أخبار هبنقة

مهمة سريّة

إبراهيم رمزي

لولا الخلاف الذي نشأ بينهما، والذي ترتب عنه تشويه ـ كل منهما ـ صورة الآخر بالسخرية والسباب “المهذّب” .. ما كان لأحد ‏أن يعلم باتفاقهما.‏
الأول عمدة المدينة، بحكم صندوق الاقتراع الأخير. والثاني فقيه يدرّس الصبيان في كُتّاب بأحد أحياء المدينة المترامية الأطراف. ‏اختاره العمدة لكونه مغمورا ومجهولا حتى يؤدي المطلوب منه في سرية تامة، مقابل وعود بمنافع مادية .. لم يصمد الفقيه أمام ‏إغرائها.‏
السيد العمدة يحتاج بشكل عاجل إلى إعادة تأهيل* لأنه بعيد ـ كبعد طفولته ـ عن ممارسة الطقوس التعبدية، والتي هي ـ أصلا ـ ‏جزء مما يقتضيه أداء مهمته الانتخابية، ولو بشكل متقطع، وفي مناسبات مشهودة. لذلك اتفق مع الفقيه (أن يعلمه أداء الصلاة، ‏وأداء بعض الشعائر المناسباتية).‏
وشرع الفقيه في تنفيذ الاتفاق .. وبعد مدة ليست بالقصيرة انتهى به الأمر إلى الصراخ أمام الملإ ـ من موظفين ومنتخبين ـ في ‏وجه العمدة، عندما “تنكّر” العمدة لوعوده المادية .. ‏
وسُمِعتْ ألفاظٌ جارحة من الطرفين: (لا يعرف الدين .. خارج عن الملة .. كرش الحرام .. كذاب .. لا يلتزم بوعوده .. ووجدك ‏ضالا فهدى .. شحاذ .. مسترزق بالدين لا يشبع .. وأطعمهم من جوع ..) ‏
وتدخل أشخاص لإبعاد الفقيه عن أنظار العمدة، .. والحقيقة أنهم رغبوا في الضحك باستعادة مبررات سوء التفاهم، .. كافأوه بمبلغ ‏زهيد اشتركوا في جمْعهِ، ثم صرفوه .. ‏
قال أحدهم: العمدة أدخل رأسه ـ راضيا ـ في “عش” نحل، وسيسخر منه خصومه بلا انقطاع، وستتفنّن صحفُهم في نشرالخبر ‏بإثارة جارحة، ومبالغة مذرّحة بالتوابل الفقهية و”البخارية”. ومن حين لآخر، سيُسمعونه الحوقلةَ في مجالسه للتذكير بهذا ‏‏”الحدث”، وكأنه أبرز حدث “حزبي” خلال السنة، ورّط صاحبَه ـ الطامع في كرسي وزاري ـ في متاهة سرابٍ تَيْهاء.‏

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى