجتماعي الإنساني بنبل الرسالة التربوية الدينية التي تطوق عنقه بها. فقد كان رحمه الله مثال الإنسان الجاد كالغيث النافع وكالشجرة المثمرة المعطاء بتجربته الغنية التي تتجلى في نتائجه الباهرة في شتى المجالات والمحطات أينما حل و أرتحل.
ووفاء لروح فقيدنا سي الحسين وإحياء لذكراه وترسيخا لثقافة الإعتراف بجميل منجزاته الخالدة والمنقوشة في نفوس الأجيال، وعرفانا بما أسداه من خدمات للجميع وللأجيال المتعاقبة بين يديه، وتخليدا لأسمه ومسيرته التربوية الدينية العلمية الباهرة، أن تحي ذكراه سنويا ويحتفى بها وبمناقبه.
إن محاسن وقفات الترحم على مثل هذه الرموز لا تكمن فقط في فقرات الكلمات وفي حفلات الأكل والشرب التي سرعان ما يزول أثرها، بل يكمن مغزاها في نقل أمجادهم وأخلاقهم ومآثرهم إلى الأجيال المتعاقبة لنعتز ونفتخر بهم وبرصيدهم الزاخر الثري الحافل الذي هو جزء من الرصيد التاريخي الديني والتراث الثقافي الذي يجب الحفاظ عليه أخلاقيا وتربويا.
مناقب وإرث سي الحسين محجوب:
لفضيلة الشيح سي الحسين مناقب عديدة وإرث ثمين لا يقدر بثمن لقرابة الثلاثين سنة وأسلم على يديه عدد 500 شخص وقصة إسلام الضابط الإسرائلي وأهمها أهم حدث تاريخي له تحويل الكنيسة إلى مسجد والإشراف على بنائه وتدشينه يوم 29 جانفي 2010 رفقة وزير الداخلية الفرنسي الفرنسي Brice Hortefeux بريس هورت فو بالبرنوس التقليدي الجزائري المهدي له من طرف الفقيد, الوزير كان محافظا للمقاطعة بكلرمون فيرون في عهدة الرئيس السابق نيكولا ساركوزي رفقة الدكتور دليل أبوبكر عميد مسجد باريس والسيد محمد موساوي رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، وعدد من ممثلي مختلف الديانات بفرنسا يومها، بمباركة السلطات الجزائرية ممثلة في شخص معالي وزير الشؤون الدينية السابق ورئيس المجلس الإسلامي الأعلى حاليا بوعبد الله غلام الله على إنجاز هذا الصرح الإسلامي الكبير الشامخ الذي يعتبر ركيزة جديدة تضاف إلى الركائز الداعمة ولبنة أخرى مدعمة ومكملة لصالح مسلمي الجالية الجزائرية والأمة الإسلامية بالمهجر وخدمتهم عامة .
الكنيسة التي أنطلق منها ريتشارد قلب الأسد حملة الحروب الصلبية لتصبح منبر يذكر فيه أسم الله وحوار الأديان الذي نشطه وسعيه للتصدي لمحاربة الحجاب ورفضه للإرهاب إلخ…..
جنازته وتوديعه:
عرفت جنازة الفقيد سي الحسين محجوب حضور أكثر من عشرة 10 الأف شخص من المشيعين في حشد كبير قل ما يسمع عنه ويشاهده إلا لكبار الشخصيات عبر العالم وبقدوم جثمانه بالتهليل والتكبير وبتلاوة عطرة لفارس القرآن الطالب لسود حمزة, ثم كلمة شكر مختصرة من نجله محجوب سيدي عبد الرحمان, تلتها كلمات تأبينية لكل من الأمين العام للمسجد الكبير كلرمون فيرون بفرنسا التي أثرت في الحضور ببلاغة وفصاحة لسان لمغترب وكلمته المدوية متحدثا عن مسيرة الراحل وتواضعه وتعامله وحسن معاملته لمختلف أطياف الجاليات المسلمة والغير المسلمة بشهادة الجميع عبر وسائل الإعلام والديانات مسيحيون ويهود, كاثوليك ,بوديون و بروتستانت وغيرهم بدون تفريق وتميز وتسامحه. رحم الله شيخنا وطيب تراه ونور قبره وأسكنه فسيح جناته وألهم ذويه جميل الصبر والسلوان إنا لله وإنا إليه راجعون.
بقلم محبك من كنت له عونا وسندا ناصحا ومرشدا, الذي مزال يحتفظ بجميل معروفك وصنيعك وأخرها تهنئك لي بعيد ميلادي وإرسالك لصحيفة الدعاء وحثي على الصبر و الصبر ثم الصبر .
الأستاذ الحاج نورالدين أحمد بامون —- ستراسبورغ فرنسا