رأي

من يمتلك الرؤية

حسين ابراهيم

جدل دائر هذه الأيام بين الكتل السياسية مفاده قانون الانتخابات والمصادقة على إقراره، وهم لم يرتقوا بجدلهم هذا لملامسة الواقع العراقي وما يحتاجه ويناسبه او على الأقل محاولة التقرب منه.
بل صبوا جل اهتمامهم على صياغة قانون يحفظ لهم مكاسبهم ويتيح لهم الفرصة للمحافظة عليها.
متجاهلين الفشل الذي لازم التجارب السابقة في صياغة قانون يوفر مُناخاً طبيعياً يُساهم بزخم تفاعلي للمشاركة في الانتخابات، مع عدم الاخذ بنظر الاعتبار ضعف نسب المشاركة وتناقص أعداد المشاركين على مدار الدورات السابقة.
حتى تجاوزوا حدهم في عدم صياغة قانون يحفظ للناس اختياراتهم التي يرجونها لإدارة شؤون المدن والارتقاء والنهوض بالمستوى المعيشي والحياتي للأفراد.
وعمدوا لعدم اشراك جمهورهم في الصياغة ولم يأخذوا رغبته في المشاركة والتغيير على مستوى الانتخاب او الترشح فما زالت صيغ القانون تسهم بفوز رؤساء القوائم وأصحاب النفوذ والأموال فقط وليس هناك مجال حتى لأنصارهم ومحبيهم للمشاركة في قوائمهم.
فهم لا يعنيهم غير حفظ مكاسبهم ومغانمهم من السلطة وضمان حصولهم على مقاعد انتخابية.
خصوصاً وأن أقرب موعدٍ للانتخابات هو موعد انتخابات مجالس المحافظات والتي لا يرغب فيها الكثير من الناس خوفاً من النتائج وامكانية ان تكون حلقة رسمية مضافة لهيمنة الأحزاب السياسية ـ حتى انهم يعتبرونها حلقة زائدة، وفيها فرصة أكبر لتوسيع الصلاحيات وبالتالي الاستمرار في هدر المال العام والتحكم في عمل مؤسسات الدولة بشكل مباشر.
ووصل الأمرُ بالناس لعدم الاكتراث والنظر فيما آلت اليه الأمور التي صارت تدار من قبل شخص المحافظ فقط وما لحقه من تفرد بالقرارات وحصر الرؤية لإدارة المشاريع بفريق صغير.
وانحصر جدل الكتل السياسية واختلافهم حتى الان في نظامين فقط (سانت ليغو المعدل ـ والدوائر المتعددة) وكأن العمل السياسي ليس فيه نظم أخرى مختلفة غير هذين النظامين اللَذينِ في كليهما سيكون الفوز للكتل الكبيرة نفوذاً وأموالاً، ويتحاشون فيهما فوز افراد مستقلين بالمفهوم الانتخابي وليس الفكري او الأيديولوجي، ولا توجد فيه فرص واضحة للأحزاب الناشئة او الصغيرة.
ومازالت الكتل السياسية (س) تقول هذا القانون سيخدم كتلة (ص) وكتلة (ص) تقول العكس، وبين سين وصاد ضاعت حقوق البقية.
فمنذ تصويت مجلس النواب في 28 / تشرين الأول / 2019 على حل مجالس المحافظات تنفيذاً لمطالب المتظاهرين ـ كما يدعون ـ (ودعم المحكمة الاتحادية في رد الدعاوى المقامة من قبل بعض الحكومات المحلية المنحلة، والطاعنة بصلاحية مجلس النواب لاتخاذ هكذا قرار ورد المحكمة الاتحادية بـ تعليق العمل في مجالس المحافظات والاقضية والنواحي طبقاً للدستور حيث انتهاء الدورة الانتخابية، ويعد الاستمرار بعملها يمثل خرقاً لحق الشعب في التصويت والانتخاب والترشح وتجاوز لإرادة الناخب).
أي انهم بتعليق عمل المجالس استندوا على حق الناخب، ولا زالت الكتل السياسية لا تبالي في حق الناخب وتوفير الفضاء الديمقراطي السليم للمشاركة في الانتخابات.
ـ فهل يا ترى الجدل الدائر الان هو جدل ديالكتيكي سينتهي به المطاف الى الاحتكام للمنطق ام هو صراع نفوذ وفرض ارادات ذاتية ضيقة؟
ـ وكم نحن بحاجة الى جرعات ديالكتيك في هذه الفترة وتوسيع لآفاق للحوار وتبادل الحجج والدفاع عن وجهات النظر المختلفة؟
ـ هل نحن مقبلون على دورة برامج وعمل ودعاية واستغفال جديد قديم، يستمر فيها الضحك على الذقون واستغلال للمال العام وبالتالي تبديد آخر للثروات. فبوادر العمل التقليدية لاحت وبانت وهي لا تختلف عن سابقاتها في الترويج والخداع لكسب رضا الناس وتخلو من أي رؤى وأفكار تساهم بحلِ المشكلات ومعالجتها.
ـ استمرار الإقصاء والإبعاد للكتلة البشرية الكفوءة التي تعتبر أحد اسباب نجاح أي مشروع فالمشروع يعتمد على الفكرة والكتلة البشرية التي يفترض الاعتماد عليها لإصلاح الواقع.
مما يحتم على هذه الكتلة البشرية ان تنتج رؤى مغايرة للمطروح ولا تنتظر شكل ونوع القانون بل تسعى لتشكيل جماعات ضغط من كفاءات وعقليات البلد وتعمل على تأسيس ممر آمن ومعبر سليم للمشاركة في العملية السياسية لمزاحمة الكتل السياسية واجبارهم على تحسين البرامج واختيار المرشحين فضلا عن انخراط نماذج جديدة لم تتلطخ بشبهات الفساد في العملية السياسية ولم يكونوا جزءاً من الخراب، وفق برامج ترسمها وتعدها الكفاءات الحقيقية.
وتسعى قدر الإمكان لتحفيز الناس ليكونوا فواعل اجتماعية سياسية بدل ان يكونوا فئة مستغفلة ومستغلة، فمن الذي سيطرح الرؤية ويأخذ بزمام المبادرة؟! المسؤولية كبيرة والأيام متسارعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى