ثقافة

من يملك الحقيقة ؟

خالد محمد جوشن

هو ملء السمع والبصر ، يركب سيارة فارهة ، ويملك فيلا فاخرة ، كنا معا فى عمل حيث يشترى شاليه بعدة ملايين .

تجازبنا أطراف الاحاديث ، كيف سارت بنا الحياة ، تحاورنا كثيرا ،حيث مضى على أخر لقاء بينا ، ما يربو ا على الخمس سنوات .

سألنى عن احوالى المالية ، قلت له الحمد لله ماشية ولا ديون عليه ، ولكنى لا املك خمسون الف جنية او حتى عشرون الف جنيه فائضا ، نظر اليا فاغرا فاه ، ازاى الكلام ده ؟ انت ممعكش كم مليون جنيه : لا والله سيدى ، وانطلقنا فى موجة ضحك .

قالوا لى الحق صاحبك المليونير ، اصابته جلطة دماغية ، فجاة وهو فى أتم صحة وأسعد حال ، ونقل على المستشفى فورا ، حاول الاطباء اسعافة من الجلطة دون جدوى وتركت الجلطة اثارا مريعة لدية لم يعد يتكلم أو يمشى أو حتى يمارس مهامه الانسانية العادية.

يرافقه ممرضين بالتناوب ليل نهار، ويحاولون من خلال العلاج الطبيعى وغير ذلك السيطرة على حالته التى تتدهور من يوم لاخر .

زرته فى مركز للتاهيل البدنى ، لم يكن يتكلم ، ولكن ينظر لك فى حزن وأسى
وينخرط فى نوبة بكاء، كان الامر صعبا بالنسبة لى ، فانا اعرفه غاية فى التدين ولكن اخشى ان ذلك لم يشفع لديه ويمكنه من الصمود امام مرضه الجسدى .

اتصلوا بى لإاجراء بعض الامور القانونية ، واعتقدت اننى قادرا على التواصل معه ، ولكنه انخرض فى موجة بكاء هستيرى ، فغادرته قليلا على أمل ان يهدأ ويستطيع التواصل معنا فى وجود موظف العدل .

دخلت مرة اخرى فوجدته قد دخل فى موجة صمت غريب واغلق عينية واختفى عن العالم ، ولكنه لم يكن نائما ، غادرته مرة اخرى الى الغرفة المجاورة عسى ان يفيق قليلا ، وحدثت المعجزة عندما وصل ابنه ، وكان هادئا تماما ، ويشبه وضعه كما عرفته ويغمغم بالموافقة على كل مايتلوه موظف العدل .

ما حدث لصاحبنا كان صادما لى تماما ، ها هى الملايين والسيارات الفارهة والفيلل الفاخرة لم تستطع شيئا امام انهيار الجسد الانسانى المفاجىء ، هذه كانت قناعتى وما زالت .

وشرحت قناعتى لزوجتى ، وكان الرد صادما ، ولكن هذه الملايين أدخلته افخر المستشفيات ، وأفخم مراكز العلاج الطبيعى ، ترى لو كان فقيرا ماذا كان يفعل ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى